585
0
المدارس الجزائرية تدق ناقوس الخطر بسبب ترند الباراسيتامول

اثارت حادثة دخول طفل من ولاية المدية إلى المستشفى بعد تناوله جرعة زائدة من دواء “الباراسيتامول”، موجة قلق واسعة في الأوساط التعليمية والصحية، بعدما تبين أن الحادثة مرتبطة بما يُعرف على وسائل التواصل الاجتماعي بـ”ترند الباراسيتامول”، وهو تحدٍ انتشر بين المراهقين يتمثل في تناول جرعات زائدة من هذا الدواء الشائع بهدف التباهي أو إثبات الشجاعة وقوة التحمل للألم.
نسرين بوزيان
وسرعان ما انتشر هذا التحدي الخطير في عدد من المدن الكبرى مثل العاصمة، وهران، وقسنطينة، مستغلاً فضول المراهقين وسهولة الوصول إلى الدواء، وسط اعتقاد خاطئ بأن الباراسيتامول غير ضار نظرًا لتوفره في كل بيت واستخدامه اليومي، دون ادراك أن الجرعات الزائدة منه قد تؤدي إلى تسمم كبدي حاد، أو الوفاة.
مذكرة استعجالية
أمام خطورة الوضع، أصدرت وزارة التربية الوطنية مذكرة “استعجالية” إلى المسؤولين على المستوى المحلي، تحذر فيها من انتشار هذا التحدي بين التلاميذ.
ودعت المذكرة إلى ضرورة إطلاق حملات تحسيسية تستهدف التلاميذ وأولياء الأمور، مع توفير المعلومات الطبية حول مخاطر الاستهلاك المفرط لهذا الدواء، كما طالبت الوزارة الأهالي بضرورة مراقبة هواتف أبنائهم للحد من وصولهم إلى مثل هذه التحديات المنتشرة على الإنترنت.
وفي هذا السياق وصف الدكتور محمد كواش، المختص في الصحة العمومية، "ترند الباراسيتامول" بأنه "تحدٍ قاتل"،مشيرًا إلى أنه يستهدف فئة المراهقين، كما حدث مع تحديات سابقة مثل "الحوت الأزرق" أو تحديات القفز من المرتفعات وتسلق الأعمدة الكهربائية.
وأكد أن هذه التحديات تسعى لجذب الانتباه وتحقيق التميز، لكنها في الواقع تشكل تهديدًا خطيرًا على الصحة العامة.
وأضاف الدكتور كواش في حديثه لـ "بركة نيوز" أن الباراسيتامول، رغم كونه دواءً شائعًا يُستخدم كمسكن للآلام وخافض للحرارة ويُباع دون وصفة طبية بسعر زهيد ، إلا أن له آثارًا جانبية خطيرة، خصوصًا عند تناوله بجرعات مفرطة.
الآثار الصحية المميتة
أوضح كواش أن التسمم بالباراسيتامول يبدأ بعد استهلاك ما بين 7 إلى 10 غرامات، وتظهر أعراضه خلال 24 ساعة، وتشمل الغثيان، القيء، اضطرابات التوازن، وقد تتطور لاحقًا إلى التهاب حاد في الكبد، وأمراض في القلب والأوعية الدموية، والطفح الجلدي، والنزيف المعوي، والإسهال، وآلام شديدة في المعدة، وقد تصل المضاعفات إلى أمراض مزمنة أو الوفاة.
داعيا إلى توخي الحذر من هذا التحدي الذي قد يكون في بعض الحالات مدفوعًا بأغراض تسويقية، مطالبًا الأولياء بمراقبة استهلاك أبنائهم للدواء، خاصة أن الباراسيتامول متوفر بكثرة في المنازل، ما يجعل الوصول إليه سهلاً دون رقابة.
كما شدد على أهمية تنظيم حملات تحسيسية بالتعاون بين وزارتي الصحة والتربية، والحد من بيع الدواء دون وصفة طبية، محذرًا من أن بعض مضاعفاته الصحية غير قابلة للعلاج، وقد تترك أثراً دائماً على صحة الطفل.
من جانبها، أكدت الأخصائية النفسية ، سميرة فكراش في تصريح لـ”بركة نيوز”، أن هذا الترند وجد أرضًا خصبة للانتشار في المجتمع الجزائري، نظرًا لعدة عوامل، منها الانتشار الواسع للهواتف الذكية بين الشباب، وضعف الرقابة الأبوية، وغياب التوعية بمخاطر الأدوية.
وأشارت إلى أن مرحلة المراهقة تتميز بالانجذاب إلى كل ما يثير الانتباه، ويمنح الشعور بالانتماء لجماعة أو فكرة معينة، مما يجعل هذه الفئة عرضة للاستغلال من طرف المؤثرين الذين يروجون لمثل هذه التحديات لتحقيق الربح على حساب صحة الشباب.
لفتت الأخصائية إلى أن استمرار هذه الظاهرة قد يؤدي إلى كارثة صحية واقتصادية، نظرًا لما تسببه من حالات تسمم حادة قد تعجز المستشفيات عن استيعابها، إضافة إلى تداعياتها النفسية على الضحايا وعائلاتهم.
وأكدت ضرورة تظافر جهود جميع الأطراف، من الأسرة، والمدرسة، والجهات الصحية، لمحاصرة هذه التحديات، ومعاقبة كل من يروج لها عبر منصات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى تعزيز ثقافة الوعي الصحي والرقمي لدى الأطفال والمراهقين، مع تمكين الأولياء من أدوات مراقبة استخدام الهواتف، وتحديد ما يمكن لأبنائهم تصفحه.