بقلم: سعيد بن عياد

 

ثلاثة أسابيع تفصلنا عن انطلاق المعرض التجاري الافريقي البيني بالجزائر المقرر من 4 الى 10 سبتمبر 2025 تحت شعار بوابة الى فرص جديدة.

حيث يرتقب مشاركة أكثر من ألفي عارض من 140 دولة يلتقون في الجزائر عاصمة القارة السمراء لرسم معالم شراكة افريقية تعطي نفسا جديدا للتعاون البيني من خلال الاستثمار والمبادلات التجارية، مما يعطي دفعا لعجلة النمو ويكرس مرحلة الاندماج الاقتصادي الذي يمنح القارة مناعة في التعاطي مع تقلبات الاقتصاد العالمي ومواجهة التحديات الغذائية واستقرار السكان واستغلال الثروات بعيدا عن هيمنة الشركات الأجنبية التي تستنزف ثروات الفارة وتستغل أسواقها  في مشهد يرهن حقوق الشعوب.

تعيين الدبلوماسي الجزائري العربي لطرش محافظا للطبعة

وتحسبا لهذا الموعد البارز في المشهد القاري الافريقي تضاعف الجزائر بذل مختلف الترتيبات والجهود التنظيمية واللوجيستية، وفي هذا الاطار تم تعيين الدبلوماسي الجزائري العربي لطرش محافظا للطبعة الرابعة للمعرض التجاري الافريقي البيني بالجزائر والذي تلوح في الافق بوادر نجاحه على مختلف الأصعدة لتنطلق القارة الافريقية مجددا من قبلة التحرر والنمو والسيادة شريكا كامل الحقوق في العالم بعد التخلص من تبعات عقود سابقة من التبعية للمستعمر التقليدي.

وكان وزير الاتصال محمد مزيان في تحليل نشرته الصحافة الوطنية قد وصف الموعد  بانه ليس مجرد حدث اقتصادي انما هو تجسيد طموح قاري تلتزم به الجزائر وهو أيضا محطة استراتيجية في مسار التكامل الافريقي، مشيرا لأبعاد اللقاء أنه يشكل فرصة فريدة للجزائر لإبراز قدراتها على الجمع بين الطموحات الاقتصادية والخبرة اللوجيستية والدبلوماسية الاستباقية.

انتعاش المبادلات التجارية بين الجزائر وافريقيا

للتذكير عرفت المبادلات التجارية بين الجزائر وافريقيا انتعاشا في السنوات الاخيرة إذ بلغت صادرات الجزائر نحو الأسواق الافريقية 2.7 مليار دولار فيما الواردات بلغت 1.87 مليار دولار في 2023 بزيادة 38 بالمائة مقارنة بسنة 2021 و88 بالمائة مقارنة بسنة 2020.

واسست الجزائر مسارات منتظمة للدفع بعجلة المبادلات من خلال اقامة بنية تحتية مندمجة وتنمية موارد لوجيستية ملائمة على غرار انشاء خط للنقل البحري للبضائع من الجزائر نحو دولة موريتانيا ومنها الى بلدان غرب افريقيا وتعزيز خطوط النقل الجوي اضافة الى الطريق العابر للصحراء المعزز بشبكة الالياف البصرية وشبكة السكك الحديدة نحو الجنوب الكبير.

واستنادا لتصريحات اعلامية ادلى بها  المدير الفرعي لمتابعة الصادرات ودعمها بوزارة التجارة الخارجية وترقية الصادرات عبد اللطيف هواري، فان ”10 بالمائة من حجم الصادرات الجزائرية موجهة إلى دول القارة الإفريقية وهذه النسبة لا تلبي طموح البلاد خاصة وأن الجزائر نسعى لتكون قاطرة في مجال المبادلات التجارية مع القارة السمراء  بعد دخول منطقة التجارة الإفريقية حيز التنفيذ خلال سنة 2024 ، مشيرا أن هناك آفاقا واعدة يمكن للشركات الجزائرية الاستفادة منها بفعل الإعفاءات الجمركية والتي وافقت عليها 30 دولة لحد الآن وبالتالي يشكل المعرض المرتقب منصة لإنجاز هذه الاهداف.
كما افادت مصادر صحفية مهتمة ان مواقع متخصصة في التحليلات الاقتصادية في القارة تتقدمها موقع "ذي افريكان اكسبونانت"  تدرج  الجزائر ضمن أكبر 10 اقتصادات في القارة الإفريقية أوائل 2025، بنسبة نمو تزيد عن 4.5 بالمائة، بفضل ارتفاع صادرات الطاقة، وقوة احتياطات الصرف الأجنبية، والإنفاق العام.
حيث بلغت قيمة الناتج الداخلي الخام للجزائر 267.56 مليار دولار، مما يجعلها أغنى دولة في القارة ويعود هذا التقدم إلى ارتفاع أسعار الطاقة وتصدير الغاز والنفط، بالإضافة إلى جهود الحكومة لتنويع الاقتصاد.
وفي السياق، يقول التقرير إن المناطق الصناعية الكبرى ومشاريع الطاقة المتجددة والاستثمارات في التكنولوجيا تعدّ جزءًا من الخطة الوطنية للجزائر للحد من الاعتماد على النفط والغاز، مبرزا توسيع نطاق تجارتها مع أوروبا والصين مع تعميق علاقاتها داخل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية(زليكاف). وأضاف التقرير أن الجزائر تضع نفسها في مكانة لا تقتصر على كونها دولة غنية بالموارد، بل مركزًا صناعيًا وطاقويًا محتملًا لشمال إفريقيا وما وراءها.
وتشير تقارير متخصصة، أبرزها تقرير حديث لمنصة “الطاقة”، إلى أن الجزائر تعيش منذ مطلع 2025 انتعاشًا لافتًا في قطاع النفط والغاز، هو الأكبر منذ أكثر من عشر سنوات. ويرجع التقرير هذه الديناميكية إلى سلسلة تحركات نشطة على مستوى الاستثمارات الأجنبية، خاصة في مجالي التنقيب والإنتاج. حيث استقبلت الجزائر، خلال الفترة الأخيرة، وفودًا من شركات طاقة عالمية، بينها “إكسون موبيل”، “شيفرون”، و”سينوبك”، في زيارات وصفتها تقارير دولية بأنها بداية لعودة الجزائر القوية إلى خارطة الطاقة العالمية.
وبالنظر للمؤشرات التي يتسم بها الاقتصاد الجزائري الذي يعرف ديناميكية متميزة تعكس قوة الامكانات وجدوى الرؤية الاستراتيجية للنمو يمكن للمؤسسات الجزائرية ورجال الاعمال حاملي المشاريع واصحاب المبادرة ان تجد في هذا المعرض ما يسمح ببناء شراكات استثمارية وتجارية مع نظرائهم من القارة التي تعرف انتعاشا في أكثر من بلد واقامة جسور تبادل مباشرة لا تمر عبر عواصم في أوروبا لطالما أعاقت تحقيق أحلام شعوب إفريقية في بلوغ مستويات مشروعة من التنمية والرفاهية.