231
0
المعهد العالي للعلوم...أول جامعة خاصة متعددة التخصصات تسعى لبناء الإنسان الجزائري
مدير المعهد طه كوزي في حوار خاص بركة نيوز

حاورته شروق طالب
في إطار السعي للارتقاء بالإنسان وتطوير مهاراته في مختلف مجالات الحياة المجتمعية، يبرز المعهد العالي للعلوم كأول جامعة جزائرية خاصة متعددة التخصصات، برؤية تعيد الاعتبار إلى المفهوم الشامل والعميق للجامعة، بما يجسد رسالتها كمنارة للعلم، ومحرك للتنمية، وفضاء لصقل الكفاءات وصناعة المستقبل.
وفي هذا السياق، كان لجريدة بركة نيوز لقاء، مع مؤسس ومدير المعهد العالي للعلوم الدكتور طه كوزي، صاحب خبرة جمعت بين البحث الأكاديمي في الفلسفة والفكر الإسلامي، والعمل الميداني في مختلف المؤسسات التربوية، فضلك عن اهتمامه بالدراسات الفكرية والحضارية، واشكاليات العصر.
منطق المعهد العالي للعلوم
بالحديث عن الهدف الأسمى للمعهد العالي للعلوم، أوضح كوزي أن المعهد هو ثمرة جهود جماعية، الهدف منها بناء وترقية الإنسان الجزائري, في مختلف مهارات ومجالات حياته، لأن الإنسان لا يبنى الا عن طريق مخاطبة العقل والقلب والجوارح.
وليقرب هذا التصور، يأخذ محدثنا مثال عن المدرسة التي أسسها الشيخ ابن باديس في سنة 1920، والتي كانت تعنى بالتهذيب والتربية، وكذا تدريس علوم الحساب نظرا لأهميتها حتى في العصر الحالي، بجانب معهد مختص في الصنائع في إطار التكوين المهني.
ويشير أنها مثال عن المدرسة التي تجمع بين العلوم المخاطبة للعقل كالحساب، أعلام آلي، والفلسفة، وكذا المخاطبة للقلب عن طريق ترسيخ المبادئ الأخلاقية كحب الإنسان للخير لغيره كما يحب لنفسه، وهي مسألة أساسية في المعرفة، حيث نجد بعض الكفاءات الأكاديمية تتسم بسوء الخلق في الكثير من الأحيان.
ويرى كوزي أن هذا لايكفي من أجل بناء الإنسان، بل يحتاج إلى عنصر الإنتاجية، هو ذات العنصر الذي جعل الصين تغزوا العالم بسبب قدرتها على الإنتاج والتحكم في الجانب الحرفي والمهني.
ومن خلال زيارة ميدانية لاحدى المؤسسات الاقتصادية في الصين، لاحظ كوزي أنها تقدم أكثر من 40 دورة تكوينية في مختلف المهارات، بابتداءً من مهارة تعبيد الطرقات إلى أصعب التقنيات.
والمقصد هنا حسبه، إذا كان الإنسان مُعَطَّل عن المساهمة في الإنتاج، بالضرورة سيضطر للاستعانة بغيره، وهو أمر لابد ان يراه الفرد الجزائري غير مقبول، وأن يعتقد من العيب أن يستهلك من غير إنتاجه، حتى في فكره.
ويسقط كوزي هذه الأخيرة، في مجال التعليم، الذي اتخذ من غيره المقاربة بالكفاءات، والمقاربة بالاهداف، في حين بامكان العقل الجزائري كذلك أن ينتج بيديه فكره انطلاقا من التربة التي نمى فيها بجانب احداثياته وصياغاته، كلها عوامل تأهله لبناء منظومة تربوية تتلاءم مع احتياجاته، والأخذ من ما انتجته العقول البشرية والتجارب الإنسانية يكون من باب الاستفادة فقط.
ويرجع سبب ذلك في الكثير من الأحيان في عدم امتلاك الثقة في النفس والتي تعد هي الأخرى مسألة أساسية، بجانب العناصر المخاطبة للعقل والقلب والجوارح، بالإضافة إلى احتقار بعض العلوم على حساب علوم أخرى، وخاصة الحرف.
ويضيف ان المعهد العالي للعلوم، بهذا المنطق يريد أن يسهم في إعادة بعث مفهوم التكوين في المنظومة التعليمية، برفع مستوى الإنسان الجزائري، ليكون ذو كفاءة في مختلف الجوانب المعرفية، الحياتية، الحرفية، والمهاراتية.
لأن بناء الأمم يكون بتكامل جميع هذه العناصر فيما بينها، فضلا عن امتلاك السيادة الحقيقة في الجانب العلمي والمعرفي، وهو مسعى وتوجه المعهد العالي للعلوم، على حد تعبيره.
لهذا نجد تخصصات في علوم التربية تخاطب القلب، وتخصصات في القانون تخاطب العقل، بالإضافة إلى الرياضيات والاعلام الآلي.
المعهد العالي للعلوم جامعة مجتمعية
لفهم المقصد من الجامعة المجتمعية، ولماذا تعددت تخصصات المعهد، يعود بنا كوزي إلى أول جامعة في تاريخ البشرية، والتي كانت من تأسيس امرأتان مسلمتان تحت وطئة سقوط الأندلس, على مستوى المسجد، في حلقات تنوعت فيها الدروس بين علم الفلك، الرياضيات، ومجمل فنون العلوم.
وفي هذا الشأن، نوه كوزي على تصور التخصص الجامعي، الذي اعتبره منطق قاتل للمعرفة، وعلى سبيل المثال، من يريد تأسيس شركة ما، يجد نفسه لابد أن يكون عارف للاقتصاد، الموارد البشرية، القانون، وكذا مخاطبة الناس، وأمام الكثير من المهارات التي لا يوفرها تخصص واحد.
لهذا يرى محدثنا، لابد من تجاوز النظرة الكلاسيكية والانتقال بالمعرفة من بوابة التخصصات إلى بوابة الظواهر، لان حياة الإنسان عبارة عن ظواهر، ويعطي مثال عن ذلك، بالعديد من المتفوقين دراسيا أو في إحدى المواد التعليمية، إلا أنه فاشل في تسير الحياة الاجتماعية، كون كشف النقاط في الحياة يختلف عن كشف النقاط الجامعي.
مؤكدا أن مقاربة التكوين لابد ان تتعامل مع الطالب كونه انسان، يقلق ويبحث عن معنى للحياة، لا على أنه يجب ان يكون قطعة غيار كفء ليتمكن من دخول إلى مصنع ضمن شركة تصنيع كبرى، وهو واقع الجامعات التي ترى من الإنسان آلة.
وعن الهدف من تنوع التخصصات، يقول كوزي"قد يعتبره البعض فوضى، لكن هو في حد ذاته دليل على أننا لسنا جامعة تجارية، تكتفي فقط بالتخصصات الأكثر طلبا في عالم الشغل، بل المسعى هو جعل المعهد بكل هذا التنوع جامعة مجتمعية تستجيب لهموم المجتمع."
وبحسبه ليس دائما هم المجتمع الجانب المادي، لان أكثر الناس انتاجا في الحياة هو المعلم والمربي، الذي يكون في الكثير من المجتمعات الأقل أجرا.
وانطلاقا من هذا التصور، ينبغي أن تكون الجامعة مجتمعية، تسهم في رفع مستوى الإنسان في الكثير من مجالات الحياة، التي تشكل الرهان الحقيقي في العصر الحالي كالتربية والاقتصاد، مشيرا انه لا ينبغي للجامعة أن تنساق فقط في التخصصات الأكثر طلبا وربحا.
منح المعهد جزء من استراتيجية تطوير الكفاءات الجزائرية
وبهذا الخصوص، أوضح كوزي أن اليوم المعهد العالي للعلوم يصنع لنفسه بصمة، لان القطاع الخاص ليس لديه طلبة مضمونين كالقطاع العام في التسجيل.
وكلما ازدادت الضغوط بفضل جودة ما ينتجه من طلبة وباحثين يزداد عليه الطلب ثم يرفع شروط القبول وهو المنطق المعمول به عالميا.
وعلى المستوى المحلي، تعتبر الجزائر من أكثر الدول حداثة في تجربة التعليم العالي الخاص، والمعهد يعتبر من هذه التجارب الاولى، وأول جامعة متعددة الميادين.
ونتيجة لجودة تعليم المعهد، اليوم طلبته متفوقين في المعاهد الأوروبية، ومطلوبين من الشركات، بفضل هيئة تدريسية تزيد عن 150 استاذ من مختلف الكفاءات الأكاديمية الجزائرية.
وحسب مؤشرات الأعداد، التي هي في تزايد مستمر، يذكر كوزي أن المعهد أصبح رقم متميز في التعليم العالي.
وعن منهجية استقطاب الكفاءات، أوضح كوزي ان الطالب المتميز في الجامعة، والأول على دفعته، يدرس السنة المقبلة بشكل مجاني.
بجانب منح الامتياز في السياق الوطني بعقد مسابقات وطنية، حيث يزاولوا الفائزون فيها الدراسة بشكل مجاني في مرحلتي الليسانس والماستر.
والهدف من استراتيجية المنح، يضيف كوزي، رفع مستوى التدريس، لان هناك من لديه القدرة الشرائية ولا يمتلك القدرة المعرفية، ويوجد كذلك العكس، وأحسن طريقة هي الجمع بين مختلف فسيفساء المجتمع.
مشيرا أن هذه المنحة موجهة حتى لطلبة المعهد، لان الجامعة تعتمد على المعيار التنافسي الأكاديمي، وذلك في إطار المحافظة على المعنى الواسع للجامعة.
استراتيجية المعهد في تأطير وتكوين الطلبة يعيد مفهوم حرمة الجامعة
وفي هذا السياق، أوضح كوزي بأن المعهد العالي للعلوم، هو مؤسسة محكومة بمنظومة قوانين في إطار وزارة التعليم العالي، لا يستطيع الخروج عنها، وهذا لا يمنع من وجود مساحة من الحرية للعمل فيها والتميز.
ومن هذه المساحة بحسبه، تجد حضور شركات في قاعات الدراسة، بجانب موظفون من مؤسسات القطاع العام والخاص، مكتبة، أماكن لراحة، كل هذه العناصر شكلت بيئة بمناخ علمي هادئ، يقوم على مركز ثقل الاحترام والمعرفة، يستنشق فيه الطالب أكسجين الحياة وهو علاقته بالعلم.
كما يعد فرصة للالتقاء برؤساء الشركات والباحثين في ذات البيئة، وهو ما يجعل الطالب ضمن عائلة المعهد يجد أجوبة على أسئلته العملية، فضلا عن تكوين علاقات وفهم جدوى مايدرسه في الواقع، بجانب معرفة اشكاليات عصره.
وتنظيم الأيام الدراسية والملتقيات هي الآخرى، فرصة ثمينة لمقابلة مختصين من خارج وداخل الوطن، بجانب الاستفادة من بعض الفرص معهم، في نفس الوقت المعهد أصبح مساحة لهؤلاء الباحثين لتقديم خبراتهم، في مكان أكاديمي قد لا يتوفر لهم في مكان آخر.
كما أضاف كوزي، ان اللحظات التي يقضيها الطالب مع شخص مختص هي لحظات لا تُمحى من ذاكرته، وبالتالي لا يصبح المعهد مجرد مكان لتقديم الخدمات السريعة، بل بيئة يتأدب فيها الإنسان ويتعلم، حتى في كيفية تعامله مع الباحثين ومدراء المؤسسات.
ويرى كوزي أن إفراغ الجامعة من كل هذه العناصر، وتحويلها إلى قاعات لدراسة ونظام LMD, ببرنامج يبدأ وينتهي في كل سداسي، هذا يعد قتل لمفهوم الجامعة وتقليصا لدورها.
تصور المعهد العالي لشبكة علاقاته
ويوضح كوزي في هذا الجانب، أن المعهد كونه جامعة تؤمن بأنها جزء من الحضارة والواقع الجزائري بسلبياته وايجابياته، وكذا من المجتمع ككل.
والمجتمع هنا بحسبه، لا يقاس بتعداد سكانه انما بترابط وشبكة علاقات أفراده، وهو ما نوه عليه مالك بن نبي، في مسألة أن رسول الله ﷺ استطاع أن يؤسس مجتمع حقيقي انطلاقا من عدد لا يتجاوز ثلاثين شخص، ويطبق هذا المثال على مختلف المؤسسات التي فيما ما بينها لا تمتلك ذلك الترابط اللازم، وهو لا محال يؤثر سلبا على مردوديتها، ولا يجعلها تشكل علاقات من آخر.
ويمثل تحدي المعهد على هذا الضوء، يقول كوزي "أولا أن يكون على المستوى الداخلي مترابط، ليستطيع تشكيل شبكة علاقات مع المجتمع، عن طريق عدد من الفاعلين، الذين يمتلكون رسالة في التكوين الأكاديمي، بهدف تقديم إضافة في بناء الإنسان الجزائري".
ويذكر أن المعهد كون شراكات مع العديد من المدراس كالمدرسة العليا للتجارة، والشركات كمؤسسة (GIZ) الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، مؤسسة اتصالات الجزائر، وكذا طاسيلي للطيران، بالإضافة إلى الشركات الناشئة.
الاصح في التعامل مع التحول الرقمي
يرى كوزي أن التحول الرقمي ليس مجرد تخصص أو قسم، بل هو سمة من سمات العصر الحالي، كشبكات التواصل الإجتماعي التي أصبحت السمة الابرز في الصلات المجتمعية، حيث غيرت بصفة بنيوية وجوهرية طبيعية العصر في الاهتمامات.
وحتى على المستوى الجامعي، أصبح الطلبة يتوجهون إلى اختصاصات المعلوماتية والتكنولوجيا، بعدما كان تخصص الطب في مقدمة الاهتمامات، منوها بانه بامكان الطب العودة إلى مكانته في حالة استجابته لهذا التحول.
والطريقة الصحيحة للتعامل مع التحول الرقمي، حسب كوزي يكون بالمرافقة والوعي والتكوين والتأهيل، بحيث لا نكون كموقف الجاهل الذي إذا وجد ما يقلقه في مجال علمي معين، يغلق عن هذا الازدياد المعرفي، هو بذلك يمثل موقف المنسحب الذي لايمتلك القدرة على التجاوب مع صلات عصره.
والأصح هو موقف المتبصر، عن طريق البحث والاكتشاف, والتمييز بين محتويات هذا المجال من سلبيات وايجابيات.
وهو ذات السبب الذي جعل الكثير من بلدان تفقد مكانتها، أما الدول التي تفاعلت مع التحول الرقمي كالصين التي لم تعد مصنع العالم فقط، بل وجهته لاستراد منتجات الذكاء الاصطناعي كذلك.
وتابع حديثه قائلا المؤسف "أننا لسنا معنيين أساسا في هذه المعادلة، بسبب العديد من اختيارات الماضي، التي سيبقى تأثيرها لقرون، ودورنا نحن الآن علاجها بصبر، ليس لتحقيق الثورة العلمية المطلوبة، بل لنكون ساهمنا في وضع السهل للأجيال القادمة".
قسم الجاهزية المهنية
وفي هذا الصدد، أكد كوزي أنه جزء من الجاهزيات التي ينبغي العمل عليها في تكوين الطالب، مما يجعله مستعد لدخول الحياة المهنية، بجانب تعلم المهارات الاجتماعية والناعمة.
وعلى مستوى المعهد، من أول يوم يقدم للطالب نظام يبدأ من الهندام إلى غاية اسم وصورة بريده الاكتروني، وهو بمثابة تحضيرا للحياة العملية، بجانب تكوينه في المهارات الرقمية.
وأشار ان التكوين لا يختصر على تقديم مادة دسمة في مواد معينة، بل كذلك بتقديم منطق التواصل والانضباط.
وفي إطار الجاهزية، كشف مدير المعهد عن تنظيم أيام مفتوحة للشركات، تقدم فيها فرص لتوظيف الطلبة، وهي سمة تفاعلية بين المعهد والواقع الاقتصادي، تأسست بفضل جهود المعهد في كسب ثقة هذه المؤسسات.
وابرز كوزي أن علاقة المعهد بالمؤسسات الاقتصادية علاقة "رابح رابح" من خلال قسم التكوين المستمر، الموجه للموظفين، بهدف سد فجوات التكوين السلبي.
الذكاء الاصطناعي بين الرفض والتئيد
وإجابة عن تساؤلنا هل المعهد يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهل توجد تخصصات تدرسه، كشف كوزي عن مشروع مستقبلي لتدريس الذكاء الاصطناعي في تخصص الإعلام الآلي، أما في الوقت الحالي يقوم طاقم المعهد بإجراء تطبيقات وتكوينات في هذا المجال.
لاننا نخاف من الإعتماد الأعمى للذكاء الاصطناعي دون النظر إلى مقاصده وآلياته، وايجابياته من الجانب التقني، وفي ذات الوقت الخوف الأكبر عن الأجيال المقبلة، وهو ما يجعل المعهد حذر في اعتماد بعض المقارابات العلمية، وذلك على حد تعبير كوزي.
مشيرا الى كون الذكاء الاصطناعي مساعد، هذه مسألة إيجابية، لكن اذا ناب الذكاء الاصطناعي الذكاء البشري، وعطل قدراته، وجعله مع مرور الوقت غير قادر عن التعبير وانتاج حتى فقرة، هذا ما يشكل خطرا محدق على مفهوم الإنسان، حسب ماعرفه الفلاسفة (الانسان هو القادر عن التعبير)، بالتالي يفقده انسانيته.
كما نبه كوزي أن الذكاء الاصطناعي اليوم هو الذي يتخرج بدل الطلبة في اليسانس والماستر، بعد تحويل هذه التقنية من أداة تتوقف في حدود كونها مساعدة للعقل البشري، أصبح هذا الأخير مساعد لها.
ويرى كوزي أن اليوم اصبح الطالب عبد لهذه التقنية، وهو كلام قائم على دراسات وابحاث، والاصح يكون إستعماله خاضع لأداب خاصة, مثل أداء الحوار.
ومشكلة هذه التقنية حسبه، أن من يقودها هم تقنيون، ليست لديهم القدرة على فهم المجتمع وآليات تفكير الإنسان، لهذا لايجب اتخاذها على انها موضة من اعتمدها متطور، ومن تركها متخلف، لان المتقدم الوحيد هو منتج هذه المنظومة التي حولتنا جميعا إلى بيانات ومستهلكون.
مبادرة كرسي العلوم
وفي هذا الصدد، أوضح كوزي أن كرسي العلوم هو مبادرة تهتم بالمعادن النادرة في الجانب البشري، والتي قد تكون مهاجرة أو قريبة، لكن لا ترى إلا بعد وفاتها.
وعن فكرته، قال كوزي "إعادة العلم إلى كرسي العلوم بمعنى الى مركز الثقل، من خلال استضافة عدد من الكفاءات، على غرار البروفسور، سيد علي بوكرامي، والبروفسور العيد بوعكاز".
بهدف الاستفادة ليس فقط من الناحية العلمية، بل كذلك من التجارب، ضمن فضاء أشبه بسوق للأفكار وصالون للفكر، يتم فيه الاستماع، النقاش، التفكير، والحوار، تجمع فيه العائلة على موقد جميل، ثم يعود كل واحد الى موقعه، مستلهما من تلك اللحظات ما يبني به واقع جديد.
طريقة النهوض بالواقع الجامعي
وفي سؤالنا عن واقع التكوين الجامعي وتحدياته، اوضح كوزي تقييم هذا الواقع لا ينبغي أن يكون رهين الانطباعات والاحاسيس والتجارب الشخصية.
لان الخروج بحلول لابد ان يكون من خلال تشخيص دقيق علمي ودقيق، من ثم الإتفاق على وجود مشكلة مع تحديد طبيعتها، بجانب رسم خريطة طريق تجمع بين الممارسة والتنظير.
كما نوه أن التشخيص يجب أن يكون من طرف مختصين غير متصلبين على مواقفهم الذاتية، لاسباب إيديولوجية أو علمية، بحيث يكون ذو شخصية علمية قادرة على الوساطة والاستماع أكثر من الحديث، ومتقبلة لكل التخصصات الجامعية.
وبالتغيير يكون بالتنازل، بجانب الشعور بالمسؤولية اتجاه المنظومة التعليمية المكونة للأجيال، من خلال توحيد الجهود والتشبيك.
ما يجب أن يكون عليه الطالب
وحسب رأي كوزي، المرحلة التي يكون فيها الإنسان طالب، هي رحلة ضمير يخرج فيها من متابعة الاهل في المراحل التعليمية السابقة، إلى مكان يكون فيه المسؤول على بناء شخصيته، ويواجه كذلك في هذه الرحلة العديد من العقد، التحديات والرغبات.
ويرى كوزي أن أكبر تحدي يواجه طالب اليوم، هو تراجع عمره الذهني مقارنة بالعمر البيولوجي، بسبب الاستهلاك المبالغ لمواقع التواصل الاجتماعي والألعاب، وهو ما جعل شاب في عمر 20 سنة، لا تتراكم عنده تلك الخبرات، التي كانت عند شاب في نفس عمره في ثمانينات القرن الماضي، إلى بعد سن الأربعين.
والحل حسبه، هو أن يوقظ الطالب ضميره، ويتجاوز تضيع الوقت، ويفهم حريته من منظور توعوي يجعلها مسؤولية في السعي وراء تطوير نفسه، وبهذا سيقدم قيمة مضافة للمجتمع، لا تقتصر على شهادة جامعية إنما على انسان ذو مبادئ.
وفي الاخير وجه مدير المعهد العالي للعلوم، رسالة لكل الراغبين في الالتحاق بالمعهد، بأنه عبارة عن عائلة لها حرمتها وأدابها، تتمثل في الانضباط على العلم والمعرفة هي المعيار الجامعي لنجاح الطالب، ومسعى المعهد كذلك في تكوين وتأطير الطلبة.