2658

0

"الكينوا" في صحراء الجزائر... تجربة مشروع ناجح يحقق الأمن الغذائي الوطني

تجربة رائدة في الزراعة الصحراوية في الجزائر، ونتائج مشجعة جعلت من ولوج نبتة "الكينوا" إلى الجزائر ملاذا في تحقيق الأمن الغذائي والنهوض أكثر بالواحات الصحراوية.

بثينة ناصري 

نبات "الكينوا" مشروع نادر لم يعرف صدى كبير في الجزائر، بالرغم من الفوائد الصحية والبيئية لهذه النبتة، في وقت عرف فيه العالم حربا واسعة النطاق لتحقيق الأمن الغذائي وسط ظروف سياسية وآخرى بيئية.

"الكينوا" مشروع زراعي صحراوي ذو آفاق واعدة

خالد حليمة مسيرة حافلة بالانجازات استطاعت بدورها النهوض بنبتة "الكينوا" على نطاق واسع في أراضي الصحراء، حيث تعد هذه النبتة شبيهة بالحبوب بموطنها الأصلي في جبال الأنديز بأمريكا اللاتينية، وتم ادخالها إلى الجزائر.

وحققت حليمة خالد مهندسة رئيسية في الفلاحة ومديرة محطة المعهد التقني لتعلم الزراعة الصحراوية بولاية المغير "جنوب شرق الجزائر"، العديد من النتائج الايجابية لتحقيق هذا النوع من الزراعة في الجزائر، مع إضفاء صورة مستقبلية مغايرة للزراعة الصحراوية المعروفة بواحاتها الخضراء لإنتاج التمور.

 مسيرة مثابرة تطلعت لنجاح مشروعها

وفي حوارها "لبركة نيوز الالكترونية" كشفت حليمة خالد بدايتها مع حب الزراعة قائلةً " ترعرعت في ولاية تڨرت ضمن عائلة مزارعة وبالرغم من ذلك لم أنسى دراستي التي اجتهدت فيها وتحصلت في تخرجي من المعهد الوطني للفلاحة بالجزائر العاصمة على شهادة مهندس دولة في الفلاحة، والآن انا بصدد تحضير مذكرة دكتوراء بجامعة حمى لخضر بولاية الوادي.

وبالحديث عن مسيرتها في الزراعة الصحراوية فقد بدأت كمهندسة بمركز العلوم الزراعية بسيدي مهدي بتڨرت، متخصصة في علم التربة وكل ما يتعلق بدراسة التربة والمياه، ثم تم ترسيمها بالمعهد التقني لتنمية الزراعة الصحراوية، ونظرا لأعمالها القيمة قام رئيس الجمهورية عبد المحيد تبون هذه السنة بتكريم حليمة خالد نظير جهودها في خدمة و ترقية القطاع الفلاحي و تحسين مردوده من أجل تحقيق الأمن الغذائي، وترقية الزراعة الصحراوي.

بخصوص اكتشاف نبتة الكينوا تابعت حليمة"كنت في البداية مسؤولة لمدة 3 سنوات كمهندسة مسؤولة وعضوة في مشاريع تطوير واستعمال المياه الغير التقليدية في السقي، واستفدت أيضا من مشروع مع المنظمة العالمية للتغذية والزراعة(FAO) مع المركز العربي للدراسات والمناطق الجافة(ACSAD) الذي كان مقره في سوريا والان هو بمصر، وشاركت في الدورة الخاصة به في كل من الجزائر العاصمة وتونس، كما استفدت أيضا من دورة بدولة الصين الشعبية سنة 2015 فيما يخص كفاءة الري، هذا على غرار خوضي لعدة مشاريع كممثلة الجزائر لتطوير نبتة الكينوا في كل من بيروت، تونس والاردن.

دخول "الكينوا" إلى الجزائر ونتائجها المبهرة 

وقالت حليمة خالد "عرفت زراعة الكينوا سنة 2013، وهذا بمناسبة السنة الدولية للكينوا، خلال مشروع اقليمي ادخلت عن طريقه الكينوا إلى الجزائر من خلال المنظمة العالمية للتغذية والزراعة(FAO) مع عدة دول أخرى، على غرار مصر تونس موريتانيا لبنان باكستان وغيرها".

 فيما خصصت السنتين الأولتين في تجريب نبتة الكينوا في الجزائر بالمعهد التقني لتنمية الزراعة الصحراوية وحققت نتائج جد ايجابية، وبعدها تم المطالبة بإخراج تلك النتائج الايجابية التي تم اكتشافها، فقمنا بتعيين فلاحين نموذجيين على مستوى ولاية المغير والوادي وورقلة آنذاك، وعلى أساس تلك النتائج قامت بمواصلة مهمة تطويرها، ليصبح مشروع قائم بحد ذاته في ظل المجهودات الجماعية والفردية، والمساعدات المقدمة من طرف الفلاحين في المنطقة الصحراوية.

مساعي تحويل هذه النبتة إلى منتوج رئيسي

قامت حليمة خالد بتجارب عديدة ورائعة وعرفت الكينوا في مختلف مناطق في الجزائر بمساعدة الجامعات المحلية، حيث أنه لم نتمكن من ايجاد الباب الرئيسي الذي يمكن من خلاله ان تتحول فيه الكينوا الى منتوج رئيسي يستغل ويتحول إلى المستهلك، في ظل اطلاق وعود مستقبلية لان "الكينوا" محصول واعد وذكي مناخيا يتأقلم مع الظروف والمتغيرات المناخية، وعندما نرى العالم كيف يشهد حروب على الحبوب والتغيرات المناخية التي تطرأ عليه، إضافة إلى تذبذب تساقط الأمطار، فإن نبتة "الكينوا"  تؤكد محدثتنا أن لها مجال أكبر وتتأقلم مع الظروف البيئية القاسية، على غرار انها نبتة مليئة بالبروتينات والاحماض الامينية والألياف والحديد، وتعد من بين النباتات الخالية من الغلوتين ومصدر بديل لمرضى السيلياك والذين يعانون من حساسية ضد الغلوتين، ولكل من يمارس الرياضة وأصحاب "Halty food" وأيضا من لديه مؤشر السكري منخفض وتساعد في تهدئه الضغط الدموي ومرض القولون وعصر الهضم، فالكينوا حل بديل جيد جدا للمحافظة على صحة الانسان والمرضى بالخصوص.

فوائد نبتة "الكينوا" العديدة

 ومن جهة أخرى فإن لنبتة "الكينوا" فوائد بيئية على غرار الاكل، في حين أن النباتات التي تحوي "الكينوا" يمكن استغلالها في الصناعة البديلة كالصابون وغيرها من المنتجات الطبيعة وبعض الأدوية، كما يمكن استغلالها واستخدامها كعلف للحيوانات وبذلك يستفيد منه الانسان والحيوان وهذا مثير للاهتمام.

وعلى هامش ذلك قالت حليمة خالد "قامت الدولة بمساعدتنا بطريقة غير مباشرة، إذ أن الكينوا دخلت عن طريق الدولة ووزارة الفلاحة والتنمية الريفية، وفي حقيقه الأمر نحن نقوم بمجهودات فردية مع الجمعيات وجمعيه الكينوا "بوادي ريغ" وجمعيات نسويه ونشاطات محادية مع رئيسة المعهد، في وقت تهتم الوزارة بزراعة "الكينوا" والتي تقوم بدعمنا في نشر الكينوا في الجزائر وثقافه استهلاكها.

وفي السياق ذاته  تم تنظيم العديد من الملتقيات فكان الملتقى الاول سنة 2018 بحضور خبيرين في تونس ومصر مع الجمعيات المحلية، وتم تنظيم أيضا اليوم العالمي للكينوا مع جمعية مرضى السيلياك بالوادي وبحضور كل الوزارات التي يهمها هذا النشاط كوزارة الفلاحة والتضامن والصحة، وفي فترة الجائحة لم يتم الاستغناء عن النشاطات التعريفية لهذه النبتة والاحتفال بيومها العالمي، فقد تم تنظيم اليوم العالمي لاستهلاك "الكينوا" عن طريق تقنة التحاضر عن بعد، وهكذا ككل يوم عالمي يتم الإحتفال بهذه النبتة  في مختلف الولايات  للتعريف أكثر بهذه النبتة لمختلف شرائح المجتمع وفوائدها وأهمية إستهلاكها وزراعتها بالخصوص.

الفلاحة الصحراوية نظرة وتطلع لمستقبل فلاحة في الجزائر 

وعبرت خالد عن حبها للفلاحة الصحراوية وفوائدها العظيمة لتحقيق الأمن الغذائي وقالت "الفلاحة الصحراوية هي سلة الجزائر المقبلة، من خلال كل ما تتمتع به الجزائر من خيرات كالتربة والصحراء مياه باطنية وطاقة شمسية كلها تجعلها ملاذا للمستثمرين الكبار في مجال الفلاحة، خاصة مع الذبذبات التي تشهدها الولايات الشمالية من تساقط للامطار حيث يجب التوجه للزراعة الصحراوية مع ضبط الاستثمار في الفلاحة فيها والحفاظ على المياه الجوفية، إضافة إلى نوعية التربة وتطبيق تقنيات فلاحية من شأنها أن تحافظ على طبيعة التربة وتقلل من المدخلات الفلاحية، لأن الفلاحة في الصحراء عكس الشمال والتي تتطلب عدة مدخلات.

 وأبرزت مختلف الايجابيات التي تتميز بها الفلاحة الصحراوية والتي توفر المنتوجات خارج أوقاتها الفصلية او منتوجات مبكرة جدا كالفواكه والخضر في غير موسمها، حيث ان الفلاحة الصحراوية ستتطور في ظل إنشاء مدرستين للفلاحة في كل من ولاية "الوادي وأدرار"، بما يخلق  عدة مهندسين فلاحيين في المنطقة الجنوبية، فمن الملاحظ ان وزارة الفلاحة قد رفعت من مستوى المعاهد الفلاحية الموجودة على مستوى المناطق الصحراوية، واصبحوا يطورون وينتجون تقنيون سامون في الفلاحة الصحراوية، وهذا كله ضمن مخططات الدولة الرامية لتطويرها.

مساعي الدولة للنهوض بالزراعة الصحراوية 

ونظرا لمساعي الدولة في تطوير هذه الشعبة وإمكانياتها في الرفع من الانتاج الوطني، فقد تم إنشاء ديوان تطوير الفلاحة الصناعية في الأراضي الصحراوية (ODAS)، بمرافقة كبار المستثمرين في الفلاحة الصحراوية، ومن جهة أخري فإن المعهد الوطني للفلاحة الزراعية يقوم بدوره، والمرافقة التقنية للفلاحين وتجربة الزراعة الجديدة وتطبيق التقنية الفلاحية، وعدة أمور يقوم بها على مستوى المعهد، في وقت نسعى فيه إلى تحقيق الأمن الغذائي ولو جزئيا.

غياب الصناعة التحويلية

وفي الأخير أكدت خالد حليمة أن النقطة المفقودة في تطوير زراعة الكينوا في الجزائر هي الصناعة التحويلية، فوجب توفير مصانع خاصة بالصناعات التحويلية في مناطق الصحراء، سواء المزارع الكبرى التي تكون رائدة في الاستثمار الفلاحي في الصحراء، أو مزارع تحويلية نقوم بزرعها في مناطق تتواجد فيها المرأة الريفية لتأخذ المنتوج وتقوم بتحويله، فالكينوا تحتاج إلى مصنع لتنظيفها إلى ثم نزع الصبونين ثم إلى مصنع ضمان الجودة وبعد ذلك التوجه إلى مرحلة التعليب، ضمن عدة أشكال للتحويل كدقيق او عجائن وغيرها.

فالمنطقة الصحراوية تعاني من نقص مصانع التحويل لمختلف المنتوجات التي تحصل فائض في الانتاج لضمان السوق الموازية والاستمرارية.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services