1827
0
الكوتشينغ خدمة واعية بتقنيات ذكية وعالم سحري لا يزال متأخرا في الجزائر
الكوتشينغ مفهوم جديد في العالم العربي خاصة في الجزائر، يطلق عليه علم النفس الإيجابي جاء وليد الفلسفة والأسئلة السقراطية ، يقصد به المرافقة و الدعم النفسي الذي يساعد على ادراك الفجوة و كيفية معالجتها التي ترتكز على المستفيد أو ما يسمى بطالب الخدمة باعتباره أهم حلقة ،هو بحاجة لإدراك نفسه للخروج من قوقعته من خلال رد الاعتبار اليه ، بأساليب و تقنيات محددة يتخذها المختص "الكوتش" حسب كل فرد ترتكز بالدرجة الأولى على الإنصات النشط الذي يساعد في بناء الوعي لدى المستفيد .
شيماء منصور بوناب
وفي هذا الصدد تشير الكوتش نايت مسعود فاطمة لاستراتيجية بناء الوعي لدى المستفيد عن طريق أسئلة سقراطية تعزز قدراته بما يؤهله لحل مشكلاته بطريقته الخاصة التي تشعره بالرضى مع توجيه غير مباشر من الكوتش بحد ذاته، شرط عدم تقديم إيجابيات ذاتية قد لا تناسبه ، و هي ما تفرض الأخذ بمنطلق الأسئلة الذكية التي تجعله ينظر لمشكلته بنظرة أخرى تكون كاستنارة ذهنية تدفعه لأخذ البدائل والاقتراحات للخروج من أزمته.
وعليه فإن الكوتشيغ يفعّل معالم الاستنارة الذاتية للفرد عبر المخططات المعرفية التي تجعله يدرك قيمته من وجهة ما قدمه من إضافات أو ما يمتلكه من مميزات تعتبر من أهم نقاط قوته التي تبني لديه قابلية التغير سواء في تفكيره أو الصورة التي أخذها عن نفسه مع الرجوع للصدمات الأولى أثناء تنشئته التي غالبا ما تكون هي عقدة الأزمة .
التنمية البشرية بالكوتشينغ ... علاقة تكاملية تطور المفاهيم و تحقق الغايات
على صعيد آخر توضح المختصة نايت مسعود نقاط التباين و الشابك بين الدلالات المفاهمية للكوتشينغ و التنمية البشرية التي تعد مفهوم عام يرتكز على التدريب في مهارات معينة مثل التخطيط و التأهيل الزواجي أو التربية الذكية وكل ما له علاقة ببناء الانسان من خلال بعض الدورات التي مع الأسف أصبحت تستقطب دخلاء من أشباه المختصين الذي لا يمد عملهم بأي صلة بالثقافة الإسلامية انما هو مجرد تهريج أساسه الربح المادي فقط أو تشويه العقائد .
وبذلك فإن نتائج الاستغلال الخاطئ للتنمية البشرية انعكست سلبا على مجال الدورات التي باتت محطة شك لدى عامة الناس الذين يقصدون المراكز التدريبية دون اطلاع تام على مؤهلات المختص او تكوينه الأكاديمي الذي يؤهله للمعالجة أو الاستشارة .
أما الكوتشينغ فتؤكد ذات المتحدثة على أنه نوع آخر من التدريبات التي تجعل المستفيد شريك الكوتش في معالجة المشكلة وإيجاد الحلول بطريقة تنمي قدراته في بناء المعلومة و ترسيخها من خلال تغيير القناعات و بناء المعارف و المهارات الذي يطلق عليها الثالوث المعرفي الذي يحفز على اكتشاف الذات عبر توجيه فعال ذكي بأدوات و تقنيات دقيقة.
ومن الجهة الإنسانية تضيف أن الكوتشينغ مرتبط بالتعاطف والعطاء الذي يفرض على الكوتش عدم الادلاء بأحكام مسبقة حتى وان كان طالب الخدمة ذو توجه سلبي لا يتقبله المجتمع فمن الواجب الانصات اليه وعدم الحكم عليه لأنه بحاجة للاحتواء و الدعم النفسي الذي يمكنه من استيعاب حالته وواقعه الذي ينفر منه استنادا للعديد من الخيارات التي توضح له الرؤية و تتركه أمام فرصة التجريب .
من هذا المنطلق يمكن الإشادة بأن الكوتشينغ عالم سحري بتقنياته ساهم في حل العديد من المشكلات خاصة في مجال اكتشاف الذات الذي يعمل على تطويرها بشكل إيجابي عبر النمذجة الإيجابية التي ترافقها المتابعة والمرافقة في إجراءات العمل حتى بعد الجلسات التي تدعم بكتابات علاجية في المنزل لاختبار الأنا و الذات ....
وحول الفرق بين علم النفس و الكوتشينغ يمكن القول بأن علم النفس متعلق بمعالجة الإضرابات النفسية السلوكية الحادة للمستفيد بينما الكوتشينع يختص في تعاملاته الانسان العادي المتوازن نفسيا و الذي هو بحاجة لتوجيه ودعم في صعوباته الحياتية التي تشكل ثغرة بالنسبة له.
دورات الكوتشينغ بين الممارسة الفعلية و الأفاق المستقبلية
مؤخرا ذاع صيت دورات الكوتشينغ في العالم العربي لما لاقته نتائجه من استحسان وقبول لدى عامة الناس الذين وجدوا ملاذهم في دورات الارتقاء الذاتي التي أسفرت عن تخرج المئات من المدربين الذين شقوا طريقهم نحو تفعيل آليات المرافقة النفسية و المساعدة الواعية لكل محتاج قصد التعريف بهذا العالم السحري وكسب رضا طالبي الخدمة من كل النواحي التي تمكنهم من تنوير عقولهم و أفكارهم .
ولعل من أهم الدورات التي وجدت قبولا عند الكثيرين نجد ما وضحته الكوتش نايت مسعود في دورات الكوتش الممارس الذي يقدم الخدمة لنفسه و يطبق أبعاد الجلسات على ذاته و بذاته بشكل مرن وواعي ،ثم دورة الكوتش المحترف الذي يصبح بعد تلقيه لأساسات التدريب مدرب للكوتش الممارس،أما درجة ماستر كوتش فهي بمثابة الدكتوراه في التدريب تكون الأعلى في مستوى تؤهل صاحبها من الاختصاص في مجاله بشكل محترف يحقق الغاية من الكوتشينغ بأساليبه وتقنياته السحرية في التعديل و التغيير، ومع ذلك نجد نوع آخر من ممارسي الكوتشينغ الذي يطلق عليهم" كوتش بالفطرة" يملكون الرغبة و القدرة الداخلية في خدمة الانسان و المجتمع انما تنقصهم الخبرة و التقنيات المناسبة فقط.
وبالحديث عن نتائج هذه الدورات من منبر حي واقعي تجيب طلحة حياة مختصة في مجال التسويق الالكتروني استنادا لتجربتها في عالم الكوتشينغ بأن ثمار الدورات ظهرت على صعيد خاص و عام ساعدتها على التخلص من هيجان مكنوناتها التي تؤرقها في كل مرة تصادف بها مشكلة مع أولادها أو نفسها بالدرجة الأولى .
وعن الدافع الذي وجهها لدورات الكوتشينغ توضح بأن تقرب الناس اليها لإيجاد حلول لمشكلاتهم انطلاقا من معتقداتها الفكرية كان السبب الذي دفعها للبحث عن ذاتها و مميزاتها التي تكشف عن كونها "كوتش بالفطرة" لها القدرة على خدمة غيرها من محيطها .
منوهة بذلك للتقنيات المكتسبة في اطار التعامل مع الناس بردود واعية بعيدة كل البعد عن الغضب- و قلة الصبر الذي كان حاجزا بالنسبة لها بل دورة الكوتشينغ التي ساعدتها على تخطي ازماتها خاصة تلك المتعلقة بوفاة والدتها .
من هذا المنطلق لابد من الإشارة لكون دورات الكوتشينغ لا تختص في صنف معين أو فئة معينة انما تشمل في منطلقاتها أبعاد عديدة سواء لمختصين في علم النفس أو الاجتماع و الاقتصاد ... وغيرهم من الأفراد العاديين الذين يتخذون من خدمة الناس متنفس لهم لتقديم يد العون و المرافقة، التي أكدت على ضوئها موقاري زينب صاحبة نادي طفولة مشيرة بذلك لشغفها بمجال تطوير الذات منذ أن كانت في الطور الثانوي حين اشتدت رغبتها في أن تكون مختصة نفسية لمعالجة من هم بحاجة لدعم نفسي و مرافقة حقيقية تنجيهم من الضياع الداخلي الذي يسير حياتهم و يؤثر عليها.وتابعت في ذات السياق عن نتائج دورات الكوتشيغ على الصعيد العملي الذي جعلها تتخذ من مكاسبها الجديدة نقطة انطلاقة في فهم واستيعاب رغبات الأطفال و حتى متطلبات أوليائهم.
وهو ما دعمته الناشطة في مجال الشبه الطبي مناد ريمة في تبنيها فكرة المعاناة الجسدية هي نتاج الإهمال النفسي الذي لاحظته أثناء معايشتها للمرضى في المستشفى ، حيث كانت هذه خلفية لولوجها لعالم الكوتشينع من أوسع ابوابه لتكون لها القدرة لمعاينة الأوضاع العامة للمرضى خاصة النساء اللواتي يعانين من ضغوطات نفسية نتيجة الإهمال المجتمعي و الاسري .
فتفاقم هذه الضغوطات جعل الحالة الجسدية للفرد في تدهور مستمر دون الاهتمام بالذات التي تعد حسب ما اشارت اليه مناد ريمة بمثابة الركيزة التي تؤثر و تتأثر بما يصادفها من عراقيل و مطبات تجعل من الانسان عاجز عن استيعاب ما يمر به و ما يريده في حياته كونه بحاجة ليد عون تخرجه من ظلمات أفكاره الى الواقع المعاش في شكله الإيجابي عن طريق تعريفه بماهيته و تطويرها بنماذج سلوكية معرفية واعية تكسبه الثقة .
ومن جهة المشكلات و المعضلات التي تصادف المختصين في دورات الكوتشينغ نجد حالات متكررة في نواة العقدة عند المجتمع الجزائري ،ولعل أهمها "المشكلات الاسرية و ما تبعها من سلوكيات سلبية في المعاملة المجحفة و التعنيف أو التنمر و حتى التحرش الذي تفاقمت أبعاده أسريا و اجتماعيا بسب قلة الوعي بالحالة النفسية و عدم ادراك حجم المشكلة أو كيفية حلها ،وما زاد الوضع حدة هو غياب الوعي بأهمية التأهيل الزواجي و التربوي الذي يوافق متطلبات العصر و الرقمة بكل مستجداتها التي تفرض ادراج هذا التأهيل ضمن شروط تكوين أسرة سليمة نفسيا ، لأنه بنسبة 90بالمئة من مشكلات الأطفال هي بسبب سوء التعامل و التربية للأولياء الذين يفتقرون لتوجيه مسبق .
وعن بوادر التجاوب مع هذه الدورات و الجلسات الخادمة للفرد تنوه الكوتش بأن ثمار العمل بدأت في الظهور رغم معدلها المحدود ، لكن نجد استجابة من عند العائلات الذين هم بدورهم يروجون لهذا التفكير عند شعورهم بالرضا و تحقيق غايتهم التي تجسد فكرة قبولهم لثقافة الكوتشينغ كمفهوم جديد في الجزائر يحتاج تعريف و ترويج فقط للوصول لذروة الوعي المطلوبة في المجتمع مع أمل جعلها خدمة عمومية ضرورية في المدارس و المراكز المختصة و المعنية .
مراكز التدريب ..... استنارة فكرية للمهتمين بالكوتشينغ
تقوم استراتيجية المراكز التدريبية في خدمة المهتمين بالكوتشينغ على تعليمهم أساسيات الانصات كركيزة أولية تكسبه الخبرة في فن التعامل مع المستفيد بأسلوب راقي وذكي لا يشعره بالنقص، يضاف إلى ذلك الأخذ بعين الاعتبار مبدأ التواصل المرن و العطاء الفعال الذي يؤطر استراتيجيات تقديم الدعم النفسي في جلسات محترفة تمكنه من ادراك مقاصد المستفيد.
هذا وتؤكد المختصة على دور الأسئلة الذكية السقراطية في استيعاب مكنونات المستفيد التي يتم تعليمها للمهتمين في اطار يؤهلهم للتحكم في جلساتهم و في طرق تصحيح التشوهات المعرفية الخاصة بكل طالب خدمة في برنامج مكثف لا يقل عن أربعين ساعة مع تدعيمه بمرافقة خارجية واستشارة دقيقة في كل التفاصيل الجديدة لمدة ستة أشهر وما أكثر لتعديل النقائص و اكتساب الخبرة.
من جهتها تركز مديرة مركز السلام للتدريب و التطوير بوختالة نضيرة على أهمية هذه الدورات التي تخدم الذات و تطورها من منظور ارتقائي واعد يساعد على تنوير الفكر ورفع الوعي بقيمة نفسه ، كما تؤهله لمجابهة الصعوبات الحياتية التي تشغل تفكيره وتؤرقه ،يضاف إلى ذلك العمل على تخصيص دورات للمختصين بحد ذاتهم لتعزيز خبراتهم وتدعيمها بأفكار جديدة تواكب احتياجات الانسان في الوقت الحالي وتشمل العلاج المعرفي السلوكي و البرمجة السلوكية.....