71
0
الخبير عبد الرحمان مبتول يرصد بالمؤشرات واقع وتحديات صناعة السيارات في القارة الافريقية

تعرف صناعة السيارات تحولات هيكلية وتكنولوجية بفعل تداعيات الوضع الاقتصادي العالمي. وتواجه القارة الافريقية تحديات عديدة في طموحها للتموقع في سوق هذه الصناعة كطرف مندمج في الصناعة أكثر من مجرد سوق استهلاكية.
الخبير الدولي واستاذ الجامعات عبد الرحمان مبتول يسلط الضوء في هذا الحوار على آفاق صناعة السيارات في القارة السمراء مرتكزا على مؤشرات احصائية تسمح بتشكيل رؤية سليمة تقود الى بلوغ الأهداف المسطرة ضمن معادلة اقتصادية تراعي معدلات الاستثمار والكلفة والربح والمخاطر.
أجرى الحوار: سعيد بن عياد
هل يمكن تقديم صورة بالأرقام عن مشهد صناعة السيارات في العالم تسمح برصد للمؤشرات تساعد على تسطير معالم رؤية دقيقة؟
في 2024 تم احصاء حوالي 1475 مليار مركبة في العالم تشمل سيارات وشاحنات وغيرها مقابل تعداد لسكان العالم بحوالي 7, 951 مليار نسمة بما يعادل سيارة لكل 5 اشخاص.
اما لإفريقيا فلا توجد تقديرات دقيقة وتتراوح التقديرات بين 26 الى 38 مليون مركبة مقابل 1,4 مليار نسمة.
في 2024 بلغت سوق السيارات في افريقيا 1,4 مليون مركبة ويتوقع ان تنمو بنسبة 6,04 بالمائة لتصل الى 1,89 مليون مركبة افاق سنة 2029 علما ان القارة تنتج حوالي 1,18 مليون مركبة أغبها من دولة جنوب افريقيا.
واذا تريد افريقيا التقدم في صناعة السيارات ينبغي عليها ان تراعي مؤشرات السوق العالمية التي توجد في قلب تحولات عميقة وتخضع لاحتكارات مع عدد قليل للمنتجين وارتفاع متنامي للطلب مع تراجع القدرة الشرائية الى جانب المنشآت وامكانية دخول وسائل نقل اخرى خاصة الجماعي المناسبة لكل بلد.
منذ الازمة الاقتصادية العالمية في اكتوبر 2008 عرفت سوق السيارات اضطرابات كبرى وتوالت عمليات الاندماج والاستحواذ الاستثمار في أسهم الشركات.
ونلاحظ بروز توجهين متعارضين في وقت واحد يتعلق الامر بتوجه بتوطين للإنتاج على مستوى بعض المناطق الجغرافية وفي بعض البلدان ونقل الانتاج الى مناطق اخرى.
بالنسبة لتوطين انتاج السيارات العالمي فإنها تتركز جهويا في ثلاث مناطق هي اوروبا وامريكا الشمالية وآسيا.
وضمن هذه المناطق نفسها فان صناعة السيارات فيها تتركز في بعض البلدان. ففي اوروبا تتركز هذه الصناعة في المانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وايطاليا بعبارة أخرى الاتحاد الأوروبي.
وفي امريكا الشمالية تتركز في صناعة السيارات في الولايات المتحدة الامريكية وفي اسيا تواجد بشكل مركز في اليابان وكوريا الجنوبية.
وفي ما يتعلق بالصادرات العالمية للسيارات المتنامية فإنها تتركز أساسا في منطقتين أوروبا وآسيا.
ولكن مستقبلا امام خسارة بعض البلدان للتنافسية لفائدة بعض البلدان الناشئة مثل روسيا والهند والصين والبرازيل سوف نشهد اعادة تنظيم شامل للإنتاج العالمي للسيارات وبشكل وبطبيعة الحال فان المصانع التي تستمر في كل بلد هي تلك التي تكون أكثر تنافسية ذلك أن اولويات قادة هذه الصناعة هي التكنولوجيا والابتكار(استعمال الروبوتات) والنهج التعاوني وافضل استراتيجيات النجاح الى جانب البيئة.
الملاحظ اليوم ان صناعة السيارات توجد في صميم مرحلة اعادة هيكلة بعد ان اصبحت رأسمالية مع برمجة رقيمة تقصي مناصب عمل مباشرة وغير مباشرة.
وامام هذا ينبغي مراعاة قوة المنافسة والاتفاقيات بين المجمعات الكبرى لمراقبة الفضاءات الجهوية بحيث لا يجب الخلط بين الوكلاء الذين قد يكون عددهم كبيرا والتركيب واستيراد أغلب مكونات مع الصناعيين الذين يصدّرون مع تحكم في التكنولوجيا ومعدل اندماج مرتفع نسبيا. وحسب المعايير الدولية لبلوغ عتبة المردودية فان الانتاج يجب ان يكون 300 الف الى 500 الف وحدة سنويا للسيارات الفردية واكثر من 200 الف وحدة للشاحنات والحافلات وللتصدير يجب التكيف مع التحولات التكنولوجية العالمية التي تشجع السيارات الهجينة او الشمسية.
وعلى سبيل المثال فان سنة 2024 سجلت توزيع الانتاج كما يلي: الصين 26,12 مليون مركبة- اليابان 7,77 مليون وحدة- المانيا 4,11 – كوريا الجنوبية 3,91- اسبانيا 1,91- البرازيل 1,78- الولايات المتحدة 1,75- جمهورية التشيك 1,4- اندونيسيا1,18- فرنسا 1,03 مليون مركبة. وبخصوص ترتيب أول عشرة مجمعات صناعية وفقا لرقم لتقديرات سنة 2024 فهو كالتالي: فولسفاغن 348.6 مليار دولار – تويوتا 311,9 م د – ستيلانتيس 204,9 – فورد177,5 - جنرال موتورز 102,3 – بي ام دبليو 168,3- مرسيدس بنز 164,3 –هوندا موتورز 141,3 –هيونداي 125,4 – سايس موتورز 102,3مليار دولار. أما بالنسبة لمبيعات السيارات الجديدة فإنها تتوزع كما يلي: -الصين 31,4 مليون سيارة – الولايات المتحدة 16,3 مليون وحدة- اليابان 4,42 مليون – الهند 4,27 مليون وحدة – كوريا الجنوبية 4,13 مليون سيارة –المانيا 2,51 مليون –البرازيل 2,48 مليون –بريطانيا 1,95 مليون –فرنسا 1,70 مليون مركبة –روسيا 1,57 مليون – ايطاليا 1,56 مليون مركبة.
بالنظر الى مؤشرات هذه التحولات في العالم ما هي افاق صناعة السيارات في افريقيا؟
بداية يمكن رصد بعض الأرقام حول حظيرة السيارات في بعض البلدان من القارة السمراء على النحو التالي: نيجيريا لديها حظيرة تقدر بحوالي 15 مليون مركبة –جنوب افريقيا اكثر من 13 مليون مركبة –الجزائر 6,5 مليون – مصر حوالي 5,6 مليون – كينيا أكثر من 3,7- جمهورية الكونغو الديمقراطية 2,7 مليون – كوت ديفوار 1,5 مليون –السينغال حوالي 1 مليون سيارة. والملاحظ في القارة السمراء يغلب على حظيرة السيارات "شيخوخة" السيارات وقدمها فمثلا في الجزائر استنادا للديوان الوطني للاحصائيات نشرتها وكالة الانباء الجزائرية في 2023 من اجمالي 6,5 مليون مركبة تمثل الاقل من 5 سنوات نسبة 19,32 بالمائة وتلك التي عمرها بين 5 الى 9 سنوات 22,08 بالمائة ومن 10 الى 14 سنة 17,22 بالمائة و80 بالمائة من المركبات بأكثر من 5 سنوات.
غير ان كل سياسة في هذا القطاع ينبغي ان تأخذ في الاعتبار عدة عوامل.
اولا، يتعلق الأمر بعامل حاسم هو القدرة الشرائية الحقيقية (غذاء، لباس، ايجار، صحة واتصالات...) وبالتالي ماذا يبقى لاقتناء سيارة. وفي هذا الاطار يتم اللجوء حتما الى استيراد بالعملة الصعبة قطع التركيب دون حساب استيراد قطع الغيار والملحقات الى جانب كلفة تراجع قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار واليورو.
وباعتبار ان بناء مصنع للسيارات ليس موجها للسوق المحلية فان الهدف المناجيريالي الاستراتيجي لكل مؤسسة له ابعاد جهوية وعالمية من اجل ضمان المردودية المالية لهذا الفرع الذي يأخذ طابعا دوليا مع نسبة اندماج محلية بين 30 الى 50 بالمائة والباقي يدخل ضمن المناولة من الباطن موزعة بشكل شبكة عنكبوتية على المستوى العالمي ويفرض نسيجا محليا للمناولة من الباطن.
ثانيا، يجب ان تندرج صناعة السيارات ضمن سياسة اقتصادية شاملة في وقت تعرف فيه اعادة هيكلة عميقة على المستوى العالمي مع تداعيات سياسة واقتصادية واجتماعية خاصة مع التكنولوجيات الجديدة. فالهيكل يمثل 20 الى 30 بالمائة من الكلفة الكلية مثل جهاز الكمبيوتر الذي لا يمثل فيه الهيكل الكلفة (رؤية ميكانيكية من الماضي) انما البرمجيات تمثل 70 الى 80 بالمائة فهل تكون هذه المشاريع ذات قدرة تنافسية ضمن منطق القيم الدولية. كما يطرح سؤال حول نمط اشتغال السيارات هل بالنزين ام الديزل او الغزا او تكون بمحركات هجينة او بالطاقة الشمسية. إن البحث في تكنولوجيا النانو (البحث في الاشياء الصغيرة اللانهاية) يمكن أن تحدث ثورة في تخرين الطاقة ويكون المستقبل للمحركات التي تشتغل بغاز الهيدروجين.
وفي الخلاصة فان اقامة صناعة موثوقة للسيارات في افريقيا تتطلب تسطير سياسة صناعية متماسكة مع جذب الاستثمار الاجنبي بالارتكاز على ثلاثة دعائم استقرار سياسي وقانوني ونقدي ويقود كل ها إلى إرساء حوكمة تسمح بالرؤية ضمن نهج السياسة الاقتصادية والاجتماعية.
وعليه فان المؤسسة بدون تمييز بين العمومية والخاصة الوطنية والدولية ضمن اطار القيم الدولية مدعومة بالعلم والمعرفة تسمح بالابتكار الدائم الذي يخلق الثروة. وعن الوضع في بلادنا حسب المسؤولين فان نسبة الاندماج في سيارات فيات تقدر حاليا بنسبة 10 بالمائة بنظام انتاج "اس كا دي" فيما تهدف ستيلانتيس بلوغ 30 بالمائة افاق 2026 بفضل توسيع مصنع طافراوي والانقال الى نمط "سي كا دي".
وبالرجوع الى تصريحات المسؤولين الايطاليين فان مصنع وهران سيرفع انتاجه في 2025 الى 60 الف سيارة مقابل 17 الف في 2024 ويبقى الهدف بلوغ 90 الف وحدة في 2026.