58
0
القضية الصحراوية محور اهتمام زوار سيلا 2025

تشهد فعاليات الصالون الدولي للكتاب بالجزائر في دورته الثامنة والعشرين نشاطا ثقافيا مكثفا، ويقام هذا العام تحت شعار "الكتاب ملتقى الثقافات" بقصر المعارض بالعاصمة، بمشاركة واسعة تضم 1254 دار نشر من 49 دولة، وعرض أكثر من 240 ألف عنوان تغطي مختلف مجالات المعرفة والفكر والإبداع.
نسرين بوزيان
ولم يقتصر اهتمام الزوار على اقتناء الكتب الأدبية والفكرية، بل شمل النقاشات الفكرية والسياسية العميقة، التي تناولت القضايا العربية العادلة، وعلى رأسها القضية الصحراوية التي تشغل الرأي العام الجزائري ، وقد تحولت هذه القضية إلى محور حوار ونقاش بين مختلف شرائح المجتمع، من مثقفين وطلبة وإعلاميين ومواطنين.
وعي واسع بمستجدات القضية الصحراوية
يعكس هذا الاهتمام المتزايد وعي الجمهور الجزائري السياسي، سواء في الشأن الإقليمي أو الدولي، ولا سيما مواقف الجزائر الثابتة الداعمة للتحرر وحق الشعوب في تقرير مصيرها.

وفي هذا الإطار، أكدت سمية بادي عبد الله، العضو في البعثة الصحراوية المشاركة بالمعرض، لـ"بركة نيوز"، أن الجناح الصحراوي شهد اقبالا غير مسبوق من الزوار الذين أبدوا تضامنا واسعا مع الشعب الصحراوي واهتماما كبيرا بمستجدات قضيته، خصوصا ما يتعلق بآخر التطورات في مجلس الأمن الدولي.
وقالت بادي: "كان لافتا أن الزوار، من مختلف الأعمار والخلفيات، طرحوا أسئلة دقيقة حول مسار التسوية السياسية ومستقبل بعثة المينورسو، ما يعكس وعيا متقدما بالقضية الصحراوية وامتدادها التاريخي والإنساني".
وأضافت أن النقاشات تميزت بالعمق والانفتاح، وجمعت المثقفين والباحثين والطلبة والمواطنين في حوار وطني صادق، يؤكد أن القضية الصحراوية جزء من الوعي الجمعي، وليست مجرد ملف سياسي.
الجزائر تؤكد حيادها الدبلوماسي
وحول قرار الجزائر الامتناع عن التصويت على مشروع قرار مجلس الأمن لتجديد ولاية بعثة المينورسو، أوضحت بادي أن القرار لم يحمل جديدا جوهريا ولم يصب بشكل واضح في مصلحة أي طرف، لكنه أشار إلى الحكم الذاتي كحل محتمل، وليس الحل الوحيد.
وأضافت أن هذا التغيير يعكس تحولا دبلوماسيا مهما، إذ يقر مجلس الأمن بأن جميع الخيارات لا تزال مطروحة، بما فيها خيار تقرير المصير الذي تطالب به جبهة البوليساريو.
وأكدت أن الجزائر رأت أن القرار " لا يرقى إلى مستوى تطلعاتها"، إذ لم يتضمن إشارة صريحة لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وتجاهل مقترح جبهة البوليساريو كممثل شرعي وحيد للشعب الصحراوي، ورغم عضويتها في مجلس الأمن، اختارت الجزائر الامتناع عن التصويت للمرة الثانية على التوالي، لتؤكد بذلك موقفها الثابت الداعم لحق الشعوب في تقرير مصيرها، ضمن إطار استقلالية قرارها الدبلوماسي.
وقالت بادي إن هذا الموقف يعكس رؤية دبلوماسية متوازنة، تظهر أن الجزائر ليست طرفا في النزاع، وإنما داعمة لمواقف الشعب الصحراوي ضمن الشرعية الدولية، بما يعكس ثوابت السياسة الخارجية الجزائرية القائمة على دعم الحرية والسيادة للشعوب.
رسالة واضحة للمجتمع الدولي
واختتمت بادي بالقول إن امتناع الجزائر عن التصويت يمثل رسالة سياسية ودبلوماسية واضحة إلى المجتمع الدولي، مفادها دعم الجزائر للحلول السلمية والعادلة، واعتبار القضية الصحراوية ملف تصفية استعمار وليست نزاعا اقليميا بين المغرب والبوليساريو كما يروج له البعض. وشددت على أن الأمم المتحدة ما تزال تعتبر القضية ملفا دوليا يخضع لرقابة لجنة تقصي الحقائق ومتابعة حقوق الإنسان، ما يؤكد أن الحلول يجب أن تكون ضمن إطار الشرعية الدولية، وليس عبر فرض الأمر الواقع.
في الختام ، يؤكد الصالون الدولي للكتاب في دورته الحالية أنه أكثر من مجرد معرض للكتب، فهو منصة ثقافية وحوارية تجمع الأدب والفكر والسياسة، وتتيح للجمهور فرصة الاطلاع على القضايا الكبرى التي تشغل الرأي العام.

