179
0
الكاتب غزال مراد يحاكي قضايا الواقع الثقافي الوطني بمؤلفات نوعية بين القصة و الرواية
تحريك المشهد الثقافي يفرض البحث عن سبل جديدة واستراتيجيات متطورة تعيد ترتيب الأولويات في المنظومة الثقافية من ناحية نشر الاعمال الفكرية و الترويج لها طوال السنة دون التقيد بأحداث المواسم كما هو الحال اليوم، عند انتظار الصالون الدولي للكتاب من اجل عرض بعض المنجزات المعرفية دون الحاجة لإقامة معارض أخرى حالها حال الصالون تكون متنفسا للكتاب و الهواة للإبراز ابداعاتهم و أعمالهم.
شيماء منصور بوناب
حول الحديث عن قطاع النشر والكتاب في الجزائر كان لقاؤنا بالكاتب غزال مراد، رئيس اتحاد كتاب ولاية المغير، صاحب سبعة مؤلفات في الرواية وفي القصة و الرسائل الأدبية وحتى المسرح .
من مخاض الفضول و البحث عن الذات... ولد الكاتب
وعن بدايته في عالم الكتابة، أوضح غزال أن انطلاقته في هذا المجال حالها حال أي قصة لشاب هاوي يبحث عن المعنى بفضول في زمن المعاني الغير مكتملة، التي تتضارب فيها خلجات الأنا مع الغير في ضرب من الواقع و الخيال.
وعن ذلك المخاض، يقول الكاتب " تضارب الأفكار الذاتية في نفسيتي انتج لي أول مولود أدبي ، خاطرة عنونتها ب " اسف على الازعاج " وضعت فيها مختلف المعاني والمصطلحات التي جالت بخاطري في فترة البحث عن الأنا الذي وجدته سنة 2015 " فترة اصدار كتابي الأول".
اللغة العربية و آفاق الترجمة بالجزائر
وبخصوص ميوله للكتابة باللغة العربية، أوضح انه رغم التخصص في الأدب الإنجليزي، إلا انه لم يتأثر به من ناحية التعبير الأدبي و الكتابة، التي تعد حسبه متنفسا يلقي فيه ثقل الحياة و همومها ، التي أصبحت من وجهته مصدرا آخر لعمق قلمه و ابداعه.
وعن اقرب انتاج أدبي لذاته، أشار محدثنا ، لروايته " ريغا" التي تتكلم عن مفهوم الذاكرة وتصالحها، الذي أوجد له غايته و عزز مفاهيمه بنظرة جديدة تركز على التفاني و الإخلاص في الكتابة باللغة الأقرب الى ذاته" اللغة العربية".
وأضاف" التمسنا في مسار الادب و الكتابة الجزائرية وجود عدة مؤلفات و انتاجات أدبية باللغة العربية التي أصبحت تشغل النص الكبير في المعارض و رفوف الثقافة، باعتباره اللغة الام، ناهيك عن كونها لغة القرآن الكريم".
وعلى ضوء ذلك، أشار غزال إلى أن التمسك باللغة العربية راجع لتأخرنا في الترجمة اذ لا نزال نخطو خطواتنا الأولى نحو الكتابة بالغة الإنجليزية او ترجمة المؤلفات الأجنبية لعدة اعتبارات تبقى معلقة و تنتظر الحل العاجل للنهوض بالمنظومة الفكرية و الثقافية .
ومع ذلك نلاحظ ان اللغة الصينية و اليابانية عرفت تواجد كبيرا في ابداعات الشباب مؤخرا، نظرا للاهتمام بها كثقافة جديدة تلائم فكرهم و فضولهم بعالم الانمي و الشخصيات الخيالية التي جعلت إبداعاتهم موجهة نحو الرواية و القصص المصورة بالدرجة الأولى.
وبالعودة للترجمة، شدد على أهميتها من ناحية ابراز الثقافات المشتركة و تعزيز ميادين العلوم و الفكر بإنتاجات جديدة تساهم في اثراء المنظومة الفكرية و الثقافية الوطنية، معتبرا ان النهوض بالترجمة هو أساس البناء الحضاري الراقي الذي يسمح بتحقيق التنوع الفكري.
مشيرا في ذات الصدد للخلل الذي تعيشه المنظومة الثقافية و الفكرية من ناحية تقسيم المهام و ابراز المسؤوليات التي تضع الكاتب اما عدة أدوار قد يعجز عن تقمصها فرديا، من خلال انتاج العمل الفكري ثم البحث عن دور نشر تلائم ظروفه المادية التي غالبا ما تفوق حجم توقعاته، ثم العمل على الترويج و التشهير بأعماله.
وفي ذاك الشأن، دعا الجهات المعنية لدعم و مرافقة الكتاب الجزائريين خاصة الشباب منهم من أجل مواصلة مشوارهم الإبداعي بأريحية اكبر تكون كحافز لهم للاستمرارية باحترافية و مهنية اكثر .
الترويج للثقافة الوطنية.... مسؤولية جديدة للكتاب لتعزيز المقروئية
وفي محور الترويج للثقافة الوطنية والحفاظ على الذاكرة، لفت محدثنا أن العديد من الكتاب يساهمون من محلهم في الترويج لثقافتهم بنظرة جمالية نلتمسها في المؤلفات الأدبية و الثقافية وحتى الكتب التاريخية، لكن يبقى مشكل الترويج و النشر حلقة قطع بين الاعمال و المؤلفات و بين التشهير و الترويج خارج الجزائر و داخلها أيضا في بعض الأحيان.
وبخصوص القراءة و المقروئية، قال ان الجزائر تحمل في كنفها جيل واعي بأهمية القراءة مهما كان طابعها سواء الكتب الأدبية او الروايات و التاريخ و الثقافة وحتى الكتب العلمية، وخير دليل على ذلك هو حجم التوافد البذي يشهده معرض الكتاب الدولي بالجزائر كل سنة الذي يسمح بمعرفة مدى قرب المواطن الجزائري بالكتابة .
الصعوبات و العراقيل... هل هي نقطة بداية او نهاية للأقلام المحلية؟
من جانب الصعوبات و العراقيل، أفاد الكاتب أن رسوم الطبع و النشر يبقى الحاجز العويص للعديد من الكتاب الذين يتصادمون في بدايتهم بالحواجز المادية التي تكبح طموحهم و تضعهم بين مفترق الطريق بين مواصلة المشوار بصفر دينار او بين التخلي عن احلامهم دون نشر لأعمالهم.....
ولعل هذا هو الامر الذي يقضي بمراجعة حكامة المنظومة الثقافية تساعد الكاتب الجديد في مشواره خاصة الشباب منهم الذين يحملون في ذواتهم أفكار إبداعية من شانها الارتقاء بالثقافة و الادب بمضامين جديدة تسلط الضورعلى نقاط القوة و الضعف بالمجتمع كما تضع الحلول للعديد من القضايا الراهنة التي تختلف فيها نظرة الشاب عن غيره من أصحاب الخبرة في الحياة" حسب ما أوضح ذات المتحدث".
وفي ختام لقائنا مع الكاتب ، وجه رسالة للشباب الهاوي للكتابة و الادب ، مفادها " اكتبوا فان لم تجدوا فاكتبوا بأهدابكم واظفاركم... اكتبوا بغض النظر عن ظروف الزمان و السن و العجز و الضيق .... "