196
0
الحرفية حورية معيوف تبرز أصالة المطبخ الجزائري تحت شعار " بنة أجدادي"
بحكم تداول عدة حضارات على الجزائر ،أصبح المطبخ الجزائر متنوع و ثري من حيث ما يقدمه من أطباق ووصفات جعلته كالكتاب المفتوح على العالم يشترك مع بعض المناطق ويتفرد في وصفات تميزة وتجعله في صدارة المطابخ العالمية.
شيماء منصور بوناب
وللتنقيب أكثر عن أسرار و خفايا المطبخ الجزائري اجتمعنا بالحرفية حورية معيوف شيف جزائرية ذات تكوين عصامي ، التي حدثتنا عن شغفها بالأكل التقليدي و خلفية ولوجها لعذا العالم ،وفي ذلك أفادت أن "إحياء معالم التراث الوطني من خلال الأكلات و الوصفات التقليدية هو فرصة استثنائية تسمح بعرض ثقافة الجزائر بنظرة فنية تزينها لوحات شعبية لأطباق عتيقة اعتدنا على تناولها أيام زمان حين كانت المائدة الجزائرية هي الركن الهام لاحتواء أفراد البيت الواحد متناسين ثقل الحياة و تعبها" .
الدعم الاسري .. خطوة نجاح مسبقة
وبالعودة لخلفية ولوجها لعالم الاكل التقليدي ، أشارت معيوف لكونها امرأة ماكثة في البيت تلقت أبجديات الطبخ مثل أي بنت جزائرية من الاسرة و الأم بحكم أنه من المعروف على الجزائريات الالتحاق بالمطبخ في سن صغيرة كتقليد متوارث يسمح لهن بالتدريب على اساسيات الطبخ لتكن جاهزات لخدمة بيتهن حين بلوغهن سن الزواج .
وبما أنها تلقت هذه النشأة العصامية الجزائرية ، أصبحت معيوف حسب ما افادته مؤهلة لخوض غمار المنافسات امام حرفيات من ذات المجال ومنه قالت " لطالما تلقيت المدح من اولادي و عائلتي على ما أصنعه من حلويات و مأكولات ، و هو الأمر الذي شجعني للاستمرار خارج المنزل و استعراض مهاراتي أمام الغير فكانت خطوتي الأولى عرس صديقة ابنتي التي أشرفت على وليمتها من كل النواحي وطبخت للمدعووين الذين بدورهم استحسنوا طبخي ".
وأضافت ، توالت بعدها تربصاتي و تكويناتي لأكون في مقام الشيف الجزائرية بامتياز رغبة مني في المحافظة على البصمة التقليدية للأكلات المحلية من خلال التعريف بها و إعادة احيائها اليوم، خاصة ما زالت منها و اندثرت وصفاته الحقيقية.
الأكلات التقليدية مسؤولية الجميع الحفاظ عليه و الترويج له
وأوضحت أن تقديم الأكلات التقليدية ليس مرهون بالضرورة بالمناسبات و الأعياد الدينية انما من المفروض المداومة عليها يوميا في الجلسات العادية للأسرة الجزائرية من أجل ضمان تخليدها و المحافظة عليها من الزوال و النسيان خاصة و أن جيل اليوم بات مهوسا بالأكلات الغربية التي يطلق عليها " وجبات سريعة " التي تحمل في قوامها الضرر أكثر من النفع الصحي .
ومنه فإن التوجه نحو ثقافة الأكل السريع تماشيا مع المستجدات الراهنة أصبح موجة عقيمة تضرب الهيكل الصحي للمجتمع مخلفة ضرر عميق في سلم العادات و التقاليد الجزائرية الخاصة بثقافة الاكل ، وهو ما ترتب عنه بصورة متوقعة تداعيات كثيرة أثرت في ماهية الأطباق التقليدية من ناحية التسمية أو الوصفة التي تغيرت جذريا في بعض الحالات بينما اختلفت تسميتها و شكلها في حالات أخرى .
وفي هذا الصدد لفتت معيوف أن ،ما كان شائعا في السنوات الماضية بين الاسرة الجزائرية فيما يتعلق بثقافة الأكل ، حين اعتادت نساء المحروسة البيضاء على تحضير طبق متكامل من حيث القيمة الغذائية و الكمية باعتبار ان عدد افراد الأسرة الجزائرية يفوق السبعة وهو ما يحتم تناول أطباق ثقيلة منوعة المصادر بين البروتين و الشعير و كذا الخضر مثل البركوكس الذي ذكرته الشيف على أنه طبق جزائري قديم ذو تسميات مختلفة حسب كل منطقة من التراب الوطني ، فنجد من يسميه المردود أو العيش أو الحبات مع اختلاف طريقة الطهي أيضا حسب خصوصية كل ولاية و منطقة .
الخصوصية التقليدية للأكل الجزائري ... بصمة من التراث الأصيل
وبخصوص ما يميز الأطباق الجزائرية أكدت أن الشعير هو العنصر المشترك بين العديد من الأطباق الشتوية أو الصيفية و يرجع ذلك لاحتواء الجزائر على ارض خصبة تنبت شعيرا و قمحا وهو ما جعل شعبها من بين اكثر الشعوب تناولا للعجائن و أصدق دليل على ذلك ما نصنعه في المناسبات من اطباق تقليدية ك الكسكس و التريدة و الرشتة وغيرها من الأكلات التي تعتمد على القمح في إعدادها .
يضاف إليه استخدام العديد من التوابل الصحية التي تصنعها المرأة الجزائرية بنفسها في بعض الأحيان، مع دراية تامة بالنوع والكمية اللازم استعمالها حسب كل طبق ونوع الصلصة المستعملة فيه سواء البيضاء التي نجدها في الجزائر العاصمة وضواحها أو الحمراء التي تكون في مناطق الغرب وما جاورها .
وبحكم خبرتها في مجال الطبخ في الأعراس و المناسبات نصحت معيوف النسوة الجزائرية بتفادي استعمال العديد من التوابل في طبق "الكباب العاصمي " يكفي القرفة و الفلفل الأسود و الملح من أجل الحفاظ على الطعم الأصلي للأكلة الجزائرية التي تتعرض للتغير في الذوق و حتى الشكل .
و شددت معيوف على ضرورة الابتعاد عن العصرنة المكلفة التي تلغي هوية الطبق سواء من ناحية الشكل والتزيين الخارجي أو من ناحية الوصفة باعتبار أن أي إضافة على الأكلة قد تغير من ماهيتها و ذوقها الذي اعتدنا عليه في وصفات جداتنا و أمهاتنا .
الغيرة على التراث الأصيل .... تحصين من أي تزييف أو مغالطة
في ذات الشأن كشفت محدثتنا أن ولوجها لعالم الأكلات التقليدية جعلها مسؤولة على التراث الجزائري من حيث حمايته و الحفاظ عليه خاصة و أننا نعيش في فترة كثرت فيها المضايقات الخارجية على هويتنا و التي تفرض التمسك أكثر بملكيتنا الثقافية و التراثية و الترويج لها في كل المحافل و المناسبات المحلية و الدولية .
ومن بين المبادرات التي تروج للثقافة الجزائرية و الأكلات التقليدية حدثتنا معيوف عن "بنة جدادي " التي عكفت على تنظيمها كحدث يضم النسوة الجزائريات لاستعراض مهارتهن في الطبخ التقليدي ليكون بمثابة حلقة وصل تربط جيل اليوم بجيل الأجداد من منظور جديد يبني جسر التواصل مع الشباب من خلال ثقافة الأكل .
وبالنسبة للصعوبات التي تواجه الحرفي ، نوهت لنقطة غياب التنظيم و الجهوية في اطلاق تسمية " شيف لكل هاوي " دون مراعاة ما يقدمه من حرفة مناسبة للتراث الجزائري، و بالتالي فالفوضى التي يعيشها مجال الطبخ بحاجة لتحكيم و تأطير محكم يعطي لكل فضل فضله .
وفي رسالة لها قالت "بما أن شباب اليوم بات مهووسا بالأكل السريع ، فحبذا لو نحاول تقديم بعض الأكلات التقليدية في شكل وصفة مصغرة قابلة للاستهلاك السريع حالها حال "شطائر البيرغر أو البيتزا و غيرها من اكلات الشارع التي نلاحظ انتشارها بوتيرة سريعة في مجتمعنا ".