يُعد أحمد العيمش رمزًا هامًا في الجزائر وفي العالم العربي، ينظر إليه باحترام وتقدير كبيرين لمساهماته في نشر الإسلام وتعزيز الهوية الثقافية العربية.
شروق طالب
وذلك يعود لاهم انجاز ينسب اليه هو اجتهاده في ترجمة معاني القرآن الكريم الذي ساهم في التعريف بالإسلام في الدول الأوروبية وكذا عند الناطقين باللغة الفرنسية، بجانب ترجمته لمختلف الكتب وكذا اجتهاده في مجال التأليف، بهذا يعتبر مثال للسعي وراء المعرفة والتميز والاعتزاز بالانتماء الإسلامي والعربي.
مولده ونشأته
ولد أحمد بن الحبيب العيمش في تاريخ 10 أكتوبر 1889 بقرية عين ماضي ولاية الاغواط بالجزائر، بدأ مشواره العلمي من مدرسة قرآنية حفظ فيها القرآن الكريم في سن مبكر ثم التحق بمقاعد الدراسة بمدرسة فرنسية حيث كان معروف بذكائه و تفوقه، تحصل على شهادة البكالوريا سنة 1913 وعمل مدرس في إحدى أشهر المدارس في ولاية تلمسان، وفي سنة 1916 نال العيمش شهادة ليسانس من جامعة الجزائر، وعمل بعد ذلك مدرسا بجامع وهران كما عمل ايضا مستشارا قانونيا لجمعية الأخوة الجزائرية الذي أسسها الأمير خالد، وتوفي في سنة 1959 عن عمر يناهز 70 سنة (وفي مصادر أخرى توفي في سنة 1960).
الاجتهادات في مجال ترجمة معاني القرآن الكريم
ما كان يميز العيمش هو تشبعه بالثقافة والعقيدة الإسلامية وحبه لنشر الفكر الاسلامي وكذا تمكنه من اللغة الفرنسية وهذا ما جعله يقبل على ترجمة معاني القرآن الكريم، إذ يعتبر أول من خط بيده ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية في الوطن العربي والإسلامي، والتي تصنف من بين اهم الترجمات التي يعود اليها الباحثين وعلماء المسلمين، حيث أقدم على عملية الترجمة بداية من سنة 1926 ونشر في سنة 1931 تحت عنوان القرآن المجيد LE CORAN ثم أعيد نشره في باريس عام 1984.
في عملية لم يسبقه إليها أحد والدليل على ذلك أن جميع من خاضوا العملية عبر العالم مروا واطلعوا على أعماله في الترجمة، كأمثال أحمد حبيب الله الملقب بعالم القارة الهندية الذي ترجم القرآن الكريم سنة 1957 وأبو بكر حمزة عميد مسجد باريس الذي صدرت ترجمته سنة 1979، بالإضافة إلى جاك بيرك الذي صدرت ترجمته هو الآخر سنة 1990.
الكاتب والمحامي
العيمش الكاتب والمحامي هو الجانب الآخر في مسيرته وبجانب اجتهاده في ترجمة معاني القرآن الكريم ترجم كذلك العديد من أمهات الكتب أبرزها "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" هذا الكتاب الذي يعتبر من اهم مؤلفات ابن رشد الذي يتناول مختلف مسائل الفقه الإسلامي بدءًا من العبادات مرورًا بالمعاملات وانتهاءً بأحكام الأسرة والمواريث، بالإضافة الى بيان أسباب الاختلاف بين العلماء في كل مسألة، حيث صدرت ترجمته سنة 1938و 1940 و أعيد إصدارها سنة 1999 بلبنان، كان أيضًا كاتبًا غزير الإنتاج حيث نشر العديد من المقالات والكتب حول الدين والفلسفة والتاريخ. كما كان العيمش بمثابة محاميا دافع عن حرية وأبناء وطنه إبان فترة الاستعمار الفرنسي و هذا حسب شهادات البعض ممن كان محكوم عليهم بالسجن كالمجاهد أحمد محمد لعروسي وحتى بالإعدام الذين أنقذ أعناقهم من حبل المشنقة كأمثال المجاهد عبدالقادر المرزوقي وغيره ممن أكدوا على شجاعته ودفاعه عنهم بكل شراسة داخل محاكم المستعمر، وكذا مجاهدا لبى نداء الثورة في سبيل استقلال الجزائر.
ومن بين الملتقيات التي حضر فيها اسم العيمش على غرار الاحتفاء الذي خصته به الجالية المسلمة في أوربا ” جمعية فرانس إسلام ” في مجلتها التي خصصت له عددا خاصا و نشرت ترجمته للقرآن الكريم باللغة الفرنسية ترجمة كاملة، بالإضافة إلى المؤرخ عمار بلخوجة الذي ذكره في كتابه ذاكرة مدينة، و كذا اليوم الدراسي الذي قام به الأستاذ مشري عبدالفتاح نقيب المحامين سنة 2005. بالإضافة إلى احتفالية تكريمية على شرف عائلته من تنظيم المكتبة المركزية للمطالعة العمومية مبارك الميلي ومركز الدراسات الخلدونية بولاية تيارت بمناسبة اليوم العالمي للترجمة المصادف ل 30 سبتمبر من كل سنة.