150

0

الجزائر تضع أعضاء مجلس الأمن أمام مسؤولياتهم بخصوص انتهاكات المخزن لحقوق الانسان في الأراضي الصحراوية المحتلة

 

في جلسة لمجلس الأمن، الخميس مخصصة لتجديد ولاية المينورسو، فضحت الجزائر، بعض الدول الأعضاء التي لطالما تشدقت بنصرتها للحرية والانتصار لكرامة الإنسان، من خلال تقديم تعديلين يرميان إلى معالجة مسألة الانتهاكات الصارخة، ومنذ عقود، لحقوق الشعب الصحراوي من طرف نظام المخزن.

تحرك دبلوماسي جزائري يفضح الدول الاستعمارية والمنتهكة لحقوق الإنسان، التي لم تستطع الارتقاء لمستوى المسؤولية التي تقع على عاتق كل عضو مسؤول بالأمم المتحدة، وفضلت التستر على الجرائم المغربية ضد الشعب الصحراوي المحتل ما يدعو للتساؤل حول الثمن الذي دفعه المخزن لها وما سيقدمه مستقبلا من تنازلات على حساب مصالح الشعب المغربي وحقوقه. مشروع أولي لقرار أمريكي متحيز.

بدأت المفاوضات عندما قدمت أمريكا، حاملة القلم، يوم 22 أكتوبر، مشروعها الأولي لقرار تجديد ولاية المينورسو، حيث تضمن القرار إضافات حاولت من خلالها الإشادة "بزخم" مزعوم بالملف، رآه حامل القلم لوحده، في ظل الوضع المتردي بالأراضي المحتلة مثلما يكشفه تقرير الأمين العام الأممي. وجاء الرد الجزائري مباشرة برفض هذه الإضافات جملة وتفصيلا. حيث استدلت الجزائر خلال المفاوضات بالحجج التاريخية والقانونية التي لا يمكن لأحد دحضها.

غير أن حامل القلم المتحيز قابل حجج الجزائر الدامغة بردود فارغة ومناورات إجرائية كانت تهدف إلى تضييع الوقت علما أن مشروع القرار كان مبرمجا للتصويت يوم 30 أكتوبر، أي عشية نهاية ولاية المينورسو.

لكن هذه المحاولات اصطدمت بمقاومة غير منتظرة من الجانب الجزائري الذي أظهر قدرا كبيرا من العزم وقدرة تكتيكية فائقة في التحكم في المسائل الإجرائية التي تحكم عمل مجلس الأمن. حيث، وأمام عدم جدية حامل القلم وتجاهله لشواغل الوفد الجزائري المشروعة، قام هذا الأخير، وفي خطوة غير تقليدية، بطلب جلسة مشاورات مغلقة لمجلس الأمن حول الموضوع على مستوى المندوبين الدائمين. هذه الخطوة أرغمت حامل القلم لإعادة النظر في استراتيجيته واضطرته للانخراط في مسار تفاوضي ثنائي مع الوفد الجزائري، وهو ما يفسر تأجيل جلسة التصويت في آخر لحظة. الجزائر ترافع لصالح الشرعية الدولية.

أمام هذا الوضع الذي لم يحسب له المفاوض الأمريكي، بدأت سلسلة مفاوضات ماراثونية أمريكية-جزائرية عمل خلالها الوفد الجزائري، الذي يشهد له البعيد قبل القريب نصرته للقضايا العادلة وحق الشعوب في تقرير مصيرها، على إعلاء صوت القانون الدولي ومبادئ ومقاصد الأمم المتحدة، بينما وبتواطؤ من سيد المخزن، فرنسا، حاول الوفد الأمريكي التملص من الالتزامات التي يمليها عليه موقعه كحامل للقلم. كما عملت الجزائر خلال هذه المفاوضات على نصرة الشعب الصحراوي ورفع الظلم عنه من خلال اقتراح إشارة صريحة لضرورة إدراج بند جديد يمنح ولاية للمفوضية السامية لحقوق الإنسان لمراقبة انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة، والتبليغ عنها. حيث أصرت الجزائر على هذه الإضافة كونها تستند إلى تقرير الأمين العام حول الموضوع بالإضافة إلى أن بعثة المينورسو تبقى الوحيدة من ضمن مثيلاتها في إفريقيا التي لا تتمتع بهذه الصلاحية.

حماية حقوق الإنسان وسياسة الكيل بمكيالين

في خطوة نادرة في أروقة مجلس الأمن، ومباشرة بعد وضع حامل القلم مشروع القرار باللون الأزرق، وهي الخطوة الأخيرة قبل التصويت، قدمت الجزائر باللون الأزرق كذلك مشروعي تعديلين يعرب الأول عن القلق العميق للمجلس أن مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان لم يتمكن من زيارة الصحراء الغربية للعام التاسع على التوالي، بينما ينص الثاني على قرار المجلس النظر في توسيع ولاية بعثة المينورسو لرصد انتهاكات القانون الإنساني الدولي وانتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان المرتكبة في الصحراء الغربية.

هذا التحرك الجزائري فاجئ حامل القلم وحلفائه، مرة أخرى، ووضعهم أمام خيار التصويت بالإيجاب، وهو ما يعني الاخلال بالصفقة التي أبرموها مع نظام المخزن الذي لم يزل يدفع الغالي والنفيس للتغطية على جرائمه والحفاظ على عرشه، أو عدم دعم التعديلين الجزائريين ما يفضح تناقضاتهم الصارخة وازدواجية المعايير في التعامل مع ملف حقوق الانسان.

ورغم يقين الوفد الجزائري من أن تعديلاته المقترحة لن تحظى بعدد الأصوات الكافية لاعتمادها إلا أنه أصر على المضي قدما في هذا الموقف المبدئي الثابت ووضع أعضاء المجلس أمام مسؤولياتهم التاريخية، وتسليط الضوء على بعض الممارسات المريبة والمتضادة حتى مع خطابات البعض منهم الذين يتغنون بحمايتهم ونصرتهم لحقوق الانسان. حيث كانت الجزائر وفي العديد من المناسبات قد نددت بسياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير التي بات العديد ينتهجها خدمة لمصالحه الضيقة والتي ظهرت جليا خلال هذا التصويت.

وبهذا تكون الجزائر قد بقيت وفية لمبادئها في الدفاع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وعرت العلاقات المشبوهة التي يقيمها المخزن مع بعض الدول الغربية لإنقاذ مشروعه الاستعماري ولو كلفه الأمر خيانة القضية الأم والتطبيع مع الكيان الصهيوني لإرضاء عرابي اتفاق العار، والانبطاح أمام مستعمريه السابقين ضاربا بهذا رغبات وطموح الشعب المغربي الشقيق عرض الحائط.

كما تكون الجزائر قد أبلغت رسالة قوية مفادها أنها لن تقبل أن يتم تجاهل صوتها ومشاغلها التي لا تعبر فقط عن مصالحها وإنما عن مطالب وتطلعات الدول والشعوب المضطهدة عبر العالم. 

 

 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services