احتضنت المدرسة الوطنية العليا للفلاحة بالجزائر العاصمة، اليوم الاثنين، فعاليات الورشة الدولية الأولى حول الاستشعار عن بُعد والتقنيات الجيوفضائية في الزراعة الرقمية.

شروق طالب 

 

الورشة من تنظيم مخبر الموارد الجينية والتقنات الحيوية بالشراكة مع جامعة إسبرطة التركية، وذلك في إطار تعزيز التعاون الأكاديمي وتطوير أدوات البحث العلمي في ميدان الزراعة الذكية.

 

تعاون أكاديمي لتعزيز الزراعة الرقمية

وفي كلمته الافتتاحية، أكد مدير المدرسة الوطنية العليا للفلاحة، طاريق حرطاني، أن تنظيم هذه الورشة يأتي تتويجا لشراكة استراتيجية تجمع المؤسسة بنظيرتها التركية، مبرزا أن موضوع الورشة يركز على استشراف التقنيات الحديثة لضمان تسيير فعال ومستدام للمنظومات الزراعية. 

وأضاف أن الورشة، التي تتواصل إلى غاية 28 نوفمبر 2025، تعكس الاهتمام المتزايد بالتحول الرقمي في القطاع الزراعي ومواكبة التحديات المناخية والبيئية المتسارعة.

وأوضح حرطاني أن هذه المبادرة تندرج ضمن الجهود الوطنية الهادفة إلى تطوير فلاحة علمية حديثة تدعم الأمن الغذائي وتحقق الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الإستراتيجية، لاسيما في ظل التنوع البيئي الذي يميز الجزائر بين الهضاب العليا، الشمال والصحراء.

انتقاء علمي للطلبة المشاركين

ومن جانبه، كشف مدير مخبر الموارد الجينية والتقنيات الحيوية، البروفيسور عبد القادر مرسلي، أن فكرة الورشة جاءت عقب زيارة وفد من أساتذة المدرسة لجامعة إسبرطة، حيث اطلعوا على أحدث التقنيات في مجال الزراعة الرقمية باستخدام الوسائل الجيوفضائية. 

وأوضح أنه تم فتح باب التسجيل للطلبة الباحثين، وقد تقدم 170 مترشحا، جرى اختيار 30 منهم بناءً على معايير علمية أبرزها مستوى الطالب وتوافق توجهه البحثي مع موضوع الورشة، خاصة الطلبة العاملين على مشاريع مرتبطة بالاستشعار عن بُعد.

أهمية البيانات الفضائية في الزراعة الرقمية 

وفي مداخلة له قدم الدكتور سينان دمير تحت عنوان: "من البيانات إلى القرار الذكي: قوة الاستشعار عن بعد في الزراعة الرقمية"

حيث تطرق ديمير إلى كيفية تحويل البيانات الفضائية إلى أدوات فعّالة لاتخاذ القرار في الحقول الزراعية، مؤكداً أن الرقمنة لم تعد خياراً بل ضرورة لتحقيق زراعة دقيقة وذات مردودية عالية.

التحديات البيئية للأنظمة الزراعية في المناطق شبه الجافة: الجزائر نموذجا

كما ناقش الدكتور عبد القادر لعريبي خصوصية المناخ شبه الجاف في الجزائر وما يفرضه من إكراهات على الأنظمة الزراعية، خاصة ما يتعلق بندرة المياه وتدهور التربة وعدم انتظام التساقطات.

وأوضح أن مواجهة هذه التحديات لا يمكن أن تتم بمعزل عن التقنيات الجيوفضائية، التي توفر أدوات دقيقة لرصد الموارد الطبيعية وتوجّه القرارات المتعلقة بإدارة المياه والتربة.

وأشار إلى أن اعتماد الاستشعار عن بعد والرقمنة في الزراعة يشكل مساراً أساسياً نحو تحسين الإنتاجية وبناء نماذج زراعية قادرة على الصمود في مواجهة التغيرات المناخية.

وأوضح كيف تتحول صور الأقمار الاصطناعية إلى أدوات عملية لمتابعة نمو المحاصيل، ورصد الإجهاد النباتي، وتحديد الاحتياجات المائية بدقة.

كما أبرز أهمية الخرائط الرقمية مثل خرائط خصوبة التربة وخرائط التسميد بالعناصر الأساسية والتي تعتمد على تحليل تغيرات المحاصيل داخل الحقل، مما يتيح إدارة مبنية على المعلومات بدل التقديرات.

وأشار كذلك إلى تطور المستشعرات الأرضية في الحقول، مثل مستشعرات الرطوبة والملوحة والعناصر الغذائية، مؤكداً أنها تشكل امتداداً لمنظومة الاستشعار عن بعد، وتسهم في بناء نموذج زراعي مستدام يدعم تحقيق الاكتفاء الذاتي.

تقنيات التصوير والمعلوماتية لخدمة الزراعة الرقمية

ومن جهته، قدم الأستاذ ليفنت باشاييغيت عرض شامل حول أحدث التقنيات في التصوير الجوي والفضائي ودورها في تحسين إدارة المنظومات الزراعية.

وسلط الضوء على التطور الكبير في دقة الصور ووتيرة التقاطها، الأمر الذي يسمح بمتابعة ديناميكية لنمو المحاصيل، ورصد الآفات مبكراً، وتحسين عمليات الري والتسميد.

كما تناول دور نظم المعلومات الجغرافية والتحليل الرقمي للصور في تحويل المعطيات البصرية إلى معلومات قابلة للاستغلال، مما يدعم تخطيطاً زراعياً أكثر كفاءة وذكاءً.

فرص التعاون ضمن مشاريع Erasmus+ KA171 في إسبرطة

وفي سياق متصل، سلّط الدكتور هاكان أوزان الضوء على فرص التعاون الأكاديمي والبحثي التي توفرها برامج Erasmus+ KA171 بين المؤسسات الجزائرية ونظيراتها التركية، خاصة بجامعة إسبرطة.

وأكد أن البرنامج يفتح آفاقاً واسعة للتكوين، التبادل العلمي، وإنجاز مشاريع مشتركة في مجالات البحث الزراعي، التقنيات الفضائية، والتحول الرقمي.

كما دعا إلى استثمار هذه الفرص لتعزيز القدرات العلمية للطلبة والباحثين، وبناء شراكات مستدامة بين الجامعات.