1079
0
الجمعية الوطنية الجزائرية للطب الرياضي أول جمعية متخصصة ترافق الرياضيين
حضور مميز رغم العراقيل والتحديات
في عالم الرياضة، يبحث الجمهور دائماً عن لحظات الحماس وإحراز الأهداف سواء كانوا في المدرجات أو خلف شاشات التلفزيون، لكن نادراً ما يتساءل الجمهور عن العمل الخفي وراء كل هذه الإنجازات الرياضية، ففي الدول المتقدمة، تظهر الجمعيات الرياضية الطبية كشركاء أساسيين مع المدربين والفرق الرياضية، ولكن ما هو دورها بالضبط ؟ وهو ما يستدعي منا الوقوف على الجوانب الغير ظاهرة من عالم الرياضة.
مريم بوطرة
في حديثنا مع هشام علام دكتور جراح _الجراحة العامة _متحصل على عدة شهادات دولية في اختصاص الطب الرياضي، رئيس الجمعية الوطنية الجزائرية للطب الرياضي، حاولنا استكشاف دور هذه الجمعية في دعم وتطوير الرياضيين نحو تحقيق أداء رياضي عالي المستوى، وبالمناسبة أشاد بالجهود المشتركة بين الجمعية والمتخصصين في المجال الرياضي والطبي لتقديم الدعم اللازم والإرشادات العلمية للرياضيين.
تأسيس الجمعية الوطنية الجزائرية للطب الرياضي
وعن التأسيس أشار إلى أن أفراد المجتمع الرياضي والطبي في الجزائر كانوا بحاجة ماسة إلى منصة تجمعهم وتسهِّل التعاون بينهم في مجال الطب الرياضي و بسبب النقص الحاد في الرعاية الطبية والوقائية والعلاجية للإصابات الرياضية والأمراض المزمنة، وتزايد ظاهرة التوقف المبكر للرياضيين الجزائريين وانخفاض معدل المشاركة الرياضية ظهرت فكرة إنشاء الجمعية الوطنية الجزائرية للطب الرياضي.
ومع ذلك يقول ذات المسؤول أن الجمعية كمشروع جاءت في وقت متأخر نسبياً مقارنة بالدول العربية والأوروبية التي سبقتنا في تقديم الرعاية والتطوير في مجال الطب الرياضي وعليه تسعى الجمعية الجزائرية للطب الرياضي إلى العمل على تدارك الركود والتأخر من خلال تطبيق أحدث الممارسات والتقنيات في الرعاية الطبية للرياضيين وتعزيز الوعي بأهمية الصحة الرياضية في المجتمع.
و بناءً على هذا الاحتياج، تم تأسيس الجمعية الوطنية الجزائرية للطب الرياضي في يوم الرابع عشر من شهر فبراير عام 2019، ولا تزال ولاية سعيدة هي الموطن الرمزي لهذه البداية التاريخية، حيث تم اختيارها كموقع للمقر الرئيسي للجمعية.
بفضل دعم العديد من الكفاءات الجامعية والأطباء المختصين والرياضيين مثل اللاعب الدولي السابق سيد سعيد عمارة عضو جبهة التحرير الوطني والمدربين والأساتذة الجامعيين وممثلي المجتمع المدني، تمكنت الجمعية من وضع مكان لها وسط الرياضين واليوم، تضم الجمعية 22 لجنة ولائية و 48 مكتباً ولائياً، مما يعكس توجهها الواسع نحو تحقيق أهدافها المتعلقة بتطوير وتنشيط النشاطات العلمية والرياضية على مختلف المستويات داخل البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، قال علام تسعى الجمعية إلى تحقيق الأهداف السامية للممارسة الرياضية من خلال التركيز على التحديات الأخلاقية في اتخاذ القرارات الطبية وتقديم الرعاية الطبية للرياضيين كما تقدم دعماً شاملاً لهؤلاء الرياضيين باستخدام أحدث الدلائل والبحوث العلمية في مجال الطب الرياضي، مما يجعلها شريكاً مهماً ومسانداً قوياً لكل من يسعى لتحقيق نجاحات رياضية باهرة.
أهداف وتطلعات
وبالحديث عن أهداف الجمعية أكد رئيسها أنها تشمل تنظيم أيام دراسية وملتقيات وطنية ودولية، والمشاركة الفعالة في إنجاحها بالتعاون مع الجامعات الجزائرية والعربية، كما تسعى الجمعية لإقامة ندوات علمية حضورية وافتراضية حول الممارسة الرياضية والصحة، وتقديم أيام تكوينية حول الطب الرياضي وإعادة التأهيل للفرق والأندية بالشراكة مع وزارتي الصحة والشباب والرياضة.
تشمل الأهداف أيضًا حسب ذات المتحدث تربصات ودورات تكوينية في الإسعافات الأولية والعلاج الطبيعي، والمرافقة الدائمة للاتحاديات الجزائرية ومساعدتهم في وضع خطط العمل السنوية في مجال الرعاية الصحية.
وتسعى الجمعية أيضًا إلى المشاركة في تنظيم التظاهرات الرياضية الوطنية والدولية بالتنسيق مع اللجنة الأولمبية ووزارة الشباب والرياضة، ووضع برامج للوقاية من الإصابات الرياضية، والمساهمة في نشر الوعي الصحي في المجتمع بالإضافة إلى مرافقة الرياضيين القدماء المصابين بأمراض مزمنة والتخفيف عنهم والقيام بزيارات للمستشفيات .
بالنسبة لتطلعات الجمعية، شدد علام على عقد أكبر عدد ممكن من الملتقيات الوطنية والدولية، بحثًا عن تكوين وبحث عن إعطاء ديناميكية جديدة في المكاتب الولائية، والتنسيق مع الأندية الرياضية ووزارة الشباب والرياضة.
ومن خلال البرمجة والأهداف المسطرة تتطلع الجمعية إلى تحقيق تغطية شاملة لجميع الولايات في مجالات التحسيس والوقاية والتوجيه والعلاج، بهدف القضاء على المشاكل الصحية التي تعيق تطور الرياضة الجزائرية.
كما تتطلع الجمعية أيضًا إلى تحسين صورة الجزائر أمام الدول العربية والأجنبية، ووضع استراتيجيات حديثة تجعلها نموذجية في مجال الرعاية الصحية للرياضيين.
واقع الطب الرياضي في الجزائر
رياضيو المستوى العالي في حاجة ماسة للرعاية الطبية الرياضية، حسبما أكد حسام بوبلوط، مدرب الكاراتيه بولاية جيجل والمكلف بالتنظيم والإعلام على مستوى الجمعية حيث يرى بوبلوط أنه من الضروري توفير الرعاية الصحية اللازمة للرياضيين في جميع التخصصات.
يضيف بوبلوط قائلاً: "مع التطور المذهل في وسائل المتابعة والمراقبة الطبية، يجب توفير الوسائل اللازمة لحماية صحة الرياضيين من كل الأمراض، خاصة ما يتعلق بالجهاز المناعي نتيجة المجهودات البدنية عالية الشدة" مشيرا إلى غياب أخصائيين التغذية والعلاج الطبيعي، مع التأكيد على أهمية توفير أجهزة الطب الرياضي لتحسين الأداء وتقليل المخاطر.
بالإضافة إلى ذلك، يشدد بوبلوط على ضرورة مراجعة سياسة الرعاية الطبية لرياضيي النخبة بعد النتائج المحققة في أولمبياد طوكيو، مع التركيز على توسيع التغطية الطبية لكافة الاتحاديات والرابطات، ويختتم بوبلوط بالتأكيد على أن غياب المراقبة والمتابعة الطبية الدورية للرياضيين، بما في ذلك إعادة التأهيل الوظيفي والفحوصات الطبية، يعد أكبر عائق أمام الاستراتيجية الوطنية لتطوير الرياضة الجزائرية.
تحديات اليوم وآفاق الغد
و بعد خمس سنوات من تأسيسها، تواجه الجمعية تحديات جسيمة تعيق قدرتها على تحقيق أهدافها الطموحة، من بين هذه التحديات، يبرز عدم توفر تمويل من الوزارة الوصية، الأمر الذي يعيق قدرتها على أداء دورها بالشكل المطلوب، هذا ما أفاد به رئيس الجمعية، هشام علام، الذي أكد على أهمية التمويل لتحقيق قفزة نوعية للجمعية، ولتمكينها من تأطير مجال الطب الرياضي في النوادي الرياضية.
بالإضافة إلى ذلك، أشار علام إلى صعوبات في تحقيق التنسيق المثالي مع وزارة الشباب والرياضة لإدماج جوانب الرعاية الطبية في الملاعب الرياضية، مشيرًا إلى وجود جناح طبي في بعض الملاعب، إلا أنه غالبًا ما يكون مغلقًا أو غير مستغل بالشكل المطلوب ولذلك، يطالب علام بالحصول على الفرصة لتحقيق تواجدهم وتقديم خدماتهم في المجال الطبي في الملاعب بالتنسيق مع الجهات المعنية.
من جانب آخر، يعمل علام وفريق الجمعية على تنظيم محكم لمجلة الطب الرياضي، بهدف توفير مصدر معتمد وموثوق به للمناصرين والأندية الرياضية، وهذا يأتي ضمن رؤية الجمعية لتكون حاضرة وفعالة في الميدان الرياضي، وتحقيق تأثير إيجابي على المجتمع الرياضي.
بالإضافة إلى ذلك، أفاد علام بأنه لا يوجد عتاد طبي في الجمعية، وهذا يرتبط أيضًا بعدم توفر التمويل الكافي، وبالنسبة للأطباء، فهم يعملون كمتطوعين، على الرغم من ذلك، قامت الجمعية بالتنسيق مع ولاية جيجل بقافلة طبية، حيث تم فحص ما يقرب من 200 رياضي وتشخيص عدة إصابات رياضية،وتم توجيه المصابين إلى اللجنة الوطنية للجراحة العظام، حيث قاموا بإجراء عمليات جراحية في ولاية وهران.
ومع ذلك، تواجه الجمعية تحديات أخرى و تطالب وزارة الشباب والرياضة بالتدخل لإنصاف الجمعية ومنحها المكانة التي تستحقها كجمعية وطنية، وتطالب بأن تكون لها دور فعال ومشاركة في الجمعية العامة للجنة الأولمبية، حيث تعتبر الجمعية الوحيدة المختصة في الطب الرياضي على المستوى الوطني، وترى أن لها الحق في الانضمام إلى اللجان الأولمبية والاتحادات الرياضية بصفة عامة.
وفيما يتعلق بانخراط الرياضيين، أوضح رئيس الجمعية أنها تضم لجنة صحية مخصصة للاعبين من المستوى العالي، وكانت هذه اللجنة تترأسها الوزيرة السابقة وبطلة الجيدو الرياضية، سليمة سواكري، وفي الوقت الحالي، تترأس اللجنة المصارعة الجزائرية كاميليا حاج سعيد، التي تعتبر بطلة عالمية في الكاراتي.
في كلمته الأخيرة، توجه هشام علام ، بالشكر لبركة نيوز على حضورهم وتغطيتهم لأنشطة الجمعية ،كما أثنى على الدور الذي تقوم به الصحافة في نقل الأحداث والمبادرات الهامة على مدى الخمس سنوات الماضية وأعرب عن التزامه الراسخ بدعم الرياضيين وتحسين واقعهم، ويشجع على تعزيز الوعي الصحي والاستفادة من الخدمات الطبية المتاحة.