120
0
الأنظمة العربية ومواجهة عنجهية إسرائيل
الخوف من هزيمة جيوش بدون روح؟ !..

بقلم مسعود قادري
أمام الوضع المأساوي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة والقطاع والصمت الرهيب للأنظمة العربية المطبعة والمؤيدة للخطة الصهيونية الأميركية بإبادة سكان غزة أو ترحيلهم قهرا وقصرا خارج أرضهم وأرض أجدادهم وأسلافهم منذ القدم بالدليل التاريخي والحجة الدامغة .. أمام هذا التخاذل العربي الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الأمة التي لم ترضخ عبر العصور للمساومات والإهانات والاعتداءات مهما كان مصدرها وحجمها ،فكانت جيوشها الباسلة تردالصاع صاعين لكل من سولت له نفس المس بكرامة أمة مسلمة في أي رقعة من أرض الدولة الواسعة ..
والتاريخ شاهد على مانقول قديما وحديثا وحتى عهد الخلافة العثمانية التي ولدت قوتها الرعب في قلوب النصارى واليهود عبر أوروبا كلها ..و...و
أمام كل هذا يطرح سؤال هام : مالذي أصاب حكام الأمة فركعوا واستهانو وتمسكوا بالكراسي على حساب حقوق الأمة وقيمها ؟.. هل نسوا الله فأنساهم أنفسهم ..؟ وخضعوا لأمريكا وقوتها العسكرية والمالية أكثر من خضوعهم لله خالق الكون ورب السماوات الأرض، ناسين أن ما تسخره أمريكا وحلفاؤها لحمايتهم ماهو إلا حماية لمصالحها في المشرق وضمان أمن الكيان الصهيوني العنصري وهل سينفعهم هذا الشريك يوم الوقوف أمام الله وينجيهم من ولائهم لأعدائه وأعداء امة الإسلام والوقوف ضد أصحاب الأرض الحقيقيين الذين يتعرضون لإبادة مخططة و ممنهجة من أمريكا والغرب عامة ،ممولة بأموال خليجية ومنفذة بأيد يهودية ملطخة بالدماء مجندة بعقيدة حاقدة على الإسلام والمسلمين منذ الفجر الأول لظهور هذه الرسالة .
هل الجيوش العربية مستعدة للمواجهة ..؟
قادة إسرائيل ومن وراءهم من الاستراتيجيين الغرب متيقنون بأن مايقومون به من إبادة لأهل الأرض في غزة وفلسطين عامة هو من صميم عقيدتهم ـ يهودا ونصارا وبوذيين ـ ،ولديهم القناعة الراسخة بأن الجيوش الأنظمة العربية التي هي من صنعهم وتربيتهم لم تبق لها ذرة من الروح الإيمانية الجهادية الصادقة التي كان تتمتع بها الجيوش الإسلامية في عهد الفتوحات والانتصارات القديمة وحتى في عهد الثورات التحريرية الحديثة ..
فلو أحست إسرائيل ومن وراءها لحظة واحدة، بان هناك ضمائر حية بين قادة الجيوش المحيطة بهم ما خاطروا ولو للحظة واحدة في القيام بالصور التدميرية البشعة التي يقومون بها يوميا ضد الشعب الفلسطيني المهدد بالإبادة والتجويع والتشريد ..؟ بكل السبل والطرق و بالترحيل قصرا من أرضه ليخلو الجو للصهاينة ومن وراءهم من الغرب و اليهود العرب المحيطين بفلسطين أو المنتشرين في غيرها من الأقطار التي تهود قادتها ونسوا أصلهم ـ أو على الأقل موقعهم الجغرافي ـ لأن الأصل قد يكون غير عربي من الأساس..؟ ! ـ وأظهروا ولاءهم للمحتل ومعاداتهم لأهل البلد المدافعين عن أرٍضهم المخذولين من إخوانهم في الداخل أولا وجيرانهم في المحيط القريب بالخصوص..
لقد إطمأن قادة الصهاينة منذ سبعينات القرن الماضي وبعد أن نجحوا في تصفية كل الزعماء الذين كانت فيهم نخوة العروبة والإسلام والرغبة في الجهاد لتحرير الأرض المقدسة، أن الجيوش العربية لم تعد لها قيادات قادرة على إعدادها عقائديا ونفسيا لحرب الصهاينة..؟ . فكل القادة الحاليين هم إما خريجو المدارس الغربية التي أعادت برمجة عقولهم وفق مصالحها وما تعتبره استراتيجيات حديثة لمواجهة أعداء وهميين هم في منظور معديهم ـ مايصنفونه إرهابا ، واولهم شعب البلد بالدرجة الأولى وكل من يقف في وجه الحكام بكلمة حق أو يحاول التفكير في الدعوة إلى الوحدة الإسلامية التي تعيد التوازن للأرض والانسان.. وإما أن القادة العسكريين الحاليين هم خريجو المدارس السوفياتية الملحدة التي تلغي من عقولهم كل ماله علاقة بالعقيدة الإسلامية بالخصوص ـ الشيوعية من صنع اليهود لضرب الإسلام بالدرجة الأولى ..؟ـ وتزودهم بأفكار عسكرية لا علاقة لها بالروح والجهاد في سبيل الله دفاعا عن الأمة والقيم .
هذا الدور كما نلاحظ مكمل للدور الغربي من الناحية الجوهرية ، فالروس وغيرهم من الملحدين لاتربطهم بالعرب غير مصالح مادية عابرة بإمكانهم تعويضها من جهة أخرى بدلا من التمكين لتحرير القدس من عصابة تل أبيب التي كانت تتزود بالعتاد من الغرب وبالخبراء والطيارين والمقاتلين من يهود الاتحاد السوفياتي سابقا..؟ !.
بين النوع الأول والثاني من القادة العسكريين والسياسيين العرب، اجتهد الجميع في إبعاد الجندي العربي المسلم عن عقيدته وتجرأ بعضهم ـ مغالاة في الإلحاد وكسبا لود الغرب ـ على منع الجنود من أداء شعائرهم الدينية في الثكنات ومعاقبة كل من تبدوعليه علامات الاستقامة والالتزام الديني ، اعتقادا من هؤلاء القادة الذي اهتموا بمصالحهم المادية الكبيرة ومشاريعهم الكثيرة على حساب تكوين الرجال الذين يحبون الموت في سبيل الله و القيم والوطن كما يحب غيرهم الحياة وهم الذين يكون النصر حليفهم في كل الأحوال وهم الذين يخيفون أمريكا وإسرائيل وليس العدد والعتاد الحديث الذي تتساوى فيها كل الجيوش ولا فضل فيها لأحد على الآخر في غياب الدافع الروحي، إلا بحسن استعمال العتاد وتنفيذ الخطط الحربية المناسبة للمعركة ... وهنا تكون القوة هي الفاصلة ..
نماذج من فشل الجيوش العربية في المواجهة .. !؟
عقب حرب رمضان 1973 التي سجلت فيها الجيوش العربية انتصارا أوليا أعاد لها شيئا من الاعتبار قبل أن تنقلب عليها الطاولة ويتحول النصر إلى هزيمة غير منتظرة أعادت الثقة لحكام الكيان الذين عاشوا زمنا على نشوة انتصار عابر في معركة على جيوش عربية قتلها الغرور والتعداد في حرب جوان1967 التي أعدت لها الهياكل والأبدان دون الأرواح فكانت حربا لا عقيدة لها إلا عند بعض الجنود الضعفاء .
فدمرت الهياكل وهزمت الأبدان وخرت دمى الضباط التي كسبت الألقاب والنياشين والرتب بالنوم والخديعة وقهر المساكين والمظلومين من أبناء الأمة الرافضين للتخلي عن قيمهم لحساب تفاهات غربية شيطانية ..
ومع أن ألأنظمة الملكية والجمهورية في المشرق والمغرب تسابقت للتسلح واكتساب أكثر الوسائل فتكا وقوة حتى عند بعض الدول التي تنام على كنوز وهبها الله لها لخدمة الأمة فسخرتها لتطوير قدراتها العسكرية، مصوبة سلاحه لخدمة الصهاينة بالنيابة في حروب تدميرية لقدرات الدول العربية وتشتيت شعوبها كما فعلت إحدى دول الخليج التي عجزت عن استعادة بعض جزرها من جارة قوية، فحولت سلاحها لتدمير شقيقاتها " الظاهرات ( ليبيا ،السودان ،العراق وسوريا ومازال برنامجها مفتوحا للمساهمة في تحقيق حلم إسرائيل الكبرى وتحقيق مآرب حامي حمى الديار ) أمريكا لترضى عنهم مقابل خزائن من المال تذهب مباشرة لتقوية أمريكا وإسرائيل في المنطقة .. حتى لايستطيع أي مسلم أن عربي حر من أن يرفع رأسه أمام عصابة وشرذمة من اليهود لاعلاقة لها بالإنسانية ..؟
لمن تتسلح الجيوش العربية..؟
تتسابق الجيوش العربية منذ إنشاء دولها ودويلاتها منذ خمسينات وستينات القرن الماضي وقبلها بالنسبة لبعض المملكات التي ركبتها أنجلترا ـ المخطط الأول الذي قضى حياته في حرب الإسلام بكل الوسائل والطرق ـ هذا التسابق نحو التسليح المتطور جدا والمواكب لكل الاختراعات المدرمة ، كان في البداية يبدو من أجل المساهمة فيما يسمى بالمجهود الحربي للأمة ، لكن مع الزمن ، استعملت هذه التجهيزات لمساعدة أمريكا وإسرائيل في تدمير الجيران المعارضين لسياسة الغرب عامة وأمريكا بالخصوص .. التلسح بالطبع ليس لمواجهة إسرائيل أو الدفاع عن مصير الأمة والشعب لكن لضرب أقرب المقربين من العرب بعد الدسائس والمؤامرات التي تحيكها المخابرات الغربية وفي مقدمتها الصهيونية ليستقر لها الأوضاع في المنطقة بعد أن تضعف دولتين في المحيط ترتاح من هما لفترة على الأقل .
( الحرب العراقية الإيرانية كمثال والتي دارت دوائرها فيما بعد على العراق الشقيق بتواطؤ من جيرانه الذين ساندوه في بداية المواجهة مع إيران ثم انقلبوا عليه ودمروه تدميرا لن يرفع رأسه بعد ذلك ويتطاول على إسرائيل وأمريكا كالسابق ..
دول عربية أخرى، لم تكن في حاجة إلى التسلح الكبير لقلة ساكنتها وظروفها المادية ووضعها السياسي الاسترايجي الذي يجعلها في منأى عن أي اعتداء خاصة بعد أن أحاطت نفسها بقواعد أمريكية تحميها بمقابل سخي جدا .. لكن منهم من استغلت ثراءها في تدمير شقيقاتها بما جلبته من أسلحة وما سخرته من مرتزقة وأموال ..مايجري في السودان وليبيا وما تدبر له عبر تورطها في تدعيم الجماعات الإرهابية في الساحل الإفريقي ، أكبر دليل على العمالة لإسرائيل والخيانة للأمة التي تدعي الانتساب إليها جغرافيا وبدنيا وتتمتع بتقتيل شعوبها ..
لقد تسابقت أغلب الدول العربية على احتلال المراتب الأولى عربيا وقاريا في اقتناء أغلى الأسلحة وأكثرها فتكا وأكثرها غنى لصانعي وتجار الأسلحة ، بل يفتخر جيش عربي بأنه سيتمكن قريبا من صنع طائرات حربية قوية ، لمواجهة من ؟.. ، وهل توافق أمريكا وربيبتها على هذه الفكرة التي يتخوفون من مستقبلها ، لأن أعمار الخونة والمطبعين ليست أبدية . !؟.. لكن مع ذلك فإن قادة البلد الذي يتغني بقوة جيشه عددا وعدة ويتفاخر بالمشروع هم أول من تنازل عن القضية الأساسية للأمة وباعها بمناصب زائلة ووعود كاذبة ومساعدات شحيحة زادت من فقر الشعب وتبعيته للخارج حتى في لقمة عيشه .
لكن نظامه الذي قام على دماء الأبرياء والمخلصين يتباهى بالوقوف بسلاحه الجوي والبري والبحري مع قوات التحالف الغربية لتدمير بلدان عربية؟؟ ..
عجيب امر التفكير السخيف لبعض القادة العرب الذين أعماهم الله البصائر فربطوا مصير دولهم وشعوبهم بمصير أعدائهم الذين لن يطيل الله في أعمارهم أكثرا مما يعتقدون لأنهم طغوا وتجبروا وتألوا على الله وبالغوا في الظلم والفساد والله يمهل الظالم حتى إذا أمسكه لم يفلته .. والله لايحب الفساد ولا المفسدين .. للحديث بقية إن شاء الله...