1523
0
العلامة عبد الرحمان الجيلالي...رجل الوعي والإصلاح
ولد الشيخ العلامة عبد الرحمان الجيلالي ببولوغين بالجزائر العاصمة في 9 فبراير 1908 م يعتبر فقيه وعلم ومؤرخ و أديب ومفكر جزائري، يعود نسبه الى الشجرة القادرية وفروعها الاشراف القاطنين بسهول متيجة، حفظ القران ودرس اللغة العربية والآدب والفقه وعلم الكلمات من طرف علماء الجزائر كالشيخ "المولود الزريبي الازهري" الذي كان مصلحا ثائرا وعبد الحليم بن سيامة ومحمد بن ابي شنب،وتخرج من الأزهر، و وعاد للجزائر ليدعوا إلى النهضة والإصلاح، كما تعلم اللغة الفرنسية بمفرده.
نزيهة سعودي
اعتماده على نهج الإصلاح الديني
اشتغل الشيخ والمفكر الجزائري الشيخ عبد الرحمان الجيلالي عدة وظائف دينية في شبابه كمجود للقران في بعض المساجد بالعاصمة، كما عمل أستاذ بمدرسة الشبيبة الإسلامية الى جانب عدد من قادة الإصلاح، حيث تخرجت من هذه المدرسة العريقة العديد من رجال الثقافة والسياسة.
درس الجيلالي في المسجد الكبير والجديد ومسجد سيدي رمضان والسفير وفي مدرسة الإحساس والهداية وألف المخطوطة وفنون الطلاسم والربقع المجيب والحضارة الإسلامية، كان له مساهمات في تأسيس جمعية الهداية الإسلامية بحي العناصر في 1934 لتعليم القران واللغة العربية، وانخرط في الجمعية الإسلامية لمقاومة الكحول، أشرف على العديد من المحاضرات في النوادي والمساجد حول " مخاطر الخمر" واعتمد على المراجع الدينية والبحوث الحديثة في الطب والاجتماع.
اهتمامه بمجال الاعلام
التحق الشيخ الجيلالي بالقسم العربي لإذاعة الجزائر وارتبط بها لمدة طويلة لإدراكه مدى قيمة الإعلام قدم فيها برامجه المجيبة على تساؤلات المستمعين الدينية فاشتهر برنامجه "لكل سؤال جواب" الذي ركز فيه على مفاخر التاريخ القومي الإسلامي، وكذا برنامجه المسمى " رأي الدين في أسئلة المستمعين".
لعب دور كبير في توعية الناس بحكم اعتماده على نهج الإصلاح الديني، وجد الجمهور في مضمونه الإجابات الشافية بفضل هذا البرنامج الديني عرف المستمعين بأسلوب شيق راق على أحكامه السامية وساهم في ترسيخ الأصالة والشخصية الوطنية، كما يحتفظ أرشيف الإذاعة الى اليوم بكمية هائلة من تسجيلات تلك البرامج التي قدمها.
وفاة العالم عبد الرحمان الجيلالي:
توفي الشيخ عبد الرحمان الجيلالي عن عمر ناهز 103 سنة، بعد تعرضه لمرض مفاجئ نقل إثره الى مستشفى عين طاية وشيعت جنازته في مقبرة سيدي امحمد بالجزائر العاصمة يوم 12 نوفمبر 2010 الموافق ل 6 ذي الحجة 1431ه، تاركا وراءه اثار مهمة في فنون مختلفة كونه يعتبر من اهم المراجع الدينية في الجزائر.
انتاجه لعشرات الاعمال
ترك الشيخ الجيلالي آثارا مهمة في فنون مختلفة، أهمها كتابه المرجع "تاريخ الجزائر العام" الذي انتهى من تأليفه عام 1955، ويشمل عرضا وافيا مفصلا لتاريخ القطر الجزائري في جميع أطواره ويحتوي الكتاب على جملة من الخرائط التاريخية الهامة ولوحات مصورة، وله أيضا كتاب "تاريخ المدن الثلاث: الجزائر، المدية، مليانة" وكتاب "ابن خلدون في الجزائر"، وله مئات المقالات التي نشرها في عدة صحف ومجلات وطنية مثل "الشعب الثقافي"، ومجلة "الأصالة" وعدد من الصحف العربية.
بصمات بادية في كل ميدان
رصيد الشيخ الجيلالي زاخر من النشاط العلمي والديني، وأعماله جعلته يتحصل على أوسمة استحقاق من مؤسسات علمية متخصصة. كما ساهم في تأسيس مجلة "الأصالة" الصادرة عن المجلس الإسلامي الأعلى، وقدم محاضرات في 14 طبعة من مؤتمر الفكر الإسلامي، وقد كان عضوا فعالا في الديوان الوطني لحقوق التأليف. وحاز عضوية المجلس الإسلامي الأعلى بعد الاستقلال في لجنة الفتوى التي كان يشرف عليها الشيخ أحمد حماني.
وقد كرمت جامعة الجزائر الشيخ عبد الرحمن الجيلالي بمنحه شهادة دكتوراه فخرية بتوصية من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حسب ما جاء في برنامج بثه التلفزيون الجزائري بعد وفاته.
من أقوال :
قالَ الشْيْخُ الجيلالي مُعرِّفا التّاريخ :
"... فهوَ علمٌ تُعرف به أحْوالُ الماضيين من الأمَم الخاليَةِ، منْ حيثُ معيشتهمْ وسيرتُّهم ولغتهم وعاداتهم ونظُمُهم وسياستُهم واعتقاداتُـهمْ وآدابُهم، حتّى يتِمّ بذلك أسْبابُ الرّقِيِّ والانْحطاطِ ، في كلِّ أُمّةٍ وجيل. فهو يتطلّبُ الإحاطةَ بتطوُّرِ الإنسان في المجْتمع خلالَ جميعِ العُصورِ وفي سائر البلاد. ومادّتُه أيْ العناصرُ الوجوديّةُ الضروريّةُ التي يتكوّنُ منها كثيرة متنوِّعة، أهمُّها الآثارُ القديمة من الأبْنيَةِ والهياكِل والأحْجار المنقوشةِ والمسْكوكاتِ المضْروبةِ والملابس والأزْياءِ والأدواتِ المنْزليّةِ، وغيْرِها منْ كلِّ ما هو منْ نوعِها مثل التّقاليد والعادات والأخبار والحوادِثِ المَرْويّةِ والدّواوين المجْموعةِ والوثائقِ الخطّيّةِ ، وكلّ ما تناقلَهُ الخلفُ عن السّلفِ، مُشافهةً أو مُشاهدةً، مع حُسْنِ نظرٍ وتثبُّتٍ، كما قال ابْنُ خلدون : يفْضيان بصاحبِهما إلى الحقِّ ، و ينكـُبان بهِ عن الزّلاّتِ والمَغالِط " .
ومِمّا جاءَ في كتابِهِ عنْ أوْصافِ البرْبر، قوْلُهُ:
" يمتازُ البربَري الأهْلي الجزائري عنْ عُموم البرْبرِ بأنّهُ مُسْتطيلُ الدّماغ، مُعتدلُ القامةِ والوجهِ، بارزُ الخدّيْن، غيْرُ ناتئِ العينيْن، أسْودِهما، متوسِّطُ العرْض، واسعُ الفم، عريضُ الصّدْر والأكتافِ، ضيّْقُ الخصْر، أسْودُ الشّعْر، أسْمرُ البشْرة، قويُّ البنْيَة، وهناك صنْفٌ أشقرُ أزْرقُ العينيْن، مع رقّةٍ في الأنفِ والشّفتيْن، مُسطّـَّحُ الجبْهة. وهذا الصّنفُ هو أقدَمُ العُنصُر البرْبري بهذه البلاد، وتوجدُ منه قِلّةٌ بجبال جرْجرة والأوْراس وريفِ المغرب الأقْصى. وهو بجبال الأوراسِ أكثرُ منه في سائر بلادِ البربر ".
وفي تعريفِهِ لمشاهير أعْلام الجزائر، يقولُ الشيْخ الجيلالي عن القائد والمَلِك ماسِنيسا:
" هو منْ أشهَرِ مُلوكِ البربر الجزائريّينَ البارزين، ومنْ أعظمِ زُعمائِهم على الإطْلاق... نشأ ماسينيسا هذا مُحبّا لوطنِه غيورًا عليْه مُدافِعا عنه، وقدْ شارك في مُحاربةِ خصْم والدِه ومُنافسِه الملِك صيفاقس"، أكبرِ رئيسٍ عرفه التّاريخُ نوميديا الغربيّة، وسِنُّهُ حينذاك لم يتجاوزْ سبْعَ عشْرة سنة