240
0
المقدسي أحمد الشويكي.. قصة أقدم طفل أسير تحرر بأعجوبة من جحيم السجون الصهيونية

زج به في زنزانة الموت البطيء ومورست عليه أقسى ألوان التعذيب الوحشية التي يمكنها أن تصيب طفلا في عمره الوردي بالجنون أو تودي به إلى الموت فزعا من الخوف وفرط الألم، إنه الأسير المقدسي المحرر أحمد الشويكي الذي وقع في شباك آلة الاستيطان الصهيونية المجردة من الرحمة والانسانية، فكتمت صرخة الحرية في جوفه، بعد أن حبست أنفاسه ومزقت نصف سنوات حياته داخل جحيم سجونها التي تلفح من يدخلها بجمر لهيبها وجسده الهزيل تخترقه أربع رصاصات قاتلة، ويمكن اختصار أسر أحمد في عبارة أن الاحتلال لا يلتهم الأرض وحدها بل كذلك أعمار البشر.
فضيلة بودريش
أحمد الشويكي، البطل الصغير الذي كبر بين أربعة جدران مصار من جميع حقوقه، عاد لعائلته بعد 20 عاما من الأسر والقهر والتعذيب والتنكيل النفسي والجسدي، حيث مازالت تطارده بشاعة هواجس الاعتقال وشراسة سجانه الصهيوني الحاقد، ومازال يستذكر بمرارة وأسى كيف انتزع منه حقه في الحياة واتهم من طرف المعتديين بجرم دفاعه عن أرضه المغتصبة، ولم تشفع له طفولته في العودة إلى أحضان والدته ومقعده المدرسي، كان يعتقد ببراءة بأنه بعد ستة أشهر من الاعتقال سينزع منه القيد، لكن الاحتلال لا يفوت فرصة حتى يتفنن في تنفيذ جرائمه على الضعفاء.
عينان مفتوحتان
قصة أحمد الشويكي يمكن أن تحرك الضمائر الحية في العالم وتدفع الأصوات المدافعة عن حقوق الإنسان لدعوة الرأي العالمي لاستنكار الجريمة النكراء التي ارتكبت في حق طفل صغير بل المئات من الآلاف من الأطفال الفلسطينيين، لكنه صمد كثيرا، حتى خرج من عنق زجاجة السجن بأعجوبة ليروي تفاصيل مروعة وشديدة المرارة.
تحدث عن لحظة الاعتقال المزعزعة، عندما كان يبلغ 14 ربيعا، حيث كان بصحبة رفيق دربه الذي استشهد أمامه، بعد أن نفذ في عام 2002 مع 5 فلسطينيين قاصرين عملية إطلاق نار، قتل على إثرها مستوطن وجرح اثنان آخران.
ويومها تحركت الآلة الحربية الاستدمارية الصهيوينة لتحرق الأخضر واليابس حيث قامت “الطائرات المروحية، وعشرات العناصر من القوات الخاصة بتطويق المنطقة وبعد 6 دقائق من تنفيذ العملية استشهد رفيق دربه سامر، بينما أصيب أحمد بأربع رصاصات على مستوى يده اليمنى، وبدا مقتنعا بان سامر أصيب ولم يمت لأن عيناه ظلتا مفتوحتين.
ممنوع من الاستحمام..!
في البداية ألقي به داخل الزنزانة الانفرادية بمركز تحقيق المسكوبية التي نقل إليها بعد خضوعه لعمليات جراحية على مستوى يده اليمنى، لاستخراج الرصاصات وتجبيرها بسبب إصابته بثلاثة كسور. وظل طيلة 18 يوما ممنوع عن الاستحمام تنبعث منه روائح كريهة بسبب الدم والأدوية، وظل مقموعا تحت طائلة التهديد والتعذيب يتجرع أبشع أنواع الشتائم دون رأفة بسنه الصغيرة. جاءت السنوات الأولى من الأسر أثقل ألما على أحمد في سجن “هشارون” للقاصرين، حيث مازال يتذكر أول إضراب عن الطعام خاضه مع ثلاثة أطفال بذات الزنزانة، عندما كان عمره 14.5 عاما، وبروحه البريئة اعتقد أن المضرب عن الطعام سوف يفارق الحياة بعد ثلاثة أيام فقط، غير أنه في اليوم الرابع وبدافع خوف الصغار اضطر لتناول معجون الأسنان، بينما أسير آخر تناول نصف ليمونة متعفنة.
غير أن القضبان لم تهزم أحمد الذي زاول تحصيله العلمي، وتمكن من الحصول على شهادة الثانوية العامة وقرر دراسة تخصص التاريخ، وذلك بالانتساب لجامعة القدس المفتوحة التي سيلتحق بمقاعدها في الفصل الأخير بعد تحرره.