بدأ رحلته في عالم النشر في سن مبكرة، برؤية جديدة وطاقة شبانية، انطلق الكاتب أكرم كراشني ليرسم طريقة في عالم الكتاب والنشر، و يخوض تجربة تأليف باكورة عمله الأدبي "دكان النشر"، ليروي تفاصيل قصته لبركة نيوز .
حاوره فؤاد بوجلدة
في البداية هل يمكنك أن تروي بداية رحلتك مع عالم النشر رغم صغر سنك؟
رحلتي في عالم النشر لم تكن صدفة، بل هي امتداد لإرث عائلي، فقد نشأت بين رفوف الكتب ومطابع الورق، حيث كان والدي ناشرًا، ومنذ صغري كنت أراقب عن قرب تفاصيل هذه المهنة، لكنني لم أكتفِ بالدور التقليدي، بل أردت أن أضع بصمتي الخاصة، فخضت التجربة مبكرًا وأنا في سن صغيرة جدًا.
ربما يرى البعض أن النشر مجال صعب على الشباب، لكنني اعتبرت ذلك تحديًا، وانطلقت برؤية جديدة وطاقة شبابية لأثبت أن الجيل الجديد قادر على أن يكون فاعلًا حقيقيًا في صناعة الكتاب.
ما الذي ألهمك لتتحول من ناشر إلى كاتب؟
التحول من ناشر إلى كاتب لم يكن قرارًا مفاجئًا، بل نتيجة طبيعية لرحلتي مع الكتب، فبعد سنوات من الوقوف خلف الكواليس، ومعايشة هموم المؤلفين والقراء على حد سواء، شعرت أن لدي قصة تستحق أن تُروى، وأن صوت الناشر يجب أن يكون حاضرًا مثل صوت الكاتب.
ألهمني الاحتكاك اليومي بعالم النشر، بما فيه من لحظات نجاح وخيبات، وأن أكتب تجربتي وأحولها إلى شهادة حيّة تعكس كواليس هذا المجال. الكتابة بالنسبة لي لم تكن خروجًا من النشر، بل امتدادًا له بشكل شخصي وأعمق.
حدثنا عن مضمون كتابك الأول "دكان النشر".. ماذا يميّزه؟
كتاب دكان النشر هو رحلة صريحة إلى قلب الكواليس، حيث أفتح للقراء الباب الخلفي لعالم صناعة الكتاب في الجزائر وفي الوطن العربي كما عشته شابًا ناشرًا، فيه مزيج من المذكرات الشخصية، والمواقف التي لم تُحكَ من قبل، وأسرار المهنة التي عادة ما تبقى طي الكتمان بين الناشرين والكتّاب.
ما يميز الكتاب أنه لا يتحدث عن النشر من منظور نظري أو أكاديمي، بل يقدّمه بروح شاب يعيش تفاصيله اليومية، بما فيها من نجاحات وصراعات وخيبات أمل.
أردت أن يقرأ القارئ الكتاب وكأنه يجلس معي داخل دكان صغير مفتوح على الحقيقة، بلا رتوش ولا مجاملات.
ما أصعب التحديات التي واجهتها في إدارة دار نشر وأنت شاب؟
أصعب ما واجهته لم يكن فقط في إدارة مؤسسة وأنا ما زلت شابًا، بل في نظرة المجتمع نفسه، كثيرون كانوا يعتبرون النشر حكرًا على الكبار ذوي الخبرة والسن، فكنت أُختبر في كل خطوة وكأن عليّ أن أثبت جدارتي مرارًا.
التحدي الثاني كان في ثقة الكُتّاب، كيف يقبل مؤلف أن يضع ثمرة سنواته بين يدي ناشر في العشرينات من عمره؟ أما التحدي الأكبر فكان مواجهة سوق معقد مليء بالصعوبات المادية والبيروقراطية.
لكن هذه العقبات صنعتني، وجعلتني أؤمن أن الشباب قادرون على أن يكونوا فاعلين في قلب هذه الصناعة.
كيف ترى مستقبل صناعة الكتاب في الجزائر والعالم العربي؟
أنا أؤمن أن صناعة الكتاب في الجزائر والعالم العربي تقف اليوم عند مفترق طرق. هناك تحديات كبرى مثل تراجع القراءة التقليدية وغياب استراتيجيات الدعم، لكن هناك أيضًا فرص واعدة مع صعود النشر الإلكتروني وعودة معارض الكتاب كفضاء جماهيري قوي.
المستقبل يتوقف على قدرتنا كناشرين وكتّاب على التجديد، ومواكبة التكنولوجيا، وتقديم محتوى ينافس عالميًا، أنا متفائل، لأنني أرى جيلاً جديدًا من القراء والكتاب يفرض نفسه بثقة.
برأيك.. ما الذي يحتاجه الشباب لدخول مجال النشر بثقة؟
الشباب يحتاجون أولًا إلى الشجاعة، ثم إلى المعرفة الحقيقية بسوق الكتاب وحقوق المؤلف وأساليب التوزيع، كما يحتاجون إلى شبكة علاقات حقيقية مع الكُتّاب والقراء، وأن يتحلوا بالصبر والإرادة، نجاح دار نشر لا يتحقق في وقت قصير، بل هو مسار طويل مليء بالتحديات.
هل تفكر في التوسع عربياً أو دولياً بدار الماهر؟
طبعًا، التوسع عربيًا ودوليًا هو حلم يرافقني منذ البداية، لكن بخطوات مدروسة. النشر ليس مجرد إرسال كتب عبر الحدود، بل بناء شبكة توزيع وعلاقات مع معارض ومكتبات، وفهم لذوق القارئ. بدأتُ من الجزائر وأسعى أن يكون حضوري قويًا محليًا، ثم الانفتاح عربيًا ودوليًا تدريجيًا.
ما نصيحتك للشباب الذين يريدون ربط حياتهم بالكتاب؟
أنصحهم أن ينظروا للكتاب كرسالة قبل أن يكون سلعة، وأن يقرأوا كثيرًا قبل أن يكتبوا أو ينشروا. عليهم أن يتحلوا بالصبر وألا يستسلموا لليأس. فالكتاب قد لا يغيّر العالم كله، لكنه قادر على تغيير حياة شخص واحد، وهذا أعظم إنجاز.
في الختام، لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر لجريدة بركة نيوز على إتاحة هذه المساحة، مثل هذه المبادرات الإعلامية تمنح صوتًا للشباب وتدعم صناعة الكتاب في الجزائر، وهو ما أعتز بالمشاركة فيه.