208

0

أكاديميون يدعون إلى استثمار الرقمنة لترقية الصناعات التقليدية وتعزيز تنافسها في الأسواق العالمية

أجمع المشاركون في الملتقى، اليوم ، على ضرورة استثمار الرقمنة لتعزيز النمو وتحسين التنافسية، مع التركيز على الصناعات التقليدية لجعلها رافدًا أساسيًا في دعم النمو الاقتصادي وتحسين تنافسية هذا القطاع الحيوي، بالإضافة إلى رفع مستوى تأهيل الحرفيين لتمكين منتجاتهم من المنافسة في الأسواق الوطنية والعالمية.

نسرين بوزيان

  
وجاء ذلك خلال مشاركتهم في الملتقى الوطني حول الرقمنة وتفعيل القطاعات  الاقتصادية في الجزائر الصناعات التقليدية و الحرفية نموذجا،  والمنظم من طرف مخبر البحث الصناعات التقليدية بالتنسيق كلية العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير بجامعة الجزائر3 بالعاصمة.

       

 

افتتح البروفيسور رياض عبد القادر، نيابةً عن مدير الجامعة، فعاليات الملتقى بكلمة أشار فيها إلى أن الصناعات التقليدية تشكل جزءًا جوهريًا من الاقتصاد في دول نامية مثل الجزائر، وتُسهم بشكل ملموس في خلق فرص العمل ودعم الاقتصاد المحلي.

وأكد أن التحدي الكبير يتمثل في دمج هذه الصناعات مع التكنولوجيا الحديثة، مما يسهل ربط الحرفيين مباشرة بالزبائن في مختلف الأوقات وبسرعة فائقة، ويعزز من قدرة هذه الصناعات على المنافسة في بيئة السوق الرقمية.

             

 

وفي مداخلتها الموسومة بـ "الجزائر الرقمية: رهان التنمية الاقتصادية بروح الأصالة"، أبرزت الدكتورة وسام مهيبل، أستاذة محاضرة بجامعة الجزائر 3، أن الرقمنة لم تعد خيارًا، بل أصبحت ضرورة ملحة تشمل جميع القطاعات. وأشارت إلى أن عدد اتصالات الهاتف المحمول في الجزائر ، بلغ 54.8 مليون اتصال جوال، ما يمثل نسبة 116% من إجمالي السكان، وهو ما يعكس توفر بنية تحتية رقمية متطورة تتيح فرصًا كبيرة لتطوير الخدمات الرقمية والتجارة الإلكترونية.

وأكدت مهيبل أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي  بالجزائر بلغ 54.2%، وهو ما يدل على نضج رقمي متنامٍ يدعم الاقتصاد المعرفي، ويُسهم في تعزيز تنافسية القطاعات الاقتصادية، لا سيما الصناعات التقليدية التي يمكنها الاستفادة من هذه المنصات في تسويق وترويج منتجاتها بفعالية أكبر.

كما اشارت المتحدثة إلى أهمية دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في الصناعات التقليدية، موضحةً أن هذه التقنيات تساعد في تحسين الإنتاجية وتحفيز الإبداع داخل الحرف التقليدية من خلال تحليل البيانات واقتراح حلول مبتكرة تُسهم في تطوير المنتجات بما يتوافق مع احتياجات السوق المعاصرة.

كما أشارت إلى وجود بنك معلومات شامل يحتوي على بيانات دقيقة تتعلق بالحرفيين والتعاونيات والمقاولات الناشطة في القطاع الصناعي التقليدي، مما يسهل الوصول إلى المعلومات بسرعة ويقلل الاعتماد على أساليب التخزين التقليدية، وهو ما من شأنه تعزيز كفاءة إدارة القطاع.

وفي سياق ذي صلة، سلطت الدكتورة مهيبل  الضوء على تجربة بعض المنصات الرقمية المحلية، لا سيما منصة “ورشتي” التي تعمل كمنصة تسويق رقمي تفاعلي، إذ توفر أدوات لترويج المنتجات التقليدية وزيادة ظهورها في الأسواق المحلية والدولية، كما تتيح تبادل الخبرات وتعزيز التواصل المباشر بين الحرفيين والزبائن، إلى جانب استخدام أدوات تحليل التفاعل لتوجيه تطوير المنتجات وفق متطلبات السوق.

وأكدت أن هذه المنصات تجمع بين التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا الحديثة، مما يجعلها جسرًا فاعلًا لربط الحرفيين بالسوق الرقمي، ويُعزز من فرص توسع القطاع وتوسيع قاعدة العملاء.

وفي ختام مداخلتها، شددت الدكتورة  مهيبل على ضرورة ترسيخ الصناعات التقليدية كجزء من الهوية الوطنية الجزائرية، واعتبارها عنصرًا مهمًا في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. وأكدت أن دعم الرقمنة في هذا القطاع يُسهم في الحفاظ على التراث الثقافي، ويمنح الحرفيين القدرة على المنافسة في اقتصاد المعرفة العالمي.

                                                                           

          

 

من جانبه، تناول مدير المدرسة الوطنية العليا للبحار، عز الدين كرمة، في مداخلته بعنوان "الموانئ التجارية الرقمية والحوكمة التحولية"، مؤكّدًا على دورها الفعّال في تحفيز الصادرات الوطنية، مع تركيز خاص على الصناعة الحرفية ضمن سلاسل القيمة العالمية.

 

 

 

واعتبر أن الموانئ الرقمية تمثل جزءًا من منظومة إقليمية متكاملة تلعب دورًا حيويًا في عمليات الاستيراد والتصدير، لا سيما فيما يتعلق بالصناعات التقليدية.

وأشار إلى أن الجزائر تزخر بصناعات تقليدية غنية ومتنوعة تتطلب ترويجًا أفضل في الأسواق العالمية، مشددًا على ضرورة إعادة تصنيف مكانة الصناعات التقليدية من عنصر ثانوي إلى عنصر أساسي في الاقتصاد الوطني، بحيث تتصدر قائمة المنتجات الموجهة للتصدير.

كما دعا  الدكتور كرمة إلى تبني حوكمة تحولية متقدمة للموانئ الرقمية بما يعزز من كفاءة العمليات اللوجستية والتصديرية، ويتيح للصناعات التقليدية الجزائرية فرصًا أوسع للدخول إلى الأسواق العالمية والمنافسة بقوة.

 

من جهة أخرى، أشار البروفيسور  قاسي  ياسين من جامعة البليدة 2 إلى أن السلع التقليدية أصبحت من أبرز وسائل جذب السائح المحلي، مما يتطلب من الهيئات المعنية بالسياحة، والتراث، والصناعات التقليدية توظيف أدوات التسويق الحديثة للتعريف بتاريخ الصناعات التقليدية الجزائرية.

وبيّن الدكتور قاسي أن الأنشطة المرتبطة بالمنتجات التقليدية تحمل رموزًا تُميزها عن غيرها من الأنشطة الاقتصادية، مشيرًا إلى عدد من الخصائص الاقتصادية التي تميز الصناعة التقليدية، من بينها: صعوبة تنميط المنتجات الحرفية، وكثافة اليد العاملة، وضعف رأس المال، بالإضافة إلى أن تكلفة العمالة التقليدية تبقى أقل مقارنةً بالصناعات الأخرى.

كما أشار إلى أن عدد الحرفيين المسجلين بلغ 12,954 حرفيًا، وذلك من خلال إصدار البطاقات الحرفية والتسجيل عبر الاستمارات الإلكترونية، وهو ما ساعد على تسهيل الربط البيني بين قطاعات الصناعة التقليدية وضمان مصداقية المعلومات اللازمة لاتخاذ القرارات المناسبة لتطوير هذا القطاع.

وأكد في ختام مداخلته أن النهوض بقطاع الصناعة التقليدية لا يعتمد فقط على الرقمنة، بل يتطلب إشراك الحرفيين في المديريات السياحية وغرف الصناعات التقليدية، وتمكينهم من المشاركة الفعالة في المعارض المحلية والدولية.

 

أما الدكتورة فراحي فضيلة، أستاذة بجامعة الجزائر 3، فقد تناولت في مداخلتها الموسومة بـ "النظرية الاقتصادية مقابل البلوكشين: نحو استعادة القيمة الحقيقية وتفعيل رقمنة القطاعات التقليدية"، إشكالية القيمة في الاقتصاد المعاصر، خصوصًا في سياق الصناعات التقليدية في ظل التحولات الرقمية المتسارعة والاضطرابات الاقتصادية المعقدة.

وأوضحت أن هذه التحولات، إلى جانب تضخم المؤشرات الكمية والمضاربات المالية، ساهمت في تغييب البعد الحقيقي للقيمة الاقتصادية، ما جعل العديد من القطاعات الإنتاجية، وعلى رأسها قطاع الصناعات التقليدية، عاجزة عن تحقيق مردود يعكس الجهد المبذول من الفاعلين فيه.

كما سلطت  الدكتورة فراحي الضوء على واقع الحرفيين الذين يبدعون في صناعة منتجات يدوية ذات خصوصية ثقافية وجمالية عالية، تُعرض في أهم المعارض العالمية بأسعار مرتفعة، بينما لا يجنون سوى جزء ضئيل من العائد، بسبب اعتمادهم على شبكات تجارية ووسطاء يستحوذون على هامش ربح كبير دون إسهام فعلي في القيمة الإبداعية للمنتج.

وأضافت أن الحل يكمن في تفعيل الأدوات الرقمية التي توفر إمكانيات واعدة لاستعادة القيمة الاقتصادية الحقيقية، مشددة على أن رقمنة الاقتصاد لم تعد ترفًا، بل ضرورة ملحة لإعادة التوازن داخل السوق.

كما أوضحت الدكتورة  فراحي أن هذا التحول الرقمي لا يقتصر على استعمال التكنولوجيا، بل يتطلب إدماج منظومات ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، البيانات الضخمة، العقود الذكية، وتقنية البلوكشين، باعتبارها أدوات توفر الشفافية والموثوقية في تتبع العمليات الاقتصادية.

واعتبرت أن تقنية البلوكشين قادرة على إحداث قطيعة مع النماذج الاقتصادية التقليدية المبنية على الوساطة، إذ تسمح بتوثيق أصل المنتجات وتتبع مسارها من الحرفي إلى المستهلك، مع تقليص دور الوسطاء الذين يستحوذون على القيمة المضافة دون مساهمة حقيقية في الإنتاج.

وفي ختام مداخلتها، دعت إلى تبني رؤية اقتصادية جديدة تُعيد تعريف القيمة على أساس معايير أكثر عدالة وواقعية، يكون فيها الحرفي في صلب العملية الاقتصادية لا في هامشها، مؤكدة على ضرورة إدماج هذه التقنيات الحديثة ضمن السياسات العمومية لدفع الاقتصاد المحلي وتطوير نموذج تنموي قائم على استثمار الثروات اللامادية والمهارات التقليدية في بيئة رقمية متكاملة لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة.

 

 

 

 

وفي تصريح لموقع "بركة نيوز"، أبرزت الأستاذة المحاضرة  بجامعة الجزائر 3، ورئيس الملتقى ، وسام مهيبل ، أن هذا الملتقى يهدف إلى تبادل الخبرات وطرح حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه الحرفيين والمؤسسات الناشطة في مجال الصناعات التقليدية، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات بين الأكاديميين والمهنيين.

وأكدت أن التوصيات المنبثقة عن الملتقى من شأنها الإسهام في صياغة استراتيجيات فعالة لرقمنة هذا القطاع وتفعيله بما يدعم الاقتصاد الوطني، مع الحفاظ في الوقت نفسه على أصالة المنتجات التقليدية.

 

 

 

من جانبها ، دعت الأستاذة المحاضرة بجامعة البليدة، وهيبة  بوخدوني، في تصريح "لبركة نيوز" الحرفيين الجزائريين إلى الانفتاح على المنتجات التقليدية من مختلف مناطق الوطن والتثقف حولها، لتعزيز التكامل والتنوع في العرض الحرفي الوطني على المستوى الدولي.

وأشارت إلى أن المنتج الحرفي يجب أن يتحول إلى واجهة سياحية تعكس ثراء وتنوع التراث الجزائري، ليكون سفيرًا للبلاد في الأسواق العالمية، وهو ما يستوجب من الحرفيين اكتساب مهارات جديدة في مجال التجارة الإلكترونية.

وشددت على أن المنتجات التقليدية، مهما بلغت جودتها، لا يمكن أن تنافس في الساحة الدولية دون مواكبة العصر الرقمي.

واختتمت تصريحها بالتأكيد على أن المنتج الحرفي الجزائري ليس مجرد سلعة اقتصادية، بل هو حامل لرسالة ثقافية وسياحية تُبرز هوية الجزائر في تنوعها وغناها، إذا ما تم ترويجه ضمن رؤية استراتيجية رقمية ومتكاملة.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services