1156
0
الدبلوماسية الجزائرية...مواقف ثابتة ووقفات مشرفة من الصديق بن يحيى إلى أحمد عطاف

أكد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أحمد عطاف، اليوم، أن العلاقة التي تجمع الجزائر بمنظمة الأمم المتحدة علاقة راسخة واستثنائية، تستمد قوتها من الدور التاريخي للقضية التحررية الجزائرية في ترسيخ مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها على المستوى الأممي.
نسرين بوزيان

أولى قضايا تصفية الاستعمار في الأمم المتحدة
وخلال إشرافه على إحياء الذكرى الثالثة والستين ليوم الدبلوماسية الجزائرية، والذكرى الثمانين لتأسيس منظمة الأمم المتحدة، بمقر وزارة الشؤون الخارجية، أشار الوزير إلى أن هذه العلاقة تعود جذورها إلى تبنى الأمم المتحدة للقضية الجزائرية وتسجيلها في جدول أعمال جمعيتها العامة يوم 30 سبتمبر 1955، كأول قضية تصفية استعمار تطرح على هذا المستوى، وقد مثل ذلك حينها سابقة قانونية وإجرائية فارقة، منوها بأن الجزائر لا تنسى الدعم الذي قدمته الدول الثلاث عشرة التي بادرت، عقب مؤتمر باندونغ، إلى تقديم طلب إدراج القضية الجزائرية ضمن جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي سياق إبراز مسار العلاقة بين الجزائر والمنظمة الأممية، أوضح عطاف أن الدبلوماسية الجزائرية راكمت رصيدا حافلًا من النجاحات، تماهت في كثير من محطاته مع مساعي الأمم المتحدة، سواء في دعم حركات التحرر، أو في الدفع نحو نظام دولي أكثر عدلاً، أو في الالتزام الدائم بإخماد الأزمات والنزاعات.
وأكد أن الجزائر من بين الدول التي تؤمن بأن حالة التشتت والتيه التي يشهدها العالم اليوم لا يمكن تجاوزها إلا بإعادة الاعتبار لدور الأمم المتحدة، بصفتها منارة حضارية وإنسانية تمثل رهانا على سيادة الدول، ونبذ العدوان، ورفض الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، والاحتكام إلى الحلول السلمية.
وشدد الوزير على أن هذه القناعة هي ما يستند إليه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في رسم التوجهات الكبرى للسياسة الخارجية للبلاد، القائمة على مبادئ الشرعية الدولية والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعوب.
الجزائر تفي بالتزاماتها في مجلس الأمن
وفيما يتعلق بعضوية الجزائر غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي، أكد عطاف أن الجزائر، كدولة ملتزمة، أدت مسؤولياتها بجدية ونزاهة، بعيدا عن أي اعتبارات ضيقة أو مصالح آنية، ومع اقتراب نهاية عهدتها، لم تدخر الجزائر جهدا في الوفاء بالثقة التي منحتها إياها الدول الأعضاء في الجمعية العامة، وهو ما تعكسه إشادات الأغلبية بمواقف الجزائر الصادقة والمتناغمة مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وسعيها الدؤوب لحث المجلس على تحمل مسؤولياته رغم التحديات التي تعيق أداءه.
الدعم اللامشروط لحق الشعوب في تقرير المصير
وبخصوص دعم الجزائر غير المشروط لحق الشعوب في تقرير مصيرها، جدد الوزير التأكيد على التزام الجزائر الراسخ تجاه نضال الشعبين الفلسطيني والصحراوي، مشيرا إلى أن الجزائر كانت أول من اعترف بقيام الدولة الفلسطينية واحتضن سفارتها على أراضيه، واستمرت في دعم هذا الحق إلى أن أضحى الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية يتزايد، في إقرار لا لبس فيه بأن حل الصراع في الشرق الأوسط يمر حتما عبر تجسيد هذا الحق المشروع.
أما في ما يتعلق بالصحراء الغربية، فأكد عطاف أن الجزائر لا تزال تدعم كافة الجهود الأممية الرامية إلى إيجاد حل سياسي عادل ودائم، مشددا على أن هذه القضية لا يمكن تسويتها خارج إطار الشرعية الدولية، ولا من خلال تجاهل إرادة الشعب الصحراوي وحقه غير القابل للتصرف في تقرير مصيره، ولا عبر الالتفاف على المبادئ الأممية في تصفية الاستعمار.
الجزائر ركيزة قيادة أفريقيا في السلم والتنمية
على المستوى الإفريقي، عبر الوزير عن اعتزاز الجزائر بالثقة التي حظيت بها من قبل الأشقاء الأفارقة، الذين زكوا ترشحها لقيادة مفوضية الاتحاد الإفريقي ولمقعد في مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد، دعما للدور الريادي الذي تؤديه الجزائر في دفع مسارات السلم والأمن والتنمية المستدامة، وتعزيز التكامل الإفريقي.
كما أشار عطاف إلى نجاح الجزائر في احتضان الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية، الذي أبرز الإمكانات الكبيرة للتعاون الاقتصادي والاستثماري بين دول القارة، في إطار منطقة التجارة الحرة القارية.
مبرزا أن الجزائر تواصل في جميع فضاءات انتمائها الإفريقية والعربية والإسلامية والأورو-متوسطية، وخارجها، نهجها الثابت لبناء جسور التعاون والشراكة، ما يعكس التوازن المطلوب في منظومة العلاقات الدولية.
الإبراهيمي نبراس الأجيال وقيم نوفمبر
وفي ختام كلمته، توقف الوزير عند فقدان الجزائر لإحدى القامات البارزة في تاريخها الدبلوماسي والنضالي، المجاهد أحمد طالب الإبراهيمي، وزير الشؤون الخارجية الأسبق، الذي ترك إرثا وطنيا راسخا سيبقى مصدر إلهام للأجيال المتعاقبة من الدبلوماسيين، بما يحمله من وفاء لقيم نوفمبر، والتزام راسخ بالدفاع عن السيادة الوطنية.

إشادة أممية بالتزام الجزائر في ترسيخ السلام
من جهتها، أبرزت السفيرة المنسقة المقيمة لمنظمة الأمم المتحدة بالجزائر، سافينا كلوديا أماساري، أن المنظمة ولدت من إرادة الشعوب لبناء عالم جديد بعد مآسي الحرب العالمية الثانية، وأن المسيرة الدبلوماسية الجزائرية منذ انضمامها للأمم المتحدة في 8 أكتوبر 1962، جعلت من تعددية الأطراف والتضامن الدولي واحترام سيادة الشعوب ركائز ثابتة في عملها.
وأثنت على التزام الجزائر وإخلاصها ومساهمتها في ترسيخ قيم السلام والحوار والتعاون، مؤكدة أنها جديرة بكل التقدير والاحترام.
كما ذكرت كلام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في الاحتفال العالمي بالذكرى الثمانين لتأسيس المنظمة في نيويورك، حين أشار إلى أن الآباء المؤسسين للأمم المتحدة، الذين شهدوا أبشع المآسي في تاريخ الإنسانية، تعلموا أن السلام ليس حلماً بعيد المنال، بل هو الخيار الأكثر شجاعة وضرورة وواقعية.
وأضافت أن هذه الرسائل ما تزال قوية اليوم، في عالم تتفاقم فيه النزاعات، وتنتهك القوانين الدولية مرارا، ويدفع المدنيون الثمن الباهظ، مؤكدة أن السلام يجب أن يبقى بوصلة طريقنا ونضالنا المشترك.
وأوضحت أن العالم يواجه اليوم تحديات جديدة مثل التوترات الجيوسياسية المستمرة، والأزمة البيئية الحادة، والفوارق الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة، والحاجة الملحة إلى نماذج تنمية أكثر استدامة وشمولية، مشيرة إلى أن هذه التحديات تؤكد أن وعد ميثاق الأمم المتحدة لا يزال حيا وملحا.

نحن شعوب الأمم المتحدة رمز الوحدة
بدوره، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في رسالة مسجلة، أن عبارة "نحن شعوب الأمم المتحدة" ليست مجرد صيغة افتتاحية في ميثاق المنظمة، بل تجسيد للهوية الجماعية وروح العمل المشترك.
وأوضح أن الأمم المتحدة ليست مجرد كيان مؤسسي، بل وعد حي يعبر القارات، ويتجاوز الحدود، ويلهم الأجيال.
وأشار إلى أن المنظمة، طيلة ثمانين عاما، كرست جهودها لترسيخ السلام، ومكافحة الفقر والجوع، وحماية حقوق الإنسان، وبناء مستقبل مستدام لصالح الأجيال القادمة.

في تصريح لبركة نيوز، قال السفير الفلسطيني بالجزائر فايز أبو عيطة، أن الجزائر كانت وما تزال بوابة فلسطين، حيث تم من خلالها إعلان قيام دولة فلسطين عام 1988، وكانت أول دولة تحتضن سفارة فلسطينية، تلتها اعترافات دولية متتالية، خاصة في الشهر الماضي.
وأشار السفير إلى أن الدبلوماسية الجزائرية لعبت دورا تاريخيا كبيرا في دعم القضية الفلسطينية، لا سيما في هذه المرحلة التي يتعرض فيها الشعب الفلسطيني لأبشع أنواع التعذيب والتهجير والإبادة الجماعية.
وثمن أبو عيطة الدور البارز الذي تقوم به الجزائر في مجلس الأمن الدولي في فضح وكشف جرائم الكيان الصهيوني.
كما تخللت الفعالية عرض شريطٍ وثائقي حول الدبلوماسية الجزائرية، ومراسم تسليم شهادات نهاية التكوين المتخصص للأعوان الدبلوماسيين والقنصليين المتربصين، المتخرجين من الدفعة الثالثة عشرة.

