102
0
الإعلام والاتصال من خدمة الثورة إلى التحديات الراهنة

احتضنت قاعة المحاضرات "المجاهد يوسف الخطيب" بولاية الجزائر، اليوم الإثنين، فعاليات اليوم الدراسي الذي نظمه المجلس الشعبي الوطني بمناسبة الذكرى الـ71 لاندلاع ثورة أول نوفمبر 1954 المجيدة، تحت شعار: "الإعلام والاتصال من خدمة الثورة إلى التحديات الراهنة".
شروق طالب
وفي كلمة افتتاحية، أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي أنّ هذا اللقاء يأتي في أجواء يملؤها الفخر والاعتزاز، ونحن على مشارف إحياء ذكرى عيد الثورة التحريرية، التي جسدت تتويجا لمسار طويل من المقاومة والنضال السياسي، وانبثق عنها نداء أول نوفمبر الذي حطّم القيود الاستعمارية وأضاء دروب الحرية والكرامة.
وأشار بوغالي إلى أنّ هذه المناسبة تُعيد إلى الأذهان ملحمة استرجاع السيادة الوطنية على الإذاعة والتلفزيون يوم 28 أكتوبر 1962، وهي محطة خالدة في تاريخ الإعلام الجزائري، جسّدت معنى الاستقلال الحقيقي بالاعتماد على الكفاءات الوطنية رغم محدودية الإمكانيات آنذاك.
وعلى هذا الأساس، اعتبر رئيس المجلس أن الإعلام الوطني آنذاك كان أحد أعمدة البناء الوطني وأداة لترسيخ السيادة وصناعة الكلمة الحرة.
كما استحضر بوغالي الدور البطولي لرموز الإعلام الثوري، وعلى رأسهم المجاهد والإعلامي عيسى مسعودي، مشيدا بتضحياتهم في سبيل إيصال صوت الجزائر الحرة إلى الداخل والخارج.
معربا عن تقديره العميق للمجاهدين الحاضرين، مترحمًا على أرواح الشهداء والمجاهدين الذين وهبوا حياتهم للوطن
وأوضح ذات المسؤول، أنّ الإعلام خلال الثورة التحريرية كان سلاحًا مكمّلًا للبندقية، نقل صوت الجزائر إلى العالم، ووحّد صفوف الشعب حول هدف التحرير.
وبعد الاستقلال، واصل الإعلام الوطني رسالته فصار منبرًا للبناء والتشييد، مساهماً في تعزيز الهوية الوطنية والدفاع عن قيم الأمة وثوابتها.
وفي ظل التحديات الراهنة، دعا بوغالي إلى إعلام وطني محترف ومسؤول، قادر على التوفيق بين الحرية والمصداقية، ومحصّن ضد حملات التضليل التي تستهدف الرأي العام.
وأضاف أن على الإعلام أن يكون اليوم جسرًا للتلاحم الوطني، ووسيلة لترسيخ الوعي المجتمعي وصون الذاكرة التاريخية للأمة الجزائرية.
وأكد رئيس المجلس أنّ الجزائر، وفاءً لمبادئ ثورتها المجيدة، سخّرت إعلامها لخدمة القضايا العادلة في العالم، وفي مقدمتها القضيتان الفلسطينية والصحراوية.
الإعلام.... مدرسة النضال الفكري

وفي كلمته، أشاد وزير الاتصال زهير بوعمامة بالدور الريادي الذي أدّته الصحافة الجزائرية خلال الثورة التحريرية، معتبرًا إياها مدرسة للنضال الفكري والسياسي أسهمت في ترسيخ الوعي الوطني ومهدت الطريق لاندلاع ثورة نوفمبر المجيدة.
وأوضح الوزير أنّ الإعلام الثوري أدّى دورًا حاسمًا في التعبئة الشعبية والتعريف بالقضية الجزائرية على المستوى الدولي، متجاوزًا الأسوار الاستعمارية التي حاولت فرنسا فرضها لعزل صوت الثورة.
كما ذكّر بوعمامة بإسهامات الصحف التاريخية مثل جريدة “البصائر” لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين وصحيفة “المجاهد” لجيش وجبهة التحرير الوطني، التي مثّلت منابر حقيقية لمقاومة الأكاذيب الاستعمارية ونقل الحقيقة إلى العالم. وعلى هذا الأساس، أكد الوزير أنّ القلم كان شريكًا للبندقية في معركة التحرير الكبرى.
الحفاظ على مكتسبات الجزائر الجديدة
وأضاف بوعمامة أنّ الإعلام الوطني اليوم مطالب بمواصلة أداء دوره في مرافقة التحولات الوطنية والحفاظ على مكتسبات الجزائر الجديدة، بقيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، من خلال ترسيخ جبهة داخلية قوية واقتصاد منتج ومتنوّع. وشدّد على أنّ الإعلام يشكل اليوم الخط الأول للدفاع عن استقرار البلاد ومواجهة الحملات المغرضة، فضلًا عن دوره في مواكبة التحول الرقمي ورفع مستوى الاحترافية والمهنية.
ضرورة الحفاظ على رسالة الإعلام

ومن جانبه، عبّر النائب حريشة عبد الله، نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني المكلف بنشاطات الاتصال والثقافة والنشر، عن اعتزازه بتركيبة هذا اللقاء الذي جمع مختلف الفاعلين في قطاع الإعلام، مشيرًا إلى أن الإعلام الثوري كان عنصرًا محوريًا في توحيد الشعب والتعريف بالثورة داخل الوطن وخارجه. وأكد أن التحديات اليوم تكمن في حفظ الذاكرة الوطنية وصون السيادة الإعلامية في مواجهة التحولات العالمية المتسارعة.
وفي هذا السياق، شدّد حريشة على ضرورة أن يبقى الإعلام الجزائري وفياً لرسالته التاريخية، محافظًا على قيمه المهنية، ومبدعًا في أساليبه، ليكون بحق صوت الجزائر الحرة، كما كان بالأمس درعًا للثورة، فهو اليوم درع للهوية والسيادة الوطنية.

