243

0

عمالة الأطفال... ظاهرة تنتشر رغم الردع و التوعية

عادت ظاهرة عمالة الأطفال، إلى الساحة العامة في شكل  مستعصي ينخر المجتمع ويؤثر في فئاته لاسيما الهشة منها، رغم كل  الإصلاحات الاجتماعية و التشريعات القانونية الرادعة .

شيماء منصور بوناب

ورغم ماسجلته الجزائر من مؤشرات ايجابية للحد من هذه الظاهرة في سياقها الرسمي المراقب  ،  إلا أن العمل الغير رسمي ، يشكل واقعا آخر يفرض دق ناقوس الخطر، لما يحمله من تبعات سلبية على الطفل تؤثر فيه نفسيا و اجتماعيا و تربويا.

وفي هذا الصدد عبرت المختصة النفسانية، هيون وفاء، أن عمالة الأطفال تعد  ظاهرة اجتماعية مقلقة  جدا تؤثر بشدة على صحتهم النفسية و تكوينهم الاجتماعي ، فدخول  بعض الأطفال سوق العمل في سن مبكرة نتيجة الفقر، أو التفكك الأسري، أو ضعف الحماية القانونية يجعلهم عرضة لعدة أزمات و عقد نفسية يصعب علاجها في المستقبل.

بين الأسباب و الظروف.... أطفال مهمشون نفسيا

وبخصوص  الأسباب  التي  تجعل الطفل في موقع هشّ نفسيًا  ، ذكرت المختصة،  الحرمان من الطفولة بسبب العمل المبكر الذي يسلب الطفل أبسط حقوقه مثل  اللعب، الدراسة، وبناء علاقات اجتماعية صحية،  و الامر الذي يضعف نموه النفسي والاجتماعي السوي.

كما يسبب الضغط النفسي الدائم الناجم عن ظروف العمل القاسية، عدة  أمراض نفسية تبدا تظهر تدريجيا في شكل  توتر و قلق مفرط  يصاحب الشعور بالخوف الذي سلب منه البراءة و الطمأنينة  في العيش.

وبالنسبة لانخفاض تقدير الذات، تشير المختصة  إلى ما يتعرض له الأطفال العاملون  من  إهانة أو الاستغلال، الذي  يعزز لديهم الشعور بالنقص والدونية، ويؤثر على صورتهم الذاتية ، التي تتأثر أكثر عند تعرضهم  لصدمات حادة نتيجة العنف ،  الذي  قد يولد  عدة  اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب، القلق، أو حتى اضطراب ما بعد الصدمة.

كما نجد أن غياب الدعم النفسي نتيجة الحرمان   من الاحتواء الاسري و التوجيه الاجتماعي  يزيد من هشاشتهم الداخلية و يجعلهم عرضة لعدة انكسارات.

وفي حديثها عن أساليب  احتضان الطفل ، لفتت  لضرورة، التكفل النفسي والاجتماعي من خلال تقديم دعم نفسي فردي وجماعي للأطفال العاملين مع إلزامية التوعية الأسرية و  تثقيفهم  بأضرار العمل المبكر، فضلا عن تعزيز التعليم و تشجيع الأطفال  للعودة إلى المدرسة وتوفير الدعم المدرسي لهم.

مشددة على تطبيق القوانين و  تفعيل النصوص  التي تحمي الأطفال من الاستغلال الاقتصادي، لأن  مواجهة عمالة الأطفال، مسؤولية الجميع  وتتطلب عملاً متكاملاً من الأسرة، الدولة، والمجتمع المدني، لضمان حق كل طفل في طفولة آمنة وصحة نفسية متوازنة.

دور التوعية المجتمعية والثقافية لمحاربة ظاهرة عمل الأطفال

ومن جانب ابراز دور التوعية المجتمعية والثقافية لمحاربة ظاهرة عمل الأطفال، تؤكد آسيا يحياوي، رئيسة الخلية الوطنية للمرأة و الطفولة وشؤون الأسرة في منظمة عطاء   أن  تغيير الذهنيات  في مجتمع  يعتبر عمل الطفل أمرًا عاديًا أو حتى "ضرورة اقتصادية"،  ينطلق من  توضيح الآثار السلبية للعمل المبكر على النمو النفسي، الجسدي والتعليمي للطفل.

بالإضافة إلى أن   تعزيز قيمة التعليم من شأنه   التأكيد على أهمية المدرسة كمصدر للنهوض الاجتماعي، وليس مجرد مكان تقليدي للحفظ والامتحانات. وذلك   بالموازاة   مع تعزيز المسؤولية الجماعية  التي  تضع المسؤولية على المجتمع ككل (الأسرة، المدرسة، الإعلام، السلطات) وليس فقط على الدولة.

في  ذات الشأن عرجت يحياوي  للآليات التي تُعيد دمج هؤلاء الأطفال في المجتمع من خلال  التكفل الاجتماعي عبر  توفير دعم مالي وغذائي وصحي للأسر الفقيرة مقابل ضمان تعليم أطفالها (مثل برامج الدعم المشروط).

كما ركزت على إعادة الإدماج المدرسي و  فتح مدارس خاصة أو أقسام "دعم وتدارك" لاستيعاب الأطفال المنقطعين، مع دعم نفسي وتربوي متكامل.

 مشيرة لبرامج تكوين مهني مبكر للأطفال الذين تجاوزوا سن العودة المدرسية، يتم إدماجهم في تكوينات مهنية موجهة (حرف، مهارات، تقنيات) تُناسب أعمارهم وتؤهلهم لسوق العمل مستقبلاً.

وتابعت، ذلك دون اهمال  المرافقة النفسية لأن الكثير من هؤلاء الأطفال يعانون من آثار نفسية بسبب الاستغلال أو الحرمان، لذا يجب دمج خدمات الإرشاد النفسي في البرامج الخاصة بهم.

إضافة  لتحفيز المجتمع المدني من الجمعيات، المبادرات الشبابية، والمنظمات الإنسانية  التي يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في مرافقة هؤلاء الأطفال وإدماجهم تدريجيا في بيئة صحية.

المجتمع المدني شريك أساسي في مجابهة ظاهرة عمالة الأطفال

  تعزيزا لدور المجتمع المدني في مرافقة الأطفال المهمشين، توضح  قويدر شهيرة رئيسة المكتب الولائي لمنظمة عطاء، أن من بين الأسباب التي تجعل الطفل يتوجه نحو العمل هو العجز الاقتصادي و المادي الذي يشعره بالدونية  و التهميش فيلتجئ للعمل ليعوض ذلك النقص.

 بينما نجد أيضا أن فترة المراهقة التي تعتبر مرحلة انتقالية مهمة للطفل ، تفرض على السلطات و مختلف الهيئات الرسمية احتواء الطفل و التعجيل في وضع برنامج وطني لاحتوائه تكوينيا خاصة عندما يصبح ذلك الطفل  ضائعا بعيدا عن أساور المدرسة.

 وبحكم تجربتها في الميداني الاجتماعي تحت لواء منظمة عطاء، قالت قويدر أن عمل الأطفال يكون وفق ضوابط محددة من طرف خبراء و مختصين  يوجهون اولائك الأطفال الذين تركوا مقاعد الدراسة الى بعض الحرف اليدوية التي لا تشكل لهم ضغط يقوق قدرة استيعابهم.

 مشيرة لنقص المرافق العمومية لاحتواء الطفل، تلك المرافق التي تقدم  نشاطات قيمية و راقية تساعد على توجيه الطفل في المجال الذي يرغب به، مثل تفعيل دور الشباب التي أصبحت مع الأسف دون تعميم فضاء يفتقد للروح بسبب غياب ثقافة الادماج التكويني و الترفيهي للأطفال فيها.

 نصوص قانونية تقتلع عمالة الأطفال من الجذور

وفي سياق معالجة ظاهرة عمالة الأطفال قانونيا، افاد  الخبير القانوني، محمد عيساوي، أن اقتلاع الظاهرة من جذورها يفرض تعزيز جهود  الجهات الرقابية المسؤولة عن الكشف مثل  مفتشية العمل و الشرطة (فرق حماية الأحداث)  ، قضاة الأحداث  ،النيابة العامة  ،الوزارة المكلفة بالتضامن الوطني  ،المنظمات غير الحكومية والجمعيات .

مشددا على تطبيق  العقوبات القانونية على كافة الأطراف الفاعلة و المشاركة في استغلال الطفل، منها   المشغل الذي  قد يُعاقب بالسجن من 6 أشهر إلى سنتين وغرامات مالية، وفق المادة 135 من قانون العمل والمادة 303 مكرر من القانون الجنائي.  بينما الأولياء  إذا ثبت تورطهم، يُتابعون بموجب قانون حماية الطفل بتهمة الإهمال أو تعريض القاصر للخطر.

 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services