110
0
عائلات مهددة بالإخلاء من حي الكونفور تناشد السلطات لحمايتها من التشرد

تناشد العائلات القاطنة بحي الكونفور بالمركز التكوين المهني سابقا ببلدية المدنية بالعاصمة، ، السلطات المعنية بالتدخل للاستفادة من سكنات اجتماعية، لا سيما بعد إبلاغهم بضرورة إخلاء المكان قصد استغلال المركز لفائدة الأطفال ذوي الهمم، على أن يكون الاستغلال لأغراض التعليم والتدريس.
نسرين بوزيان
وحسب ما علم من القاطنين كل من قايد، حمادي، رياح، عناية، بن دريس، هلال، قرنين، وبو خريص وغيرهم،خلال زيارة "بركة نيوز"، للمكان فإن هناك حالات إنسانية حرجة تستدعي التدخل العاجل.
امرأة أرملة مع أبنائها، وبوفاة زوجها لم يعد لديها مسكن، كما توجد امرأة مطلقة تعيش مع أبنائها بعد حكم الطلاق دون مأوى.
وهناك عائلات لا تملك القدرة المالية على استئجار مساكن لائقة، في ظل غلاء المعيشة وتدهور الظروف الاقتصادية والاجتماعية.
كما يوجد ربّ عائلة مسن يعاني من ظروف اجتماعية جدّ معسرة، إضافة إلى عائلات لديها أطفال متمدرسون وأطفال رضع، وهناك من يعاني من مرض السرطان، وهم في حالة مستعصية، لاسيما أن هذه العائلات ذات دخل اجتماعي منخفض جدا، ولا يمكنها تحمل أعباء الإيجار، خصوصا في العاصمة.
كما أن هناك عائلات أودعت ملفات من أجل الاستفادة من سكنات اجتماعية، ولم يتم الفصل فيها إلى حد الساعة، بالرغم من ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية المزرية، وتوفر جميع الشروط القانونية التي تخوّلهم للاستفادة، خاصة في إطار الحالات الاستعجالية.
وقد تقدمت بعض العائلات بطلب تدخل رسمي لدى القسم الاستعجالي بالمحكمة الإدارية ، لاتخاذ الإجراءات المناسبة للاستفادة من سكنات اجتماعية، أو على الأقل إبقائهم مؤقتًا بالمركز التكويني المهني بحي الكونفور، إلى غاية الفصل النهائي في ملفاتهم أمام والي ولاية الجزائر والمندوب الإداري للدائرة التابعة لسيدي أمحمد، وإيجاد حل يرضي جميع الأطراف، تفاديًا لتشريد العائلات وتعريضهم للآفات الاجتماعية.
أهلوس بالسكن
يقول محمد عناية لبركة نيوز:" أنا ابن حي الكونفور، وأقطن بالمركز منذ سبع سنوات ونصف، لجأت إلى هذا المكان لإيوائي من الشارع أنا وزوجتي، إلا أنني أصبت بضغط نفسي، وأخضع اليوم للعلاج عند مختص".
مضيفا:"أصبحت أصاب بحالة من الهلوسة والتفكير الدائم في الطرد من المركز ورميي في الشارع، وهذا التفكير أجبرني على التوقف عن العمل منذ سنتين ونصف، خوفا من أن تأتي اللجنة المكلفة بتوزيع السكن العمومي الإيجاري وأنا غير موجود بالمنزل."
وحول ملف السكن، أوضح أنه أودع طلبه منذ سنة 2012، ولم يستفد من أي حصة سكنية إلى غاية اليوم، مؤكدا أن الجهات المعنية وعدته عدة مرات بتسوية وضعيته خلال زيارات اللجنة، إلا أن ذلك لم يتحقق، مطالبا السلطات المعنية بالنظر في ملفه والتكفل بوضعه الصعب.
كمواطنة جزائرية من حقي السكن
من جهتها، أشارت زوجته إلى أن شقيق زوجها كان يقطن بنفس المكان، وقد استفاد من السكن بعد زيارة اللجنة له، وبعد تقديمها طلب طعن لإقصائها من السكن، جاءها الرد من الجهات المعنية – حسب تصريحها – بأنه سيتم منحه السكن بعد مرور خمس سنوات.
وعن الوضعية الحالية، وصفتها بالمريرة، مؤكدة أنها وصلت إلى حدّ أنها طلبت الطلاق من زوجها، نظرا لعجزها عن تحمّل وضعية المعيشة، كما التمست من السلطات المعنية النظر في وضعيتهم، لا سيما وأنها لم تعد تتحمل الظروف غير الصحية التي يعيشون فيها.
أعطونا سكنة
من جهته، قال حمادي فاتح، موظف في القطاع العمومي وأب لأربعة أطفال، أصغرهم يبلغ من العمر شهرا وأكبرهم ست سنوات، إنه لا يستطيع تحمّل أعباء الكراء، مشيرًا إلى أنه أودع ملف السكن العمومي الإيجاري منذ خمس سنوات، ولم يستفد بعد.
وأوضح أن رئيس بلدية المدنية أخبره بأن شهادة الإقامة الخاصة به ليست ضمن بلدية المدنية، وإنما في بلدية برج البحري، مضيفًا أنه ابن حي الكونفور، لكنه انتقل إلى برج البحري مع والده، وتم شطبه من بلدية المدنية، مشيرًا إلى أنه تم إعلامه بأن في حال توفرت حصة سكنية في شهر نوفمبر المقبل، فسيستفيد منها.
وتحدث فاتح عن معاناة أبنائه من لدغات الحشرات والحساسية داخل المركز، متمنيًا أن تمنحه السلطات سكّنا لائقا، في تلك اللحظة، قاطعته ابنته "أحلام" قائلة بصوت بريء:"أعطونا سكنة".
أعلم أن إقامتي ليست قانونية
أما هلال نجيمة، فهي مطلقة وأم لأربعة أبناء، تقول:"أتيت إلى هذا المركز سنة 2022 لإيواء أبنائي من الشارع، وأنا أعلم أنه ملك للدولة، وأن إقامتي فيه غير قانونية، لقد أودعت ملف السكن لدى بلدية المدنية، ولم أتحصل عليه إلى اليوم، رغم أنني كنت متزوجة من ابن البلدية وأبنائي ولدوا هنا ويتابعون دراستهم في نفس الحي."
وتوضح نجيمة أنها لا تستطيع تحمّل مصاريف الكراء، حيث تتقاضى منحة النساء ربات المنزل التي لا تتعدى 7,000 دج شهريًا، ليقاطعها أبناؤها "نبيل"و"سارة"،قائلين: "مشكل السكن دائمًا في أذهاننا ، نريد السكن."
نؤكد لكم أننا سنغادر المكان
أما قرنين أحلام، فهي أرملة وأم لطفلين، تحكي قصتها قائلة:"بدأت اقامتي هنا في المركز بعد وفاة زوجي، وبعد انتهاء مدة عقد الكراء، لم أتمكن من تجديده أو دفع مستحقاته،جئت إلى هذا المركز لإيوائي من الشارع، لأنني أرملة مع طفلين."
وأضافت:"نؤكد لكم أننا سنغادر المكان بمجرد تسوية وضعيتنا، وندرك تمامًا أن هذا المركز ملك للدولة."
وتشير إلى أنها أودعت ملف الترحيل عندما كانت تقطن في “ديار المحصول سنة 2017، ووعدتهم اللجنة بالسكن، لكن لم يتم منحه لهم إلى اليوم، وأضافت أنها أودعت ملفًا جديدًا السنة الماضية بعد وفاة زوجها، وأن مجيئها إلى المركز كان حتميًا وليس خيارًا.
ابنتي خائفة من التشرد
أما زوجة رياح سمير، فقالت إنها لجأت إلى هذا المركز سنة 2021 بسبب عجزها عن دفع الإيجار، وأوضحت أن زوجها المتقاعد كان ينام في الشارع لمدة سنة ونصف، بينما كانت هي تقيم مؤقتًا في بيت أهلها.
وأكدت أن اللجنة وعدتها بالسكن بمجرد توفر الحصص، مضيفة أن ابنتها "نورهان" مقبلة على اجتياز امتحان شهادة التعليم المتوسط، لكنها قلقة جدا وخائفة من مصير مجهول، قد يصل إلى التشريد في الشارع.
وأوضحت الأم أن وسيط الجمهورية أخبرهم بأنهم سيستفيدون من سكن في حال توفر حصة جديدة.
وهنا قاطعتها "نورهان" قائلة:"نحن نعيش نفس الظروف ذلسنا راضين على وضعنا، ومجيئنا إلى هنا لم يكن اختيارًا، بل اضطرارًا."
لم أستفد من السكن منذ 1996
من جهتها، قالت زوجة قايد نذير، وهي أم لخمسة أبناء:" ابني اليوم شاب، ولم نستفد من السكن إلى يومنا هذا، لقد استأجرت بيتا ببلدية براقي سنة 1996، وهناك أودعت ملف السكن، ولم أتحصل عليه إلى اليوم."
وأضافت:"جئنا بعد ذلك إلى حي الكونفور، لكن صاحب المنزل طلب منا الخروج، ولم نكن قادرين على دفع مستحقات الكراء، فاضطررنا إلى المجيء لهذا المركز."

من جهته ، أوضح رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية المدنية، ناوي رشيد، في لقاء مع "بركة نيوز"، أن ملف العائلات القاطنة بحي "الكونفور"، منذ أكثر من ثماني سنوات، خضع لمعالجة دقيقة من طرف مصالح البلدية، خاصة بعد تخصيص حصة من السكنات الاجتماعية بتاريخ 13 جوان 2024.
وأكد أن المجلس عمل على إدراج جميع القاطنين بالمركز ضمن قوائم المستفيدين من هذه الحصة، لترحيلهم إلى سكنات لائقة، غير أن دراسة الملفات كشفت أن ثلاث عائلات فقط استوفت الشروط القانونية، في حين لم تستوفِ بقية العائلات المعايير المطلوبة.
ولتفادي ترك المعنيين دون حلول، أشار ناوي إلى أن مصالح البلدية اقترحت عليهم التسجيل ضمن صيغ سكنية بديلة، مثل السكن الترقوي المدعّم (LPA)، كما تم عرض المساعدة على من لديهم ملفات عالقة على مستوى وكالة "عدل".
مشددا على أن الاستفادة من السكن الاجتماعي مرتبط باحترام صارم للشروط القانونية، نظرا لكون هذه البرامج ممولة من خزينة الدولة، ولا يمكن بأي حال ترحيل من لا يستوفي هذه الشروط.
وفي إطار المتابعة الإدارية للملف، أوضح ناوي أنه تم عقد لقاء مع العائلات المعنية بمقر البلدية نهاية سنة 2022 وبداية 2023، تم خلاله إبلاغهم بأن مهلة الإخلاء لا تتجاوز ثلاثة أشهر، مع منحهم فرصة لإيداع ملفاتهم ودراستها وفقًا للقانون، وتم على إثر ذلك تمديد فترة الإقامة إلى غاية صيف 2023، ليُشرع لاحقا في عملية جمع وتجديد الملفات خلال شهر نوفمبر من نفس السنة.
وأشار رئيس المجلس إلى أن العملية أفرزت قائمة نهائية من المستفيدين، بينما تم توجيه بقية العائلات نحو صيغ أخرى، غير أنهم أصروا على مطلب الترحيل رغم أنه لا يستند إلى أي أساس قانوني.
وأكد في هذا السياق أن السلطات الولائية أبلغت بدورها بعدم إمكانية ترحيل من لا يستوفي الشروط القانونية، كما أوضح أن بعض المعنيين سبق لهم الاستفادة من إعانات أو قطع أراضٍ تم التصرف فيها بالبيع، بينما يتجاوز دخل البعض الآخر السقف المحدد للاستفادة من السكن الاجتماعي.
أما فيما يتعلق بسبب الإخلاء، فأوضح ناوي أن القرار جاء بناء على طلب رسمي من مديرية النشاط الاجتماعي والتضامن لولاية الجزائر، قصد تحويل المركز إلى مرفق بيداغوجي لفائدة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، لا سيما المصابين بالتوحد أو الإعاقات الذهنية. وقد تمت المصادقة على هذا القرار خلال العهدة الانتخابية 2017–2021.
ويرتقب أن يستقبل المركز الجديد نحو 100 طفل، ضمن شبكة تشمل 400 مكان مخصص لإيواء هذه الفئة على مستوى العاصمة.
وختم ناوي تصريحه بالتأكيد على أن المشروع يندرج ضمن رؤية شاملة لولاية الجزائر، تتضمن تهيئة محيط مقام الشهيد ليكون وجهة سياحية متكاملة، بالتوازي مع إنجاز المركز الجديد في الموقع السابق لمركز التكوين المهني.
كما شدّد على أن مصالح البلدية لم تدخر أي جهد في مرافقة المواطنين، وأن بابه سيبقى مفتوحا أمام كل من يسعى إلى تسوية وضعيته في إطار ما يسمح به القانون.
وإلى أن تطوى فصول المعاناة، يبقى الأمل معلقا على التفاتة جادة من السلطات، تعيد لهذه العائلات كرامتها، وتمنح أبناءَها حقَّهم في الطفولة، والأمان، والمستقبل.