622

0

الخبير يونس قرار في حواره لـ"بركة نيوز "الجزائر تسير بخطوات متباينة نحو تحقيق الرقمنة الحقيقية "

أكد يونس قرار الخبير في مجال تكنولوجيا الاعلام والاتصال، في حواره لجريدة "بركة نيوز" أن الجزائر تسير بخطوات متباينة نحو تحقيق الرقمنة الحقيقية المساعدة في استقطاب الاستثمارات وتعزيز التنمية الاقتصادية، مؤكدا على ضرورة اتباع خطوات إستراتيجية لخلق فرص تبني تكنولوجيات قائمة على خلق المشاريع وتوفير مداخيل بالعملة الصعبة.

حاورته: بثينة ناصري

- بداية هل يمكنكم اعطائنا نبذة مختصرة عن المسيرة المهنية للخبير يونس قرار؟

باحث سابق ومستشار في مجال تكنولوجيا الاعلام والاتصال ورئيس سابق في مخبر هيكلة الانظمة في مركز البحث ومركز تنمية تكنولوجية، حيث غادرت سنة 1967 المركز وأسست شركة خاصة لخدمات الانترنت، ثم التحقت سنة 2008 بوزارة البريد كمستشار مكلف بصياغة الاستراتيجية الجزائرية "الجزائر الالكترونية 2013"، وغادرت سنة 2010 واشتغلت كمستشار لدى بعض مكاتب الدراسات وبعض المؤسسات منذ سنتين، وأشغل حاليا منصب رئيس المجلس العلمي والتقني "Algeria Venter" مُسرع المؤسسات الناشئة الذي انشأته الوزارة المكلفة بالمؤسسات الناشئة وأواصل العمل في تخصصي.

- بالحديث عن التوجه الإقتصادي للجزائر، في رأيكم هل يمكن أن تكون المنصات الرقمية خلاقة للثروة ومستقطبةً للاستثمارات؟

لما نشاهد التطورالذي يشهده العالم في مجال الرقميات وفي مجال تكنولوجيات الاعلام والاتصال نلاحظ بعض التطبيقات التابعة لبعض المؤسسات التي أصبحت تربح ملاييرالدولارات مثل "فيسبوك و الانستغرام والتيك توك واليوتوب" وغيرها، وأصحابها من أغنى الناس في العالم فالشيء الطبيعي أن يستثمر الانسان في هذه التطبيقات والتكنولوجيات، في محاولة لولوج مجال ذات فائدة مادية وبشرية كبيرة وفتح مؤسسات في الجزائر مشجعة للسير في هذا المجال والاستثمار فيه.

ان ولوج ميدان التطبيقات والاقتداء ببعض المؤسسات في الجزائر مثلا شركة "ياسير" والتي اقتدت بشركة "يوفر"، واستطاعت أن تقنع بعض المستثمرين الاجانب للمساهمة في الشركة بحوالي ثلاثين مليون دولار، وعندما يكون التطبيق مربح ومفيد فشيء طبيعي أن صاحب المؤسسة يستفيد والدولة أيضا تربح من خلال الضرائب ومناصب الشغل وغيرها.

ولكن إذا كان التطبيق جذاب ومقنع فممكن أن يستقطب المستثمرين الأجانب المهتمين بالسوق الجزائرية، وهذا لأن البيئة تساعد هذه المؤسسات الرائدة والمؤسسات الناشئة في الإستثمار في الجزائر، وبذلك يحاول المستثمر القدوم إلى الجزائر من خلال نسب من رأس مال هذه المؤسسة الجزائرية، ومن ثم ينتقل بها إلى السوق الافريقي والعربي، كتجربة ناجحة التي تزيد في قيمة المؤسسة وفي رقم أعمالها، فيجب أن تتوفر سوق مربحة هنا في الجزائر التي تحدد عمل هذه التطبيقات وتحل مشاكلها، وفي نفس الوقت تستقطب استثمارات اجنبية.

قامت المؤسسات الحكومية في السنوات الأخيرة برفع التحدي والتوجه نحو الرقمنة وفق استرتيجية الدولة الجزائرية، كيف هي وتيرة هذه العملية؟ وأين وصلت الجزائر  في هذا المسعى؟

اقبلت الجزائر بجميع قطاعاتها منذ أكثر من عشر سنوات للولوج إلى عالم الرقمنة، وهذا ما شهدناه من خلال مختلف الاجراءات المتخذة فمثلا طريقة تحصل المواطن على شهادة السوابق العدلية الكترونيا والشهادة الجنسية وغيرها من التطبيقات التي كانت موجودة، ولكن ازدادت وتيرة هذه التكنولوجيا في السنوات الاخيرة دافعةً بها نحو تسريع رقمنة قطاعاتها وخدماتها.

ولاحظنا تجارب ناجحة في بعض القطاعات كقطاع الداخلية، العدالة، التعليم العالي، العمل ووزارة التربية، ولكن هذا التطور متباين مقارنة بدول اخرى، فهنالك مؤسسات ووزارات خطت خطوات كبيرة في مجال الرقمنة وهناك بعض منها للأسف متأخرة جدا في هذا المجال، وأدى هذا التباين والاختلال بالجزائر إلى اطلاق وإنشاء المحافظة السامية للرقمنة، بهدف التنسيق ما بين القطاعات في سياستها واستراتيجيتها الرقمية، لتسيرةبنفس الوتيرة وبنفس السرعة والجدية.

وانطلقت هذه المحافظة في رسم استراتيجية وطنية للتحول الرقمي التي سوف تنبثق منها برامج لجميع القطاعات للالتزام بنفس المعايير الدولية حتى تكون رقمنة في الجزائر في جميع قطاعاتها.

الأمر الثاني هو أن هناك مؤسسات نجحت قليلا في الرقمنة ، ولكن لم نشاهد محاسبة ومتابعة هذه السياسة والاستراتيجية عبر مؤشرات، وهذا لمعرفة هل الرقمنة هذه أتت بنتائجها أم لا؟ فعندما نرى الدفع الإلكتروني انطلق منذ خمس سنوات بتشجيع من الحكومة ، وعلى غرار ذلك فقد نلاحظ من جهة اخرى أن دفع فواتير الكهرباء والماء مازالت العملية لم تبارح مكانها، ونسبة قليلة جدا من الجزائريين الذين يدفعون فواتيرهم الكترونيا، السؤال هنا يبقى مطروحًا.

وبالمقابل شاهدنا وزارة التعليم العالي هذا العام اطلقت التسجيل الالكتروني للطلبة بتقنية "صفر ورقة" وفرضت على جميع المسجلين أن يدفعوا مصاريف الدخول الجامعية الكترونيا، مع عدم قبول أي تحويل ولا سيولة، وهذا كشرط أساسي للدخول الجامعي ودفع الرسوم عن طريق بريد الجزائر أو البنوك، وهنا نعرف أن العملية نجحت، على عكس جوانب أخرى مست مختلف القطاعات التي لم تنجح في تطبيقه.

فمنذ سنة تم اطلاق البوابة الالكترونية "بوابتك" التي من المفروض توفر جميع الخدمات الالكترونية، ولكن لحد الآن لم نرى أي رقم من أرقام الاحصائيات حول كم من المواطنين استعملوا هذه الخدمات وما هي الخدمات التي تم استعمالها إلى غير ذلك، وبهذا لا يكفي إحصاء الارقام فقط ولكن لابد أن نرافق المواطنين والموظفين في تبني هذه الخدمات الالكترونية واستعملها، يعني إذا كانا ننشئ منصات الكترونية ثم المواطن لا يستعملها فلماذا إذا نصرف هذه الاموال على الرقمنة.

- إلى أي المرتبة وصلت الجزائر في مجال التحول الرقمي عربيا و افريقيا و حتى دوليا ؟

هناك تقارير من بعض المنظمات الدولية التي ترتب البلدان حسب التطورها في تبني الحلول الرقمية والخدمات الالكترونية في قطاعات مختلفة، وتأخذ  بالترتيب مؤشرات عديدة والتي لديها علاقة بتدفق الانترنت، الموارد البشرية المتخصصة في هذا المجال، عدد الخدمات التي تم رقمناتها، نسبة الأوراق في الخدمات وغيرها من المؤشرات التي تجعل هذه المنظمات ترتب الدول في تبنيها لهذه التكنولوجيات، وصراحة يعني في هذه الثلاث سنوات مرتبة الجزائر تحسنت يعني دولياً وإفريقياً وعربياً، ولكنها لم تصل إلى المرتبة التي تجعلها في المراتب الأولى، ولا يزال هناك عمل كثير ينتظرها لأن حتى الدول الأخرى بذلت مجهودات كبيرة في هذا المسعى.

- كيف ترون دور رقمنة القطاعات الاقتصادية في جلب الاستثمارات الاجنبية ؟

مجال الرقمنة خصوصية تمس جميع القطاعات، "الفلاحة، السياحة، التعليم ،الصناعة، النقل" فكل القطاعات معنية باستعمال تكنولوجيا الاعلام والاتصال، فإن هذه الوسائل تساعد على تخفيض المصاريف وتحسن الخدمات وتزيد في تنافسية المؤسسات المحلية مع المؤسسات الاجنبية، لأنها تستعمل نفس الوسائل الالكترونية وتعطيها صحة مالية أحسن، ولهذا فكل المؤسسات الاقتصادية معنية بتبني هذه التكنولوجيات، والمؤسسة التي لا تستعمل هذه التكنولوجيا مصيرها الزوال بحكم أنها لا تدخل مضمار المنافسة لأن مصاريفها في الاوراق وفي التنقل ثقيلة جدا ومناصب الشغل تثقل كاهلها، وعليه لما نقارنها مع مؤسسات منافسة التي لا تستعمل الورق وتخفض التنقلات ولا تنظم اجتماعات في الفنادق يعني مصاريف كثيرة سوف تنقص.

وكذلك الأمر بالنسبة لمناصب الشغل الوهمية حيث تسمح الوسائل الالكترونية بإلغاء ومحاربة هذه المناصب الوهمية وتبقى إلا المناصب الشغالة و الحقيقية.

وفي الأخير تبقى المؤسسات التي تبنت هذه التكنولوجيا في حالة صحية مالية  جيدة جدا مما ينعكس عنها عدة فوائد وتسجل رقم أعمال، ولما تستعمل هذه الوسائل يمكن أن تنتقل بهذه التجربة إلى خارج الجزائر.

فمثلا عندما يأتي المستثمر ويطرح فكرته بأنه استعمل وسائل تكنولوجيات الاعلام والاتصال في المجال الفلاحي، وحسن جودة منتوجاته وخفض تكاليف الأسعار وللدخول بأسعار تنافسية هنا في الجزائر، وهذا المثل يستطيع المستثمر أن ينتقل به إلى الخارج.

فبالنظر للتنافسية التي تعرفها المنتجات الجزائرية التي تقنع السوق الافريقية والعربية وحتى الأوروبية خاصة عندما نرى بعض التحفيزات الحكومية في مجال الاستثمار وخاصة الرقمي، من خلال عدم دفع المؤسسات الناشئة للضرائب والرسوم الجمركية وغيرها، ووصلت بذلك هذه المؤسسة باستعمالها لهذه التكنولوجيا أن تكون منافسة وذات منتوجات نوعية وجيدة وبأسعار معقولة، مما سيسمح بدخولها إلى الأسواق الأجنبية والذي يؤدي إلى مداخيل بالعملة الصعبة.

وعندما تكون هذه التجربة ناجحة وتعطي نتائج فبطبيعة الحال المؤسسة تُعرف بخدماتها ومنتجاتها وتتمكن من جذب المستثمرين الأجانب للاستثمار فيها لتنتقل إلى درجة أحسن، ولهذا فمن الضروري على المؤسسات الجزائرية أنها تستعمل هذه التكنولوجيات لترتقي إلى الأسواق العالمية.

وفي الأخير ما هي أهم السبل والاستراتيجيات التي يمكن اتباعها لبلوغ رقمنة حقيقية تواكب الدول المتطورة؟

فالحقيقة نحن الآن في مرحلة استهلاك تكنولوجيات، ولهذا لابد أن تكون لدينا استراتيجية وطنية واضحة لتتبناها كل القطاعات، وكمرحلة أولى  يجب أن يكون هذا  الاستهلاك مفيد ونافع، في حين إذا أسأنا استعمال هذه التكنولوجيات فقد ترجع لنا بالسلب، فيمكن القول أنه عندما نستعمل شبكة التواصل الاجتماعي للتعريف بمؤسسة معينة، فعدم التمكن من التحكم الأمثل في هذه الشبكة سيجعلها  تواجه انتقادات فتكون هذه التكنولوجيات مضرة، لذا فلابد من حسن استغلالها، من خلال  تكوين الكفاءات اللازمة ومرافقة الموظفين والمواطنين لاستعمال هذه الخدمات الالكترونية ثم ننتقل من خلال هذه الاستراتيجية للمرحلة الثانية.

وتكمن المرحلة الثانية في كيفية المساهمة في تطوير هذه التكنولوجيات بالشراكة مع العظماء الكبار في هذا المجال يعني سواء مع الصين أو الولايات المتحدة أو أوروبا المتخصصين في مجالات التكنولوجيات الجديدة التي تُظهِر تطورها يوميا، فمثلا تطبيق الذكاء الإصطناعي الذي ظهر في الآونة الأخيرة الذي يمكن أن يساعد في مجال الصحة، فممكن أن نستعمل هذه التطبيقات عندنا كمرحلة أولى  ولكن يتم استهلاكها في الاشياء النافعة للرفع من مستوى المستشفيات وخدماتنا الصحية. 

ولكن لابد أن ننتقل إلى مرحلة اخرى حول مساهمة الجامعات والمعاهد والمدارس المتخصصة والمؤسسات المتخصصة في المجال التكنولوجي والرقميات والذكاء الاصطناعي، بالشراكة مع مؤسسات أجنبية التي تبيع لنا الحلول، وطرح عليها  الكفاءات الجزائرية التي تستطيع أن تساعد في جزئية من جزئيات هذا الحل الذي يقترحونه في المجال، فمن خلال الاحتكاك بالشركات الكبرى وهذه البلدان المتقدمة في المجال والرائدة في تطويرها والابتكار في التكنولوجيات الجديدة، مما يجعلنا  نتعرف أكثر عليها.

ثم تأتي المرحلة الثالثة الرامية إلى مواصلة الجهود  لتطوير الحلول الوطنية، من خلال استغلال الكفاءات الموجودة في الجزائر وخارجها، ولكن هذا يحتاج إلى استراتيجية واضحة وإرادة حقيقية، وليست مجرد خطابات فقط، مما يلزمنا تبني استراتيجية واضحة المعالم كتوجيه الأهداف إلى مناصها، من خلال تحديد الأهداف التي نريد تحقيقها في مجالات مختلفة، مع ضبط الآجال وكيفية متابعة تطبيق هذه الإستراتيجية بجدية وحزم، بالإضافة لتصحيح الأخطاء وتجاوز بعض العقبات التي تواجهنا في رقمنة بعض القطاعات وغيرها.

هذه الاستراتيجية الوطنية نتمنى أن تكون في مستوى بلوغ التحول الرقمي الذي تعمل عليه المحافظة السامية من خلال صياغة هذه الاستراتيجية لتطبيقها وتحويلها إلى مشاريع في هذا النسيج الاقتصادي وخلق مؤسسات متخصصة في مجال المؤسسات الناشئة، فلابد من اشراك كل الفاعلين في المجال العقاري في صياغة  هذه الاستراتيجية في تبنيها  وتجسيدها على الواقع.

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services