429
0
توقرت تحتفي بعيد الحرية بصوت الفن ..
أكثر من 25 مبدعًا يصنعون ليلة استثنائية في "مقهى البهجة"

في لحظة نادرة اختلط فيها روح الإبداع بعبق الحرية، تحوّل "مقهى بلال قاسي" مساء أمس إلى فضاء ثقافي نابض بالحياة، احتضن أكثر من 25 فنانًا من توقرت وضواحيها، في العدد 23 من مقهى البهجة الفني والأدبي، الذي جاء هذه المرة تحت شعار: "فنانو توقرت يتغنون بعيد الحرية".
محمد الحسان رمون
تظاهرة ثقافية خالفت المعهود، وكشفت عن توقرت أخرى ، عابقة بالفن والشعر والإنشاد والمسرح، حيث قدم المشاركون فسيفساء إبداعية راقية، جسّدت عمق الانتماء الوطني، وعبرت عنه من خلال صوت الكلمة والصورة والريشة والنغمة.
وعلى مدار ساعات، تعاقب الفنانون على تقديم أعمالهم، بين قصائد شعرية تحمل نَفَس الانتماء، و عكست همّ الإنسان المحلي وتحدياته، وصولًا إلى وصلات موسيقية وإنشادية أطربت الحضور، ولوحات خطية شدّت الأبصار، ليتحوّل المكان إلى منبر حرّ للفن الأصيل والكلمة الصادقة.
واختُتم اللقاء بتقديم لوحة فنية خطية كهدية رمزية للمقهى، عربون تقدير وامتنان لاحتضانه هذه المبادرة النوعية، التي تأتي في وقتٍ يندر فيه الاهتمام الحقيقي بالمبدعين المحليين.
هذه الفعالية جاءت بتنظيم من اتحاد الكتاب الجزائريين – فرع توقرت، في إطار سلسلة اللقاءات الثقافية التي يسعى من خلالها إلى كسر الجمود الذي يطبع المشهد الثقافي المحلي، وإعادة الاعتبار للفنانين الحقيقيين، الذين ظلّوا لسنوات ضحية الإقصاء والتهميش، خاصة في المناسبات الرسمية التي غالبًا ما تُمنح فيها الأضواء لمن لا يملكون رصيدًا فنيًا حقيقيًا.
الرسالة الأهم التي حملتها الأمسية، كما أجمع العديد من الحضور، هي أن توقرت تزخر بطاقات ومواهب فنية وثقافية ضخمة، لكنها بحاجة إلى منبر واعتراف حقيقي.
فالفنانون المحليون لطالما وجدوا أنفسهم على هامش المشهد، في ظل سياسات ثقافية لا تُنصفهم، رغم عطائهم المتواصل.
واعتبر بعض المتدخلين أن ما يحدث من مبادرات مستقلة، كتلك التي يحتضنها "مقهى البهجة"، بات يشكل ملاذًا ثقافيًا بديلاً، يستقطب المهتمين بالشأن الإبداعي بعيدًا عن القوالب الرسمية الجافة، مؤكدين على ضرورة توفير الدعم المستحق لهذه المبادرات.
هذا النجاح اللافت لم يمرّ دون دعوات لتكرار التجربة وتوسيعها، لتشمل شرائح أوسع من المثقفين والشباب، وربط جسور التعاون مع الهيئات التربوية والفنية، قصد خلق ديناميكية ثقافية دائمة لا ترتبط بالمناسبات فقط، بل تشكّل رافعة حقيقية لبناء مشهد ثقافي فاعل ومستقل في توقرت.