160
1
تَحَوّطٌ من الكراهية
الدكتور محمد مراح
تناولت صحف و وسائط تواصل اجتماعي وقائع وعينات مقيتة ، يجمع بينها "خطاب الكراهية "،الذي جندت له عالميا ترسانة من القوانين والمعاهدات لمواجهته بصرامة وبكل الوسائل العلمية والنفسية والاجتماعية والتربوية والأخلاقية والعقابية. وتقديم مذكرات إرشادية عملية للأساليب الحضارية التي تقى الحضارة والمجتمع من شروره الماحقة .
من هذه العينات ما أوردته صحيفة الخبر في تقريرين في أقل من أسبوع من مجال كرة القدم وصفت في أحدها ما أقدم عليه بعض أنصار فريقين كبيرين بـ" صفحات رسمية تقع في المحظور" {18/10/20249}، :" تبنت الصفحتان الرسميتان ... في تقديمهما للقمة ..، رسائل فيها من التحريض والكراهية والجهوية المقيتة تجاه كل فريق، وهذا تحت غطاء العراقة والانتماء لمدينة [الأكبر] ". والثاني {25/10/2024}في الحدث نفسه بسلوكات ميدانية في غاية الخطورة الأخلاقية والأمن الاجتماعي .
والعينة الثانية فيديو يوتيوب نبه فيه ناشط مفعم بالروح الوطنية النوفمبرية الصميم على "جلسات فيديوية " لشباب يحلمون بـ "البلوقورية "و مرتبة "مؤثرين" اجتماعيين، جعلوا محور جلساتهم مزج الكفريات بالسخريات الجهوية والمناطقية . و من قبل دخل التداول الشبابي مصطلح يعتمد اسما اجتماعيا مستخدما وطنيا "للون معين "لتصنف اجتماعي تمايزي ساخر تذمر ي !
تفاوت النماذج بمعيار الوسيط الإعلامي يمنح التوجس من المخاطر جديةتفاقمها التدفقات الوسائطية، والسياق المحلي والإقليمي والدولي .
والتنبه للمشهد في مجال أرحب، يسترعى النظر حَصَيَاتٍ عاد لرميها كاتب جزائري مشهور نذر قلمه في السنوات الأخيرة لبلوغ "ترند" ثقافي صحفي لخطاب كراهية كاسحا وطنيا دينا ولغة وعرقا وتاريخا وثقافة واجتماعا وفنا وأدبا ، ضج من استفزازاته المثقفون والأدباء بمن فيهم من ساندوه يوم أزيح عن عرش مؤسسة ثقافية كبرى . ورغم اعتماده الإفتراء مادة لكراهياته التي أصدرنا مؤخرا كتابا تتبعناها بالكشف والردود المناسبة ، فقد أخذ يُسَوّق لنفسه صورة التائب عما اقترف قلمه في منبر صحفي أجنبي من موبقاتها. فإن النزعة عادت متسترة بخطاب "معتدل" متآخي وطنيا،إلا أن تناقضاته تكشف مكنونه؛ ففي الوقت الذي يحتفي بتآخي اللغتين الوطنيتين التي وصف إحداها سابقا بلغة الإرهاب، يعمد للتزيف المفضي للإقصاء المفضي بدوره للكراهية العرقية؛ إذ يصور للقارئ العربي فخر الجميع بلغتهم "الأم " الواحدة !!!
لكن الروح الكارهة تعود جلية في "حديث الروح" يستحضر أثقال سنين الكراهية، بمأثورات مثل :" نحن أمة لا تقدر العلم، بل تحتقره وتصنفه في باب الكفر والزندقة" و" لا يمكن للدعاء الموجه للسماء أن يوقف القنابل النازلة منها على الرؤوس." و" نحن أمة واحدة أو أمم مختلفات ومتخلفات تصرف على الأمن كثيراً، الأمن الذي يقمع المواطن وتصرف على الفقيه الداعية الذي يخدر الشعوب بحلم في الآخرة بديلاً عن حلم في الدنيا." و" نحن أمة واحدة أو أمم مختلفات تصنع هزيمتها الأكيدة منذ قرون في مصانعها الكثيرة الموجودة في المدرسة والجامعة والحزب والمسجد والأسرة ثم نصرخ: إنهم يتآمرون علينا!"إنها هي هي حليمة التي يحزنها مفارقة عادتها القديمة، فتسارع للحضنها .
إذن المشهد على هذا بفصوله المتعددة، يدعو للتعامل الجاد على مستويات :
1. التربوية : إدراج نصوص توعية، يُفَضل مقاربتها غير المباشرة للمستويات الأولى والثانية . وكذا من خلال أنشطة اللاصفية .
2. إعلاميا : أفلام ـــ وثائقيات ــــ موائد مستديرة ــــ ألعاب إلكترونية ...
3. المسجد .
4. علميا ومعرفيا : بالبحث العلمي ، وتوعية المجتمع من مخاطر خطاب الكراهية من مداخل نفسية واجتماعية و....
5. رياضيا :من خلال أدوار إيجابية تصطلع بها العناصر الواعية من مجموعات التشجيع والأنصار ـــ مقابلات ودية {مثلا} يدمج فيها اللاّعبون من الفرق أثناء المقابلة الواحدة {الفريق الواحد مكون من لاعبيه الأصليين ولا عبي الفريق المقابل} ــــ مقابلات يشارك فيها مشاهير اللاعبين السابقين من الفرقين المتقابلين وهكذا ....
6. تشريعيا : استثمارا لتصريح السيد رئيس المهورية الأخير مع الصحافة حول مراجعة مواد دستورية ، وبالضر ورة ما دونها من قوانين و تشريعات ،أعيد اقتراح ذكرتُه عقب مأساة الراحل جمال بن إسماعيل رحمه الله :" تطوير استراتيجية وطنية للوحدة الوطنية : من إجرائتها العاجلة تطوير وإعادة ضبط قانون الكراهية والتمييز بما يردع الخوافي التي تغذي هذا الوباء الماحق للوجود الوطني ... ضبط وتوضيح وإثراء مصطلحات ومفاهيم قانون الكراهية والتمييز، سدّا لمحاولات التجيير العرقي أو الثقافي أو الاجتماعي ر والاستئثار بمنافعه، وردع الخصوم وترهيبهم ".
7. أكرر مجددا الدعوة للاستفادة من تجربة رواندا رغم أننا تفادينا بفضل الله وحمده ثم جهود المخلصين السقوط في مستنقع شبيه: بلغت صرامة قوانين الكراهية العرقية العنصرية تجريم التخاطب بالأصل العرقي للتوتسي والهوتو، مجرد ذكر كما كتب صحفي مجلة العربي الكوتية في استطلاع؛ وقف إلى جانب رواندي وسأله هل أنت توتسي، فسارع المواطن للابتعاد فزعا .