57
0
ذاكرة أوت الثورية تسلط الضوء على محطات النضال ودروس التنظيم بولاية سعيدة

احتضنت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية بسعيدة ندوة تاريخية نظمها نادي الجوهرة الثقافي، أشرف على رئاستها الدكتور شباب عبد الكريم، لإحياء الذكرى المزدوجة لهجومات الشمال القسنطيني يوم 20 أوت 1955، ومؤتمر الصومام يوم 20 أوت 1956.
الحاج شريفي
المناسبة عرفت مشاركة نخبة من الأساتذة والباحثين الذين تناولوا بالتحليل والدراسة مختلف أبعاد هذه المحطات الثورية وانعكاساتها على العمل النضالي بولاية سعيدة.
في مداخلته، تطرق الدكتور سعيد دربال إلى الأثر البالغ للذكرى المزدوجة في تبلور التنظيم الثوري على مستوى المنطقة السابعة (سعيدة لاحقا)، موضحا كيف أسهمت هجومات الشمال القسنطيني ومخرجات مؤتمر الصومام في إعادة هيكلة العمل المسلح والسياسي، ومنح الثورة بعدا تنظيميا شاملا عزز صمودها في مواجهة الاستعمار.
أما الباحث حصاد عبد الصمد، فقد ركز على إستراتيجية تنفيذ الثورة في ولاية سعيدة، مستعرضا آليات التنظيم المحلي للثورة وكيفية استجابة المنطقة لتوجهات القيادة الوطنية، حيث شكلت سعيدة فضاء حيويا لاستمرار الكفاح وتوسيع رقعة العمليات الثورية.
وفي السياق ذاته، أبرز المهتم والباحث مرابطي بغداد مساهمات المنطقة السادسة التابعة للولاية الخامسة في مسار النضال، مشيرا إلى الدور الحيوي الذي لعبته في توفير الدعم البشري واللوجستي لجيش التحرير، ومساهمتها في خلق دينامية ثورية متكاملة مع باقي الولايات التاريخية.
من جانبه، قدم الأستاذ لاشي إيدير ، مداخلة حول مساهمة المرأة السعيدية في العمل الثوري، مؤكدا أن المرأة لم تكن مجرد عنصر مساعد بل شريك أساسي في مسيرة التحرير، سواء عبر الإمداد بالمؤونة والمعلومات أو من خلال المشاركة في المهام الميدانية، مما يعكس شجاعة استثنائية ووعيا عميقا بقضية الوطن.
أما الباحث بن عطا الله قديرو، فقد تناول إستراتيجية الاستعمار الفرنسي في القضاء على الثورة بولاية سعيدة، متوقفا عند سياسات التعذيب الممنهجة التي مارسها المستعمر كنموذج لتجسيد حربه النفسية ضد الجزائريين.
وأكد أن هذه الممارسات الوحشية لم تنجح في كسر عزيمة الشعب، بل زادت من إصراره على مواصلة الكفاح حتى النصر.
الجلسة، التي اتسمت بثراء النقاش وتنوع المداخلات، خلصت إلى أن أحداث 20 أوت بهجوماته ومؤتمره مثلت منعطفا تاريخيا في مسار الثورة الجزائرية، حيث وحدت بين الفعل العسكري والتنظيم السياسي، ورسخت وحدة الشعب حول هدف التحرير.
كما شكلت سعيدة بفضل أبنائها وبناتها إحدى الساحات الحيوية التي ساهمت في تدعيم الكفاح الوطني.
واختتم اللقاء بالدعوة إلى تعزيز الوعي التاريخي لدى الأجيال الجديدة، وترسيخ قيم التضحية والوفاء، مع الترحم على أرواح الشهداء الأبرار الذين صاغوا بدمائهم ملحمة الحرية والاستقلال.