في إطار العلاقات المتينة التي تربط الجزائر بجمهورية نيجيريا الفيدرالية، استقبل  محمد المأمون القاسمي الحسني، عميد جامع الجزائر، يوم الثلاثاء، رئيس مجلس نوّاب نيجيريا تاج الدين عبّاس، والوفد المرافق له، في زيارة رسمية حملت أبعادًا دينية وفكرية وسياسية، وعكست عمق الروابط التاريخية التي تجمع بين البلدين.

ماريا لعجال 

وتأتي هذه الزيارة في سياق تنامي الحضور الجزائري في القارة الإفريقية، من خلال مقارباتها الشاملة في مجالات الاقتصاد والفكر والدين، الهادفة إلى ترسيخ قيم الاعتدال والوحدة والتضامن بين الشعوب الإفريقية. وقد شكّل اللقاء بين عميد جامع الجزائر ورئيس مجلس النواب النيجيري نموذجًا حيًّا لما يُعرف بـ«الدبلوماسية الدينية»، التي تسعى الجزائر من خلالها إلى تعزيز التواصل الثقافي والبرلماني، ومواجهة التحديات المشتركة، وعلى رأسها مكافحة التطرّف الفكري وترسيخ ثقافة الحوار.

 

وفي كلمته الترحيبية، عبّر الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني عن تقديره لهذه الزيارة، معتبرًا إيّاها خطوة نوعية نحو توطيد العلاقات الجزائرية النيجيرية، ومؤكدًا أنّ جامع الجزائر، باعتباره منارة للفكر الوسطي، يطمح إلى توسيع التعاون مع المؤسسات الدينية والعلمية في نيجيريا، من خلال برامج بحثية مشتركة وملتقيات علمية تُعزّز المرجعية الدينية الجامعة القائمة على العقيدة الأشعرية والفقه المالكي والتصوّف السني.

 

كما شدّد العميد على أنّ التعاون في المجال الديني يشكّل ركيزة محورية لترسيخ الأمن الفكري ومواجهة الأفكار المتطرفة التي تهدّد استقرار المجتمعات الإفريقية، داعيًا إلى تعزيز التنسيق بين مراكز البحث العلمي والديني في البلدين بما يخدم التنمية الروحية والثقافية في القارة.

من جهته، عبّر تاج الدين عبّاس عن سعادته بزيارة جامع الجزائر ولقائه بعميده، مثمّنًا التجربة الجزائرية الرائدة في تسيير الشأن الديني وترسيخ المرجعية الوسطية التي تمزج بين الرؤية الفكرية المستنيرة والحكمة الأمنية.

وأكد المسؤول النيجيري أنّ بلاده، التي تضم ما بين 120 و130 مليون مسلم، تسعى إلى الاستفادة من التجربة الجزائرية في مكافحة الفكر المتطرّف وتحصين الشباب من الانحرافات الفكرية، معتبرًا الجزائر نموذجًا يُحتذى به على المستوى الإفريقي في إدارة القضايا الدينية والاجتماعية.

 

وقد اختُتم اللقاء بتأكيد الطرفين على ضرورة تعزيز التعاون العلمي والديني بين الجزائر ونيجيريا، من خلال إطلاق برامج أكاديمية وتبادل الخبرات بين الجامعات والمراكز البحثية، بما يُسهم في تحصين الشباب الإفريقي من الفكر المتشدّد، وترسيخ قيم التسامح والاعتدال والأخوة الدينية التي تمثّل جوهر الرسالة الإسلامية.