287
0
ست سنوات من حكم الرئيس تبون.. وكالة الأنباء ترسم ملامح "تحوّل جذري"
.jpg)
بقلم: ضياء الدين سعداوي
منذ أن اعتلى السيد عبد المجيد تبون سدّة الحكم في ديسمبر 2019 تشهد الجزائر مساراً سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً توصف ملامحه – في الخطاب الرسمي – بـ"التحوّل الجذري".
حيث تسعى البلاد إلى تجاوز إرث عقود من الجمود والإعتماد المفرط على الريع النفطي والإنخراط في معادلة جديدة تتأسس على تنويع الإقتصاد، ترسيخ المؤسسات وإعادة الإعتبار للمواطن بوصفه المحور الأساس في معادلة الحكم.
بداية التحول... من الثقة المهتزة إلى استعادة الأمل
في تقرير لوكالة الأنباء الجزائرية تم تسليط الضوء على ما سُمي بـ"التحول العميق" الذي بدأ منذ تولي الرئيس تبون رئاسة الجمهورية واعتبر من قبل الوكالة نقطة إنطلاق لمسار جديد يقطع مع ممارسات سابقة ويسعى لبناء جزائر جديدة على أسس مؤسساتية أكثر صلابة.
الرئيس تبون استطاع في ظرف ست سنوات فقط إعادة نسج خيوط الثقة بين الدولة والمواطن، تلك الثقة التي طالما أعتُبرت مفقودة نتيجة سنوات من التهميش و الإقصاء والبيروقراطية.
فرئيس الجمهورية ـ تقول الوكالةـ ، جعل من المواطن مركز كل سياسة عمومية، بل تجاوز ذلك إلى التأكيد في كل مناسبة على أن "المواطن خط أحمر" في إشارة إلى أولوية الكرامة والمعيشة والعدالة الإجتماعية في سلم الأولويات الرئاسية.
رهانات ما بعد المحروقات... نحو إقتصاد متنوع
واحدة من أبرز التحديات التي يرفعها الرئيس تبون هي الإنتقال بالجزائر إلى مرحلة ما بعد المحروقات في ظل أزمة عالمية وتقلبات حادة في أسواق الطاقة، وهو ما تجلّى – بحسب التقرير – في دفع الدولة نحو مسارات جديدة تُعلي من قيمة الإنتاج الوطني و تعزز الصناعات التحويلية و تُحدث نقلة نوعية في القطاع الفلاحي، إلى جانب دعم الصادرات خارج قطاع المحروقات.
ورغم صعوبة الظرف الإقتصادي العالمي فإن الخطاب الرسمي يؤكد وجود "إرادة سياسية واضحة" لكسر التبعية التاريخية للمحروقات، وتحقيق تحول فعلي يضمن تنمية مستدامة، و فرص عمل و ثروة وطنية خارج إطار النفط والغاز.
سياسة خارجية متجددة..إستعادة الدور الإقليمي والدولي
أبرز تقرير وكالة الأنباء الجزائرية أن الجزائر إستعادت صوتها وهيبتها على المستوى الدولي مع التأكيد على تمسكها بثوابت السياسة الخارجية المعهودة المتمثلة في : الدفاع عن القضايا العادلة، إحترام سيادة الدول، دعم الحلول السلمية، والإلتزام الصارم بالقانون الدولي.
ويرى التقرير أن الجزائر برزت من جديد كقوة سلام ووسيط موثوق في محيط إقليمي متأزم وعالم متقلّب وهو ما أنعكس في مواقفها الأخيرة في العديد من الأزمات الدولية و محاولاتها الدؤوبة لتقديم المبادرات السياسية في عدد من بؤر التوتر.
منطق الشراكة مع المواطن
التقرير يشدد على أن سياسة الرئيس تبون لا تُبنى على قرارات فوقية بقدر ما تؤسس على منطق الشراكة الفعلية مع المواطن سواء من خلال الإشراك في صياغة الإصلاحات الكبرى أو من خلال توسيع هامش الحريات وتعزيز دور المجتمع المدني كفاعل محوري في التنمية.
وقد سعت السلطات في السنوات الأخيرة إلى تكريس هذا التوجه من خلال مشاريع قوانين جديدة، وتعديل دستوري يوسّع من دور المواطن والمجتمع و يعيد ترتيب العلاقة بين الدولة ومكوناتها في اتجاه أكثر ديمقراطية و توازناً.
الواقع بين الخطاب والميدان
ورغم ما حمله التقرير من إشادة واسعة بالتحولات المسجلة في عهد الرئيس تبون إلا أن الطريق ما يزال محفوفاً بالتحديات، حسبما جاء في التقرير نفسه إذ تبقى ملفات البطالة والسكن ومشكل القدرة الشرائية وتعقيدات الإدارة ونقص الخدمات في بعض المناطق، أبرز الرهانات التي تواجه الحكومة الحالية.
كما أن تحويل الطموحات الكبرى إلى منجزات ملموسة يقتضي تسريع وتيرة التنفيذ و مكافحة كل مظاهر البيروقراطية والفساد الإداري وضمان عدالة إجتماعية تلامس يوميات المواطن البسيط في الوسط الحضري كما في القرى والمناطق المعزولة.
إلى أين تمضي الجزائر؟
تخوض الجزائر اليوم، معركة مزدوجة: إعادة بناء الداخل، وإستعادة مكانة الخارج، وهو ما يتطلب تحصين الجبهة الإجتماعية، وتفعيل دور الشباب والإستثمار في الإنسان قبل أي شيء آخر.
وإذا كانت الست سنوات الماضية قد حملت بدايات تغيير، فإن السنوات القادمة ستكون إمتحاناً حقيقياً لقدرة الدولة على تجسيد هذا التحول، ليس فقط على مستوى الشعارات والخطابات، بل على مستوى السياسات الفعالة والأثر الملموس في حياة الجزائريين.
بين التحول المأمول والتحديات المستمرة تقف الجزائر عند مفترق طر ، فإما أن تترجم الإرادة السياسية إلى مشاريع واقعية تُعيد رسم المشهد الوطني على أسس جديدة أو أن تتبدد الآمال مجدداً ويظل حلم "الجزائر الجديدة" مؤجلاً إلى إشعار آخر.