524
0
شهادة حية تعرض لأول مرة عن أيقونة الصحافة الجزائرية زهير إحدادن... ماذا قال عن الصحفي الممتاز ولماذا استقال من سلطة الضبط..؟

في اليوم الوطني للصحافة، نستذكر إحدى الشخصيات الأكاديمية والإعلامية التي تعتبر أيقونة الصحافة الجزائرية بلا منازع، شخصية فكرية أثرت المكتبة الوطنية في مجال الإعلام واسست علم الإعلام والإتصال في الجزائر، ومن درس تخصص الصحافة لا يمكنه أن ينسى فضل المفكر والكاتب والدكتور الجامعي زهير احدادن.
زهور بن عياد
من كان محظوظا كان من طلبته فنهل من علمه وأحب الإعلام من خلاله ، ومن كان أقل حظا استند على مراجعه التي تعتبر أساس تأريخ الصحافة الجزائرية، فكانت كتبه رفيقة لنا في سنوات الجامعة، وفترة التحضير لرسالة ليسانس ، ولم نستطيع التخلي عنها بعد سنوات طويلة في نيل شهادة الماستر.
من بجاية كانت البداية
ولد زهير احدادن في 17 جويلية 1929، في سيدي عيش بولاية بجاية، تحصل على شهادة ليسانس في اللغة العربية وآدابها من جامعة الجزائر ثم شهادة دكتوراه دولة في العلوم السياسية من جامعة باريس.
انخرط في العمل النضالي في حزب الشعب الى غاية َ1949 في قسنطينة لينتقل بعدها الى الجزائر العاصمة، واشتغل استاذا في التعليم الثانوي ولم يمكث طويلا حتى اوقفته سلطات الاحتلال الفرنسي واودعته السجن ثم نفته الى وهران، ثم القي عليه القبض مرة اخرى.
توجه إلى فرنسا ليلتحق بشقيقه حفيظ الذي يعتبر أبرز علماء الذرة ثم انتقل الى تونس لمواصله عمله النضالي وبعدها الى المغرب الاقصى حيث واصل العمل السياسي في صفوف حزب الشعب الى جانب عمله محررا في جريدة المجاهد، قبل الاستقلال.
عاد الى الجزائر بعد الاستقلال سنة 1962 ليعمل كمدرس في ثانوية الادريسي ثم ساهم في تأسيس المدرسة العليا للاساتذة ومن ثم تحول الى وزارة التعليم العالي والمدرسة العليا للصحافة.
وفي سنة 1976ِ قرر متابعة دراسته العليا بجامعة السوربون ثم عاد الى الجامعة الجزائرية فدرس بها ثم تفرغ للكتابة والتأليف.
من مؤلفاته مدخل لعلوم الإعلام والاتصال والصحافة الإسلامية الجزائرية من بدايتها الى غاية 1930، الصحافة المكتوبة في الجزائر من 1965، الى 1982، المختصر في تاريخ الثورة وغيرها، وربما كتابه الابرز "التاريخ المستقل للمغرب "وهودراسة مقارنة لكتب المؤرخين حول الجزائر حاول تصحيح عدة مغالطات وفند العديد من الاراء التي صاغها الاستعمار حول الشعب الجزائري وهويته.

شهادات حية تعرض لأول مرة
في لقائه مع بركة نيوز عرض الدكتور والباحث الجامعي محجوب برضوان لأول مرة شهادته حول الإعلامي الراحل زهير احدادن الذي جمعته به علاقة صداقة في السنوات الاخيرة من حياته قائلا" كان رجلا متواضعا متقد الفكر، متميزا في طرحة ، ساميا في أخلاقه".
بهذا استهل الدكتور برضوان شهادته عن أيقونة الاعلام الجزائري معرجا على فترة تعرفه به في إحدى المحاضرات التي كان ينظمها رفقة نخبة من الباحثين في بلدية القبة بالجزائر العاصمة، في بداية الالفية مؤكدا" كنا في محاضرة علمية حول الشيخ عبد الحليم بن سماية ، وحين فتح المجال للمداخلات ، وقف الدكتور احدادن ولم أكن أعرفه وتحدث وهناك برز لنا رجلا بلباسه التقليدي "سروال اللوبيا" وفي حديثه اكتشفنا عقلا راجحا موسوعيا وطرحا عميقا، انبهرت من حديثة وهنا اكتشفت أنني ضيعت سنوات من جهلي لهذا الرجل العظيم".
استرجع محدثنا بعض المواقف الخالدة للراحل احدادن منها ما قاله للرئيس الراحل هواري بومدين عن نظرته للتعريب، وكيف أقنعه أ ن التعريب لا يمكن أن يم دون ازدواجية اللغة والانتقال السلس من الفرنسية الى العربية.
وعن موقف رواه له الراحل احدادن فيه بعض الطرافة رفقة صديق له الذي جمعته به صداقة لأكثر من 60 سنة، الدبلوماسي الطاهر قايد، الذي كان أول سفير للجزائر في غانا، يقول "كنا في الحافلة للذهاب لحضور اجتماع لحزب الشعب قبل الثورة التحريرية، وتبادلنا الحديث، وحين سألته عن مكان ذهابه قال انه ذاهب لزيارة خالته، أما أنا اخبرته اني ذاهب لحضور مقابلة رياضية.وحين نزلنا من الحافلة في نفس المكان، كان كل منا يحاول تمويه الطريق للاخر وبقينا لحظات أحدنا يترقب الاخر الى أن وجدنا أنفسنا في قاعة الاجتماع، ضحكنا بعدها وبدأت صداقة دامت لأكثر من 60 سنة".
من هو الصحفي المتميز ولماذا استقال من سلطة الضبط
في أحد اللقاءات التي جمعت المفكر والإعلامي الراحل احدادن بمحدثنا والذي كما قال لنا "كنا نلتقي غالبا في السياره لأوصله لمقر سكنه، وكان حديثنا يطول وحين نقترب من الوصول يقول هل لنا ان نتجول قليلا وهناك استشعرت ارتياحه في الحديث معي، فانتهزت الفرصة لاسأله "من هو الصحفي الممتاز ؟ وفاجئني بإجابته قائلا": هو الصحفي الذي يقول الحقيقة".
وعين المفكر الراحل في أواخر حياته في سلطة الضبط السمعي البصري ، لكنه بعد فترة قدم استقالته، وحين سئل عن السبب قال" لا يمكنني أن أتقاضى راتبا دون أن ابذل جهدا"، وكان موقفا يبرز سمو أخلاقه ورقي مبادئه التي نشأ عنها.
تمنى أن يختم مذكراته، ويدفن في قبر أخيه
كان دائما الحديث عن أخية عبد الحفيظ الذي يعتبر أول عالم ذرة على المستوى العربي والافريقي والذي استشهد في المغرب بعد انفجار الطائرة التي كانت تقله سنة 1961، تمنى أن يدفن بقبره المتواجد في العالية وشاءت الاقدار أن يدفن بجواره.
قبل وفاته كان يشتغل على اتمام مذكراته وهنا يقول الدكتور برضوان" هاتفني يوم قبل وفاته وكان في المستشفى وقال لي ، إني سعيد جدا لقد تم نشر مذكراتي،اعتقدت أن سعادته بسبب شفائه أو خروجه من المستشفى ولكن شغفه وحبه للقلم واخلاصه في علمه ودينه، هو ما يسر له نشر مذكراته يوم قبل وفاته.
ويضيف محدثنا "بعد وفاته ذهبت لبيته و أخبرت زوجته عن حديثنا، وهناك قدمت لي نسخة من مذكراته ولكن وقعتها بدل عنه وكان أخر فصل عشته مع عظيم من عظماء الجزائر.
توفي المؤرخ والاعلامي والمجاهد زهير احدادن عن عمر ناهز 89 عاما في 20يناير 2018 ، ليخلد في كلية الإعلام التي قدم فيها عطاءا لا ينفذ، وأطلق اسمه على أحد مدرجات الكلية، عرفانا لجهوده في ابراز دور الصحافة و تعزيز مكانتها في بناء المجتمعات وتطورها.

