596

0

صدام مكشوف بين رئيس المجلس الشعبي الولائي ومحافظة الأفلان في باتنة

صراع سياسي يتحول إلى معركة قانونية

تشهد الساحة السياسية في ولاية باتنة تصعيدًا غير مسبوق بعد اندلاع صراع محتدم بين رئيس المجلس الشعبي الولائي أحمد بومعراف، ومحافظة حزب جبهة التحرير الوطني، بلغ حد التراشق بالبيانات والاتهامات المتبادلة، وامتد إلى بوابة القضاء بطلب فتح تحقيق رسمي في "استغلال غير قانوني لصفة سيادية".

تقرير: ضياء الدين سعداوي 

وقد أعلن رئيس المجلس الشعبي الولائي، بتاريخ 19 ماي 2025، تجميد عضويته في حزب جبهة التحرير الوطني، في خطوة مفاجئة وصفها متابعون بأنها "قنبلة سياسية"، مدعّمة ببيان شديد اللهجة وجّه فيه اتهامات مباشرة لقيادة الحزب على المستويين المحلي والمركزي، متهمًا إياها بـ"الانحراف عن المبادئ وتغليب الولاء على الكفاءة".

الأفلان يردّ: تصرفات لا مسؤولة وختم الدولة في قلب الاتهام

وفي تطور دراماتيكي، ردّت محافظة الأفلان بباتنة يوم 19 ماي ببيان مطوّل حمل عنوان "بيان تنديد واستنكار"، وُقِّع من طرف رئيس اللجنة الانتقالية للمحافظة، عباس شافعة، وأكدت فيه أن البيان الذي أصدره بومعراف حول تجميد عضويته جاء مذيّلاً بختم المجلس الشعبي الولائي، ما اعتبرته "استعمالًا غير قانوني لرمزية مؤسسية دستورية".

وأورد البيان أن بومعراف، إلى جانب عضو المجلس نبيل شنة، أقدما على توظيف ختم المجلس الشعبي الولائي في وثيقة شخصية وسياسية، وهو ما يشكل – حسب البيان – مخالفة صريحة للقوانين المعمول بها، وعلى رأسها المادة 214 من قانون العقوبات، التي تجرّم استغلال الوظيفة لأغراض غير رسمية.

وأكدت المحافظة للموقع الإخباري "بركة نيوز "أنها تقدمت بمراسلة رسمية إلى والي ولاية باتنة، طالبت فيها بفتح تحقيق إداري وقضائي في القضية، مشيرة إلى أن ما حدث "يمسّ بمصداقية مؤسسات الدولة، ويهدد حيادها"، وأن التصرفات التي وصفتها بـ"اللامسؤولة" لا تمت بصلة لثقافة الدولة أو الحزب، مؤكدة احتفاظها بحق التقاضي ضد بومعراف ومن "يسلك طريقه".

خلفيات الأزمة: صراع داخلي أم تصفية سياسية؟

الخلاف بين الطرفين لا يبدو وليد اللحظة. فالرجل كان المرشح الأوفر حظًا لخوض انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة عن حزب جبهة التحرير الوطني، قبل أن يُقصى ملفه من طرف السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، رغم فوزه الكاسح في الانتخابات الأولية داخل الحزب، ما أفسح المجال لغريمه السياسي في الأرندي لحصد المقعد. وهي الضربة التي فتحت جرحًا عميقًا في بيت الأفلان بباتنة.

وفي بيانه الناري، اعتبر بومعراف أن الحزب بات أداة في يد "قيادات ظرفية وانتهازية"، واتهم أطرافًا داخل المحافظة بـ"الانقلاب على الشرعية القاعدية"، وتساءل عن جدوى النضال في حزب "يكافئ الوفاء بالإقصاء".

الأفلان: لا أحد فوق الهياكل الحزبية

بيان محافظة الأفلان شدّد على أن بومعراف "قد تمّ إقصاؤه خلال المؤتمر الحادي عشر من الترشح لعضوية اللجنة المركزية، وأقصته السلطة المستقلة كذلك من عضوية مجلس الأمة"، معتبرًا أن بياناته مجرد رد فعل على فشل سياسي داخلي، خاصة بعد عدم حصوله على تزكية الحزب ورفض ملفه نهائيًا من قبل الجهات المختصة.

وأضاف البيان أن "عملية الهيكلة في الحزب تتم بشفافية وبروح نضالية عالية"، وبحضور المناضلين في جمعيات عامة، مؤكدًا أن "من يعارضون قرارات الحزب بإمكانهم التوجه للقضاء"، لكن "استعمال الأختام الرسمية لأغراض سياسية" يُعد تجاوزًا غير مقبول.

منابر إعلامية، معارك حزبية، واحتمال تدخل العدالة

وقد أثار هذا الصراع تفاعلاً واسعًا في أوساط المهتمين بالشأن المحلي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن بومعراف ضحية "تصفية سياسية مغلّفة"، ومن يرى أن استعماله لختم مؤسسة سيادية في بيان سياسي "أمر يستدعي المتابعة القضائية"، خاصة وأن المحافظة ألمحت صراحة إلى وجود شبهة جنائية في هذا التصرف.

من جهته، صرّح بومعراف لموقع "بركة نيوز" أن تجميد عضويته يندرج ضمن صلاحياته كرئيس للمجلس الشعبي الولائي، ما يعني أن الأفلان، حسب تعبيره، لم يعد يمثّل الرئاسة داخل المجلس الولائي. كما كشف عن مباشرته إجراءات المتابعة القضائية ضد اللجنة الإنتقالية لمحافظة حزب جبهة التحرير الوطني على خلفية الإتهامات الخطيرة التي وجهت له.

المشهد إلى أين؟

في ظل هذا التصعيد، يُتوقّع أن تعرف الأيام المقبلة تطورات جديدة قد تمسّ بتوازنات الحزب العتيد في باتنة، وسط دعوات من داخل الأفلان لإعادة الاعتبار "للمناضلين الحقيقيين"، وتحذيرات من توسّع رقعة الانشقاقات إن لم تتدخل القيادة الوطنية سريعًا.

الصراع الحالي لم يعد مجرّد خلاف تنظيمي داخل حزب، بل بات قضية رأي عام تمسّ مؤسسات منتخبة، ما يفرض على السلطات التحرك بجدية لكشف ملابسات هذه الأزمة، ومعرفة من استغل ختم الدولة ومن يسعى لتسييسه.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services