دعى رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, اليوم الخميس, خلال إشرافه على افتتاح الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية الذي تحتضنه الجزائر، إلى توحيد الدول الإفريقية لجهودها من أجل تمكين القارة من المساهمة في صناعة القرار الاقتصادي الدولي وتجاوز التهميش الذي تعاني منه.
كريمة بندو
حيث قدّم رئيس الجمهورية تشخيصا دقيقا للوضع الاقتصادي الإفريقي ورؤيته لاستنهاض طاقات القارة التي "لا تزال مغيبة في صنع القرار الاقتصادي العالمي, بحكم تهميشها في أغلب المؤسسات الاقتصادية والتجارية والمالية الدولية".
واستدل رئيس الجمهورية في ذلك بالحصص الضئيلة التي تحوزها الدول الإفريقية في هذه الهيئات, مستشهدا بعدم تجاوز حصتها في حقوق التصويت بصندوق النقد الدولي 5ر6 بالمائة, وهي الحصة الأضعف على الإطلاق بهذه المنظمة, فيما لا تتجاوز بالبنك العالمي 11 بالمائة.
"حصة إفريقيا من التجارة العالمية لا تتجاوز 3 بالمائة"
اما فيما يخص منظمة التجارة العالمية, فقد لفت رئيس الجمهورية إلى أنه "على الرغم من افتكاك إفريقيا لمنصب مدير عام لهذه المنظمة, ولأول مرة في تاريخها, إلا أن هذا المكسب لا يغطي حقيقة أن إفريقيا لا تزال محدودة التأثير في صناعة قرار هذه المنظمة".
ونفس الأمر بالنسبة لحصة إفريقيا من التجارة العالمية, والتي ذكر رئيس الجمهورية بأنها لا تتجاوز 3 بالمائة, ما يعد "رقما ضئيلا مقارنة بما تمتلكه القارة من موارد تشكل 30 بالمائة من الثروات الطبيعية العالمية, يضاف إلى ذلك تجاوز عدد سكانها المليار ونصف المليار نسمة, يشكلون سوقا استهلاكيا صاعدا وهائلا".
كما ذكر رئيس الجمهورية بأن حصة إفريقيا من تدفق الاستثمارات العالمية لا تتجاوز 94 مليار دولار أمريكي سنويا وهي "الحصة الأضعف في العالم".
وأشار رئيس الجمهورية إلى أن التجارة البينية الإفريقية "لا تزال في حدود 15 بالمائة", فيما تبلغ التبادلات البينية الأوروبية 60 بالمائة, وهو الواقع الذي "يحرم اقتصادياتنا من فرص كبيرة للنمو وتوفير ملايين مناصب الشغل لشبابنا".
"الجزائر ساهمت في تكوين ما لا يقل عن 65 ألف إطار إفريقي"
كما توقف رئيس الجمهورية عند "الفجوة العميقة في البنى التحتية الأساسية للنقل والطاقة والاتصالات والتمويل", التي تعاني منها القارة الإفريقية, مبرزا أن هذه المعطيات "يجب ألا تحد من عزيمتنا, بل على العكس, ينبغي ان تكون دافعا إضافيا للنهوض بطاقاتنا الجماعية لتحويل واقعنا القاري إلى نجاح في التنمية".
وأبرز, في هذا الصدد, مساعي الجزائر في استدراك هذه النقائص والمساهمة في رفع التحدي لصالح الأجيال الحالية والمستقبلية من خلال العديد من المشاريع الهيكلية الكبرى التي تعود بالنفع على القارة, وفي صدارتها الطريق العابر للصحراء وأنبوب الغاز الجزائر- نيجيريا وكذا مشروع الألياف البصرية الذي يعزز السيادة الرقمية, بالإضافة إلى إطلاق رحلات جوية وبحرية تربط العواصم الإفريقية وفتح فروع للبنوك الجزائرية في مختلف البلدان الإفريقية, إلى غيرها من المشاريع.
ودائما في معرض تأكيده على البعد التضامني الذي تتبناه الجزائر تجاه باقي دول القارة, أشار رئيس الجمهورية إلى أن "الجزائر تفتخر بأنها ساهمت منذ استقلالها في تكوين ما لا يقل عن 65 ألف إطار إفريقي, إيمانا منها بأهمية النضال من أجل تنمية إفريقيا", مضيفا بأن الجزائر تعمل ضمن هذا المسعى "دون ضجة''.
"مستقبلنا يكمن في شبابنا"
كما لفت الرئيس تبون إلى أن الجزائر "توفر سنويا 8 آلاف منحة دراسية للأشقاء الأفارقة, تمكنهم من الالتحاق بمقاعد ومعاهد وأقطاب الامتياز في ميادين الرياضيات, الروبوتيك وتقنيات النانو والذكاء الاصطناعي".
وخلص رئيس الجمهورية الى التأكيد أن القارة الافريقية هي المستقبل, بالنظر الى الطاقات الشبانية التي تزخر بها, فهي -كما قال- "قارة شابة والقارات الأخرى دخلت في شيخوخة, وما نقوم به سياسيا واقتصاديا هو لفائدة الشباب", مضيفا أن "الشباب الجزائري والإفريقي هو شباب مبتكر وليس لديه أي عقدة من قارة أخرى, فمستقبلنا يكمن في شبابنا".