30

0

نداء الجذور

 بقلم: جلال نشوان

قررت أن اتحسس معاناة أبناء شعبي المكلوم والذي يعاني الأمرين، شعبي الذي أنهكه الجوع، فنزلت الى الشارع لأعيش لحظات الألم وأشارك الجميع وجدانيا، وإذا بأصوات سيارات الأسعاف التي ملأت المكان وهى تنقل الشهداء الذين ارتقوا إلى العلا.

وأنا في مرحلة الذهول والألم الذي أصاب الجميع ووسط هذه الأجواء الرهيبة وعلى ضوء هذه المعطيات القاسية التي تعيشها أمتنا العربية، جال خاطري في أيام الزمن الجميل ، خاصة أيام زعماء الأمة وقادتها الشهداء العظام جمال عبد الناصر، هواري بومدين ، صدام حسين، حيث كانت الأمة في أبهى صورها.

واليوم وفي أيامنا هذه للأسف نعيش أجواء التردّي التي يعيشها الإنسان العربي المحبط بالهزائم والانكسارات، والمهدّد في حياته ووجوده الإنساني وإرادته الحرة، حيث بات المواطن العربي، خاضعاً لحسابات الربح والخسارة في تحديد موقفه، وتصحيح نهجه على ضوء التحديات التي تواجه الأمة، خاصة معاناة الشعب الفلسطيني الذي يواجه آلة الموت الصهيونية ولا نسمع الا سيمفونية بشعة ( ندين، نشجب ، نستنكر ).

جال خاطري أغنية ( أخي جاوز الظالمون المدى ) تلك الأغنية التي مدلولاتها الزمان يعانق المكان والزمن فى خمسينات وستينات القرن الماضى، وفى أوج تألق إذاعة صوت العرب الذى أتخذها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر منبراً له مخاطباً جموع الأمة العربية، وقت كانت القومية العربية هى حلم الأمة وخلاصها من المستعمر الأجنبي.

تبدلت الأحوال وتغيرت الأمور، وانتشرت عدوى العقلية النفعية وانتقلت إلى القوى المثقفة التي كان يفترض أن تكون نموذجاً للمبدئية ضد حسابات الربح والخسارة، والتي كان يفترض إن تساهم في تربية الناس على إخضاع المصلحة الخاصة للمصلحة العامة.

فكان أن نكست هذه القوى رايات المبدئية ورفعت رايات الانتهازية المباشرة وغير المباشرة، ورايات الغوغائية التي لا تستحي من شيء، ولا تخجل من أفعالها القبيحة. وقد روجت لخطاب ثقافي جديد بإسم الواقعية أحياناً، وباسم العقلانية و الموضوعية في أحيان أخرى، من مواجهة المواقف المبدئية التي تتعلق بمصير الأمة، والدفاع عن الأرض والأوطان، في مواجهة مشاريع الغزو والهتك والعدوان والتآمر.

ويبقى السؤال الأكثر أهمية: لماذا أحجم المثقف العربي بالدفاع عن قضايا أمته؟ الشعب الفلسطيني يتعرض لحرب الابادة الوحشية، حيث القتلة الإرهابيين الصهاينة النازيين وللأسف وكأن الأمة لا يهمها ما يحدث في محافظات غزة وجنين وطولكرم ، ثم الارهابي سموتريتش الذي يمنع تحويل المقاصة ليتقاضى الموظفون رواتبهم حتى يومنا هذا وللأسف تركونا نموت جوعا في كل يوم يسقط المئات من الشهداء ، ثم أصبح الاقتحام اليومي للمسجد الأقصى المبارك بمثابة خبراً يمر مرور الكرام ؟!!!

مرارة الواقع الذي ما زلنا نعيش أوجاعه وآلامه يفسر جانبًا من جبن المواطن واحجامه عن لعب دوره في اللحظات التاريخية الحرجة، ولكن الذاتية والانانية والمصلحية تلعب دوراً لا يقل خطورة عن بنية لطالما نحاول، وبصورةٍ دائمة، استرجاع بعض ما قذفت به الأيام بعيداً عنا، وما خلفته من هموم قاسية قصمت ظهر الكثير منا، وترانا بعد أيّام وأشهر وسنين انقضت نستشفّ حالها، وما مدى حُبنا وولعنا لها، ما يسعفنا على تذكّرها، والتمجيد والتغنّي بمآثرها..

ولهذا لطالما نشحذ ما بداخلنا من رغبات لجهة التمجيد بها، ونفرح أشدّ الفرح لمجرد تذكّرها والاستئناس بها، وإعادة بسط ما سبق أن عشناه مع ذكريات أيامها الجميلة، وهي بالكاد تكون مفرحة، إلّا أنّه ولمجرد أنها ذكرى أصبحت من الماضي يظل لها طعمها ومذاقها الخاص، وإن حملت في بعضها مرارة الواقع الذي ما زلنا نعيش بعضاً من مؤسياته وعلله وأوجاعه العودة إلى تلك الأيام، وما حملته من ذكريات تعيدنا إلى تذكّر أيام الزمن الجميل الذي لا يمكن بحال نسيانه أو العودة به إلى سابق عهده لأنه يستحيل إعادة الصور الجميلة التي أصبحت من الماضي، ولم يكن من بد الوقوف عندها.

تلك الأيام التي ظلت تؤنس غربتنا، فكانت في مجملها ولا أفضل، وها هي تقفز أمامنا هنا وهناك.. ونقف بدهشة نتذكرها بحلوها ومرها، وما انتهت إليه.

ما فقدناه هي أشياء جميلة كثيرة ارتبطت بذلك الزمن، فكثيرا ما تستعرض ذاكرتي بعض المواقف لبساطة ذلك الوقت حين كان الجيران يجودون بالقليل من القليل الذي لديهم كي يشاركوا بعضهم البعض، حيث الحب في الجود بالقليل من كل شيء لدينا نشارك به من نحبهم، وليس الكثير دليل الحب أبدا، كان جمال المشاعر في تلك الأيام يختلف تماما عن اليوم، فهناك اليوم من يجود بالكثير الكثير الخالي من مشاعر الحب والمليء بالرياء والاهتمام بالمظهر.

تراجعت الأخلاق وضربت منظومة القيم وأصبحنا نعيش في زمن قاسي ومرير ، نأمل أن يأتي عهد جديد يحمل في طياته الأجمل والأحلى لا نريد العودة إلى طقوس الماضي ، لكن العودة إلى الحب والاخلاص والتضحية ...

أتذكر والدي وأعمامي رحمهم الله وهم يستذكرون جدي أول شهيد سقط من طائرة صهيونية بقنبلة مسمارية رحمه الله جذورنا نحن شعب فلسطين ضاربة في أعماق التاريخ انه نداء الجذور الذي يحتم على أمتنا الالتفات لنا بعض للشيء لا نريد سيوفهم ،لكن نداء الجذور ووشائج القربى الذي يجمعنا انه رباط الدين واللغة ولكني تذكرت قول الشاعر وظلمُ ذوي القربى أشدّ مضاضةً على المرء من وقعِ الحسامِ المُهنّدِ ستُبدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلاً ويأتِيكَ بالأخبارِ مَن لم تزود ويبقى نداء الجذور يداهمني ويعاتبني ولكنني خاطبته نداء الجذور فوق كل اعتبار.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services