520

0

مستشفى فرنسي في باتنة.. صورة  تشعل جدلاً وتفتح ملف الشفافية في تقديم المشاريع

في مشهد أثار موجة من السخرية والجدل العارم على مواقع التواصل الإجتماعي، تحولت لحظة إطلاق مشروع مستشفى جامعي جديد بسعة 500 سرير بمدينة باتنة من مناسبة احتفالية إلى شرارة نقاش شعبي عميق، وذلك عقب ظهور صورة لمستشفى فرنسي فاخر على لافتة المشروع في خطوة رآها كثيرون تضليلاً للرأي العام و تجميلًا وهمياً لمشروع لم يخرج من التراب.

ضياء الدين سعداوي

خلال إشرافه على عملية توتيد الأرضية الخاصة بإنجاز المستشفى الجامعي الجديد بحملة 03 ببلدية وادي الشعبة، وذلك في إطار المشاريع التنموية المعلنة تزامناً مع إحتفالات ذكرى الاستقلال، بدا محمد بن مالك  والي  باتنة ، مصمماً على إعطاء انطلاقة فعلية لهذا المشروع الضخم الذي يعد من بين أبرز ما تنتظره المنظومة الصحية بالولاية ، لكن لافتة الإعلان عن توتيد المشروع التي زينت بصورة مستشفى أوروبي أنيق الطراز قلبت المعادلة رأسا على عقب.

 

 

صورة... ولكنها من هناك

الصورة التي أثارت الزوبعة والتي تم التحقق من مصدرها، تعود فعلياً إلى مستشفى فرنسي وليس لها أي علاقة بالمشروع المزمع إنجازه في حملة3، بعض النشطاء سرعان ما نشروا الصورة الأصلية للمستشفى الحقيقي بفرنسا مشيرين بأنه قد تم استعمالها دعاية بصرية لتصوير المشروع المستقبلي في باتنة، ما اعتبروه "تغليطاً فجاً" للمواطنين، خاصة في مناسبة تحمل رمزية وطنية كبيرة.

الواقعة دفعت بالكثير من المواطنين إلى التشكيك في مصداقية الإعلان بل والمشروع ككل ما فتح باب التساؤلات حول طريقة تسويق المشاريع العمومية في الولاية  ومدى احترام الذوق العام وحق المواطن في المعلومة الدقيقة.

ردود الفعل: "نريد الحقيقة.. لا أحلام فوتوشوب"

وفي وقت لم تصدر فيه أي توضيحات رسمية من الولاية أو  مديرية الصحة أو مديرية التجهيزات أو حتى مكتب الدراسات المكلف بالمشروع حول اختيار هذه الصورة تحديدا، اشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي بتعليقات تراوحت بين السخرية والغضب. وكتب أحد النشطاء: "نحن لا نعارض المشاريع، بل نحلم بها، لكن لا تبيعوا لنا وهماً بصور مأخوذة من فرنسا!" فيما قال ناشط آخر: "ننتظر مستشفى بمقاييس محترمة، لا أن نستعير صوراً من الإنترنت لتسويق السراب".

حتى بعض الأطباء والمهتمين بالشأن الصحي لم يخفوا استياءهم من طريقة تقديم المشروع معتبرين أن الضبابية في المعلومة تؤثر سلباً على علاقة المواطن بالمرفق العمومي و تكرس فقدان الثقة في المؤسسات.

 

 

 

المشروع في أعين المواطن ...نريد الحقيقة؟

رغم الجدل الدائر يبقى المشروع من الناحية الفنية واعدًا فهو مستشفى جامعي من شأنه أن يخفف الضغط عن المؤسسات الصحية الحالية ويوفر تكويناً عملياً لطلبة الطب، كما يعزز شبكة التكفل بالحالات المعقدة على مستوى الولاية والمنطقة الشرقية ككل ، إلا أنه ما يزال في مراحله الأولى و يتخوف الشارع  من أن يلقى نفس مصير مشاريع أخرى شبيهة انتهى بها المطاف إلى أنقاض إسمنتية أو هياكل بدون روح.

وفي ظل شح المعلومات التقنية حول آجال الإنجاز، الميزانية المرصودة، والجهة المشرفة على المتابعة تتزايد المطالب بإضفاء قدر أكبر من الشفافية وتقديم معطيات دقيقة للمواطن عوض اللجوء إلى "الصور الجذابة" التي قد تثير الريبة أكثر من الإعجاب.

درس في الإتصال العمومي

تكشف هذه الحادثة عن عمق أزمة الاتصال بين الإدارات والمواطنين في الولاية، بدل أن تتحول إنطلاقة مشروع ضخم متمثلا  في مستشفى جامعي إلى لحظة أمل جماعي، تحولت إلى مادة للسخرية والنقد بسبب خيار بصري غير مدروس، ما يطرح من جديد ضرورة تكوين القائمين على التواصل في الولاية  و إدراكهم أن المواطن اليوم لا يستهلك المعلومة كما في السابق بل يدقق، يقارن ويتفاعل بسرعة البرق.

 

في ولاية  يعيش فيها المواطن أزمات متتعددة و يراهن على تحسين خدمات القطاع العام،  يصبح لكل صورة وزن ولكل كلمة أثر ، و اللافتة التي ظن البعض أنها ستكون بوابة لتلميع صورة المسؤول فتحت أبواب الشك والسخرية ، فهل ستدفع هذه الواقعة السلطات إلى إعادة النظر في آليات التواصل مع المواطن؟ أم تبقى مجرد "زوبعة رقمية" أخرى في فضاء يضج بالغضب؟

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services