42
0
الطالب الجزائري بين صناعة الأمجاد ونهضة البلاد
محور ندوة علمية نظمت بدار القران الكريم

نظمت مديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية الجزائر يوماً دراسياً بعنوان "الطالب الجزائري بين صناعة الأمجاد ونهضة البلاد"، بمناسبة اليوم الوطني للطالب الذي يصادف 19 ماي 1956، لتسليط الضوء على دور الطلاب في نهضة الجزائر الجديدة، مستلهمين بذلك من دور زملائهم في الثورة التحريرية.
نسرين بوزيان
حيث احتضنت دار القرآن الكريم الشيخ أحمد سحنون بالجزائر العاصمة فعاليات اليوم الدراسي بحضور عدد من الشخصيات البارزة، من بينها وزير الشؤون الدينية والأوقاف يوسف بلمهدي، المدير العام للإدارة والتكوين، المدير العام للأوقاف والزكاة، المدير العام للمركز الثقافي الإسلامي، إلى جانب إطارات الوزارة وأئمة ومشايخ، بالإضافة إلى مرشدات دينية وطلاب.
وفي كلمته الافتتاحية، أشار وزير الشؤون الدينية والأوقاف، يوسف بلمهدي، إلى أن الشيخ أحمد سحنون كان من أبرز طلاب العلم ورموز الحركة الوطنية، التي استلهمت مبادئها من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي كانت تسعى لاحياء الهوية الوطنية والتصدي لكل محاولات الاستعمار لطمسها.
وأكد الوزير أن الإدارة الاستعمارية الفرنسية كانت تسعى بشكل منظم إلى فرض الجهل على الشعب الجزائري من خلال تدمير البنية التعليمية، وقتل معلمي القرآن والأئمة، وحرق المكتبة المركزية، في إطار ما سُمي بسياسة الأرض المحروقة.
وفي سياق ذي صلة، أشار بلمهدي إلى أنه بالرغم من هذه المحاولات، استمر الطلاب في تلقي العلم، مؤكدا أن جبهة التحرير الوطني كانت تمثل محطة اساسية لنضوج الوعي الوطني لدى الطلاب.
وذكر الوزير أبرز شهداء الثورة الذين كانوا طلابًا في الجامعات والمدارس، من بينهم الشهيدين عمارة رشيد و عبد الرحمن، اللذين ضحيا بحياتهما في سبيل الوطن.
مبرزا أن دور طلاب العلم اليوم لا يقل أهمية عن دورهم في الثورة التحريرية، حيث يمتلك الجيل الحالي طاقات ووقدرات على التحقيق التغيير الايجابي في وطنه.
ضرورة نقل تاريخ الوطن بين الأجيال
من جهته، أوضح مدير الشؤون الدينية والأوقاف لولاية الجزائر، كمال بلعسل، في كلمته أن يوم الطالب 19 ماي 1956 يُعد مناسبة هامة تُحتفل بها الجزائر، حيث خرج الطلاب من الجامعات والثانويات للالتحاق بجبهة الكفاح المسلح، تاركين وراءهم مقاعد الدراسة من اجل نيل الحرية للجزائر، مؤكداعلى ضرورة نقل تاريخ الوطن بين الأجيال المختلفة، لما يحمله هذا التاريخ من مواقف بطولية ومواقف خالدة.
من جهتها، أبرزت الدكتورة المحاضرة بجامعة جيلالي بونعامة بخميس مليانة، حياة سيدي صالح، في مداخلتها التي كانت بعنوان “دور الطالب بين الأصالة والرسالة”، أن تاريخ 19 ماي 1956 يشكل محطة مفصلية في تاريخ الجزائر، حيث يعد هذا اليوم رمزًا لصمود الشعب الجزائري أمام الاستعمار الفرنسي.
وأكدت أن إضراب الطلبة في هذا التاريخ وتركهم لمقاعد الدراسة كان بمثابة ضربة نفسية ومادية للاحتلال الفرنسي آنذاك، حيث أن هذا الإضراب أبرز مدى وحدة الشعب الجزائري ورفضه للسياسة الاستعمارية.
وأضافت سيدي صالح أن إدارة الاحتلال الفرنسي كانت تسعى جاهدة إلى فرض سياسة التجهيل على الشعب الجزائري، حيث كانت تقدم نظامًا تعليميًا متطورًا للمستوطنين الفرنسيين، في حين كانت تفرض على الجزائريين نظامًا تعليميًا متخلفًا، يقتصر على الشهادات المهنية، وهو ما عكس التمييز الواضح بين التعليم الذي كان يحصل عليه الفرنسيون والتعليم الذي كان يُفرض على الجزائريين.
وأوضحت المتحدثة أن هذا التمييز لم يثنِ الطالب الجزائري عن الوقوف في وجه الاحتلال، بل على العكس، كان دافعًا له للالتحاق بالثورة.
ففي لحظة تاريخية فارقة، عندما نادى الوطن، لم يتبع الطالب الجزائري طموحاته الفردية، بل ضحى بكل شيء من أجل الوطن، وترك مقاعد الدراسة وحمل السلاح.
كما تحدث الدكتور نجيب دكاني، المحاضر بجامعة جيلالي بونعامة بخميس مليانة، في مداخلته بعنوان " الطالب الجزائري بين الطموحات الشخصية وواجب التضحية من أجل أن تحرر الجزائر"، عن تأسيس الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين على يد كل من لمين دباغين وشوقي مصطفاوي.
وأوضح أن شوقي مصطفاوي كان مسؤولًا عن تلبية احتياجات الطلبة الجزائريين في مختلف المجالات.
وأشار دكاني إلى أن “معركة الميم” كانت تمثل صراعًا بين تيارين رئيسيين داخل الحركة الطلابية التيار الإسلامي والتيار الشيوعي، حيث سعى الشيوعيون إلى إنشاء خلايا في جميع الجامعات الجزائرية، إلا أن جامعة الجزائر كانت تحت سيطرة ما كان يعرف بـاتحاد الطلبة المسلمين لشمال إفريقيا، وعند إجراء الانتخابات الطلابية، كان الاتجاه الإسلامي يحقق تفوقًا واضحًا.
وفي معرض حديثه عن إضراب 19 ماي 1956 ، أوضح دكاني أن هذا الإضراب جاء في سياق تطورات هامة، خاصة بعد الهجمات التي تعرضت لها منطقة الشمال القسنطيني والتحاق جميع الجزائريين بالثورة التحريرية.
كما ذكر المتحدث بإسهامات الطلبة الجزائريين في مختلف المجالات، مثل القطاع الصحي، والتوعية الثورية سواء من الناحية العسكرية أو السياسية، والمشاركة الإعلامية في جريدتي “المجاهد” و”المقاومة الجزائرية”.
من جهته، أبرز الشيخ وإمام مسجد برداد بوبغلة عبد السلام في مداخلته التي حملت عنوان “طلبة الأمس قدوتنا والمجد غايتنا”، الدور الكبير الذي لعبه الطلبة الجزائريون في مرحلة النضال ضد الاستعمار الفرنسي، مشيرًا إلى أن هؤلاء الطلبة، سواء كانوا يدرسون في المدارس القرآنية والزوايا أو في الكتاتيب والمساجد، أو حتى أولئك الذين تلقوا تعليمهم في المدارس الفرنسية أو في الخارج، قد اختاروا أن يتركوا مقاعد الدراسة وكل ما يتعلق بطموحاتهم الشخصية في سبيل الوطن.
وأكد الشيخ برداد أن هؤلاء الطلبة لم يكن لديهم أي تردد في التضحية بمستقبلهم التعليمي من أجل الانخراط في ثورة التحرير الوطنية، اذ كانت لديهم قناعة راسخة بأن الاستقلال والحرية لا يمكن أن يتحققا إلا من خلال التضحية، وأن العلم يجب أن يتناغم مع الجهاد في سبيل الوطن.
وفي تصريح لبركة نيوز، أبرز إمام مسجد الغزالي بحيدرة بالعاصمة، عبد الرشيد بو بكري، أن دور الإمام في توعية الطلبة يصبح أكثر أهمية في ظل الانحراف القيمي والحرب المعلنة على القيم الإسلامية والهوية، من خلال
ترسيخ العقيدة والإيمان في قلوب الطلبة والنشء منذ البداية، مما يشكل لهم حصنًا إيمانيًا.
وأضاف أن حفظ القرآن الكريم وتعليمه، بالإضافة إلى الحفاظ على العبادات والطاعات التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهو جزء أساسي من مهام الإمام.
وأشار الشيخ عبد الرشيد إلى أن دور الإمام يتجسد أيضًا في ترسيخ القيم الإسلامية والأخلاقية لدى الشباب، من خلال فتح أبواب المساجد والمدارس الدينية،حيث يمكن للطلبة الذين يستطيعون قراءة القرآن المشاركة في صلاة التراويح، والمساهمة في الأنشطة الدينية داخل المسجد، وبهذا الشكل، يجد الطلبة بيئة إيمانية وحاضنة داخل المسجد، مما يقلل من توجههم نحو مؤسسات أخرى قد لا تكون بنفس القدر من الالتزام بالقيم الإسلامية.