213
0
محامو باتنة يناقشون التعديلات وأثرها على دولة القانون
قراءة قانونية في مشروع الإجراءات الجزائية الجديد

احتضنت دار المحامي بباتنة، صباح اليوم السبت، فعاليات الندوة العلمية الأولى التي نظّمتها اللجنة العلمية لمنظمة المحامين لناحية باتنة، تحت عنوان: "قراءة في مشروع قانون الإجراءات الجزائية الجديد".
ضياء الدين سعداوي
الندوة جاءت بحضور محامين، أساتذة قانون و فاعلين في المجال القضائي، في مبادرة تهدف إلى تحليل مضامين مشروع القانون المعروض حالياً على البرلمان ومدى انسجامه مع مبادئ دولة القانون التي أرساها دستور 2020. دستور 2020..
مرجعية الإشكالية
انطلقت أشغال الندوة من إشكالية مركزية تتعلق بمدى مراعاة المشرع لمبادئ دولة القانون، كما نص عليها الدستور، لاسيما مبدأ قرينة البراءة ومبدأ الحق في الدفاع، باعتبار المحامي ركيزة جوهرية لتحقيق العدالة، بالإضافة إلى الدور البالغ الأهمية الذي تلعبه الصياغة القانونية كوسيط بين المشرّع وكل مخاطب للقاعدة الإجرائية، ما يجعلها شرطًا أساسيا لضمان الأمن القانوني، وفعالية التطبيق القضائي.
أهداف عملية ونقاش متخصص
استهدفت الندوة تقييمًا موضوعيًا وعميقًا للتعديلات المقترحة في مشروع القانون، من خلال رصد وتحليل النصوص الجديدة، وتقدير مدى فعاليتها و جدواها في السياق القانوني الوطني، وهو ما أثار نقاشًا علميًا ومهنيًا مكثفًا بين المتدخلين.
محوران... و رؤيتان متكاملتان
في مستهلّ الندوة، قدم الدكتور ميلود سلامي، المحامي وأستاذ القانون بجامعة باتنة، مداخلة في إطار المحور الأول، ركّز فيها على تحليل الدوافع والخلفيات التي تقف وراء صياغة مشروع القانون الحالي، معتبرًا إياه "محاولة لإعادة ضبط التوازن بين مقتضيات الفعالية القضائية وضمانات المحاكمة العادلة"، غير أنه نبه إلى "ضرورة تجنّب الانزلاق نحو تغليب منطق السرعة الإجرائية على حساب حماية الحقوق الفردية".
أما المحور الثاني، فقد خُصّص لتحليل الأحكام الجديدة للمشروع، وانعكاساتها المباشرة على مركز المحامي، حماية المال العام، الإقتصاد الوطني، وحقوق الأفراد، في تدخله رافع الدكتور أحمد بوراوي ، المحامي و الأستاذ بمعهد الحقوق بريكة ،على أنّ "كل تعديل يمس الإجراءات الجزائية يجب أن يُقرأ في ضوء التوازن الدقيق بين سلطة الدولة وحريات المواطنين"، داعين إلى حماية استقلالية مهنة المحاماة وتعزيز ضمانات الدفاع.
اقتراحات مهنية وتوصيات علمية
شهد ختام الندوة تقديم جملة من الاقتراحات المهنية من طرف المحامين الحاضرين، حيث رفعت اللجنة العلمية للمنظمة توصياتٍ إلى الجهات الوصية، شملت جوانب متعددة تتعلق بتحسين الصياغة، وضمان المساواة في الإجراءات، والحفاظ على المبادئ الدستورية المؤطرة للعدالة الجنائية.
وأجمعت المداخلات على أهمية إشراك المحامين في صياغة التشريعات ذات الصلة بالمجال الجزائي، باعتبارهم فاعلين أساسيين في معادلة تحقيق العدالة، مؤكدين أن أي قانون لا يمكن أن يحقق نجاعة أو مقبولية دون احترام الضمانات الدستورية والانفتاح على رؤية الممارسين.
خطوة أولى في مسار طويل تُعد هذه الندوة العلمية أول نشاط من نوعه للجنة العلمية في دورتها الجديدة، وتأتي ضمن برنامج طموح يهدف إلى تحويل دار المحامي إلى فضاء تفكير قانوني جماعي، وإلى ترسيخ ثقافة النقاش التشريعي الهادئ والبناء، في سبيل تحقيق عدالة ناجعة تحترم الكرامة والحقوق.