2574
0
اليوم الوطني للصحافة ....تطلعات للإرتقاء بالإعلام وفرصة ليتقاطع الجيل الجديد مع بطولات المؤسسين الأولين لمهنة المتاعب
اليوم الوطني لحرية الصحافة الذي يصادف ال22 من شهر أكتوبر من كل عام، تتجدد معه النقاشات وتطرح مختلف التحديات التي تواجه الصحافة في الجزائر، لأن الإعلام لم يعد قطاعا حساسا فحسب، بل اصبح أهم عصب الدول الحديثة.
زهور بن عياد
لذلك وجب اليوم على الدولة الجزائرية الإهتمام بالإعلام وتوفير له المناخ المناسب وتسخير كل الإمكانيات المادية واللوجستية للنهوض بالصحافة الجزائرية وتطويرها بما يتناسب مع التطور الهائل الذي تعرفه تكنولوجيات الإعلام والإتصال.
من الأحادية إلى التعددية.. تحديات ومعارك الصحافة الجزائرية
وعن المسار التاريخي للصحافة في الجزائر أوضح الإعلامي سعيد بن عياد صحفي ورئيس تحرير سابق الجريدة الشعب، أن الصحافة الجزائرية ارتبطت تاريخيا بتطورات مسار الحركة النضالية الوطنية إلى غاية ثورة التحرير التي اندلعت في غرة نوفمبر 1954، ونحيي قريبا ذكراها السبعون فنستحضر على كافة مستويات الهرم المجتمعي بطولات وتضحيات السلف الوطني لتكون ذخيرة للخلف الوفي من الاجيال المتعاقبة.
لذلك استرجاع السيادة الوطنية وبحكم طبيعة النظام السياسي والاقتصادي وثقل الخلفية التاريخية وتراكماتها كان للصحافة بمكوناتها المحدودة والحديثة التركيبة دور مرافق لمسار معركة البناء والتشييد كاداة من أدوات الدولة تنقل للمجتمع الأحداث وتشرح للمواطن الأهداف والابعاد المتوخاة من مخططات وبرامج التنمية ففي تلك الحقبة بما لها وما عليها.
وفيما يخص الممارسة الصحفية آنذاك يضيف "كان الجميع في خندق واحد يؤسس لبناء الدولة وارساء مؤسساتها وبسط الأمن والطمأنينة على امتداد ربوع البلاد وبالطبع لكل ذلك ثمن، كانت البلاد طيلة عشريات الستينات والسبعينات تواجه تحديات مصيرية ما فرض ترتيب الأولويات تتصدرها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من شغل وتعليم وصحة للجميع وهنا أدى الإعلام الوطني جهودا لا يمكن نكرانها في الرفع من مستوى الوعي السياسي ونشر الثقافة وتوطيد الصلة بين قمة وقاعدة الهرم مما ساعد في تأسيس مناخ انبعثت منه بوادر تحول في تاريخ الصحافة الجزائرية في أواخر الثمانينات اثر الهزة التي حصلت في أكتوبر 1988 وغذتها أزمة انهيار اسعار المحروقات في 1986.
بلا شك لم تكن مساحة الحرية في ممارسة الصحافة كبيرة لطبيعة نظام الحزب الواحد قبل أن تحل التعددية من خلال دستور 1989 وتجسيدها في منتصف 1990بما يوصف انفجار تأسيس الصحف المستقلة والخاصة والحزبية.
الجزائر تتصدر المشهد الإعلامي
ويضيف بن عياد أنه منذ ذلك الحين انخرطت البلاد في مناخ جديد بلغت فيه ممارسة حرية التعبير مدى غير مسبوق جسدها مهنيون ترعرعوا في كنف صحافة الحزب الواحد مما يعكس مدى الخلافات والاختلافات والتطلعات السائدة يومها.
وبلغ صدى التعددية وحرية الصحافة والمبادرة المحيط الإقليمي لتكون الجزائر رائدة اقليميا وبوصلة مثيرة لأكثر من بلد ومجتمع.
كل تلك القوة الحديثة في الأداء ميزها اندفاع تخطى كل عائق وحاجز بدعم من الدولة لا يمكن اغفاله، لكنه تعثر مع حدوث الأزمة السياسية والامنية وظهورالإرهاب الذي حطم مسار النقلة الحديثة للصحافة خلال العشرية السوداء التي سجلت استهداف الجماعات الإرهابية للصحافيين.
واعقبت تلك العشرية الدموية مرحلة استعادة الأمن والطمأنينة تدريجيا قبل هيمنة سنوات الفساد المالي والمهني بعد أن فعل أخطبوط الاشهار فعلته في جسم الصحافة الوطنية فحدث اختلال لتتحول عناوين إلى منصات في خدمة لوبيات وقوى غامضة دون الاحتياط من الخطر الذي كان يداهم الدولة والمجتمع، في وقت أطلقت العولمة العنان لمشاريع قوى الاستعمار الجديد مستهدفة الدول الناشئة حديثة الاستقلال.
جهود لترشيد الإعلام في السكة الصحيحة
وعن واقع الصحافة اليوم لفت الإعلامي بن عياد أن الصحافة اليوم تسعى لتثبيت مكانتها ضمن معادلة التوفيق بين متطلبات الممارسة الحرة ومستلزمات المسؤولية الوطنية، وهو ما ترمي إليه الدولة من خلال تأسيس أرضية صلبة من جوانب التشريع والتنظيم ومواكبة التحولات التكنولوجية التي وضعت الصحافة التقليدية في مواجهة مصيرها بأن تتجدد او تتبدد ومن ثمة تكون أولى التحديات، هي المحتوى الذي يستدعي النهوض به اليوم من خلال حرص الصحافة على الإلتزام بقواعد الاحترافية واخلاقيات الصحافة التي تعطي الصحفي المناعة اللازمة وترشد الصحفي إلى السكة الصحيحة انطلاقا من التحكم في تقنيات المهنة عن طريق التكوين المستمر بعد المسار الجامعي والمطالعة وبذل الجهود وعدم الاكتفاء بالحد الادنى.
فالصحافة مهنة المتاعب والتضحية لخدمة المواطن والوطن و البحث الدائم عن المعطيات وحسن قراءتها في عالم أصبح فيه الصحفي أكثر من أي وقت مضى في خندق الدفاع عن المصالح الوطنية بالحرص على متابعة ما يجري ليس محليا فقط وإنما اقليميا وعالميا وبالتالي التدقيق والذكاء في المعالجة، وهذا سلوك مهني يوجد في أعرق المجتمعات ممارسة للصحافة.
على الإعلام تجاوز مطبات الولاء وإغراءات الإشهار
ودعا محدثنا في نهاية حديثة أصحاب مهنة المتاعب للتحلي بأخلاقيات المهنة قائلا" ولنا في تاريخ هذه المهنة في بلادنا اكثر من عنوان بارز للتشبع بالوطنية والقناعة بالاحترافية التي تعزز عناصر قوة المجتمع وتتصدى للهجمات التي تستهدفه وهي كثيرة ومتعددة في هذا الزمن بفعل التكنولوجيات الحديثة التي تستغل في صناعة الاخبار المغلوطة ما يستوجب التصدي لها بالحضور في الساحة، مع واجب أن ينخرط في هذا التوجه المسؤول كل أطراف السلسة ذات الصلة من مصدر الخبر الذي ينبغي أن ينفتح على الصحافة الوطنية بلا إقصاء والتعامل مع مكوناتها جميعا من نفس المسافة دون تمييز لغوي او خط افتتاحي".
وأضاف " لنرتقي بالمشهد الإعلامي الوطني مقابل أن يستطيع الجسم الصحفي الوطني تجاوز ترسبات الأنانية واغراءات الاشهار ومطبات الولاءات، فلا يتحول الصحفي إلى بيدق او أداة او أسير ايديولوجيا ضيقة، بل يمكنه أن يكون الحارس الأمين لحرية التعبير التي ضحى من أجلها مهنيو الأجيال المتعاقبة، وبالتالي الدفاع عن المجتمع وحماية هويته ونقل إنشغالات وتطلعات المواطن ومرافقته في النهوض أمام العولمة المتوحشة وأدواتها المحلية من بقايا الطابور الخامس وعصابات الفساد، ومن ثمة تعزيز مناخ الحرية الاعلامية التي ترافق المجتمع بعيدا عن آفة جلد الذات أو محدودة الرؤية ليتقاطع الجيل الجديد من المهنيين في الصحافة مع بطولات المؤسسين الأولين لمهنة المتاعب والمتعة التي تتنفس الحرية بمفهومها الشامل غير القابل للتجزئة".
وبخصوص دور الصحافة أثناء الإستعمار الفرنسي أبرز الدكتور محمد هدير أستاذ محاضر بالمدرسة العليا للصحافة، أن دور الصحافة في تلك الفترة تمثل في توعية الجزائريين وابراز خطر الاستعمار على الشعب الجزائري وهويته المتمثلة في الدين الإسلامي. واللغة العربية ،وكذا سياسة فرق تسد التي انتهجها الاستعمار ليثبت بقائه في الخيرات ونهب خيراتها ،فكانت الصحافة تعمل على نشر الوعي بالرغم من المضايقات التي كان يفرضها الاستعمار .
الصحافة الجزائرية تحمل على عاتقها مهمة المقاومة