159
0
خطبة الجمعة تتناول موضوع السنة الأمازيغية الجديدة
تناولت خطبة الجمعة اليوم، عبر مساجد التراب الوطني، موضوع حلول السنة الأمازيغية الجديدة وانطلاق الموسم الفلاحي.
ماريا لعجال
وكانت الخطبة الأولى كما يلي:
الحمد لله الدي خلق فسوى، وقَدَّرَ فهدى، سبحانه قد أحصى كل شيء عددا، وأحاط بكل شيء علما.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جعل في السنة مواسم متعددة، وفصولا متنوعة، ليكون ذلك عونا للناس على تنظيم شؤون حياتهم، وتدبير أمور معاشهم.
وأشهد أن محمد عبده ورسوله الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير.
وصل اللهم على آله الأطهار، وصحابته الأبرار، والتابعين الأخيار وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
يقول الله تبارك وتعالى:" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يُبَيِّنُ الله لكم آياته لعلكم تهتدون" آل عمران/103.
ويقول جلَّ جلالُهُ:" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفرلكم ذنوبكم ومَن يُطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما" الاحزاب/71.
أيها المسلمون: فإن الله تبارك وتعالى الذي خلق الانسان بقدرته، وعلّمَهُ البيانَ بحكمته، هو الذي جعل الأزمنة متعددة، والمواسمَ متنوعة، فكانت - كما أراد – صيفاً وشتاء، وربيعاً وخريفا، كلُّ ذلك لتسهيل حياة الناس وتيسيرها.
نعم – أيها المسلمون – فإن هذا التنوع الذي أودعه الله في الكون هو من آياته المنظورة، ودلائل قدرته المشهودة " فسبحان الله حين تُمسون وحين تصبحون، وله الحمد في السماوات والارض وعشيا وحين تُظهرون، يُخرج الحي من الميث ويُخرج الميت من الحي ويُحيي الارض بعد موتها وكذلك تُخرَجون" سورة: الروم، الآية/19.
أيها المسلمون: إن أمتُنا اليوم تحتفي بحلول السنة الأمازيغية الجديدة 2975 في 12 يناير 2025، وحُقَّ لنا أن نحتفل وأن نفتخر من خلال ربط حاضرنا بماضينا، والتطلع لبناء مستقبلنا.
أجل! أيها المسلمون: فإن هذا الاحتفاء يندرج في ماذا ؟
سأجيب على هذا السؤال في ثلاث نقاط مفصلة:
الأولى–أيها المسلمون- ينبغي أن نعي جيدا بأن السنة الأمازيغية مرتبطة بالتقويم الفلاحي الذي تقتضيه ضرورة الحياة، ومظاهر الاحتفال بها تعني الإعلان عن بداية سنة زراعية، وهذا معروف ومألوف عندالآباء والأجداد، لأنه جانب مهم في ثقافتنا، وهو موجود في تراثنا، لارتباطه بالأرض والزمان والإنسان !
إخواني الأفاضل، أخواتي الفضليات: تقرأون في مطلع السورة التي افتُتِحَتْ باسمه تعالى الرحمن، هذا الاسم الذي له دلالات عدة، لو لم يكن من ذلك إلا أنه من الرحمة الشاملة لكان كافيا!
تعالوا بنا – أيها الأحباب – لنستعرض معا مطلع هذه السورة – ونحن نتحدث عن هذه المرتكزات الثلاث (الأرض والزمان والإنسان) فنجد أن المولى جل وعلا يلفتُ نظرنا إلى ذلك في آيات متناسقة الأوزان، ليدلّنا على أسس بناء الحياة واستمرارها بالدليل والبرهان، قال سبحانه:" الرحمن، علَّمَ القرآن، خلق الإنسان، علَّمَهُ البيان، الشمس والقمر بحسبان، والنجم والشجر يسجدان.." إلى قوله تعالى:" والارض وضعها للانام، فيها فاكهة والنخل ذات الاكمام والحب ذو العصف والريحان.."
عباد الله!
تلاحظون في الآيات – بعد ذكر القرآن وخلق الانسان وتهيئته بتعليمه البيان .. ذكر الشمس والقمر ودقة دور كل منهما وما يكمن في ذلك من فوائد عظيمة !، إلى التأكيد على فاعلية الأشجار وتفاعلها.. وذكر الأرض وما أودع الله فيها من خيرات" فيها فاكهة والنخل ذات الاكمام، والحب ذو العصف والريحان."
أجل! أيها الأحباب: فإن ذكر الشمس والقمر قبل ذلك لِما لهما من تأثير إيجابي على النبات ودورهما في التمكين للإنبات ! سبحان الله !
نعم– أيها المسلمون – فكما هو معلوم عندكم أنه بإشراق الشمس يتم تنشيط عملية التمثيل الضوئي في العديد من النباتات، كما هو الحال في نباتات أخرى تعتمد على نور القمر، لا إله إلا الله !
أما النقطة الثانية: أيها المسلمون: فإذا علمنا بأن بداية السنة الأمازيغية مرتبط بالتقويم الفلاحي ومتصلٌ بالموسم الزراعي والانطلاق في أعمال الحرث من غرس النخيل وزرع الأشجار والاعتناء بأنواع الحبوب والثمار والفواكه والخضروات، فإن هذا يجعلنا ندرك جيدا بأن ديننا هو دين عملي، يُراعي متطلبات الحياة، ويحض – في الوقت نفسه – على اغتنام المواسم المعينة، والأوقات المهيأة لاستصلاح الأرض وعمارتها، لأن الإنتاج الفلاحي هو من ركائز مقومات الحياة، وبه تُحافظ الأمةُ على استقلالها اقتصاديا، و هو الأساس حسياً وروحيا، مادياً ومعنويا، لأنه - كما ورد في الحكم والأقوال – "لا خير في أمة تأكل مما لا تزرع، وتلبسُ مما لا تصنع".
والإسلام يدعونا إلى الاهتمام بالعمل والحث عليه، والترغيب فيه، فهو من الصدقات الجارية، والأعمال الصالحات الباقية، ففي الحديث الذي رواه مسلم يقول صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يغرسُ غرساً أو يزرعُ زرعا، فيأكلُ منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة".
وروى الإمام احمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن قامت القيامة وفي يد أحدِكُمْ فسِيلةٌ، فإن استطاع أن لا يقومَ حتى يغرِسَها فليفعل".
أيها المسلمون:
إن الاهتمام اليوم بالجانب الفلاحي في جزائرنا الجديدة قد أضحى من أولى الأولويات، من خلال إعطاء الدولة الأهمية القصوى للفلاحة بإنشاء مستثمرات فلاحية ودعمها بالمعدات اللازمة، والتي بدأت تُعطي ثمارها من خلال ما نشاهده من وفرة في الإنتاج وزيادته عاما بعد عام، ولله الحمد والمنة، فلك الحمد كلهُ ولك الشكر كلهُ، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم، والحمد لله رب العالمين.
أما الخطبة الثانية فكانت كالتالي :
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه المبين:" وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مُبصرةً لِتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكلَّ شيء فصلناه تفصيلا"ا
وأشهد أن لا إله إلا الله القائل في آيات كاتبه، عند ذكر بعض مما امتَنّ به على عباده :"وجعلنا النهار معاشا".
وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد:
–أيها المسلمون– فإذا كان شعارنا اليوم ونحن نستقبل هذا الموسم الفلاحي مع السنة الجديدة هو "يناير.. أصالة الجزائر المنتصرة.. تنسجها قصور قورارة.." فإن ذلك تذكير بما تزخر به منطقة قورارة من إرث تاريخي أصيل، وتنويه بفاعلية هذه القصور العتيقة عبر الزمن، وبمحافظتها على هذا الموروث الحضاري العريق على غرار جميع مناطق وطننا المفدى.
إضافة إلى النقطتين السابقتين، فإن النقطة الثالثة التي يمكن التأكيد عليها من خلال الاحتفاء باليوم الوطني للسنة الأمازيغية الجديدة: هو تعزيز المحافظة على التنوع الثقافي الجزائري بما يضمن تقوية روابط اللحمة الوطنية.
أيها المسلمون: فإن هذا التنوع الإيجابي الغني الثري هو تنوع تكامل وتضامن، وهو عامل وحدة وتعاون، لتقوية نسيج المجتمع، وترسيخ ثقافتنا التي هي إرث مشترك بين الجميع في هذا الوطن الحبيب تحت راية الجزائر المنتصرة، جزائر الحضارة والتاريخ.
فاللهم بارك لنا في زرعنا وضرعنا، وبارك في صاعنا ومُدِّنا، وبارك لنا فيها كلها، واجعل السداد حليفنا، والتوفيق رفيقنا، اللهم اسقنا غيثا مريئا نافعا غير ضار عاجلا غير آجل، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك على عبادك، اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع و اسقنا من بركاته، آمين ، اللهم بارك لنا في وطننا الجزائر واحفظه من الوباء والبأساء والضراء، نسألك اللهم أن تحفظ بلادنا الجزائر جيشها وشعبها، أرضها وسماءها، جوها وبحرها، اللهم أدم على وطننا نعمة الأمن والأمان، والاستقرار والاطمئنان على الدوام، بحرمة دم شهدائنا الأبرار، ومجاهدينا الأبطال، ومساعي صلحائنا الأطهار وجهد علمائنا الأخيار، بجاه سيدنا محمد النبي المختار، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم انصر إخواننا في غزة وفلسطين عامة وانصرهم اللهم على اليهود المعتدين، اللهم آمين، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين
الشيخ أحمد حوميد
إمام خطيب أول بولاية تيميمون
(ورئيس مصلحة الثقافة الإسلامية والإعلام والوثائق).