70
0
حيت تبكي النساء في زكيم ..هلع الجوع أم مسرحية الطحين؟

بقلم: سامي إبراهيم فودة
في الوقت الذي يَحتشد فيه أبناء غزة الجوعى أمام معبر الموت في "زكيم"، ذاهبين بأرواحهم العارية إلى مصير مجهول، يحدوهم الأمل في الظفر بكيس طحين يسد رمقهم ويسكت صرخات أطفالهم، تظهر بعض السلوكيات الدخيلة التي تصيبك بالذهول والأسى.
زكيم ليست مكانًا آمنًا، بل هي ساحة موت معلن، تملؤها فوهات البنادق وأعين الجنود المتحفزين للقتل، ومع ذلك تجد بين الجموع فتيات وسيدات في مقتبل العمر، يخترقن المشهد المأساوي دون وعي بالمخاطر، يركضن في قلب النار، ليس بحثًا عن الطحين فقط، بل أحيانًا بدوافع باتت تُطرح تساؤلات حولها.
المؤلم والمخجل في آن، هو ما يقوم به بعض النساء من افتعال الصراخ والبكاء المدروس حين يرون شابًا يحمل كيس طحين انتزعه من فم الموت. يبدأن التوسل والتضليل أمام الناس، مدعيات أن الكيس عائد لهن، مستغلات تعاطف الجموع وخجل الشباب، ليُسلب الكيس من يديه، وتُهدى الكذبة لصاحبتها!
لقد بات هذا المشهد يتكرر، حتى صار حديث من نجا من هناك، وسط نيران المحتل وجحيم الطمع والجوع.
من غير المقبول أن يتحول الجوع إلى مسرح للخداع، أو أن يُستغل الحصار لطمس القيم، فنساء غزة لسن بحاجة إلى تمثيل المظلومية ولا إلى سرقة فتات الشرفاء، بل إلى أن يكنَّ عونًا وسندًا، كما كنَّ دومًا في خطوط المواجهة الأولى.
نحن لا نعمم، فبينهن الحرائر الشريفات ممن بكينَ أبنائهن شهداء، وجُرن في طابور الجوع بكرامة. ولكنّ الظاهرة موجودة، مؤلمة، متنامية، ويجب أن يُسلط عليها الضوء دون مواربة.
إن خروج النساء إلى هذه المناطق الخطرة لا يجوز شرعًا ولا عرفًا، فحماية النفس أوجب من أي رزق، والكرامة لا تُستعاد بسرقة تعب الآخرين، بل بالصبر والتكاتف.
فلتحذروا من زكيم، فهي ليست ساحة توزيع مساعدات، بل محرقة مكشوفة...
ولتحذروا من سلوك يسيء إلى المرأة الفلسطينية الحرة التي عرفناها دومًا شامخة، لا تتسول الطحين ولا تسرقه من يد شقيقها الجائع
خاتمة:
صرخة الطحين لا تبرر الانحدار، ومشاهد الجوع لا يجب أن تسرق أخلاقنا.
غزة تنزف... فلنكن على قدر الدم المسفوك.