92

0

حركة البناء الوطني من التعبئة الوطنية إلى التعبئة الحزبية و الاحتراف السياسي

قراءة في تأثيرات الجامعة الصيفية

بقلم: الباحثة سامية بن يحي / تخصص إدارة دولية

شكل مفهوم التعبئة العامة General mobilization كإجراء سيادي تم المصادقة عليه وفقا للمادة 99 من الدستور الجزائري التي تنظم وتحدد آليات تنفيذ التعبئة الوطنية وتحديد دور السلطات العسكرية والمدنية محطة فارقة في تقريب وتوحيد الرؤى سواء على مستوى المشاركين في الجامعة الصيفية التي تبنتها حركة البناء الوطني أو على مستوى وظائف الأحزاب كمؤسسات سياسية عامة. خاصة أن وظائف الأحزاب تتعدد باعتبارها أداة للديمقراطية فبالإضافة إلى الأدوار السياسية المعروفة هناك أدوار أخرى للأحزاب ذات طبيعة اقتصادية واجتماعية وثقافية، سواء على المستوى الوطني وحتى الدولي .

هذا المنطلق جعل من حركة البناء الوطني وهنا نفتح قوسا ( قد يختلف مع طرحنا الكثير من زوايا قد تكون تنافسية أو مصالح ضيقة، او من زاوية عدم الإيمان بأهمية الأحزاب وأدوارها في العملية الديمقراطية وقد تكون أسبابا غير مبررة) لكننا في مقالنا هذا نثمن بكل موضوعية الجهود المبذولة والتي نراها سابقة في المبادرة ونوعية في التنفيذ يتفق عليها كل من حضر الجامعة الصيفية للحركة وعايش التجربة عن قرب بل كان طرفا في الحدث.

 دعونا أولا ندرك بتحليل دقيق أهمية التعبئة الحزبية كمفهوم وممارسة للأحزاب، حيث يُشير مفهوم التعبئة الحزبية إلى حشد وتعبئة كوادر الحزب ومؤيديه وقواعده الشعبية استعدادًا لمواجهة تحديات سياسية قادمة، سواء كانت هذه التحديات تتعلق بالاستحقاقات الانتخابية المهمة أو تحديات التحولات المتسارعة خاصة ما يشكل تهديدا أمنيا يتطلب تعبئة الرأي العام وكسب الدعم الشعبي لقضايا الوطن أو للحزب وأهدافه. كما تُعد التعبئة الحزبية أداة أساسية في العملية الديمقراطية، حيث يمكن القول أن التعبئة الحزبية هي عملية تنظيمية تهدف إلى تحفيز وتعبئة مؤيدي الحزب من أجل تحقيق أهداف سياسية معينة، وتتطلب جهودًا مستمرة لتشمل الأفراد والأفكار والموارد لصالح الحزب وصالح العملية الديمقراطية وتعزيز الاستقرار السياسي والمجتمعي.

من عمق هذا المفهوم سعت حركة البناء الوطني من خلال فعاليات الجامعة الصيفية إلى فهم وتجسيد أبعاد التعبئة الوطنية والحزبية باحتراف سياسي ينعكس على ابراز الدور الريادي الذي تقوم به قيادات الحركة ومناضليها من أجل تكوين مميز يضمن تنشئة سياسية وتجنيد سياسي ومشاركة سياسية فاعلة ثم تكوين الرأي العام والوعي السياسي لدى الشباب بشكل كبير لضمان حريات أوسع وتحديث التنمية والتكيف الاجتماعي والتكامل القومي.

على مدار شهر ضمن رؤية استراتيجية تحت شعار "التعبئة الوطنية لتأمين السيادة وتعزيز التنمية " ضم فضاء الجامعة الصيفية ست دفعات مؤكدا مدير الجامعة الصيفية أحمد محمد خونا أن هذه الجامعة تقليد عريق في الحركة وفرصة لتلاقي كوادر الحزب تنسجم مع الأدوار والمهام الملقاة على الأحزاب السياسية حسب المادة 11 التي تخول للحزب تكوين الرأي العام والنخب ومنتخبين كدور أساسي ومهام موكلة للحزب السياسي بشكل عام يدعم التلاحم وتقوية الجبهة الداخلية كما أنه نوع من الاستباقية واليقضة.

توزعت الدفعات على النحو الآتي : دفعة التأهيل القيادي للشباب، دفعة القيادات الولائية والمنتخبين، دفعة للمعارف المقدسية المتخصصة في القضية الفلسطينية، دفعة الأكاديمية الاعلامية، دفعة للإطارات النسوية، دفعة فتيات العمل الاجتماعي ببعده الحزبي.

حيث تضم كل دفعة قرابة 250 مشاركا ومشاركة من بين الاطارات الوطنية والمحلية أي ما قرابته 2000 مناضل ومناضلة استفاد من الجامعة الصيفية لهذه السنة – وهو تحد ليس بالهين- ويشرف على تأطير هذه الدفعات والورشات المتخصصة مجموعة من الدكاترة 20 حوالي دكتور و أكاديميون ورموز اعلامية.

لعل أبرز الأهداف التي ركزت عليها الجامعة الصيفية تمحورت حول أولا: تعزيز الوعي الوطني بتحديات المرحلة ومتطلبات التعبئة الوطنية لمواجهتها. ثانيا: ترقية أدوار المرأة الجزائرية في المشاركة السياسية.

ثالثا: تفعيل التعبئة الانتخابية لتحقيق الجاهزية للمشاركة الفاعلة في الانتخابات القادمة. رابعا: تفعيل وسائل استيعاب الشباب في برامج التنشئة السياسية.

فهل تحققت أهداف الجامعة الصيفية وأهداف التعبئة؟

تلعب الفعاليات والنشاطات الحزبية دورًا محوريًا في تعزيز الوعي والتنمية العامة، فهي تتيح فرصًا للتلاقي بين مختلف منتسبي الحزب ومناضليه وكقاعدة جماهيرية وبين قياداته من جهة فتح قنوات تبادل الخبرات والأفكار والإبداع والتجدد خاصة فئة الشباب وتعزز الروابط الاجتماعية القوية والشعور بالانتماء وهذا ما سعت إليه دفعة التأهيل القيادي للشباب حيث تُعد مثل هذه التفاعلات واللقاءات الحيوية فرصة في بناء شبكة دعم تُعزز العلاقات بين قيادات الحزب المؤسسة والقيادات الجديدة.

كما أن تأهيل قيادات شبابية جديدة يعد محركًا قويًا للنمو الحزبي ومأسسته أضف إلى ذلك تعزيز النمو السياسي والفكري والاجتماعي والاقتصادي، فمن خلال تنشئة وتكوين قيادات شبابية تمثل الحركة تتجسد تعبئة حقيقية للشباب القائد.

بالإضافة إلى ذلك تشكل القيادات الشبابية قيمة نابضة بالحياة داخل الحزب وتفعيل دورها في تعزيز المشاركة المجتمعية. وقد ساهمت المداخلات النوعية لمؤطري كل الدفعات ومختلف الورشات في خلق نقاشات تفاعلية أتاحت فرصًا للتواصل من خلال التجارب المشترك بين المشاركين واكتشاف مختلف الأفكار المتجددة والانشغالات التي هي ضرورية لتطوير رؤى الحركة وبناء قاعدة نضالية متماسكة.

علاوةً على ذلك، تُزوّدُ القيادات الولائية والمنتخبين برؤىً ثاقبةٍ حول القضايا المحلية، وتُشجّعُهم على اتخاذِ القرارات المناسبة و تحسين أداء المشاركةَ والنشاطَ المؤسساتي و المدني، يحيث ُعدّ هذا المزيج من التفاعلُ الذي شهدته الجامعة الصيفية للحركة منطلفا حيويًا في تعزيزِ ثقافةِ المشاركةِ والتواصل، وهو أمرٌ أساسيٌّ لتوجهات الحركة مستقبلا. من خلالِ تعزيزِ التعاونِ والشمولية، يُمكنُ للحركة أن تُحوّلَ مختلف شرائح المجتمع إلى مناصرين ومنتسبين موثوقين، مما يُعززُ في نهايةِ المطافِ المشاركة السياسية والممارسة الديمقراطية.

شكلت القضية الفلسطينية محورا هاما شهدته الجامعة الصيفية أيضا عبر دفعة للمعارف المقدسية المتخصصة والمسلم به أن فلسطين ثابت من ثوابت الدفاع للدولة الجزائرية منذ الاستقلال وهو نفس الثابت الذي لا يتغير لدى حركة البناء الوطني لتعزيز الشعور والدفاع عن القضايا العادلة في العالم والشعور بالانتماء الاسلامي والعربي لمقدسات الأمة وتعزيز الوعي لما يحاك ضد ثوابت الأمة ومقدساتها خاصة في ضل هذا التغول الصهيوني والصمت العالمي أمام تصفية القضية الفلسطينية وارتكاب مجازر الإبادة التي لم يشهدها العالم من قبل في حق أبناء غزة. سعت الحركة من خلال هذه الدفعة اعادة بناء الرؤى الصحيحة أمام التضليل والتشويه الاعلامي والفكري والعقائدي الذي يحاول الغرب من خلاله فرض سردية مغايرة سواء على مستوى المفاهيم أو الحقائق أو الايديولوجيات تظهر للعالم أحقية اسرائيل في الدفاع عن أمنها ضد أصحاب الأرض والحق.

لذا أكدت حركة البناء الوطني على أن القضية الفلسطينية قضية مركزية لدى الحزب وامتداد للموقف الرسمي كما أنها أوقفت كل مناضليها ومناضلاتها للقضية الفلسطينية.

على المستوى الاعلامي وما نشهده اليوم من طفرات في النقدم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي والإعلام، من جهة خطورة مواقع التواصل الاجتماعي رغم ايجابياتها لكن في كل يوم تزداد وتيرة الحملات التضليلية والتشويهية للحقائق والتأثير على الشباب والرأي العام كانت دفعة الأكاديمية الاعلامية فرصة لتكوين قيادات إعلامية تجابه مثل هذه التشوهات الحاصلة من أجل تحري الحقيقة والوقوف درعا صامدا أمام الحروب السيبرانية ومن ثم المساهمة في تجسيد الأمن المعلوماتي والثقافي والفكري. حقا هذا ما سعت إليه الحركة من خلال الورشات التكوينية الاحترافية التي أطرها نخبة متمرسة من نخب الوطن على مستوى ورشة صناعة المحتوى، وورشة التعليق الصوتي، وورشة التصميم، وورشة صحافة الموبايل، ورشة البرمجة.

فإنطلاقا من التجربة الاعلامية أخلص للقول إذا أردت أن تتميز اعلاميا عليك أن تمتلك المعلومة الصحيحة ومصادرها وأن تحسن اختيار التقنية وتتحكم فيها وأخيرا أن تتمكن من بناء الرأي العام وتوجيهه.

فقد رأينا على مدار السنوات الأخيرة، ومن خلال الديمقراطية الرقمية والمشاركة الرقمية في الحكومة المفتوحة والديمقراطية الإلكترونية أن الرقمنة امتدت بشكل متزايد إلى صناعة السياسات والقرارات. ويتزامن ذلك مع تحولات اجتماعية أوسع نطاقًا، حيث توجد دعوة إلى الشفافية في القرارات العامة، ويزداد دافع السكان والمجتمعات المحلية للمشاركة في السياسات التي تؤثر على مدنهم وبلداتهم وأحيائهم هذا لا يعني تجاهل الحماس الجامح للتكنولوجيا الذي غذى على نحو متناقض انعدام الثقة الرقمية الحالية في التكنولوجيا والبيانات الضخمة، وعدم موثوقية المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن، يجب على الأحزاب والحكومات الآن خلق تفاعلات متعمدة تُسهّل مشاركة المجتمع.

أما على مستوى دفعة الإطارات النسوية سعت الحركة على تعبئة إطاراتها النسوية خاصة وأن النساء في الجزائر لا تزال مترددات في الترشح للمناصب، وغالبًا ما يعجزن عن تأمين نفوذ يُذكر داخل البرلمان. فلم تفز النساء سوى بـ 8٪ من المقاعد في الانتخابات البرلمانية لسنة 2021 .

لذا تعزز الحركة مقاربة التمكين السياسي للمرأة والتطرق إلى معوقات المشاركة السياسية للمرأة في الجزائر، وتحديد العقبات المختلفة التي تقف حاجزا أمام تمكين مشاركة المرأة في السياسة وصنع القرار وعدم تهميش المرأة سياسيًا عبر تعزيز الدفاع عن مصالحها السياسية، وهو ما تثمنه القيادات النسوية للحركة، إذ كانت المداخلات في صميم تعزيز الوعي بالتحديات العالمية والمحلية وسبل التفاعل معها، كما أكدت على ان المرأة تبني وتقود وتلهم ودورها ليس فقط في البناء الأسري بل يتعداه إلى البناء الوطني ومسارات التنمية والسيادة.

من زاوية أخرى تضع المرأة بصمتها في العمل الإحتماعي عبر دفعة فتيات العمل الاجتماعي ببعده الحزبي عبر تعزيز الثقةِ والتعاونِ في المجتمعات. حيث يؤدي بناء العلاقات في إطار المشاركة المجتمعية إلى فوائد عديدة، منها بناء الثقة والتواصل المفتوح، وهما أساس التعاون الفعال.فمن من خلال دور المرأة الاجتماعي يمكن للمجتمعات المحلية تسهيل التفاعلات المنظمة التي تتيح للأصوات المتنوعة المساهمة في مناقشات الصحة العامة وصنع القرار مما يساعد صانعي السياسات من خلال تقديم رؤى وتوصيات مبنية على المعرفة المحلية، مما يعزز بدوره أهمية التقييمات الحزبية وجهود التخطيط الاستراتيجي.

 هذا الدور النسوي لا يُثري الحوار فحسب، بل يُمكّن أيضًا الأفراد من مختلف الخلفيات من المشاركة بشكل أكبر في المبادرات المجتمعية.

وتشير المشاركة الاجتماعية والمجتمعية إلى الانخراط الفعال للأفراد في مجتمعاتهم المحلية والمجتمع الأوسع. كما تشمل أشكالًا مختلفة من التفاعل، كالتطوع، وحضور الفعاليات المجتمعية، والانضمام إلى النوادي أو المنظمات، والتفاعل مع الجيران والمواطنين. وبصورة أساسية، تتضمن هذه المشاركة مساهمة الأفراد بوقتهم ومهاراتهم ومواردهم لتعزيز رفاهية مجتمعهم وتماسكه.

أيضا تلعب المشاركة الاجتماعية والمجتمعية دورًا محوريًا في بناء مجتمعات نابضة بالحياة، وشاملة، ومرنة. فهي تُشكل أساسًا لبناء روابط اجتماعية قوية، وتعزيز الشعور بالانتماء بين الأفراد. فعندما يشارك الأفراد بفعالية في مجتمعاتهم، فإنهم لا يساهمون فقط في تحسين المجتمع، بل يستفيدون أيضًا بشكل شخصي من خلال زيادة الدعم الاجتماعي وتحسين الصحة النفسية، وتعميق فهمهم للتحديات والفرص المتاحة داخل مجتمعهم. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما تؤدي المشاركة المجتمعية إلى جهود تعاونية تعالج القضايا المحلية، وتعزز المسؤولية المدنية، وتدفع نحو التغيير الإيجابي على نطاق أوسع.

كما تُعد الفعاليات المجتمعية أداةً فعّالة لبناء الثقة بين شرائح المجتمع والمنظمات المحلية. فهي توفر فرصًا للأفراد للالتقاء وجهًا لوجه، وتبادل الخبرات، والتعاون في تحقيق أهداف مشتركة.

مثل هذه الأدوار النسوية الاجتماعية التي ركزت على أهميتها الجامعة الصيفية لحركة البناء تُشجع على بناء علاقات غير رسمية، مما يُسهّل على النسوة التواصل مع بعضهم البعض. كما تُعزز مشاريع الخدمة المجتمعية، التعاون، روح الزمالة، حيث تعمل المشاركات معًا لتحقيق هدف مشترك. ثم الإيمان بأهمية كل صوت حيث تتضافر هذه العناصر لتُشكل إطارًا شاملًا لبناء الثقة مما يُحسّن في نهاية المطاف جودة الحياة داخل المجتمعات ويبني التماسك الاجتماعي.

علاوة على ذلك، يُمكن للمشاركة المجتمعية من خلال الأنشطة التعاونية، مثل معارض التطوع، مناسبات الالتقاء، فضاءات الدعوة ..الخ أن تُوطّد الروابط الاجتماعية و تُنشئ لحمة دائمة تُسهم في بناء مجتمعٍ أكثر توحدًا، حيث يدعم الأعضاء بعضهم بعضًا بنشاط. بالإضافة يُجسّد هذا المزيج من التقدير الثقافي والتفاعل الاجتماعي كيف يُمكن للفعاليات المجتمعية النسوية أن تُحفّز علاقاتٍ دائمةً وشعورًا قويًا بالانتماء للمجتمع والانخراط السياسي.

أبرز ما حققته الجامعة الصيفية لحركة البناء

أولا: الشمولية في تخطيط فعاليات الجامعة الصيفية

يجب أن تكون الشمولية في مقدمة التخطيط الحزبي فتصميم الرؤى وخطط التعبئة بما يُراعي اهتمامات مختلف الفئات النضالية التي تشكل قاعدة الحزب يُعزز المشاركة الفعالة تحت شعار "اخلق جوًا يُسمع فيه صوت الجميع" مما يُساعد على بناء الشعور بالانتماء الحزبي والمجتمعي والوطني.

هذا الدور المهم في التعبئة الحزبية وجهود الاتصال الحزبي هو انعكاس لكل من القوة التنظيمية لحركة البناء الوطني والاعتبارات الإستراتيجية فمن المتوقع أن تبذل الحركة جهودًا أكبر لإخراج مناضليها ومؤيديها عندما تتجاوز الفوائد التكاليف. حيث تتأثر هذه الاعتبارات الاستراتيجية بالحوافز التي ينتجها النظام الانتخابي وكذلك نظام الحركة.

ثانيا: تبادل الآراء والتحسين المُستمر في فعاليات الحركة

تأتي أهمية الملاحظات والنقاشات التي شهدتها الجامعة الصيفية خاصة وقد شكل الشباب معظم حضورها أمرًا بالغ الأهمية لفهم تجاربهم. إذ لا تقتصر هذه العملية على تسليط الضوء على ما نجح فحسب خلال التكوين ، بل تُحدد أيضًا جوانب التحسين. وتشمل أساليب جمع الملاحظات الفعالة والمناقشات والحوارات من خلال السعي الجاد للحصول على أبرز ردود الفعل أين يُظهر المنظمون التزامهم بالشمولية ورضا المشاركين.

ثالثا: التكيف مع احتياجات المجتمع وواقع الشباب

ينبغي أن تتطور الفعاليات الحزبية بناءً على ملاحظات وتفضيلات المجتمع وواقع الشباب، إذ تُعد عملية التكيف هذه أساسية للحفاظ على التفاعل والمشاركة والرؤى المستقبلية للأحزاب، أين يقود ذلك الحركة إلى تصميم أكثر احترافية وتميز للجامعة الصيفية المستقبلية بما يعكس اهتمامات مناضلي وشباب الحزب إلى تجارب أكثر ثراءً وإشباعًا.

بينما يُعتقد على نطاق واسع أن المشاركة السياسية مؤشر مهم على صحة وحيوية الديمقراطية يمكن للأحزاب السياسية أن تُسهّل المشاركة من خلال تشجيع المواطنين على الانخراط في العملية السياسية. وقد أَقرّت حركة البناء الوطني بأهمية هذا الدور المحوري للأحزاب في إشراك المواطنين، لا سيما في الجزائر الجديدة ومختلف الرهانات الوطنية والاقليمية، حيث تُعدّ الأحزاب الأدوات الرئيسية للتنشئة السياسية.

رابعاـ تمكين المرأة من خلال المشاركة الفعالة

يُعد تمكين المرأة أمرًا بالغ الأهمية لبناء الشعور بالمسؤولية السياسية في صنع القرار والمبادرة الاجتماعية. فإشراك المرأة في التخطيط السياسي يعزز الالتزام ويعزز المشاركة السياسية من خلال دمج آرائها في عملية صنع القرار مما يمكن للحركة و الجزائر تحقيق نتائج مستدامة وتأثير أقوى.حيث تُتيح المشاركة المجتمعية للمرأة فرصًا للمساهمة في عمليات صنع القرار العام، وتزويد المجتمعات بالمعلومات والتثقيف حول قضايا السياسات التي تؤثر على حياتهم اليومية.

خامسا: تعزيز الشعور بالانتماء الحزبي

عزّزت الجامعة الصيفية لحركة البناء الوطني الشعور بالانتماء الحزبي والمشاركة في مختلف الأنشطة السياسية و الاجتماعية والمجتمعية. هذا الشعور بالانتماء ضروريٌّ لتماسك الأحزاب، إذ يُوفّر الشعور بالانتماء الحزبي شبكة دعم وشعورًا بالتقدير والقبول مما يساعد على نبذ العزلة والفردانية، مما يُسهم في انتشار فكرة التنظيم. من جانب آخر تلعب الأحزاب السياسية دورًا محوريًا في حشد المواطنين للمشاركة في العملية السياسية. وقد يكون هذا مهمًا بشكل خاص في الديمقراطيات الناشئة، حيث يكون الانتماء الحزبي ضعيفًا ونسبة المشاركة في التصويت منخفضة.

سادسا: إيجاد الفرص المناسبة

يتطلب إيجاد الفرص المناسبة للمشاركة في الفعاليات الحزبية البحث والاستكشاف حيث تُعد الجامعة الصيفية مصدرا لاكتشاف الرؤى والمبادرات الجديدة انطلاقا من فكرة "كن منفتحًا على تجربة أنشطة جديدة وحضور اجتماعات أو ورش عمل لتحديد ما إذا كانت تناسبك وتطورك". من خلال إشراك أصوات متنوعة مما يساعد على تمكين الأصوات المهمشة أو المُهمَلة عادةً داخل المجتمع وضمان المشاركة بفعالية في صنع القرارات الصحيحة التي تؤثر على مسارهم النضالي.

فهي إدارةً فعّالة لتحديد الأولويات واستكشاف الطموحات والأفكار البناءة من شأنها تطوير استراتيجية الحركة على المدى القريب و البعيد.

سابعا: تساعد الفعاليات الحزبية على تعزيز القرارات المستدامة.

يُساعد إشراك الأحزاب لمناضليها وفتح أبواب الحزب على مختلف شرائح المجتمع خاصة الشباب على تحسين كفاءة وشرعية وشفافية عملية صنع القرار الحزبي، كما يُمكّن هذا الإشراك قيادات الحزب من اتخاذ قرارات أكثر استنارة من خلال التفاعل مع احتياجات المجتمعات المحلية وآرائها ورؤاها حول القضايا التي تهمّهم وتحديدها بدقة. كما يُعزز اتخاذ قرارات مستدامة من خلال إدراك احتياجات ومصالح جميع المشاركين، بمن فيهم صانعو القرار، والتواصل معهم. وهذا يُؤدي بدوره إلى قبول القرارات والتزام المناضلين السياسيين داخل الحزب ومن يمثله على مستوى مؤسسات الدولة. من جهة يتمثّل الأثر المُتدفّق في زيادة الثقة في الأحزاب والحوكمة لاتخاذ قرارات عامة أفضل.

يُعدّ هذا الأمر بالغ الأهمية، لا سيما في ظلّ تراجع الثقة بالأحزاب والحكومات حول العالم، إلى جانب أجندة المدينة الذكية، يُتيح فرصةً لإشراك المجتمع لتقديم شكلٍ تحويليٍّ من التفاعل المستمر بين المواطنين والحكومات وفواعل المجتمع المدني بشكل عام. فإشراك المجتمع مهمٌّ لأنه يتطلّب اتخاذ إجراءات للتأثير على أصحاب المصلحة ذوي النفوذ الحكومي أو السياسي أو التمويلي لتنفيذ مشاريع وسياسات عامة تُفيد المجتمعات بشكلٍ أساسي وتُحفّز التغيير السياسي و الاجتماعي.

ثامنا: تجسيد نظرية التعبئة الجماهيرية ( Mass MOBTT, IZATJON TS)

تنتهج حركة البناء الوطني عبر الجامعة الصيفية استراتيجية تعبئة (على عكس استراتيجية التحويل) هذه الاستراتيجية التي تبذلها ليست محاولاتٍ محايدة بل تحمل رسالةً حزبيةً صريحةً تُسهم في تثقيف الناخبين وإعلامهم بطريقةٍ سياسيةٍ هادفة لأنه من المُسلّم به أن المجتمع المدني جزءٌ لا يتجزأ من الديمقراطية. علاوةً على ذلك، يُعتبر الحشد المؤيد للديمقراطية للمجتمع المدني ضروريًا لتوسيع نطاق التحرير الاستبدادي ليشمل التحول الديمقراطي.

إن التعبئة الجماهيرية هي أسلوب تسعى من خلاله الحركة إلى إحداث تغييرات واسعة النطاق في المجتمع. وتهدف هذه الطريقة إلى خلق حالة من التقدم والإنجاز في الأنماط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للأمة. ويمكن وصف ذلك بأنه تدخل سياسي في عملية الحياة اليومية العادية للمجتمع من أجل رفع مستوى المعيشة وبناء الأمة. كما يتمثل الحافز السياسي للتعبئة الجماهيرية في خلق قوة هائلة تُسرّع التنمية الاجتماعية من خلال تغيير البيئة السلوكية للناس. تتسبب هذه التغييرات في تغير شكل الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع والدولة من خلال التعبئة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

أما الهدف الاقتصادي للتعبئة الجماهيرية يتمثل في استغلال الموارد الاقتصادية لتحقيق الكفاءة الاقتصادية وتقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء. يمكن للإستراتيجية العامة للتعبئة الاقتصادية أن تُغيّر معنى الإنتاج والملكية وحقوق الملكية، مما يُحدث تغييرًا كبيرًا في فترة زمنية قصيرة. في حين يتمثل الهدف الاجتماعي للتعبئة الجماهيرية في إنشاء هيكل اجتماعي جديد من خلال تعديل أو كسر الحدود النظرية بين الطبقات الاجتماعية وتقليص الفجوة بين المحظوظين والمحرومين من خلال تشجيع الفئات المهمشة على النهوض من أجل العدالة الاجتماعية. في هذه الحالة، تعتمد أهمية الفرد على دوره في التنظيم الاجتماعي لا على ثروته أو ملكيته.

بينما يكمن الهدف الرئيسي للتعبئة السياسية في تحديد مسؤوليات الفرد السياسية من خلال تعزيز استراتيجيات سياسية تنافسية تُرسي تقنياتها ومنهجياتها الخاصة نحو تحول ديمقراطي حقيقي يضمن الاستقرار السياسي وحماية مؤسسات الدولة، إذ لا يمكن تحقيق التعبئة الجماهيرية بدون تنظيم ومشاركات جماهيرية؛ فهما عنصران أساسيان للغاية.

ختاما يمكن القول أن تجربة الجامعة الصيفية لحركة البناء الوطني أظهرت احترافية الحزب على تكييف ايديولوجيته الحزبية مع الاهتمامات اليومية للمجتمع المدني، من جهة مراجعة وتطوير ديناميكيات الحزب لخلق مشروع سياسي متكامل يدعم أشكال التعبئة الوطنية ويعزز التنمية ويستوعب التحديات الجديدة ويحتضن تطلعات الشباب ويجسد طموحاته التي تفرضها الاستحقاقات السياسية القادمة .

 

 

 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services