تحتوي الجزائر على حوالي 20 مليون نخلة تنتج سنويا فائضا من التمور و مخلفات اشجار النخيل المعروفة بالجريد او السعف ، التي تحتوي على مادة السيليلوز حيث يتم حرقها في أغلب الأحيان للتخلص منها، هذه المادة هي مصدر الطاقة البديلة باستعمال البيوتكنولوجيا، حيث يمكن للجزائر مستقبلا تحويل مداخيلها من مجال المحروقات الى مجال الطاقة البيولوجية المتجددة خلال 10 سنوات قادمة اذا استطاعت الوصول إلى عدد 150 مليون نخلة.
عبد العزيز عمران
استضاف مؤخرا نادي العلوم الطبيعية و الحياة بالمركز الجامعي نور بشير بالبيض عبر تقنية التحاضر عن بعد الدكتور عبد الرحمان بن خليفة من جامعة الجزائر والمهتم بدراسة مقومات التنوع البيولوجي و البيئي و مدى استخدامها في الحياة العصرية ، تحت وصاية وزارة البيئة التي اختارت موقع عين لڨرمي بولاية البيض أنموذجا، كونها ابرد منطقة في الجزائر حيث تصل فيها ذروة درجة الحرارة المنخفضة الى - 17 تحت الصفر.
تكنولوجيا الخمائر مجال يحتاج للإهتمام
تعتبر الجزائر من الدول المتأخرة في مجال تكنولوجيا الخمائر، حيث أن تخصص الميكروبيولوجيا العالمي لم يكن يصنف سنة 1980 سوى 500 نوعا ، و الان أصبح يحصي 2500 نوعا من بين حوالى 50 الف نوعا منتشرة عالميا ، منها النافع ومنها الضار، و كون هذه الكائنات الدقيقة تعيش في كل مكان من البيئة التي يعيش فيها الانسان فان الباحثين في مجال الميكربيوتكنولوجا مطالبين باستغلالها لأغراض نافعة و تحويل النوع الضار منها الى خمائر مفيدة .
كما أن كمية مادة السيليلوز المتوفرة سنويا في الجزائر و الغير مستغلة من مخلفات تقليم النخيل ليس لها اي عوارض بيئية حيث يمكن بفضل الخمائر تحويلها الى مواد طاقوية و صيدلانية .
كما ان مادة الخميرة التي تستعمل يوميا في صناعة الخبز SaccharomycesCerevisiae لاسيما التقليدي منه ليست معززة لا بمادة الكوليسترول و لا بمادة الفيتوستيرول ( الموجودة في الزيوت النباتية و التي يمكن أن يحولها جسم الانسان بعد 24 ساعة من استهلاكها بكميات كبيرة الى مادة الكوليسترول ) , بل هي معززة بفضل اغشيتها لاسيما الغشاء السيتوبلازمي بمادة Ergostérl , وهي مادة تصنع من طرف الخمائر و التي يحولها الجسم بعد 24 ساعة من استهلاكها الى VitamineD، هذا الفيتامين الذي يرهق الإقتصاد الوطني و الذي يستعمله للعلاج في الجزائر حوالي 25 /100 من النساء و 15/100 من الرجال الذين يعانون من نقص حاد في VitamineD .
ان الخميرة المدعمة في الجزائر يفوق مبلغ استرادها 200 مليون دولار، و الجزائر اليوم قادرة ان تصبح بلدا مصدرا لهذه المادة الحيوية ، وذلك بضرورة الاهتمام بها أولا في المجال التعليمي ببرمجة تدريس الطلاب مقياس التخمر Zymology المغيب تماما في المناهج التعليمية.
ان جهود الباحثين المتطوعين الجزائريين في هذا المجال معتبرة حيث وصل عدد الخمائر التي تم جردها الى 130 نوعا بعدما كانوا يتوقعون وجود فقط 50 او 60 نوعا من هذه الخمائر ، و من المتوقع ان يصل عدد الخمائر المكتشفة في الجزائر مستقبلا الي 10000 نوعا، منها النافع و منها الضار، هذه الأنواع المحصاة تم مؤخرا تصنيفها حسب ملفات مصغرة ، أولها الملف الطبي ، حيث يصاب كثير من الأشخاص داخل المستشفيات و خارجها بهذه الفطريات وتكون عواقبها كبيرة من حيث تكلفة العلاج ، اذ تم احصاء حولي 30 نوعا من بين 130 نوعا مصنفة ضمن الفطريات الضارة ، والتي تستوجب مدة علاجيىة طويلة ، لاسيما اذا كان الجهاز المناعي للمصاب ضعيفا، بأدوية باهضة الثمن معظمها يتم استراده بالعملة الصعبة .
تحويل الخميرة الضارة إلى مفيدة
إن خميرة CandidaAlbicans المعروفة هي نوع قريب من خميرة CandidaKrusie هذه الاخيرة خميرة عجيبة جدا كانت تعتبر نادرة في الجزائر ، ولكنها اليوم منتشرة بكثافة ، والمختصون في مجال الطب يصرحون ان التكلفة الطبية لهذه الخميرة هي 10 مرات اكبر من غيرها و مخاطر الإصابة بها هي 10 مرات اكبر من غيرها.
و قد يتعرض المصاب بها الى خطر الموت، هذا النوع من الكائنات الدقيقة الضارة يمكن أن نحوله بفضل البيوتكنولوجيا الحديثة الى خمائر مفيدة ، لاسيما اذا علمنا ان هذه الخميرة هي التي تحول مادة الكاكاو المتعمدة في صناعة الشوكولاطة الشهيرة من مادة مرّة التذوق لا يستطيع الانسان تناولها الى مادة طيبة و واسعة الاستهلاك ، و تعتبر الجزائر من اكبر المستوردين لمادة الشوكولاطة ، هذا فقط مثال على كيفية التحكم في هذا الميدان الحيوي من اجل تحويل اغلبية الخمائر الضارة الى خمائر مفيدة .
ان الباحثين الجزائريين في المجال الفلاحي قد اكتشفوا على الأقل 10 انواع من الخمائر النافعة المعتمدة في صناعة الاغذية الحيوانية و المنشطة لإنتاج مادة الحليب ، و حوالي 26 نوعا مختصة في مجال البيئة ، حيث تمكن احد الباحثين من ولاية عنابة من اكتشاف نوعا جديدا من الخمائر الطبيعية القادرة على امتصاص المعادن الثقيلة ، و التي توجه الى ميدان معالجة النفايات و التلوث البيئي .
للإشارة فقد تطوع بعض الأفراد في مدن جزائرية عديدة مثل جيجل و واد سوف في تطوير الخمائر سريعة التكاثر من المجال التقليدي الى المجال الصناعي ، حيث استطاع جبن " الڨفص " المصنوع في مدينة بوسعادة ان يتحصل على الجائزة الأولى في المسابقة العالمية من حيث الجودة ، التي اجريت بأحد البلدان الاوروبية المعروفة ببلد الاجبان.