428
0
جمعية النشئ الجديد... مساعي لترسيخ السياحة التاريخية لدى الشباب الجزائري

إعتلى المجتمع المدني في السنوات الأخيرة مكانة مرموقة لدى مؤسسات الدولة والهيئات التنظيمية، والراجعة لجهود الدولة في رد الاعتبار لهذه الحلقة التي كانت مهملة بالنظر للدور الكبير الذي تلعبه في استقطاب جميع الفئات وخاصة الفئة الشبانية.
بثينة ناصري
وفي هذا الإطار كان لجريدة بركة نيوز لقاء مع قايدي أحمد مستشار رئيسي للشباب ورئيس جمعية النشئ الجديد، الذي عرفنا بالجمعية وأهم مهامها، مؤكداً أن جمعية النشئ الجديد لولاية الجزائر أنشأت سنة 2011 وقد استوحت الإسم من البيت الشعري للشاعر المصلح الثوري مؤسس جمعية علماء المسلمين الجزائريين عبد الحميد بن باديس {يا نشئ أنت رجاؤنا * * * وبك الصباح قد اقترب}.
وتابع قوله أن هذا الشعار الذي اتخدته الجمعية في مسارها جاء لاعطاء فسحة للشباب الذي ينخرط فيها، والتي تقوم على أساس جذبه لمعالم بلاده، وغرس حب الوطن والإنتماء في نفسه فضلا عن تنمية روح الإعتزاز بالموروث الاجتماعي والثقافي الجزائري.
فضاء شباني وإقبال يعكس مدى تعلق الشباب بالوطن
ونوه ذات المتحدث إلى أن فكرة تأسيس الجمعية جاءت بعد الاحتكاك بالعديد من الحركات الجمعوية، فكان من الواجب إعطاء مغزى جديد للحركة الجمعوية والمساهمة فيها من خلال انشاء جمعية النشئ الجديد وهذا اعتمادا على التجربة الميدانية التي تجاوزت 38 سنة، التي ميزها الإنخراط منذ الصغر في دور الشباب و الوظيف العمومي وكإطارات للشباب.
وأضاف قايدي أن المجتمع المدني يتطلب امكانيات أخرى ومعطيات أخرى وبالتالي تم التفكير في تبني وسائل لنشر الوعي وترسيخ ثقافة المواطنة في أسرة الشباب،خاصة مع صدور بعض القوانين التي تسمح باعطاء مجال للشباب أكثر للمشاركة في الفعاليات التي تنظمها الجمعية والنشاطات التي تنظم من طرف مختلف قطاعات.
وبالحديث عن نشاطات الجمعية أكد أن الجمعية تصبو اهتمامها نحو عالم المواطنة ويتم التنقل للولايات التاريخية والأماكن التي وقعت فيها أحداث تاريخية كولاية معسكر التي تأسست فيها الدولة الجزائرية "للأمير عبد القادر"، وكذا قسنطينة التي كان يتواجد بها قامة من قامات الوطن العلامة "عبد الحميد من باديس"، وهذا بهدف البحث في التاريخ وملامسته.
وأكد أن الجمعية ماضية قدمًا في تبني مزيد من المبادرات وتحقيق الإنجازات في رعاية الشباب والاهتمام بهم، وتوفير كل المقومات الكفيلة بتعزيز دورهم في خدمة الوطن، والاسهام في مسيرة بنائه، وهذا تماشيا مع اهتمام رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون بالشباب ودورهم في نهضة الوطن وازدهاره.
ملامسة التاريخ من أحسن الطرق لترسيخ الأفكار
وأبرز رئيس جمعية النشئ الجديد أن التاريخ يتم تداوله في المدارس والكتب وكذا في روبورتاجات عبر القنوات المتخصصة، ومن جهتها الجمعية أرادت من خلال نشاطاتها بالخروج عن المألوف من خلال التنقل إلى أماكن تاريخية عن طريق تنظيم مجموعات من الشباب والخروج بقوافل للتعرف على مناطق معينة سواء في الشرق أو في الغرب أو الجنوب أو الشمال والذهاب للواقع الميداني، مثلا هنا في مدينة الجزائر العديد من الشباب لا يعرفون "المدنية" أين حدثت وقائع اجتماع الـ22 ومكان الاجتماع أين تواجد بن بولعيد، وهذا يدخل في إطار معايشة التاريخ.
وشدد ذات المتحدث على ضرورة الاهتمام بالسياحة التاريخية وهذا بالنظر للاتساع التاريخي والحضاري الذي تملكه الجزائر عبر 58 ولاية، وهذا ما يعزز حب الوطن والحفاظ عليه باعتباره أمانة يجب المحافظة عليها وكذا نقل الرسائل التاريخية عبر الأجيال، كاشفاً بذلك عن عدد المنخرطين في الجمعية والذي وصل عددهم إلى 50 منخرط من إناث وذكور الذين يتم تنقلهم عبر نشاطاتها في جميع أحياء العاصمة.
وأشار رئيس الجمعية إلى أن جمعية النشئ الجديد في كل سنة لها عقد برنامج مع مديرية الشباب والرياضة وهذا للاستفادة من الصندوق الولائي لترقية مبادرات الشباب والرياضة، أين يتم تخصيص منحة لنشاطات الجمعية ويتم تقسيمها وفقا للبرنامج المسطر.
خرجات ميدانية للتعرف على المواقع التاريخية
وتطرق قايدي إلى الرحلة التي كانت موجهة إلى مدينة ڨورايا أين تم تنقل حوالي 25 شاب للتجوال مشيا على الأقدام حاملين الأعلام الوطنية متوجهين نحو جبال الأرحاد والتي تعد جبال تاريخية بامتياز، وهذا بالنظر للمناجم المتواجدة فيها التي كانت تستغلها فرنسا في وقت الاستعمار، مشيراً إلى المعركة الكبيرة التي جرت في جبال العرعاب والتي تم تعريف الشباب بها وتقديم شروحات كافية حول مجرياتها وتم الاستفادة من كل هذه المعلومات.
وتحدث عن برامج الجمعية الثري بالنشاطات من خلال تنظيم أسابيع موجهة للذاكرة والتاريخ وكذا برنامج حركية الشباب المتمثلة في التنقل لمختلف الأماكن التاريخية، مؤكداً أنه بالرغم من أن شباب اليوم مهتم بمجال الرقمنة والذكاء الاصطناعي إلا أنه متعلق بتاريخه وطنه.
وحسب محدثنا فإن الجمعية تهتم بالشباب من جميع المستويات، كالجامعيين أو الشباب المثقف حيث تتم مرافقته ليرتقي في المجال العلمي، وبالنسبة للشباب الغير مهيكل يتم مرافقته لتكون له فسحة أو سانحة للمشاركة في برنامج الجمعية لإحتضانه وهذا كمحاولة لابعاده عن كل أشكال الآفات الاجتماعية والمخدرات وملئ وقت فراغه بما يخدم شخصه ووطنه.
وأبرز رئيس الجمعية أن نشاطهم يتمتل في تعزيز الثقافة والوعي التاريخي والذي يحتاج إلى مجموعة من الشباب الواعي المسلح بالعلم والمعرفة وهذا لاستيعاب وقائع الأحداث ونقلها للآخرين، موضحاً أن الأطفال أيضا يستفيدون من نشاطات الجمعية على مستوى المخطط الأزرق.
تاريخ الجزائر واضح ولا يحتاج إلى تبرير
وبالحديث عن من شكك في تاريخ الجزائر، أكد أن هذه الأقوال زوبعة في فنجان وما هي إلا فقاعة فيسبوكية فالحقيقة واضحة، وتاريخ الجزائر لا يحتاج إلى تبرير، واعتبر أن هذه الشكوك حملة إعلامية وتشويش يستهدف تطور وتنمية الجزائر ومعارك فكرية خارج عن النطاق.
وأشار قايدي للجهود الكبيرة لفعاليات المجتمع المدني لترسيخ قيم المواطنة والانتماء في نفوس الأجيال الجديدة، مبرزا أنه بعد مرور عقود على اندلاع الثورة واسترجاع السيادة الوطنية، لا تزال عملية تدوين التاريخ الوطني حلقة هامة من حلقات البحث التاريخي في الفترة الحديثة والمعاصرة، لما لها من أهمية في الحفاظ على الموروث التاريخي الوطني وعلى الذاكرة الوطنية.
وفي الأخير شدد قايدي على ضرورة الإهتمام بالتاريخ واعطائه المكانة اللازمة، منوها بأهمية الدفاع على الدولة الجزائرية مقوماتها التاريخية.