53
0
غزة وبشرى النصر الأخلاقي

بقلم كمال برحايل
يتصدر حاليا المشهد الإعلامي تسريب فحواه، قبول حركة المقاومة الإسلامية في غزة، تسليم أو نزع السلاح في إطار صفقة التبادل ، في إطار المفاوضات غير المباشرة ، سواء على المسار المصري أو القطري، ومصدر هذا التسريب انه قدم من ستيف ويتكوف المبعوث الأمريكي، والخبر في حدود علمي محصور وحكرا فقط على القنوات الاسرائليه، المقربة من الحكومة وبتوافق مع الأطراف بغية ان تودي إلى حل شامل، والمتأمل في طبيعة الاقتراح يجزم بانه الحل الوحيد المطروح بصيغة الإملاء ،على طاولة النقاش وما على الطرف الآخر سواء الاستجابة فقط.
بالتالي حينما نستقرء التاريخ نعود لنستجلي ماحدث في معركة بيروت، عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان ،حينما اجبرت منظمة التحرير على الخروج إلى تونس، ولم يكن خيارا فلسطينيا، بل التجاوب مع الطرف اللبناني، واذكر انه في تحقيق لمجلة العربي الكويتية قد نشرت، صورة ان احد أبطال جيش التحرير الفلسطيني على متن شاحنة حاملا، لافتة مكتوب عليها" حكام العرب أنا لا اخجل من عروبتي بل اخجل من عروبتكم"والذي حدث ان هذه المقاومة الوطنية ،كان خروجها لتعود بعد سنين إلى غزة وأريحا بموجب اتفاق إعلان المبادئ في واشنطن بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني.
وحينما هبت نسمة الربيع العربي، كان الخطاب السياسي الغربي هو الدعوة إلى الفصل بين الدول العربية، وبحكم الخصوصية على أساس ان هذا إضراب تونسي، وهذا تغيير مصري ، وذلك حراك يمني ،وهذا مشكل ليبي، وبعدها الدور على سوريا ، وهنا تجلت الحقيقة الغائبة والفجر الكاذب ،لرياح التغيير الإرادي الذي خطط له عمليا بشكل ضمني لاسقاط المقاومة، وهي محاولة للاستفراد بإدارة الأزمة على منهج الفوضى الخلاقة، وهو السلوك السياسي الأمريكي الذي تبنته مستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس ، الذي يسعى تدمير الانظمة الوطنية واقامة أخرى جديدة، على مقياس الغرب في التغيير، وازالة أي تهديد مباشر للمصالح الحيوية للغرب ، لكن سيجدون المقاومة حيث تكرهون.
وفي خضم هذا الربيع الكئيب، بامواجه المتلاطمة، ينام الكيان الصهيوني ملىء جفونه عن شواردها، وقد اطمئن إلى ان قاطرة التطبيع انطلقت، وأصبح الحديث الإعلامي يروج على من سياتي الدور ،وهذا بحكم السياق التاريخيّ للنهج الاستسلامي لبعض الأنظمة العربية، مصر باتفاقية كامب ديفيد، والأردن في وادي عربة، ثم الإمارات والبحرين.
ان المفارقة في هذه اللحظة التاريخية هو عجز مراكز البحث، في استقراء مستقبل إدارة النزاع بين الكيان الصهيونى و الفصائل الفلسطينية الرافضة لاتفاق إعلان المبادئ، وقد اعتقد سدنة السياسة العربية، انه تم تسوية القضية الفلسطينية، وطويت، عبر اتفاقيات مع الأنظمة لكن الشعب العربي لم يقل كلمته.
وتعود شعلة المقاومة مجددا واصبحت غزة ، عشية انطلاق طوفان الأقصى هي خط الدفاع الأول، يعبر عن جيل الغضب العربي، وأضحى أنه هو المفاجاة والحدث الاستثنائي، سبقه فشل استخباري في كشف النوايا المعادية، حيث شكل خطوة تاريخيّة لإعادة القضية للواجهة وإعادة تقدير الحسابات، لان إساءة التقدير له حساب إضافي لا تنجم عنه تنازلات ظرفية، بل اعادة نفس السوال، ماذا حدث؟ ويعيد التاريخ نفسه، كما يقول كارل ماركس "التاريخ يعيد نفسه مرتين الاولى ماساة والثانية مهزلة".
وهذا الهجوم المباغت على الكيان الصهيوني، دخل التاريخ أسوة بالثورة الجزائرية ، وكان للشهيد مصطفى بن بولعيد القول الفصل حينما ساله بعد إلقاء القبض عليه، مجيبا الرايد فينسنت مونتاي "بان ممارستكم هي سبب ثورتنا".
والحال نفسه بالنسبة الحرب الفيتنامية بقيادة هوشي منه، الذي عشية هجوم تيت سنة قال في بيان موجه من الإذاعة" ربيعنا اليوم احلى ربيع ليقلد الشمال الجنوب بعضهم ، بقتال الأمريكيين تقدموا سننتصر ".
وكانت القيادة الميدانية للجنرال جباب الذي قال للرئيس الراحل هواري بومدين حينما ساله عن التطورات ، أجابه "سيدي الرئيس العدو تلميذ غبي يفهم الدرس مرتين"
ويقول ست تزو في كتابه فن الحرب "إذا كنت تعرف العدو وتعرف نفسك فلا حاجة للخوف من نتائج المعركة".
لقد تميز الأداء القتالي لكتائب عزالدين القسام، معتمدة على الحرب اللاتماثلية اي "دولة مع تنظيم معادي "وقد عملت المجموعات المشكلة للكتائب بشكل مستقل في مختلف المحاور،و باستعداد عالي لمواجهة مفتوحة بحيث استدرج جيش الاحتلال، إلى ارض المعركة ويتم النصر على الأهداف الثابتة و المتحركة.
وهذا ما أشار اليه محمد الضيف قائد كتائب عزالدين القسام " مجاهدونا الأبرار هذا يومكم لتفهموا هذا العدو المجرم ان زمنه انتهى".
بينما تميز الأسلوب القتالي لجيش الاحتلال، بقوة نارية وتدمير عمدي للبنية التحتية، وباستهداف المدنيين لاجبار السكان على المغادرة ، أو الانقلاب على شرعية حماس، وفي المحصلة لم تحقق أي هدف محدد من المستوى السياسي والأمني سواء القضاء على حماس أو استعادة الاسرى، ولم تقدم البديل الواقعي ليوم الغد، هذا ما أثار أهالي الرهائن للتنديد والتظاهر رفضا لتصرفات نتنياهو.
ولكن الأمر الأخطر هو تزايد المًواجهة الإقليمية، بدخول المقاومة الإسلامية في العراق واليمن، كإمتداد للمواجهة في غزة وتم الربط العضوي والسياسي، بفك الحصار عن المساعدات ناهيك عن البعد الاخلاقي الذي اصبح محرك للمظاهرات لإيقاف القتل والتجويع على سكان غزة.
ان تمسك نتنياهو بنزع سلاح حماس، وعودة السلطة لإدارة القطاع، هو اعتقاد وشرط ضمني يمنع حماس من اعادة بناء قدراتها القتالية، ومن يضمن عدم تكرار الطوفان؟
Deluge never again
آخر الكلام:
لا تصمت عن الحق فسترى كيف يكرهك الجميع. تشي غيفارا