60
0
غزة في عين الإعصار: 21 شهرًا من الإبادة الإسرائيلية وسط صمت دولي مطبق

تعيش غزة في هذه الأيام فصلاً غير مسبوق من فصول المأساة الإنسانية، حيث يدخل العدوان الإسرائيلي شهره الحادي والعشرين، في ظل استمرار العمليات العسكرية واسعة النطاق التي تطال المدنيين، والبنى التحتية، ومقومات الحياة اليومية في القطاع المحاصر، وبينما ترتفع حصيلة الضحايا يومًا بعد يوم، تتعالى أصوات المنظمات الحقوقية الدولية مطالبة العالم بوقف ما وصفته بـ"الإبادة الجماعية".
ماريا لعجال
وفي هذا السياق، أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" بيانًا شديد اللهجة، حذرت فيه من استمرار العدوان بوصفه "جريمة إبادة ممنهجة"، ونددت بما أسمته التواطؤ الدولي، لا سيما في ظل شراكة أمريكية واضحة، تتمثل في دعم عسكري وسياسي متواصل لإسرائيل، إلى جانب صمت دولي عن الانتهاكات الجسيمة.
مخططات تهجير قسري وتغيير ديمغرافي
البيان سلط الضوء على مخططات إسرائيلية–أمريكية تستهدف ما تبقى من سكان غزة، من خلال إقامة "مراكز تجميع" شرق رفح، وفقًا لما كشفت عنه تقارير إعلامية أمريكية وإسرائيلية. وتستند الخطة إلى مشروع يُعرف باسم "أورورا"، أعدّته مؤسسة أمريكية بالتعاون مع شركة بوسطن للاستشارات (BCG)، ويهدف إلى دفع سكان القطاع نحو النزوح القسري، تحت وطأة المجازر، التجويع، وانعدام مقومات البقاء.
وتتزامن هذه التحركات مع سياسة تدمير ممنهجة لما تبقى من أحياء سكنية في القطاع، وخصوصًا مدينة رفح التي وصفها البيان بأنها "سويت بالأرض"، ما يؤشر إلى نية الاحتلال بإعادة تشكيل واقع غزة ديمغرافيًا وجغرافيًا، وربما التحضير لتهجير السكان خارج الأراضي الفلسطينية تحت غطاء "الهجرة الطوعية".
واقع إنساني كارثي وأرقام مرعبة
تشير الأرقام الواردة في البيان إلى وضع كارثي على الأرض:
- أكثر من 57,700 شهيد منذ بداية العدوان، غالبيتهم من النساء والأطفال.
- نحو 137 ألف مصاب، في ظل انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية.
- 66 طفلًا و247 مريضًا قضوا جوعًا، نتيجة الحصار الغذائي.
- 77 ألف طفل يعانون من أمراض سوء التغذية الحاد.
- 50 ألف امرأة حامل ومرضعة لم يتناولن طعامًا منذ أيام، ما يعرض حياتهن وأجنتهن للخطر.
وقد تسببت الغارات الأخيرة خلال الساعات الماضية بمقتل 150 شخصًا، بينهم 17 ضحية جراء قصف نقطة طبية في دير البلح كانت تقدم مكملات غذائية للأطفال، إضافة إلى 55 شهيدًا في خيام النازحين غرب خان يونس، و50 آخرين في مدينة غزة.
عقوبات أمريكية على المدافعين عن الحقوق
الهيئة "حشد" أدانت بشدة فرض الولايات المتحدة عقوبات على المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز، بسبب تقاريرها الداعمة للحقوق الفلسطينية، معتبرة ذلك انتهاكًا صارخًا لمبدأ استقلالية عمل المقررين الأمميين، وتدخلاً سافرًا في العدالة الدولية.
دعوات عاجلة للمجتمع الدولي
في ختام بيانها، دعت الهيئة الدولية "حشد" إلى:
- وقف فوري للعدوان والإبادة الجماعية.
- تسهيل دخول المساعدات الإنسانية وفك الحصار.
- محاسبة المسؤولين الإسرائيليين وشركائهم أمام محكمة الجنايات الدولية.
- وقف نشاط مؤسسة غزة الإنسانية الأمريكية، التي وُصفت بأنها شريكة في مشروع التجويع والتهجير.
- تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة باعتبارها دولة مارقة تنتهك القوانين الدولية.
غزة اليوم ليست فقط ساحة حرب، بل عنوان لأكبر كارثة إنسانية في القرن الحديث. وبينما يقف العالم متفرجًا، تسجل أرواح الأبرياء مشاهد تُضاف إلى أرشيف جرائم الإبادة التي يعرفها التاريخ. وما لم يتحرك المجتمع الدولي بجدية وفورية، فإن ما يتبقى من غزة لن يكون سوى أطلال على خريطة مهجّرة.