219
0
في رحاب جامع الجزائر.. نداء فلسطين وصوت الجزائر الثابت

في يومٍ من أيام الذاكرة العربية المثقلة بالجراح، وعلى أرض الجزائر التي لا تنسى عهدها مع فلسطين، حلّ الوزير الفلسطيني أحمد أبو هولي، رئيس اللجنة العليا لإحياء ذكرى النكبة وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ضيفًا على جامع الجزائر، أمس الاثنين، في زيارةٍ وُشّحت بعبق التاريخ ونبض القضية.
بن معمر الحاج عيسى
كان في استقباله عميد جامع الجزائر، الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني، الذي فتح أبواب الجامع الكبير، كما فُتحت قلوب الجزائريين دائمًا لأرض الإسراء والمعراج. وبين مآذن المسجد العملاقة وصدى القرآن الذي يملأ جنباته، ألقى الشيخ القاسمي كلمةً رحّب فيها بالوفد الفلسطيني، مستحضرًا روابط الدم والمصير، ومجدّدًا عهد الجزائر الثابت: "الجزائر مع فلسطين، في السرّاء والضرّاء."
وفي لهجة حملت لوعة الواقع وصدق الانتماء، حمّل عميد الجامع السياسات الغربية المتناقضة، وازدواجية المعايير، مسؤولية الصمت القاتل، والعجز الدولي المزمن أمام مشهد التهجير والإبادة، الذي يتكرّر منذ أكثر من سبعة عقود وسبعة أعوام. قالها بوضوح: ما تزال فلسطين تنزف، لأن العدالة أُخرِست، ولأن المبادئ تُوزن بمكاييل المصالح.
ولم يكن حديثه مجرد موقف سياسي، بل استدعاء لذاكرة وطنية. إذ استحضر مقالات لشباب جزائريين، كُتبت عقب نكبة 1948م، جسّدت وعيًا مبكّرًا بواجب التضامن مع فلسطين، وروحًا جزائرية لا تنفصل عن قضايا الأمة. كما ذكّر بحملات التبرع التي انطلقت من قلب الجزائر آنذاك، تشهد أن فلسطين كانت -وما زالت- في قلب الشعب قبل أن تكون في أي بيان.
وفي ختام كلمته، وجّه دعاءً صادقًا لأهل فلسطين، بالفرج القريب والنصر المبين، مردفًا بثقة المؤمن: "وعد الآخرة آتٍ لا ريب فيه." واستشهد بما يُشبه المعجزة: كيف تحوّل مشروع استعماري حمل اسم "الكاردينال لافيجري"، إلى منارة باسم سيّدنا محمد ﷺ، بفضل ثورة شعب، تمسّك بالإسلام، واتحدت كلمته تحت راية واحدة.
ومن جانبه، قال الوزير الفلسطيني أحمد أبو هولي، وقد غلبه التأثّر بمواقف الجزائر: "حين نبحث عن الثبات، نأتي إلى الجزائر؛ وحين نحتاج إلى السند، لا نرى في الأفق إلا صوتها. العدوّ واحد، وبوصلتنا تتجه جميعًا نحو القدس الشريف."
وبين صدى الدعاء وقبسات التاريخ، تظل الجزائر، كما كانت دومًا، صامدة إلى جوار فلسطين... لا تغيّرها العواصف، ولا تساوم على الحق، ولا تنسى وجه القدس، ولو تراكم الغبار.