58

0

ديمتري دلياني: الاحتلال يستخدم الاختفاء القسري كسلاح في حربه الإبادية ضد شعبنا

 

فلسطين - القدس المحتلة

أكد ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، أن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة لم تقتصر على المجازر الدموية التي حصدت أرواح أكثر من 48,000 شهيد وشهيدة وأسفرت عن إصابة ما يزيد على 111,000 فلسطيني وفلسطينية وتدمير البنية المدنية بشكل شبه كامل منذ أكتوبر 2023، بل امتدت إلى مستوى لا يقل خطورة يتمثل في الاختفاء القسري لآلاف المدنيين من ابناء شعبنا، وهي جريمة ترتقي إلى تطهير عرقي يستهدف محو الوجود الفلسطيني وإرهاب المجتمع برمته.

 

وأوضح دلياني أن الاختفاء القسري للمدنيين من ابناء شعبنا هو جزء أصيل من استراتيجية الابادة الإسرائيلية الرامية إلى زعزعة النسيج المجتمعي الفلسطيني، وتجريد العائلات من أبسط حقوقها في معرفة مصير أبنائها. وأشار إلى أن هذا المخطط الإجرامي يتم عبر الاعتقالات الجماعية العشوائية، والإعدامات الميدانية، ودفن الضحايا تحت أنقاض الأحياء السكنية التي دمرتها آلة القتل الإسرائيلية، في إطار سياسة اجرامية تحاول طمس كل أثر للحياة الفلسطينية في غزة. وأكد دلياني أن التقارير الحقوقية الدولية المستقلة توثق اختفاء ما يقارب من 20,000 مدني/ة فلسطيني/ة، بينهم أعداد كبيرة من الأطفال، وسط صمت دولي مخزٍ يرقى إلى التواطؤ. وأشار إلى عدد لا يستهان به من هؤلاء يتم اختطافهم من قِبَل قوات الاحتلال ويقبعون في مراكز اعتقال علنية وسرية، حيث يتعرضون لأبشع أشكال التعذيب ويحرمون من التواصل مع عائلاتهم أو الحصول على أي تمثيل قانوني، في انتهاك صارخ لكل المواثيق الدولية.

 

وأضاف دلياني أن الاحتلال الإسرائيلي بلغ مستويات غير مسبوقة من الوحشية في تعامله مع جثامين المختطفين من ابناء شعبنا الذين يرتقون شهداءاً في مراكز الاعتقال والتعذيب، حيث كشفت تقارير دولية عن إقدام سلطات الاحتلال على تسليم جثامين الشهداء في حاويات نقل عبر معبر كرم أبو سالم، في مشهد يفضح جرائم الإعدام في المعتقلات والإعدام الميداني ويطرح تساؤلات قانونية وأخلاقية عميقة حول مصير اهلنا الذين جرى اختطافهم من قبل قوات الاحتلال.

 

وأكد دلياني أن "هذه الجرائم تضرب في صميم المبادئ التي يفترض أن يقوم عليها النظام الدولي.

 

فعندما يتم تسليم جثامين ابناء شعبنا في شاحنات تجارية، وعندما يُجبر أهالي المُختفين قسراً على البحث بين الأشلاء لمعرفة مصير أحبائهم، فإننا أمام عملية إبادة متعمدة، مدعومة بصمت دولي مخزٍ يرقى إلى درجة الاشتراك في الجريمة." وفي ختام تصريحه، شدد دلياني على أن اختفاء آلاف المدنيين من ابناء شعبنا في غزة هو جريمة إبادة متعمدة تهدف إلى محو كل أثر للحياة الفلسطينية في القطاع. وأضاف أن "تقاعس المجتمع الدولي عن اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف هذه الجرائم لن يكون مجرد إخفاق سياسي، بل وصمة عار أخلاقية ستلاحق هذا العصر، حيث تنتصر شريعة الغاب على العدالة، ويتحول الصمت الدولي إلى شريك مباشر في الإبادة الجماعية التي تمارسها دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد شعبنا."

 

اللوبيات الإسرائيلية ترسّخ التواطؤ الأوروبي الرسمي في الإبادة الجماعية والفصل العنصري

 

وأضاف القيادي الفتحاوي: "ما يزيد عن 20 منظمة ضغط إسرائيلية، من بينها معهد عبر الأطلسي والمكتب الأوروبي للجنة اليهودية الأمريكية، نجحت في استقطاب مئات المسؤولين والنواب الأوروبيين، وتحويلهم إلى أدوات لخدمة أجندة الاحتلال عبر إغراقهم في رحلات فاخرة إلى تل أبيب والقدس المحتلة، بالإضافة إلى سلسلة من الامتيازات المادية التي تضمن ولاءهم المطلق وتكميم أفواه أي أصوات أوروبية قد تتجرأ على فضح جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني."

 

"إنّ النفوذ المتغلغل للوبيات الإسرائيلية داخل المؤسسات الأوروبية، خاصة على مدار العقدين الماضيين، شوّه الموقف الأوروبي تجاه الإبادة الجماعية الاسرائيلية في غزة والتطهير العرقي والفصل العنصري في القدس وباقي انحاء الضفة الفلسطينية، وحوّل الاتحاد الأوروبي إلى أداة بيد منظومة جرائم حرب الاحتلال، يُستخدم لتبرير وحشيتها وانتهاكاتها للقانون الدولي"، هذا ما أكّده ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح. وأردف دلياني: "هذه الشبكة المتغلغلة من اللوبيات الصهيونية تهدف إلى تبييض السجل الإجرامي لدولة الاحتلال وتسعى إلى إحكام قبضتها على دوائر صنع القرار في أوروبا، لتُبقي الكيان فوق القانون وتكرّس إفلاته التام من أي محاسبة دولية. والنتيجة هي إطار سياسي أوروبي لا يكتفي بتوفير الغطاء لجرائم الاحتلال، بل يعمل على تمكينها وتعزيزها على المستويات كافة."

 

وأشار المتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح إلى الهيمنة الإسرائيلية على المشهد السياسي في إيطاليا كأحد أكثر الأمثلة وضوحاً على مدى تغلغل الاحتلال في أوروبا، قائلاً: "لقد أصبحت كُبرى المؤسسات السياسية في إيطاليا نموذجاً للارتهان الكامل للوبيات الصهيونية، في تناقض صارخ مع الموقف الشعبي الإيطالي الذي يرفض بأغلبية ساحقة الاحتلال العسكري غير الشرعي للقدس وباقي انحاء الضفة الفلسطينية وغزة. فمنظمة 'أصدقاء إسرائيل'، وهي كيان صهيوني متطرف يدعم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق شعبنا الفلسطيني، تمكّنت من تجنيد 33 نائباً إيطالياً في البرلمان الأوروبي، ليصبحوا مجرد أدوات تنفّذ أجندة تجعل السيادة السياسية والثقافية الإيطالية خاضعة لإملاءات نظام الاحتلال المجرم." وأضاف دلياني: "هذا التناقض الفاضح بين إرادة الشعوب الأوروبية وبين المصالح الخاصة للسياسيين المنخرطين في شبكات اللوبي الصهيوني يكشف بوضوح أن عملية صنع القرار في الاتحاد الأوروبي لم تعد قائمة على المبادئ الأخلاقية أو العدالة الدولية، بل أصبحت رهينة للفساد السياسي والتواطؤ مع جرائم الاحتلال.

 

وهذا ما يتجلى في حالة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني، الذي خلال فترة تولّيه منصب المفوض الأوروبي للصناعة بين 2010 و2014، سعى إلى دمج الاحتلال الإسرائيلي في عدة برامج أوروبية، ما أدى إلى قفزة نوعية في التبادل التجاري بين بروكسل وتل أبيب. انحيازه المطلق لهذا الكيان العنصري والدموي تجلّى في رفضه المطلق لإدانة المجازر التي أودت بحياة عشرات الآلاف من ابناء شعبنا الأبرياء في غزة والضفة." وتابع دلياني: "قبضة الاحتلال على أوروبا تتجلى أيضاً في قمع أي صوت داخل المؤسسات الأوروبية يجرؤ على كشف الحقيقة. فبمجرد أن يفضح أحدهم هول جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في فلسطين، تنهال عليه الاتهامات الجاهزة بمعاداة السامية، وهي الحيلة التي توظفها اللوبيات الصهيونية لإسكات أي صوت يكشف طبيعة المشروع الاستعماري التوسعي والعنصري الدموي الذي تمثله دولة الاحتلال." وفيما يتعلق بالإعلام الأوروبي، شدد دلياني على أن "التغلغل الصهيوني لا يقتصر على الميدان السياسي، بل يمتد ليخنق الإعلام الأوروبي ويحول مؤسساته إلى أبواق تروّج للرواية الصهيونية.

 

تعتمد كبرى الصحف الأوروبية على التمويل الحكومي، ما يجعل استقلالها التحريري خاضعاً لمعادلات المصالح السياسية، ويضمن عدم تجرّئها على كشف الجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني. هذا التواطؤ الإعلامي، المدفوع بالخوف والرقابة الذاتية أو المصالح، هو ما يُسهم في تشكيل رأي عام أوروبي مغيّب، ويُبقي الاحتلال بمنأى عن المساءلة، ويعزز التواطؤ الأوروبي في المأساة الفلسطينية المستمرة."

 

الاحتلال يحوّل استمرار الحياة في غزة إلى معركة يومية ضد البرد والجوع والمرض

 

"يعتمد الاحتلال الإسرائيلي على أساليب ابادية غير القصف والقنص والتدمير ليجعل من استمرار الحياة نفسها في غزة معركة يومية ضد البرد والجوع والمرض، مستخدماً الحصار والتجويع والتشريد كأدوات لقتل أطفالنا ببطء وعلى مراحل"، بهذه الكلمات شدد دلياني، على أن إصرار الاحتلال على منع دخول المساكن المؤقتة إلى غزة، رغم التزامه بذلك في اتفاق وقف إطلاق النار، ليس سوى امتداد لمنهجيته القائمة على التنصل من التزاماته، وتحويل كل اتفاق إلى فرصة جديدة لتعميق معاناة شعبنا، في إطار مخطط إبادي يُنفذ بدم بارد وبغطاء دولي متواطئ. واوضح القيادي الفتحاوي انه بموجب الاتفاق، كان الاحتلال ملزماً بالسماح بإدخال 60,000 منزل متنقل و200,000 خيمة لتوفير الحد الأدنى من الحماية لأكثر من 1.9 مليون فلسطيني وفلسطينية نزحوا قسراً بسبب العدوان، وهم يشكلون ما يقارب 90% من سكان غزة الناجين من المجازر. لكن وحتى اللحظة، لم يُسمح سوى بإدخال 20,000 خيمة، بينما بقيت عشرات الآلاف من المساكن الجاهزة عالقة على المعابر، محتجزة بقرار سياسي إسرائيلي هدفه تعميق الأزمة الإنسانية وتوظيف الحصار كأداة إضافية لمواصلة الإبادة الجماعية بأسلوب أكثر وحشية.

 

وأكد دلياني أن هذا الانتهاك الفاضح للاتفاق لا يمكن اعتباره مجرد إخلال ببند تفاوضي، بل هو استمرار لنهج الاحتلال في استخدام الاتفاقات كغطاء لإعادة ترتيب أوراقه، وليس للالتزام بها. وأضاف قائلاً: "إن الاحتلال يتعامل مع القانون الدولي واتفاقيات جنيف وقرارات الأمم المتحدة بوصفها مجرد حواجز شكلية يجب الالتفاف عليها، لا التزامات يجب احترامها. فهو يوقع على الاتفاقيات لا لتطبيقها، بل ليمنح نفسه الوقت لإعادة هندسة عدوانه".ومنذ أكتوبر 2023، ذكّر دلياني، "تسببت الحرب الابادية الإسرائيلية في استشهاد أكثر من 48,239 فلسطينياً وفلسطينية، وإصابة ما لا يقل عن 111,676 آخرين، بينما فاقم الحصار المتعمد على الإمدادات الإنسانية من حجم الكارثة، ليجد الناجون والناجيات من القصف أنفسهم في مواجهة موت جديد، تحت وطأة البرد القارس أو بسبب تفشي الأوبئة والأمراض نتيجة الانهيار الكامل للمنظومة الصحية، التي أُنهكت تحت القصف، ثم أُجهضت تماماً بتعمد الاحتلال منع دخول المستلزمات الطبية والإغاثية."

 

سياسات وتصريحات ترامب تؤجج الإرهاب الاستيطاني في الضفة

 

شاهد خطير على التخطيط الإسرائيلي الممنهج لسياسات الإبادة الجماعية والتطهير القسري بهدف تعزيز الاستيطان الاستعماري على اراضي الدولة الفلسطينية، تواصل التنظيمات الإرهابية الإسرائيلية، وعلى رأسها منظمة "نحالا"، مساعيها لإعادة فرض بؤر استعمارية استيطانية في قطاع غزة، مستغلة نتائج 500 يوم من المجازر المستمرة بحق شعبنا الفلسطيني لترسيخ مشروع التطهير العرقي وتفريغ الأرض من أصحابها الشرعيين. هذا المشروع، الذي يلقى في تصريحات ومبادرات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب املاً في تحقيق مساعيه الاجرامية، هو امتداد لسياسة استعمارية تمتد جذورها إلى عقود من الانتهاكات التي تهدف إلى إعادة رسم الخارطة الديمغرافية للمنطقة عبر محو الوجود الفلسطيني. يرى دلياني، أن مبادرات اعادة تجسيد المشروع الاستعماري الإسرائيلي في غزة، والتي تحظى برعاية رسمية من شخصيات بارزة في حكومة الاحتلال، تعكس استمرارية لنهج الإرهاب الاستيطاني، حيث لم تعد مساعي التطهير العرقي مجرد أجندة سرية تُنفذ خلف الأبواب المغلقة، بل تحولت إلى سياسة معلنة تُمارس بوحشية غير مسبوقة أمام أنظار العالم. واكد دلياني ان: "الميليشيات الإرهابية الاستيطانية التي تتصدر هذا الشروع العدواني التوسعي ليست مجموعات هامشية خارجة عن سيطرة الاحتلال، بل هي الأدوات التنفيذية لمشروع السيطرة والإحلال الذي ترعاه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، حيث تقوم هذه الجماعات بتطبيق سياسات مدروسة تهدف إلى اقتلاع شعبنا من أرضنا وإحلال المستوطنين مكاننا. ما نشهده اليوم هو التنفيذ الحرفي لمخطط استعماري يقوم على الهندسة الديمغرافية القسرية، المدعومة بالإرهاب الإسرائيلي الرسمي وشبه الرسمي المنظم لفرض واقع استيطاني لا رجعة فيه." وأكد دليانى أن قيادة التنظيم الإرهابي الاستيطاني "نحالا" مثلاً، بالتنسيق مع مسؤولين نافذين في حكومة الاحتلال، أعلنت صراحة نيتها إلغاء ما يُسمى ب"فك الارتباط" عن غزة وإعادة فرض السيطرة الاستعمارية عليها. هذه التصريحات، المدعومة بغطاء سياسي وعسكري حكومي إسرائيلي ورئاسي أمريكي، تكشف بشكل واضح أن الطموح الاستعماري الإسرائيلي يستغل ظروف حرب الابادة الجارية منذ 500 يوم، لتنفيذ جريمة حرب متكاملة الأركان تتمثل في إعادة تشكيل التركيبة السكانية للقطاع عبر الإبادة الجماعية والتهجير القسري المنظم. وتابع القيادي الفتحاوي موضحًا الأبعاد الحقيقية لما يجري في غزة قائلاً: "ما نشهده هو تنفيذ دقيق لعقيدة استعمارية تعتبر الوجود الفلسطيني عقبة يجب إزالتها بأي ثمن.

 

الحصيلة الكارثية لخمسة عشر شهراً من الابادة الجماعية الإسرائيلية، والتي تجاوزت 48,000 شهيداً وشهيدة، هي نتيجة مباشرة لمجازر محت عائلات بأكملها، ودمرت الأحياء بشكل منهجي، وفككت مقومات الحياة عبر قصف المدارس والمستشفيات والبنية التحتية، لجعل غزة بيئة غير صالحة للعيش، في محاولة لإجبار شعبنا على النزوح القسري منها وتهيئة الأرض للاستيطان." وأوضح دلياني من أن ما يجري في غزة هو محطة رئيسية في المشروع التوسعي الإسرائيلي الذي يعتمد على التطهير العرقي كوسيلة لفرض واقع استعماري جديد، مضيفًا: "كل مستوطنة يتم بناؤها على أرض فلسطينية منهوبة، كل منزل يتم تدميره، كل حصار يُفرض، هو جزء من سياسة استيطانية لفرض واقع جديد على الأرض، حيث لم يعد الهدف مجرد الاحتلال، بل الإحلال الكامل واستبدال السكان الأصليين بمستوطنين غرباء. إسرائيل لم تعد حتى تكلف نفسها عناء التظاهر بالالتزام بالقانون الدولي أو المعايير الأخلاقية، بل تمارس جرائمها محميةً بنظام عالمي يطبق مبادئ العدالة بانتقائية مشينة، حيث تُدان الشعوب المستضعفة بينما تُمنح الأنظمة الاستعمارية الحصانة المطلقة." وفي الختام اكد دلياني على أن المجتمع الدولي لم يعد بإمكانه التذرع بالجهل أو التظاهر بالعجز، فالصمت بات مشاركة مباشرة في الجريمة، والتراخي في اتخاذ خطوات ملموسة هو بمثابة ضوء أخضر لاستمرار الإبادة الجماعية. اتفاقيات جنيف تنص صراحةً على أن نقل السكان إلى الأراضي المحتلة جريمة حرب، ومع ذلك تواصل دولة الاحتلال الإسرائيلي تحدي القانون الدولي دون أي مساءلة. فلسطين اليوم ليست مجرد قضية سياسية، بل هي الاختبار الحقيقي لمدى قدرة النظام العالمي على حماية مبادئ القانون الدولي، وما يجري الآن سيحدد ما إذا كان العالم قادرًا على مواجهة سياسات الإبادة الاستعمارية أو أنه سيسقط في هاوية العجز والتواطؤ."

 

حرب الإبادة في غزة تفتك بالأبرياء وتُحدث دمارًا بيئيًا يقوّض فرص الحياة

 

وقال دلياني، أن القصف غير المسبوق الذي شنتُه دولة الاحتلال على قطاع غزة المحاصر على مدى خمسة عشر شهرًا من حربها الابادية، قد أدى إلى استشهاد أكثر من 48,000 روح بريئة، من ضمنها 70% من النساء والأطفال، وإصابة ما يزيد عن 120,000 إنسان، كما تسبب في تدمير 70% من البنية التحتية المدنية بما في ذلك غالبية المنازل، مما أسفر عن تهجير قسري لما يقرب من كافة سكان القطاع الذين يبلغ عددهم 2.3 مليون نسمة. وأوضح دلياني أن هذه الإبادة، التي تميزت بأساليب القصف العشوائي، حيث تم القاء 29,000 قنبلة، معظمها من صنع الولايات المتحدة خلال الشهر الأول فقط من حرب الإبادة، نصفها عبارة عن قنابل غير موجهة ذات أخطاء استهداف تتراوح بين 30 و100 متر، مصحوبة بمتفجرات ثقيلة تصل زنتها إلى 2,000 طن، لم تكن سوى تجسيد لنموذج استراتيجي متعمد لدولة الاحتلال، يسعى منذ عقود إلى تطهير أرضنا عرقيًا عبر الفتك بشعبنا وتدمير بيئتنا. وأكد دلياني بحزم: «إن حرب الإبادة الاسرائيلية في غزة تأتي في اطار مخطط لتفكيك نسيج هويتنا والفتك باهلنا وإحداث دمار بيئي لا يمكن التغاضي عنه؛ فقد أدت هذه العمليات إلى القضاء على شبكات المياه والصرف الصحي الحيوية، مما تسبب في تسرب لا يقل عن 10% من مياه الصرف الصحي إلى طبقات المياه الجوفية، وتحولت غزة التي كانت ملاذًا بيئيًا خصبًا إلى موطن يقل فيه التنوع البيولوجي، حيث باتت تأوي فقط ما بين 150 و200 نوع من الطيور، و20 نوعًا من الثدييات، و25 نوعًا من الزواحف.» وأشار المتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح إلى ضرورة فتح جبهة سياسية ودبلوماسية وقانونية جديدة ضد دولة الاحتلال استنادًا إلى المبادئ الثابتة للقانون الإنساني الدولي والبيئي، ولا سيما تلك المنصوص عليها في البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف؛ إذ إن الآثار البيئية الشاملة والطويلة الأمد التي خلفتها جرائم الإبادة الاسرائيلية تجاوزت حدود التصور، وان التدهور البيئي والاجتماعي في غزة الذي نتج عنها قوّض الأسس الجوهرية لحياة الناجين من مجازر القصف العشوائي.

 

الاحتلال يعتمد نهجاً خبيثاً للتطهير العرقي في الضفة المحتلة يتجاوز القمع العسكري

 

وأكد دلياني، ، أن ما يجري في الضفة الغربية المحتلة هو حملة تطهير عرقي تهدف إلى إحداث تغيير ديموغرافي وجغرافي جذري يفرض واقع جديد على الأرض. وأوضح أن الحملات العسكرية الاحتلالية التي تشهدها شمال الضفة ليست تصعيداً عابراً، بل هي استراتيجية عميقة لتفكيك المجتمع وتحويل مدننا ومخيماتنا إلى مناطق غير صالحة للحياة، بما يخدم مشروع الاحتلال الاستيطاني في استئصال وجودنا على ارضنا وترسيخ سيطرة استعمارية مطلقة. وأشار دلياني إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ينفذ خطة تطهير عرقي بأدوات مختلفة، تتجاوز القوة العسكرية التقليدية إلى استراتيجيات قمع ممنهجة ومتصاعدة، قائلاً: "لم يعد الاحتلال يعتمد فقط على القصف الجوي أو الاجتياحات العسكرية المباشرة، بل تبنّى نهجاً أكثر خبثاً يقوم على خنقنا ببطء، عبر تدمير البنية التحتية، وقطع إمدادات المياه والكهرباء، وهدم الأحياء السكنية، مما دفع الاف العائلات إلى النزوح القسري تحت وطأة الضرورة القاهرة."

 

وأردف القيادي الفتحاوي قائلاً: "ما يجري في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس والمناطق المحيطة بها يحمل معانٍ سياسية ايضاً حيث انه بات من الواضح ان احد اهم دوافع حملة التطهير العرقي الاسرائيلية هي القضاء على أي إمكانية لاستمرار مخيمات اللجوء كمراكز مجتمعية وسياسية حامية للهوية الوطنية الفلسطينية." واختتم المتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي قائلاً: "دولة الاحتلال لا تسعى إلى الضم غير الشرعي فحسب، بل تعتمد سياسة التطهير العرقي التدريجي، حيث يتم مسح مخيمات وقرى فلسطينية بأكملها من الخارطة عبر القمع العسكري المدروس والتدمير الممنهج. وإن المجتمع الدولي مطالب اليوم بالتعامل مع هذه الجرائم على حقيقتها، باعتبارها مخططاً ممنهجاً لإبادة الهوية الفلسطينية والاستمرار في سلب شعبنا الفلسطيني حقه في تقرير مصيره."

 

إبادة شعبنا ليست تطرفاً في دولة الاحتلال.. بل هي عقيدتها الاجتماعية والسياسية السائدة

 

وقال دلياني،إن استمرار الخطاب الإبادي في أعلى مستويات القيادة السياسية الإسرائيلية هو تجسيد طبيعي للأيديولوجية الصهيونية العنصرية المتجذرة في البنية المؤسسية للكيان الإسرائيلي، من النظام التعليمي إلى العقيدة العسكرية وصولًا إلى الإطار القانوني. وإن محاولات تجريد شعبنا الفلسطيني من إنسانيته، والتي تتجلى في الدعوات العلنية إلى إبادتنا، ليست استثناءً بل هي في صُلب القيم المجتمعية الإسرائيلية، مضيفاً ان جرائم الحرب الاسرائيلية، التي تأخذ شكل تطهير عرقي والفصل العنصري والإبادة الجماعية، تجد دعمًا ورعايةً مباشَرين من قوى غربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وألمانيا، التي تواصل تمكين الكيان الإسرائيلي من تنفيذ جرائمه البشعة بحق شعبنا، دون رادع. وأكد دلياني أن تصريحات نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي، نيسيم فاتوري، ليست مجرد آراء فردية معزولة، بل هي انعكاس للتوجهات الإبادية داخل المنظومة السياسية والمجتمع الإسرائيلي ككل. ولفت إلى أنه عندما يصرّح مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى بأن شعبه بحاجة إلى "فصل النساء والأطفال وقتل الرجال البالغين في غزة"، ويصف شعبنا بأنه "حثالة وكائنات دون البشر"، فإنه لا يُعبر عن موقف شخصي متطرف، بل يكشف عن المبادئ الجوهرية التي حكمت سياسات الكيان الإسرائيلي منذ نشأته.

 

هذه التصريحات هي صياغة صريحة لعقيدة التطهير العرقي التي تقوم عليها سياسات الاستيطان والاستعمار والعدوان العسكري والهندسة الديمغرافية منذ أكثر من سبعة عقود. وشدد القيادي الفتحاوي على "إننا لا نتحدث عن متطرف هامشي، بل عن مسؤول رسمي في حكومة الاحتلال يدعو علنًا إلى الإعدام الجماعي للرجال وتدمير مدن بأكملها مثل جنين، التي توعّد بمحوها كما فعلوا بغزة." كما اكد ان "المجتمع الدولي لا يستطيع ادعاء الجهل عندما تصدر هذه الدعوات بوضوح تام من داخل السلطة الحاكمة في دولة الاحتلال، خاصةً عندما تتحول إلى سياسات عسكرية فعلية تُبيد اهلنا.

 

وفي سياق تعليقه على التداعيات الدولية لهذه التصريحات، أشار دلياني إلى أن صمت المجتمع الدولي هو تواطؤ مباشر. وقال إن القوى الغربية، التي تدّعي حماية حقوق الإنسان، هي نفسها التي تواصل تسليح الاحتلال الإسرائيلي وتمويله وحمايته سياسياً، رغم أنه لا يكتفي بارتكاب جرائم الحرب، بل يعلن بفخر عزمه على ارتكاب المزيد منها. ويؤكد دليانى أن الإبادية الجماعية ضد الشعب الفلسطيني هي أزمة عالمية لأن تطبيع الفكر الصهيوني العنصري كعقيدة سياسية يشكل تهديدًا مباشرًا للاستقرار العالمي، وأولئك الذين يساندون هذا النهج الإجرامي يتحملون مسؤولية تاريخية عن نتائجه. لم يعد السؤال ما إذا كانت دولة الاحتلال ترتكب جرائم إبادة جماعية، بل ما إذا كان العالم سيستمر في التواطؤ معها.

 

اختطاف واغتيال الكوادر الطبية في غزة هو عدوان على الحصن الأخير للحياة الفلسطينية*

 

واعتبر دلياني ، أن استهداف الاحتلال الإسرائيلي للكوادر الطبية في غزة هو تجسيد صارخ لعقيدته الاستعمارية القائمة على الإبادة والتدمير للبنية المجتمعية الفلسطينية. وأكد أن جرائم الحرب هذه لا تنفصل عن المشروع الاحتلالي الهادف إلى تقويض أسس الصمود الفلسطيني عبر استهداف عناصره الحيوية، وفي مقدمتها الطواقم الطبية، الذين يمثلون شريان الحياة في أوقات الكوارث والمجازر الجماعية التي يرتكبها الاحتلال بحق شعبنا. وأشار القيادي الفتحاوي إلى أن اختطاف الأطباء والمسعفين وتعذيبهم في مراكز احتجاز عسكرية سرية، وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، يكشف عن سياسة تفكيك النظام الصحي الفلسطيني، الذي يكافح للبقاء في ظل حصار خانق وحرب إبادة مستمرة. وأضاف أن ما يجري هو جزء من مخطط أوسع يهدف إلى تجريد غزة من أي قدرة على التعافي، وتعميق مأساتها، وتعزيز مكانتها كساحة للموت البطيء، حيث يُحرم الجرحى والمرضى من أبسط سبل العلاج، ويُستهدف الأطباء وباقي الكوادر الطبية الذين يفترض أن يكونوا حصن الحماية الأخير للإنسانية. وأكد دلياني أن ما تكشفه التقارير الميدانية حول عمليات إعدام طالت كوادر طبية أثناء احتجازهم في ظروف غامضة، إلى جانب استمرار اختطاف ما يقارب 150 من هؤلاء الكوادر دون محاكمة أو تهمة، ليس إلا دليلًا إضافيًا على أن الاحتلال يتعامل مع حياة شعبنا كورقة مساومة في إطار سياساته القائمة على الإخضاع والإبادة.

 

وشدد على أن هذه الممارسات لم تأتِ كنتيجة جانبية للحرب، بل كجزء أصيل من استراتيجية حرمان اهلنا في غزة من حقهم الأساسي في الحياة عبر تعطيل كل ما يمكّنهم من الصمود امام آلة القتل والدمار الاسرائيلية واختتم المتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح مؤكدًا أن المسؤولية الدولية لا يمكن أن تظل حبيسة بيانات الإدانة الخاوية، بل تستوجب تحركًا جادًا وملموسًا لمحاسبة الاحتلال على انتهاكاته المتواصلة. وأضاف أن كل لحظة من الصمت الدولي هي ضوء أخضر جديد لآلة الإبادة الإسرائيلية، وكل تأخير في اتخاذ موقف حاسم يعني المزيد من الضحايا وترسيخ الاستراتيجية الإسرائيلية القائمة على الإبادة والتطهير العرقي كواقع مفروض على شعبنا الفلسطيني.

 

نساء فلسطين لسن شاهدات على التاريخ بل صانعات له

 

وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، دليانى تحية اعتزاز وتقدير للمرأة الفلسطينية، التي لم تكن يوماً مجرد متلقية للواقع أو شاهدة على الأحداث، بل كانت على الدوام في طليعة النضال الوطني، تصوغ ملامح النضال الفلسطيني بإرادتها الصلبة وعطائها غير المحدود، فتقف صامدة في وجه الاحتلال، تناضل على كافة الأصعدة، وتعيد تعريف دورها كقوة قادرة على تحدي الطغيان والظلم وإعادة بناء مجتمعها وسط الركام والحصار. وفي هذا السياق، أكد ديمتري دلياني، المتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح أن “المرأة الفلسطينية لم تكن يوماً عنصراً هامشياً في معركة التحرر الوطني، بل كانت في صميمها، شريكة في النضال، تواجه ذات القمع، تدفع ذات الأثمان، وتحمل على كاهلها أعباء إضافية فرضها الاحتلال، من التهجير القسري، إلى الاعتقال، إلى استهدافها المباشر بالقتل والاضطهاد.” وأضاف القيادي الفتحاوي أن “ما تواجهه المرأة الفلسطينية لا يمكن عزله عن منظومة الاستعمار الاستيطاني التي لا تفرق بين الرجل والمرأة حين تمارس سياسات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والاضطهاد، إلا أن النساء الفلسطينيات وجدن أنفسهن في الخطوط الأمامية، ليس فقط كضحايا لهذه السياسات، بل كقياديات في الصمود وإعادة البناء رغم كل محاولات التهميش والإلغاء.” وأشار دلياني إلى أن “حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة والتطهير العرقي في الضفة الغربية عززا من مكانة المرأة الفلسطينية في المشهد النضالي، حيث نجد اليوم أن أكثر من 50% من الأسر في غزة تقودها النساء كنتيجة مباشرة لحجم المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال، تاركة خلفها عائلات بلا معيل، ونساء حملن مسؤولية إعالة نسبة كبيرة من المجتمع وسط الدمار والحصار.” أما عن الموقف الدولي، فاعتبر دلياني أن “الحركة النسوية الغربية التي تدّعي الدفاع عن حقوق المرأة تقف اليوم أمام اختبار حقيقي، لكنها تفشل فيه فشلاً ذريعاً حين تختار أن تغض الطرف عن الجرائم الإسرائيلية بحق النساء الفلسطينيات. فأين أصوات المدافعين عن حقوق المرأة عندما تُختطف الفلسطينيات وتُحتجزن رهائن في سجون الاحتلال؟ أين أصواتهم عندما تُغتال نساء فلسطين بدم بارد على يد المستوطنين الإسرائيليين، أو عندما يُتركن ليضعن أطفالهن في الممرات الإسمنتية للحواجز العسكرية الاسرائيلية؟ هذا الصمت لم يعد مجرد موقف سلبي، بل بات تواطؤاً مكشوفاً مع منظومة القمع والاستعمار.” وختم دلياني قائلاً: “المرأة الفلسطينية لا تحتاج إلى تضامن شكلي ولا إلى خطابات جوفاء، بل تحتاج إلى موقف صادق يواجه الاحتلال باعتباره المنظومة الأكثر اضطهاداً لنساء فلسطين في العصر الحديث.

 

لا يمكن الحديث عن تحرر المرأة بينما تُغض الأبصار عن الاحتلال الإسرائيلي باعتباره نموذجاً متكاملاً للتمييز والعنصرية، كما أن تحرر المرأة الفلسطينية ليس قضية منفصلة عن تحرر فلسطين بأسرها، لأن المرأة الفلسطينية ليست شاهدة على التاريخ، بل صانعة له بكل ما تحمل الكلمة من معنى.” 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services