1272
0
محطات مضيئة في مسيرة الدكتور جمال أبو نحل ...بين السياسة والأدب والتخصص في المناهج

الدكتور جمال أبو نحل أديب ومفكر فلسطيني جمع بين عدة اختصاصات فمن المناهج إلى السياسة ومن الأدب برع في فن الرواية،فكر متقد وقلم مميز، رافق القائد ياسر عرفات وله عدة مؤلفات، في لقاء خص به بركة نيوز حاولنا التوقف في بعض المحطات .
حاوره الحاج بن معمر
ما الذي دفعك للتخصص في مناهج تدريس اللغة العربية تحديدا؟
بداية أشكر جريدة بركة نيوز المميزة بمن فيها، فالجزائر تضيئ سماء فلسطين وفلسطين في قلوب الجزائريين في حب سرمدي متجدد نحو القدس.
بخصوص ما الذي دفعنا للتخصص في مناهج تدريس اللغة العربية، فالدكتوراه في تخصص الفلسفة ومناهج وطرائق تدريس اللغة العربية وكانت حول موضوع فن تطوير المنهاج الفلسطيني "التربية الاسلامية على ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية ومتطلبات التربية الأمنية والوطنية"، بمعنى كيف نربي أبنائنا تربية أمنية وطنية بعيدة عن الغلو والتطرف، لا إفراط ولا تفريط، خاصة وأن الرسالة تزامنت مع إرهاصات الربيع العربي 2011-2010.
وفيما يخص رسالة الماجستير تمحورت حول مهارة التفكير التأملي والديني وهي دعوة للتامل والتدبر.
ما دفعني للتخصص في المناهج لأنها أهم وأعم من أصول التربية التي تدخل ضمن المناهج، نقول أساليب التدريس وهذا خطأ بل طرائق التدريس، لأن الأسلوب يدخل ضمن الطريقة، فالشعوب تتقدم وتتطور بمدى تطور المناهج التربوية و التعليمية، وهنا نشير كيف خرجت اليابان بعد الحرب العالمية الثانية مهزومة، ولكنها استثمرت في أعظم استثمار ..بناء الإنسان الياباني والتربية والتعليم، فالمعلم في اليابان هو برتبة إمبراطور.
نحن في زمن يشهد تطور تقني لذلك وجب مواكبة التطورات بما لا يخل بالثقافة والفكر الذي ينبغ من صميم ديننا الحنيف و اللغة العربية لغة القران وأم اللغات.
رغم أني كنت أود التخصص في العلوم السياسية إلا أن اختياري للمناهج، كان نصيحة من أحد الأحباب "أن أصول التربية تنحصر في مجال معين أما المناهج تؤهلك للتدريس في كافة المجالات".
كما تحصلت على دبلوم عالي في العلوم السياسية وحقوق الانسان والصحافة والاعلام، وأنا حاصل على بطاقة صحفية من نقابة الصحفيين.
كيف واجهت التحديات الأكاديمية خاصة في ظل الظروف السياسية في غزة، وهل أثر ذلك على توجهاتك البحثية؟
اندلعت الانتفاضة الاولى وكنت في الثانوية، واعتقلت في سجون الاحتلال، كانت السجون مدرسة تعلمنا فيها الكثير، أرادو من الأسرى أن يكونوا في سجل مهملا في زوايا الخيام، فحولوا المعتقلات إلى جامعات تخرج منها الأبطال ليكملوا المسيرة، كان الداخل فيها مفقود و الخارج منها مولود.
درست المرحلة الاعدادية والثانوية في معهد تابع لجامع الأزهر في مصر, وهذا ما صقل الشخصية الثقافية قبل العلمية، كان لدينا 21 قررا منها القران الكريم ، مقارنة الأديان ، السيرة المئوية ..مقارنة بالمدارس في غزة التي كان لها 6 مقررات فقط ، هذا التعليم منحنا قوة وجزالة في الخطابة وحب اللغة العربية.
التحديات في المسيرة الأكاديمية بدأت في الثانوية الأزهرية اعتقلت وحكم علي 5 سنوات بتهمة مقارعة الإحتلال، أمضيت 3 سنوات وخرجت مع اتفاقيات أوسلو، درست في جامعة القدس المفتوحة، ورغم ضيق الحال والأوضاع الصعبة تعلمنا لنتكلم، وتألمنا قبل أن نتعلم جهد ومشقة في دراسات الماجستير و الدكتوراه.
انتقلت إلى جامعة القاهرة وكنا بحاجة لموافقة الجهات الامنية ، كما تكبدنا مشقة السفر إلى جانب التكلفة المالية، وبعدإكمال الدراسة درست في كل جامعات غزة ومازلنا نعلم وتتعلم.
أما عن التوجهات البحثية، سؤال ذكرني بالدكتورعلي مذكور رحمه الله، في جامعة قناة السويس قال لي عميد الجامعة "إن أشرف عليك الدكتور علي مذكور فاعلم أن أمك دعت لك في ليلة القدر".
وحين جلست مع الدكتور مذكور وجدت نفسي مع جبل شامخ وعالم يتكلم عدة لغات وله أكثرمن 250 كتاب، اختبرني من خلال خطة البحث فقال لي أنت رجل سياسة ولكن سأجعلك رجل مناهج".
هل استطاعت المنظومة التعليمية الفلسطينية أن تحافظ على الهوية الثقافية؟
بعد اعلان الجزائر، سعت السلطة الفلسطينية لبناء منهج فلسطيني، ففي السابق كانت الضفة الغربية تتبع المنهاج الأردني وغزة تتبع المنهاج المصري، حاولت السلطة الفلسطينية بناء المدارس والاهتمام بالتعليم، ووضع مقررات جيدة ولكن كل شيء مهما كان ممتاز يحتاج لتطوير.
التحديات التي نواجهها كبيرة هي حرب عشواء من الاحتلال المجرم على كل شيء، البشر والشجر والمناهج، حاولت منع الدول المانحة لدعم التربية والتعليم.
ورغم ذلك، أكثر حملة شهادات ماجستير و الدكتوراه في الوطن العربي يتواجدون في غزة، هذا قبل الطابع من أكتوبر.
المحتل يحارب المنهاج الفلسطيني ويحاول طمس الهوية وتغيير الأسماء العربية الى عبرية، حاول ازالة الدروس التي تتحدث عن خارطة فلسطين، وفي القدس حاول فرض المنهاج الاسرائيلي، واعتقل المدرسيين.
هي حرب عشواء ضد من يمسك القلم لأن تأثيره أكثر ممن يمسك البندقية، فالجهاد هو بندقية ثائر، وقلم كاتب وريشة فنان، اليوم نواجه الابادة والتهجير وطمس الهوية والمنهاح واستهداف المنظومة التعليمية.
فالصراع مع المحتل ليس صراع حدود أو وجود وإنما يشمل كافة الجوانب وعلى رأسها العقيدة، لذلك نجد كل مسيماته ترتبط بالتوراة المحرفة، يعمل على سن قوانين عنصرية من الدرجة الاولى، يركز في مناهجه على زرع العداء على كل ماهو عربي مسلم.
فالمنظومة التربوية قادرة على حماية الهوية فالمحتل رغم تغوله إلا أنه هزيل، لأننا أصحاب عقيدة وتبقى الهوية سائرة في مناهجنا رغم التحديات الجسام.
كيف جمعت بين الأكاديمي في المناهج والأديب زالسياسي في مشروع واحد؟
جمعت بين دراسة المناهج والأدب والسياسة في مشروع واحد، فالكاتب بحر زاخر هو من له في رأسه نور وكلامه عطور، والقلة من يستطيع أن يجمع بين كل هذه الامور في مشروع واحد.
حقيقة كان توجهي نحو العلوم السياسية إلا أني حين أكتب مقالا فأنا أزهري واعلامي، جميل أن تقطف من كل روض زهرة، امتزاج هذه التخصصات يجعل اللغة شاملة وهذا ما يؤدي إلى تفكير عميق و مقالات غزيرة المعلومات و الثقافة واسعة مدعمة بالآيات والأحاديث وهذا ما يعطي لنا قوة.
رغم أني متخصص في المناهج وطرق التدريس إلا أن بحوثنا سياسة، كوننا أصحاب قضية تم تنشئتنا سياسيا ونحن أطفال على حب القدس وفلسطين، وقد عملت مع ابو عمار سنوات طويلة في التوجيه السياسي وتقديم محاضرات، حتى المقالات السياسية أفعمها بالمحسنات البديعية كما لي كتابات في الرواية والأدب "خيط الدخان" ،"خواطر مسافرة" والعديد من المقالات والبحوث التي أثرت على توجهاتنا.
فالثقافة أشمل وأعم من التعليم، ليس كل متعلم مثقف، ولكن كل مثقف متعلم جميل ،أن تكون عالما في الأدب والسياسة ومثقفا،على عكس العالم المتخصص المحصورة في مجاله فقط.
كيف تقيم دور الأدباء في دعم القضية الفلسطينية؟
الكثير من الأدباء من حمل همّ القضية الفلسطينية، ومن حملها يبلغ العلياء، دور الأدباء بارزا وبناء والكثيير منهم أبدعوا وكانت أقلامهم تهفو وتنبض حبا لفلسطين.
الأدب الفلسطيني بحاجة الى أدباء ملتزمين يكتبون لفلسطين ،لا لليمين ولا اليسار لأن ما أضعف الأمة الإسلامية التعصب والحزبية والتفرقة، حاولنا من خلال ما نكتب نجمع ولا نفرق.
كما أن الأدب في المخيمات يعكس تحولا في مفهوم الهوية الفلسطينية، حين نسمع المنشد أبو عرب وهو يعني لفلسطين ولجبال يافا وحيفا تشعر أنك في تسير في ربوعها.
في السنوات الاخيرة كان تحولا في الزي الفلسطيني وتنوع، مسلسل "تغريبة فلسطينية" كذلك يبرز الهوية، هذه الظاهرة تحتاج لحضن عربي يدعمها.
رسالة أخيرة للشعب الفلسطيني؟
العدو فهو لا يفهم سوى لغة القوة، ربما لا نملكها الآن ولكن نملك الإرادة والصمود، لأننا اصحاب الحق الذي لا يتزلزل، فالقضية في صلب العقيدة فكيف تترك، فلسطين تذبح وحدها.
الحلول السياسية مرحلية وسيأتي يوم وتتحرر فلسطين.