106
0
باتنة : مشروع إنجاز محطة جديدة لتصفية المياه المستعملة
مشروع ضخم يعود إلى الحياة بعد سنوات من التجميد

بعد سنوات من الانتظار، يعود مشروع إنجاز محطة جديدة لتصفية المياه المستعملة بعاصمة الأوراس إلى الواجهة، حاملاً معه آمالاً كبيرة في تحسين الواقع البيئي والصحي للمنطقة، وتطلعات نحو استغلال عقلاني للمياه في ظل التغيرات المناخية وشح الموارد المائية.
ضياء الدين سعداوي
كان سكان ولاية باتنة قد استبشروا خيرًا يوم 22 مارس 2017، حين أُعلن رسميًا عن إطلاق مشروع محطة جديدة لمعالجة المياه المستعملة، تحصلت على صفقة إنجازها مؤسسة كوسيدار قنوات، بتكلفة ضخمة قُدرت بـ 500 مليار سنتيم، وتحت إشراف مكتب دراسات تقني من ولاية سطيف.
مشروع بالحجم الكبير... ومصير مؤجل
مدة الإنجاز حُدّدت آنذاك بـ 23 شهراً، وكان الهدف الرئيسي يتمثل في معالجة المياه المستعملة القادمة من أكثر من 450 ألف نسمة، بقدرة تصل إلى 64 ألف متر مكعب يومياً.
إلا أن المشروع دخل في دوامة التجميد، لأسباب إدارية ومالية لم يُكشف عنها رسميًا، إلى أن تم رفع التجميد عنه مؤخراً، لتنطلق الأشغال فعليًا بتاريخ 17 فيفري 2025، وسط متابعة ميدانية دقيقة، وتحديد موعد تسليمه يوم 14 سبتمبر 2026.
كيف ستعمل المحطة؟
تقوم المحطة الجديدة على نظام "الحمأة المنشطة ببكتيريا منخفضة المحمولية"، وهو أسلوب متطور لمعالجة المياه المستعملة، يرتكز على استخدام بكتيريا حية تقوم بالتغذي على الملوثات العضوية. تبدأ العملية باستقبال المياه من بلديات باتنة، تازولت، وواد الشعبة، ثم تمر بعدة مراحل دقيقة:
الفرز الأولي: نزع الشوائب الصلبة (بلاستيك، خشب، زجاج...).
إزالة الزيوت والشحوم.
مرحلة التهوية: تُوجه المياه إلى أحواض ضخمة حيث تقوم البكتيريا بتنظيفها بيولوجياً.
المعالجة الثانوية: يتم خلالها فصل الأوحال وإضافة الكلور للقضاء على ما تبقى من ملوثات.
الرسكلة: جزء من الأوحال يعاد تدويره لاستعماله في القطاع الفلاحي.
دمج وتكامل بين المحطتين
لا يقتصر المشروع على محطة جديدة مستقلة، بل يمثل أيضًا خطوة نحو دمج المحطة القديمة مع الجديدة ضمن بنية تحتية متكاملة. ستشترك المحطتان في منشآت مزدوجة تشمل محطة رفع مشتركة وجزءاً من مراحل المعالجة الأولية، مع توزيع تدفق المياه بنسبة ثلثين للمحطة الجديدة وثلث للمحطة القديمة، ما سيسمح بتقاسم العبء وتحقيق فعالية أكبر في الأداء.
انعكاسات بيئية واقتصادية واعدة
يتعدى هذا المشروع بعده التقني، ليصبح أداة فعالة في مكافحة التلوث البيئي، خاصة ما يتعلق بتصريف المياه المستعملة في الأودية والوسط الطبيعي، وما يترتب عنه من مخاطر على الصحة العمومية وانتشار السقي العشوائي.
ومن أبرز الأهداف المرتقبة:
القضاء النهائي على تفريغ المياه القذرة في الطبيعة.
حماية المياه الجوفية والسطحية.
استخدام المياه المعالجة في المجالات الصناعية.
تزويد المناطق الصناعية بالمياه الضرورية للإنتاج.
توفير موارد لسقي نحو 2000 هكتار من الأراضي الفلاحية في باتنة، المعذر، جرمة وعين ياقوت.
ختامًا
يعكس إحياء هذا المشروع الطموح إرادة السلطات في إعادة الاعتبار للبنية التحتية البيئية، واستشراف مستقبل مائي مستدام، في وقت أصبحت فيه أزمة المياه تشكل هاجسًا عالميًا. فهل تنجح باتنة في تحويل هذا المشروع من مجرد ورشات وأرقام، إلى واقع ملموس يغير وجه المنطقة بيئياً وتنموياً؟ الجواب سنراه مع حلول خريف 2026.