في خطوة تعكس وحدة صف الفلاحين بولاية باتنة ،احتضن مقر الغرفة الفلاحية، اليوم الإثنين، اجتماعًا تنسيقيًا جمع فاعلين في القطاع أبرزهم اتحاد الفلاحين الجزائريين – مكتب باتنة والغرفة الفلاحية إلى جانب ممثلين عن منتجي التفاح، المجلس المهني للأشجار المثمرة، واتحاد التجار والحرفيين، بحضور لافت لعدد معتبر من الفلاحين القادمين من مختلف البلديات.

ضياء الدين سعداوي

اللقاء الذي يندرج في إطار التنسيق والعمل المشترك لخدمة الفلاحين والدفاع عن مصالحهم، شكّل منبرًا لطرح الإنشغالات الحقيقية التي يعيشها الفلاح الأوراسي خاصة مع اقتراب موسم جني فاكهة التفاح التي تُعد إحدى الركائز الإقتصادية والفلاحية للمنطقة.

رفض جماعي لتسقيف الأسعار

أبرز ما طُرح خلال الإجتماع كان قرار تسقيف أسعار فاكهة التفاح، الذي أثار سخطًا واسعًا في أوساط الفلاحين واعتُبر مجحفًا بحقهم خاصة وأنه صدر - حسب المتدخلين - دون أدنى استشارة مع الفاعلين الحقيقيين في الميدان، وسط تغييب واضح لمن يعيشون معاناة الإنتاج والتسويق يومًا بيوم.

المشاركون أجمعوا على أن هذا القرار لا يعكس واقع السوق ولا يأخذ بعين الإعتبار التكاليف المرتفعة لإنتاج التفاح، بدءًا من البذور والأسمدة مرورًا بالأدوية والتقنيات ووصولًا إلى اليد العاملة ووسائل النقل، وهو ما يجعل تسقيف الأسعار تهديدًا حقيقيًا لمردودية الفلاحين وقدرتهم على الإستمرار، فضلًا عن كونه يضرب في العمق العلاقة التشاركية التي تربط الفلاح بالتاجر، بإعتبارهما شريكين في ضمان تسويق منتج محلي تنافسي وذي جودة.

اتحاد الفلاحين في الواجهة

وقد أكد ممثلو اتحاد الفلاحين الجزائريين في كلمتهم أن المنظمة تبقى وفية لدورها التاريخي كقوة اقتراح وممثل شرعي لإنشغالات الفلاحين، مشددين على أن الإتحاد لن يدّخر جهدًا في الدفاع عن حقوق المنتجين، وحماية التوازنات الحيوية للقطاع الفلاحي ومواصلة الضغط من أجل سياسات عادلة ومستدامة، تُشرك الفلاح بدل أن تُقصيه من القرارات المصيرية.

كما اعتبروا أن مثل هذه اللقاءات تمثل خطوة عملية نحو بناء شراكة حقيقية مع مؤسسات الدولة، وهيئات التنظيم والتوجيه والمجالس المهنية، من أجل مقاربة تنموية متكاملة، تجعل من الفلاح عنصرًا فاعلًا في صياغة مستقبل الفلاحة المحلية والوطنية.

التفاح.. عنوان أزمة أوسع

ولم يقتصر النقاش على موضوع تسقيف الأسعار بل توسع ليشمل قضايا أعمق تتعلق بالتأمين الفلاحي نقص الدعم التقني، تأخر التعويضات في حالات الكوارث الطبيعيةو المطالبة بدعم الفلاحين بخصوص اقتناء شبكات حماية منتوج التفاح من تساقط البرد، صعوبات التسويق، ومعضلة الوساطة غير القانونية التي ما تزال تنخر حلقات تسويق المنتوجات الفلاحية، وتقلّص من هامش ربح الفلاح الذي يجد نفسه بين كماشتي الإنتاج والمضاربة.

رئيس جمعية منتجي التفاح “الأوراس” عبّر بدوره عن القلق الكبير الذي ينتاب المنتجين في ظل غياب رؤية واضحة لتثمين المنتوج المحلي، مطالبًا بفتح نقاش موسّع يضم كل الشركاء المعنيين، من أجل وضع آليات موضوعية لتحديد الأسعار تراعي الجودة، الكلفة، العرض والطلب، ومصالح المستهلك أيضًا.

أما رئيس المجلس المهني المشترك للأشجار المثمرة، فشدد على أهمية تعزيز دور المجالس المهنية كمخاطب رسمي في صياغة القرارات، داعيًا إلى دعم التعاونيات الفلاحية، وتوفير بنية لوجستية فعالة لتخزين وتصدير التفاح باتنة الذي يحظى بسمعة وطنية وإقليمية معتبرة.

تجار وحرفيون في صف الفلاح

في مداخلة لافتة، أكد الأمين الولائي لاتحاد التجار والحرفيين على أهمية احترام الحلقة الاقتصادية بين الفلاح والتاجر، وضرورة بناء علاقات تقوم على الثقة والتكامل، بعيدًا عن القرارات الإدارية الفوقية التي قد تضر بالطرفين معًا. ودعا إلى فتح قنوات التشاور بين وزارة الفلاحة واتحاد التجار والفلاحين، من أجل رؤية اقتصادية متكاملة تُحسن من المردود وتحمي القدرة الشرائية دون أن تقضي على المنتج.

نحو ميثاق فلاحي جهوي؟

في ختام اللقاء طرح المشاركون فكرة صياغة ميثاق فلاحي جهوي لولاية باتنة، يكون بمثابة أرضية توافقية بين مختلف الفاعلين يتم بموجبه ضبط الأولويات، توحيد الخطاب، وتحديد المطالب الأساسية التي سترفع للجهات الوصية، مع التزام جماعي بتعزيز الحوار وتنظيم القطاع داخليًا، والإبتعاد عن العشوائية في الطرح والمطالب.

هذا الاجتماع وإن لم يغيّر في الوقت الحالي القرار محل الجدل، إلا أنه كشف عن حيوية الجسم الفلاحي المحلي ووعيه الجماعي بضرورة التكتل والمرافعة الذكية من أجل انتزاع الحقوق وتحقيق التغيير المنشود.