99
0
بالرغم من تعدد المقترحات إلا أن نهاية الحرب بيد ترمب.!

بقلم / د. هاني العقاد
انتهت المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة في غزة، التي استمرت 42 يوماً بدءاً من 19 يناير، وانتهت في أوائل مارس ولم ينخرط الطرفين في مفاوضات المرحلة الثانية يوم 16 للهدنة حسب الاتفاق بسبب عدم رغبة إسرائيل بحث افاق نهاية للحرب والانسحاب الكامل من القطاع وبالتالي لم يتم التوصل إلى لاستكمال مراحل اتفاق الهدنة التي امل الناس في غزة انها قد تنهي عذاباتهم وآلامهم وموتهم وجوعهم وتشردهم. عادت الحرب على غزة وازادت ضراوتها وتعددت اشكالها من حرب تدمير وقتل واباده وتغير جغرافي وتهجير قصري وتجويع، هنا أدرك الجميع ان نتنياهو لا يريد ان تتوقف هذه الحرب وليس هناك افق عملياتي لهذه الحرب وأدرك الجميع ان هذه الحرب ستطول، في ظل كل ذلك فان مباحثات العودة لوقف إطلاق النار لم تتوقف بل استمرت في السر والعلن وعلى مستويات مختلفة بذات الوساطة المصرية والقطرية ودعم عربي كامل لجهود الدولتين.
اما الوساطة الامريكية فأنها تحولت لمفاوض نيابة عن إسرائيل ما يعني ان وساطتها تحولت لدور اكبر بعد اللقاءات الاستكشافية التي اجراها مبعوث ترمب لشؤون الرهائن في الشرق الأوسط ( ادم بولر) مع حركة حماس مارس الماضي. لم يوقف (ستيفن ويتكوف ) جولاته في المنطقة بالرغم من انشغاله بأكثر من ملف بالعالم محاولا الدفع للتوصل لاتفاق عبر مقترح كان قد تقدم به للوسطاء مباشرة قبل عودة إسرائيل للحرب على غزة في الثامن عشر من مارس 2025 وهو المقترح الذي توافق عليه ويتكوف مع إسرائيل ولم يتم فيه استشارة الوسطاء لجعلة مقترح مقبول بل كان مبني على أساس التهديد باستخدام القوة اما ان يتم قبوله او ان أبواب جهنم سوف تفتح على قطاع غزة.
لم تقبل حماس المقترح ولم يتم حتى بحثه او محاولة تعديله لان المقترح لم يتضمن نهاية حقيقية للحرب ويبقي السيطرة الأمنية الإسرائيلية على القطاع، بعد ذلك تقدمت مصر بمقترح جديد تم من خلاله تقليل عدد الاسري الإسرائيليين الذين سيتم إطلاق سراحهم في الدفعة الاولي فبعدما كان مقترح ويتكوف يقضي بأطلاق حماس وتسليم نصف الاسري الاحياء لديها عند بدء سريان مفعول وقف اطلاق النار والتوصل الي هدنة متماسكة طويلة الأمد وتسلم حماس ما تبق من اسري احياء واموات في اليوم الأخير من تمديد الهدنة المؤقتة وقبل ان يدخل الاتفاق حيز التنفيذ، فإن المقترح المصري المعدل وضع جدول زمني علي ان يتم تسليم 5 رهائن اسبوعيا بدأ من الأسبوع الأول على ان تمتد الهدنة الي 50 يوم . استمرت الخارجية المصرية بالتنسيق مع القطريين وتواصلت الجهود بين البلدين وبذل أقصى جهد للعودة لوقف إطلاق النار وتثبيته وضمان تنفيذ المراحلة الثانية . بعد ان رفضت إسرائيل المقترح المصري تقدمت إسرائيل بمقترح جديد لكنه نفس نسخة مقترح ويتكوف مع التأكيد على نزع سلاح حماس في غزة كشرط أساسي لنهاية الحرب، لم تقبل حماس بهذا المقترح أيضا وبالتالي اصبح لدي الوسطاء فرصة للتقدم بمقترح معدل يجسر الفجوة بين الطرفين فتقدمت مصر بمقترح يقضي بأطلاق 8 او 9 رهائن بمن فيهم الرهينة الامريكية (عيدان الكسندر) بالإضافة لعدد من الجثث وأبرام هدنة تصل الي 50 يوم وبدا هذا المقترح معقول لكن الجميع تفاجا اليوم التالي بمقترح إسرائيلي جديد يقدم في إشارة الي ان مقترح الوسطاء لم يقبل.
المقترح الإسرائيلي الجديد هو ذاته القديم ونسخة مكررة من مقترح (ستيفن ويتكوف) الأول قبل انهيار وقف إطلاق النار وعودة الحرب مضافا اليه شرط تسلم حماس للسلاح وعدم ضمان ان تنتهي الحرب، بل انه يطلق يد إسرائيل في العودة للحرب متي رات ذلك وتنفيذ اعمال عسكرية في القطاع من جديد لكي تبقي السيطرة الأمنية بيدها الي ما لا نهاية، وبالطبع لم تقبل حماس هذا المقترح لأنه يتجاهل تماما نهاية للحرب ولم يتحدث عن إعادة اعمار القطاع أي لم يتضمن بحث الطرفان مراحل اتفاق 19 يناير الذي قوضته اسرائيل ولم تستكمله.
الرئيس السابق لدائرة الاسري والمفقودين في الموساد الإسرائيلي (رامي ايغرا) وصف المقترح الإسرائيلي الأخير بانه " المقترح الأصعب" الذي عرض على حماس وهو أصعب من كل المقترحات وان حماس لن توافق عليه وقال ايغرا لإذاعة 103 FM ان السؤال الأكبر وربما نفهم منه اين تتواجد إسرائيل هو" لماذا اقترحت إسرائيل هذا المقترح الذي من الواضح ان لا احد سيوافق عليه؟ "، مضيفا انهم ادخلوا في المقترح نزع السلاح واليوم التالي للحرب في غزة.
(ايغرا) أضاف ان إسرائيل قدمت هذا المقترح "لان نتنياهو يعلم ان الوقت اخذ بالانتهاء وليس هذا وقت المحتجزين وانما وقته هو وترمب قال بوضوح خلال المؤتمر الصحفي الذي تم فيه تجفيف نتنياهو ان الحرب يجب ان تنتهي وستنتهي بسرعة" وهذا بحسب اعتقادي لان ترمب يريد ان يتوجه الي منطقة الشرق الأوسط ويزور كل من السعودية والامارات وقطر قريبا و الوقت ينفذ امامه لهذا فان (ايغرا )، أضاف ان الامريكان سيرغمون نتنياهو على تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق كما ارغموه على تنفيذ المرحلة الأولي من اتفاق 19 يناير وسيكون بضمنه الحل المصري الذي يشمل تولي لجنة فلسطينية مستقلة الحكم في قطاع غزة.
ان كثرة المقترحات التي تطرح من قبل إسرائيل والتي غالبا ما تأتي ردا على مقترحات الوسطاء يدلل بان نتنياهو يتلاعب بالوقت ولا يرغب باي صفقة سواء لإعادة الرهائن او لإنهاء الحرب وقد يكون استغني عن موضوع اعادتهم في الوقت الحالي او أصبح يعتبرهم من ضحايا الحرب حتى لو قتلوا جميعا وهذا الفارق بين اعتبارات إسرائيل لموضوع الرهائن واعتبارات كل من إدارة ترمب التي تعتبر اعادتهم انجاز سياسي كبير للرئيس ترمب ,وحماس التي تعتبرهم ورقه قوية بيدها الا ان نتنياهو يرسل إشارات لحماس بان الحرب لن تقف و ورقة الرهائن ليس وقتها وهذا يدلل ان نتنياهو يسير في طريق استدامة الحرب طوال فترة ولايته على الأقل . الواضح ان ترمب في المقابل لا يريد لهذه الحرب ان تستمر أطول اكثر من ذلك لان برنامج ترمب بالشرق الأوسط قد يتعطل اذا استمرت إسرائيل في تجويع وقتل الشعب الفلسطيني في غزة، واذا استمرت إسرائيل بالتالي في رفض أي برامج لتحقيق السلام مع الفلسطينيين فان مسالة توسيع الاتفاق الابراهيمي في الشرق الأوسط شبه معطلة ولن تحقق زيارة ترمب لدول المنطقة أي نجاح كبير .المعروف ان ترمب يضع ضمن اجندته في الشرق الأوسط مسار سلام ينهي الصراع والتوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين كمدخل للبوابة العربية ودول المنطقة وهذا سيفرض على نتنياهو في المستقبل.
لعل الأيام القادمة تحمل الكثير من المفاجئات على صعيد الحرب في غزة ومن هذه المفاجئات ان واشنطن قد تفتح عبر مبعوث ترمب (ادم بولر) مسار تفاوضي مباشر او غير مباشر مع حماس من جديد و بتنسيق الوسطاء وقد يتوصل الطرفان لصفقة الرزمة الواحدة تعيد الرهائن دفعة واحدة وتنهي الحرب على غزة وهذا متوقع بعد تلميحات السيد (بولر) الأخيرة وبالتالي تفرض الصفقة على نتنياهو الذي لا يستطيع القول (لا) للأمريكان في الوقت الحاضر تهيئة لصفقات اكبر في المستقبل تبرمجها إدارة ترمب.