45
0
اتفاقيات شراكة استراتيجية لضمان العلاج الإشعاعي المجاني لأطفال السرطان

أشرف وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، عبد الحق سايحي، رفقة وزير الصحة، محمد صديق آيت مسعودان، اليوم بالعاصمة على مراسم توقيع اتفاقية شراكة بين الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء وعدد من المؤسسات الاستشفائية الوطنية المتخصصة في العلاج الإشعاعي، وذلك للتكفل بالأطفال المصابين بالسرطان.
نسرين بوزيان
تأتي هذه المبادرة تكريسا لحق الأطفال المرضى بالسرطان في العلاج، وتجسيدا لحرص الدولة على دعم الفئات الهشة، من خلال ضمان الرعاية الصحية المجانية.
نقلة نوعية في مجال علاج السرطان
وفي كلمته بالمناسبة، أكد وزير الصحة ، محمد صديق آيت مسعودان، أن هذه المبادرة تندرج ضمن خطة وطنية لتوسيع خريطة العلاج الإشعاعي، حيث سيتم قريبا تدعيم المنظومة الصحية بمصالح جديدة للعلاج بالأشعة في مراكز مكافحة السرطان بكل من الشلف، الأغواط، المدية، بجاية وتيارت، إضافة إلى إدراج خدمات العلاج الإشعاعي في المستشفيات الجديدة ذات 240 سريرا.
وبين أن هذه التدابير تهدف إلى رفع قدرات التكفل الصحي وتقريب العلاج من المواطن عبر مختلف مناطق الوطن، لضمان نقلة نوعية في مجال العلاج وترسيخ مبدأ العدالة في الولوج إلى الرعاية الصحية.
وأوضح الوزير أن الاتفاقية الموقعة اليوم تأتي لتجسيد جودة الرعاية الصحية وضمان حصول الأطفال دون سن الثامنة عشرة على أفضل الخدمات العلاجية، مشيرا إلى أن هذا المشروع يعد خطوة أساسية في مسار تطوير الرعاية الصحية الخاصة بمرضى السرطان، ويكرس مبدأ التكامل بين القطاعين العام والخاص.
وفي السياق ذاته، أشار إلى أن الجزائر سجلت خلال السنوات الأخيرة تقدما ملحوظا في مجال مكافحة السرطان، بفضل استراتيجية وطنية متكاملة ترتكز على توفير الإمكانيات المادية والبشرية، لا سيما ما يتعلق بتوفير الأدوية، بما فيها الأدوية المبتكرة، إلى جانب إنشاء وتطوير مراكز مكافحة السرطان وتجهيزها بمعدات طبية حديثة ومتطورة، على غرار أجهزة المسح الضوئي والمسرعات الخطية. كما تم اعتماد آليات جديدة لضمان صيانة التجهيزات، أبرزها آلية "الممر الأخضر"لتسهيل استيراد قطع الغيار والمستلزمات التقنية.
نحو نظام وطني لعلاج أطفال السرطان
من جانبه، أكد المدير العام للصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء، نذير قوادرية، أن هذا الحدث يمثل محطة مفصلية ضمن نشاطات الصندوق الرامية إلى تحسين التكفل الصحي والاجتماعي بالمؤمن لهم وذوي حقوقهم.
وأوضح أن المبادرة جاءت استجابة لحاجة ميدانية ملحة، وانطلاقا من قناعة بضرورة تكثيف الجهود المؤسسية والطبية لبناء نظام وطني متكامل ومستدام يضمن للأطفال المصابين بالسرطان حياة صحية ومستقبلا أفضل.
كما جدد التزام الصندوق، في هذا الشهر الذي يرمز إلى أكتوبر الوردي، بمواصلة جهوده في مجال الوقاية والتكفل الصحي الشامل بالمواطنين، خاصة في ما يتعلق بمكافحة أمراض السرطان.
تكفل شامل لمريض السرطان
بدوره، قدم المدير العام المساعد للصندوق، خالد خديم، عرضا مفصلا حول آليات التكفل بالأطفال المصابين بالسرطان من خلال العلاج الإشعاعي، حيث أكد على مجانية وشمولية التكفل بهؤلاء الأطفال، وتنظيم شراكة فعالة بين القطاعين العام والخاص، وتوحيد المعايير التقنية والطبية والإدارية في المؤسسات المعتمدة، مشيرا إلى رقمنة التسيير عبر نظام "الشفاء" المعتمد في الفوترة ومتابعة الملفات الطبية إلكترونيا.
وذكر بالمرسوم التنفيذي رقم 25-201، الصادر في الجريدة الرسمية رقم 51 بتاريخ 5 أوت 2025، الذي يؤسس للإطار القانوني المنظم للتكفل بالعلاج الإشعاعي للأطفال على أساس هذه الاتفاقية.
وأوضح أن المؤسسات الاستشفائية المتخصصة المتعاقدة تشمل: مستشفى الشهداء محمودي بتيزي وزو، مركز أثينا الطبي بقسنطينة، مصحة أونكوبول الأمل بوهران، مركز سيدي عبد الله لأمراض السرطان بتيبازة، عيادة اللورام، عيادة فاطمة الأزهر بالعاصمة، المركز العمومي لمكافحة السرطان بوهران، ومركز العلاج الإشعاعي للأورام بالبليدة.
مشيرا إلى أن المريض يمكنه اختيار المؤسسة التي يرغب في التوجه إليها، ويشمل التكفل أيضا خدمات الإيواء، الإطعام والنقل.
تكافؤ الفرص في العلاج
من جهتها، أوضحت وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي أن هذه الاتفاقية تنسجم مع توجيهات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال لقائه باللجنة الوطنية للوقاية من السرطان ومكافحته، والتي شدد فيها على ضرورة التكفل الكامل والمجاني بالأطفال المصابين بالسرطان، وبخاصة من خلال العلاج الإشعاعي.
وأكدت الوزارة أن هذه المبادرة تعكس الإرادة السياسية القوية لجعل منظومة الضمان الاجتماعي أداة فعالة لتلبية احتياجات المواطنين، بما يكرس تكافؤ الفرص في العلاج.
وأشارت إلى أن الجزائر، بقيادة رئيس الجمهورية، تنتهج مقاربة شاملة للتكفل بالأمراض المستعصية، قائمة على مجانية العلاج، توسيع وتحديث الهياكل الصحية، ترسيخ الحوكمة الرشيدة في التسيير، دعم البحث العلمي، وتشجيع الكفاءات الوطنية.
وجددت الوزارة التزامها بمتابعة تنفيذ هذه الاتفاقيات ميدانيا وضمان فعاليتها، داعية إلى تكاتف الجهود لمواجهة التحديات المستقبلية في قطاع الصحة.
جدير بالذكر، أن بعض المصالح الصحية العمومية ستخصص مصالح استشارية أو استشفائية لفائدة الأطفال المرضى، تزامنا مع افتتاح مستشفيات جديدة في ولايات تيارت، الشلف، وهران، المدية، غرداية وبومرداس.
في تصريح لـ" بركة نيوز" أوضح رئيس مصلحة الأورام السرطانية بمركز بيار وماري كوري، البروفيسور عبد العزيز قرابة، أن الجزائر تشهد منذ ثلاثة عقود ما يعرف بـ"الانتقال الوبائي"، حيث تراجعت الأمراض المعدية بفضل التلقيح وتحسن ظروف المعيشة، مقابل ارتفاع الأمراض غير المعدية، خاصة السرطان، بفعل التلوث، العوامل الوراثية، الإشعاعات، وتزايد عدد السكان.
وأضاف أن تسجيل ما بين 60 و65 ألف حالة سرطان متوقعة في 2025 يعد رقما منطقيا بالنظر للنمو السكاني، مشددا على أهمية الوقاية، خاصة من خلال التغذية السليمة وممارسة الرياضة.
وأشار إلى تراجع بعض أنواع السرطان كعنق الرحم، مقابل ارتفاع مقلق في سرطان الثدي الذي وصفه بـ"الوباء" الحقيقي"، مع تسجيل نحو 15 ألف حالة سنويًا، مؤكدا في المقابل تحقيق تقدم ملحوظ في التكفل الأفضل بالمرضى.